5 قصص قصيرة جداً
> ما لا يُفسَّر
كان لها طفلان توأمان. كانت تُلبسهما الثياب نفسه، وتعد لهما طعام الإفطار نفسه كل صباح. كانا يتصرفان بالطريقة ذاتها، وكان يبدو أن لهما الشخصية نفسها. حصل الاثنان على الدرجات نفسها في المدرسة، وأصيب الاثنان في الركبة نفسها في اليوم ذاته، وفي الساعة ذاتها، وقعا في حب الفتاة نفسها، وكانا يتحدثان في الوقت ذاته ليقولا الأشياء ذاتها، كانا ينامان في السرير ذاته، تحت غطائه الأزرق الرقيق. وكانت تسترق الخطى إلى أحدهما (دائماً هو ذاته)، وتهمس في أذنه:
«أنت أعز أبنائي».
> انطباع
كنت في الثانية عشرة عندما ظهرت في حياتي آخر صديقاتي المتخيلات. ظلت معي خلال مرحلة الدراسة الثانوية وكذلك في مرحلة الجامعة، حيث كنا في الحرم الجامعي ذاته. ثم في نهاية المطاف في المدينة الجامعية ذاتها. تزوجنا قبل أن نبلغ الثلاثين من العمر. لم يكن لدينا أطفال بالطبع. لقد كانت بالنسبة لي صحبة لا تقدَّر بثمن مما سمح لي أن أدلف بيسر إلى عقود الوحدة الصعبة في منتصف العمر. أصبحت أرملاً منذ أسبوعين فقط عندما فقدت حياتها على يد سائق مخمور لم يكد يراها. منذ ذلك الحين لم يتوقف الناس عن تقديم التعازي. لقد اتصلت أمي، لدهشتي، لتسألني عما إذا كنت بحاجة لأن تزورني لتقضي معي بضعة أيام. قالت جارتي في الطابق الثاني وهي تمسك بيدي: «إنها صغيرة على ذلك». ونشرت الصحيفة المحلية تقريراً مختصراً مع صورة لها. ووصلني للتو خطاب تعزية من أصدقاء بالجامعة أخبروني فيه بأنهم يودون أن ينظموا لها حفل تأبين.
> قطيع الماشية
في المناطق الشمالية، وعلى نحو لم يتوقعه أحد، بدأت إحدى البقرات في الحديث. تحدثت كل اللغات الرومانسية، فضلاً عن ثلاث لغات قوقازية، وأربع لغات ميتة، إضافة إلى اللغات السنسكريتية، واليابانية، والفارسية. وفي المنطقة الأكثر جفافاً من البلاد بدا أن بقرة أخرى قد تمكنت من البرهنة على توزيع الأصفار في فرضية ريمان **. بعد ذلك ببرهة، في وديان إحدى القرى، تناهت أنباء تقول إن بقرة ثالثة تنوي أن تنشر نسخة معدلة ومنقحة من نظرية المادية الجدلية التي وضعها ماركس
وإنجلز. وما إن وصلت الأنباء إلى حاكم المدينة بشأن توقف الأبقار الثلاث عن إنتاج الحليب، حتى أمر الحاكم بنحرها على الفور.
> استيقاظ صامت
اتصل أحدهما بنظام الاتصال الداخلي (الإنتركم)، قائلاً:
- إنه أنا.
فتحت الباب وبعد بضع دقائق وجدت في بيتي رجلين دخلا وجلسا معي في غرفة المعيشة. لم أدر من هما أو ما الذي يفعلانه هنا. بدا عليهما الملل، ونظرا إلى الأشياء باشمئزاز. أطلق أحدهما صفارة لنمضي ونزور أحد جيراننا.
في أقل من ساعة كنا نحن الثلاثة في غرفته، كانت الغرفة تقع في طابق منخفض وكان المدخل منخفضاً كذلك، وكان الديكور يتسم بالإهمال والتواضع.
لا شيء يمكن أن نفعله هنا، لا شيء! أشعر بالقلق يتسلل إلى أعماقي. قررنا نحن الثلاثة الرحيل. وعند البوابة الإلكترونية المجاورة اتصل أحدهما بالحارس من الداخل. ربتُّ على كتف أحدهما قائلاً:
- إنه أنا.
> مسرح الجريمة
تحفظت الشرطة المختصة بجمع الأدلة الشرعية على الجثمان. لقد كان ملك المال رجلاً عظيماً، وكان ملقى على أرض الصالون، وبالكاد يمكن وضعه في إطار الصورة. حاول المحقق أن يسيطر على رجاله، فالمعلومات لا ينبغي أن تتناهى إلى أسماع الصحافة أو الرأي العام. لقد عثرت الشرطة على مئات البصمات البشرية في المنزل وحول الجثمان. لقد أدى مقتل «السمكة الكبيرة» إلى حضور مئات الأشخاص، لكن حجم أي بصمة إصبع تم العثور عليها لم يزد عن حجم ذرة أرز ■