اللغةُ الآراميَّة... جِسْرُ التواصلِ بينَ الماضي والحاضِر

اللغةُ الآراميَّة... جِسْرُ التواصلِ بينَ الماضي والحاضِر

ما‭ ‬كان‭ ‬للبدوي‭ ‬العربي‭ ‬الناشئ‭ ‬بين‭ ‬ظمأ‭ ‬رمال‭ ‬الصحراء‭ ‬ووهج‭ ‬الشمس‭ ‬ليستوقفنا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قد‭ ‬أدهش‭ ‬البشرية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬وأكاد‭ ‬وبابل‭ ‬ونينوى‭ ‬وماري‭ ‬وأوغاريت‭ ‬وأورسالم‭ (‬القدس‭) ‬وتدمر‭ ‬والبتراء‭ ‬وجرش،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬العربية‭ ‬القديمة،‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬لغتنا،‭ ‬وعبّر‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬عما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬ليحفظ‭ ‬تراثه‭ ‬وإبداعه‭ ‬وقيمه‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬جيل،‭ ‬فهي‭ ‬جسر‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬ماضي‭ ‬العرب‭ ‬وحاضرهم‭ ‬ومستقبلهم‭. ‬

وما‭ ‬كان‭ ‬للموجات‭ ‬البدوية‭ ‬التي‭ ‬استقرت‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬القديمة‭ ‬لتستوقفنا‭ ‬طويلاً‭ ‬لولا‭ ‬أنها‭ ‬قدمت‭ ‬المادة‭ ‬البشرية‭ ‬لبناء‭ ‬أسس‭ ‬التقدم‭ ‬الحضاري‭ ‬المرتكز‭ ‬على‭ ‬أكتاف‭ ‬أبناء‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬والأكاديين‭ ‬والبابليين‭ ‬والآشوريين‭ ‬والكلدانيين‭ ‬والآموريين‭ ‬والآراميين‭ ‬والكنعانيين‭ ‬والفنيقيين‭  ‬والنبطيين‭ ‬والتدمريين‭ ‬وغيرهم‭. ‬

ونلاحظ‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‭ ‬سادت‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬إلى‭ ‬الفرات،‭ ‬ومن‭ ‬أرض‭ ‬الرافدين‭ ‬حتى‭ ‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬جنوباً،‭ ‬وكان‭ ‬انتشارها‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المجال‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬امتدت‭ ‬إليه،‭ ‬إذ‭ ‬استُخدِمَ‭ ‬اصطلاحها‭ ‬منذ‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬ليدل‭ ‬على‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬تكلم‭ ‬بها‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬الخصيبة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬بنداء‭ ‬سواحل‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬ودجلة‭ ‬والفرات‭ ‬والعاصي‭ ‬وبردى‭ ‬والأردن،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الينابيع‭ ‬والأنهار‭ ‬الممتدة‭ ‬في‭ ‬المعمورة‭. ‬

وهكذا،‭ ‬تنتمي‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬لُغوية‭ ‬واحدة‭ ‬متعددة‭ ‬اللهجات،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1871م،‭ ‬أطلق‭ ‬عالم‭ ‬اللاهوت‭ ‬النمساوي‭ ‬شلوتزر‭ ‬اصطلاح‭ ‬‮«‬السامية‮»‬‭ ‬على‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‭ ‬تجاوزاً،‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشره‭ ‬عن‭ ‬الكلدانيين،‭ ‬وقد‭ ‬تبنى‭ ‬المستشرقون‭ ‬هذا‭ ‬الاصطلاح‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬شائعاً‭ ‬ومتداولاً‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬العلمية‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬إذ‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬ذكر‭ ‬للساميين‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬التكوين،‭ ‬الإصحاح‭ ‬العاشر،‭ ‬الفقرة‭ ‬1‭: ‬‮«‬هؤلاء‭ ‬مواليد‭ ‬بني‭ ‬نوح‭ ‬سام‭ ‬وحام‭ ‬ويافث‭ ‬ومن‭ ‬ولدهم‭ ‬من‭ ‬البنين‭ ‬بعد‭ ‬الطوفان‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬اهتم‭ ‬المستشرق‭ ‬الفرنسي‭ ‬آرنست‭ ‬رينان‭ ‬في‭ ‬‮«‬الجوانب‭ ‬العرقية‭ ‬والحضارية‭ ‬للنظرية‭ ‬السامية‮»‬،‭ ‬فوصم‭ ‬الساميين‭ ‬بأنهم‭ ‬عرق‭ ‬متخلف‭ ‬حضارياً‭ ‬عن‭ ‬الجنس‭ ‬الآرِي‭ - ‬جنس‭ ‬تجمعه‭ ‬بعض‭ ‬الخصائص‭ ‬اللغوية‭ ‬والجنسية،‭ ‬بعضه‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وإيران،‭ ‬وبعضه‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ - ‬وهكذا‭ ‬جاءت‭ ‬نظرية‭ ‬آرنست‭ ‬عبارةً‭ ‬عن‭ ‬تمهيد‭ ‬فكري‭ ‬لتبرير‭ ‬استعمار‭ ‬الجنس‭ ‬الآري‭ ‬السيد،‭ ‬للعرق‭ ‬السامي‭ ‬المتخلف،‭ ‬بهدف‭ ‬تمزيق‭ ‬الهُوِيّة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬ترسخت‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭.‬

والآرامية‭ ‬–‭ ‬بحروفها‭ ‬القديمة‭ ‬الاثنين‭ ‬والعشرين‭ - ‬تكتب‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬إلى‭ ‬اليسار،‭ ‬كالخط‭ ‬المربع،‭ ‬منفصلة‭ ‬بعضها‭ ‬عن‭ ‬بعض،‭ ‬وفي‭ ‬‮«‬المعجم‭ ‬الوسيط‮»‬،‭ ‬تتبع‭ ‬أبجدية‭ ‬الآرامية‭ ‬ترتيب‭ ‬أغلبية‭ ‬الأبجديات‭ ‬‮«‬السامية‮»‬‭ ‬القديمة،‭ ‬أي‭ ‬بمعنى‭ ‬‮«‬أبجد،‭ ‬هوز،‭ ‬حطي،‭ ‬كلمن،‭ ‬سعفص،‭ ‬قرشت‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬فيها‭ ‬حروف‭ ‬الهجاء،‭ ‬بترتيبها‭ ‬عند‭ ‬‮«‬الساميين‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرتبها‭ ‬نصر‭ ‬بن‭ ‬عاصم‭ ‬الليثي‭ (‬ت‭ ‬89‭ ‬هـ‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬الترتيب‭ ‬المعروف‭ ‬الآن،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬ثخذ‭ ‬وضظغ‮»‬،‭ ‬فحروفهما‭ ‬من‭ ‬أبجدية‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وتسمى‭ ‬الروادف‭. ‬

 

بين‭ ‬الآرامية‭ ‬والكنعانية

‭ ‬وفي‭ ‬الآرامية،‭ ‬لا‭ ‬إعراب‭ ‬لأواخر‭ ‬الكلمات‭ ‬في‭ ‬الجمل،‭ ‬وأقرب‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬سبقتها‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الشام‭ ‬هي‭ ‬الكنعانية‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وبينها‭ ‬وبين‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬عناصر‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬النطق‭ ‬والمفردات‭ ‬والتصريف،‭ ‬إذ‭ ‬تعبر‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬أبنائها،‭ ‬فتعكس‭ ‬مستوى‭ ‬حياتهم‭ ‬وتقدمهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬وحدة‭ ‬ثقافية‭ ‬لُغوية‭ ‬بقيت‭ ‬منتشرة‭ ‬برغم‭ ‬كل‭ ‬التأثيرات،‭ ‬ولعبت‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬المشرق‭ ‬القديم،‭ ‬واستمرت‭ ‬بقوتها‭ ‬حتى‭ ‬بدايات‭ ‬العهد‭ ‬الإسلامي‭. ‬

وقد‭ ‬تأثرت‭ ‬بعض‭ ‬اللغات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة‭ ‬بالآرامية،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬عرب‮»‬‭ ‬لفظة‭ ‬تأخرت‭ ‬بالظهور،‭ ‬فأقدم‭ ‬إشارة‭ ‬مدونة‭ ‬تستعمل‭ ‬فيها‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬عرب‮»‬‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬نقش‭ ‬آشوري‭ ‬يعود‭ ‬لسنة‭ ‬853‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬إذ‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الوثيقة‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬الآشوري‭ ‬سلمنصر‭ ‬الثالث‭ (‬شلما‭ ‬نصر‭) ‬انتصر‭ ‬على‭ ‬ملوك‭ ‬المدن‭ ‬السورية‭ ‬المتحالفين‭ ‬ضده،‭ ‬وعلى‭ ‬حليفهم‭ ‬‮«‬جنديبو‮»‬‭ ‬العربي‭ ‬زعيم‭ ‬إحدى‭ ‬القبائل‭ ‬العربية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬قرقر‭ (‬كركر‭)‬،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬أخذ‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬العرب‮»‬‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬الآشورية‭ ‬كموطن‭ ‬وشعب،‭ ‬وفي‭ ‬حوالي‭ ‬سنة‭ ‬530م،‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬الفارسية‭ ‬المكتوبة‭ ‬بالخط‭ ‬المسماري‭ ‬إشارات‭ ‬إلى‭ ‬Arabaya‭ ‬أي‭ ‬‮«‬العرب‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬ورد‭ ‬لفظ‭ ‬‮«‬عرب‮»‬‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬مواضع‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬كِتَابٌ‭ ‬فُصِّلَتْ‭ ‬آيَاتُهُ‭ ‬قُرْآنًا‭ ‬عَرَبِيًّا‭ ‬لِقَوْمٍ‭ ‬يَعْلَمُونَ‭}‬،‭ (‬سورة‭ ‬فصلت‭: ‬الآية‭ ‬3‭). ‬ومنها‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬قُرْآنًا‭ ‬عَرَبِيًّا‭ ‬غَيْرَ‭ ‬ذِي‭ ‬عِوَجٍ‭ ‬لَعَلَّهُمْ‭ ‬يَتَّقُونَ‭}‬،‭ (‬سورة‭ ‬الزمر‭: ‬الآية‭ ‬28‭).‬

وقد‭ ‬اختلف‭ ‬علماء‭ ‬اللغات‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬لفظة‭ ‬‮«‬عرب‮»‬‭ ‬ومصدر‭ ‬اشتقاقها،‭ ‬فالأصمعي‭ (‬ت‭ ‬217هـ‭) ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬منسوبة‭ ‬إلى‭ ‬يعرب‭ ‬بن‭ ‬قحطان،‭ ‬وهي‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬اسمه،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬حسان‭ ‬بن‭ ‬ثابت‭ ‬الأنصاري‭ (‬توفي‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬35‭ ‬و40هـ‭) ‬مخاطباً‭ ‬العرب‭:‬

تعلمتم‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬الشيخ‭ ‬يعرب

أبينا‭ ‬فصرتم‭ ‬معربينا‭ ‬ذوي‭ ‬نفر

ونجد‭ ‬لدى‭ ‬ابن‭ ‬منظور‭ (‬711هـ‭/‬1311م‭) ‬صاحب‭ ‬‮«‬لسان‭ ‬العرب‮»‬،‭ ‬وياقوت‭ ‬الحموي‭ (‬626‭ ‬هـ‭) ‬في‭ ‬‮«‬معجم‭ ‬البلدان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬سموا‭ ‬عرباً‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬بلدهم‭ ‬وديارهم‭ ‬التي‭ ‬تسمى‭ ‬عربة‭ ‬أو‭ ‬عربات،‭ ‬والعربة‭ ‬هي‭ ‬باحة‭ ‬العرب‭ ‬وساحتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ذكر‭ ‬الألوسي‭ (‬ت‭ ‬1324هـ‭) ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬بلوغ‭ ‬الأرب‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬أحوال‭ ‬العرب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬لفظة‭ ‬عرب‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬الفعل‭ ‬يعرب،‭ ‬أي‭ ‬يُفصح‭ ‬في‭ ‬الحديث،‭ ‬وأصبح‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬لفصاحتهم‭ ‬في‭ ‬اللسان‭. 

 

أبجدية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الآشورية‭ ‬

وقد‭ ‬تطورت‭ ‬الآرامية‭ ‬ليتوصل‭ ‬أهلها‭ ‬لكتابة‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬بالترتيب‭ ‬الأبجدي‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬سابقاً،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬مع‭ ‬انهيار‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الآشورية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬تحت‭ ‬ضربات‭ ‬التحالف‭ ‬الميدي‭ ‬الكلداني،‭ ‬ازدادت‭ ‬أهمية‭ ‬الآرامية‭ ‬كلغة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬دولية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬مع‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الإخمينية‭ - ‬أسرة‭ ‬ملكية‭ ‬فارسية‭ ‬أسست‭ ‬لها‭ ‬إمبراطورية‭ ‬في‭ ‬فارس‭ ‬عام‭ ‬559‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬وامتدت‭ ‬في‭ ‬أوجها‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬أرجاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ - ‬إحدى‭ ‬لغات‭ ‬الأدب‭ ‬والإدارة‭ ‬والحكم‭ ‬بخطها‭ ‬اليدوي‭.‬

ويذكر‭ ‬د‭.‬‭ ‬محمد‭ ‬محفل‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬مدخل‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬الإخمينية،‭ ‬فقدت‭ ‬الآرامية‭ ‬السند‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬لغة‭ ‬خطية‭ ‬رسمية‭ ‬متجانسة‭ ‬ذات‭ ‬لهجة‭ ‬موحدة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المدن،‭ ‬وبدأت‭ ‬تتراجع‭ ‬أمام‭ ‬اللغة‭ ‬اليونانية‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬محدودة،‭ ‬لتتبدل‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتحتل‭ ‬مكاناً‭ ‬مرموقاً‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي‭ ‬للمشرق‭ ‬القديم‭. ‬

 

نقوش‭ ‬آرامية

والملاحظ‭ ‬أن‭ ‬معلوماتنا‭ ‬عن‭ ‬الآرامية‭ ‬الموغلة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬محصورة‭ ‬ببعض‭ ‬النقوش‭ ‬والكتابات‭ ‬المكتشفة‭ ‬حديثاً،‭ ‬وهي‭ ‬أثر‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬الحضارة‭ ‬الآرامية‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬بلاد‭ ‬آرام‭. ‬ويقول‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬حرب‭ ‬فرزات‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬موجز‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬سورية‭ ‬القديم‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬لاسم‭ ‬آرام‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬آرامي‭ ‬صلة‭ ‬بالسمو‭ ‬والسيادة‭ ‬والارتفاع،‭ ‬وقد‭ ‬أطلقت‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬لبلاد‭ ‬الرافدين‭, ‬حيث‭ ‬انتشر‭ ‬الآراميون‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يؤسسوا‭ ‬ممالكهم،‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسورية‭ ‬والأردن‭ ‬وغيرها‭. ‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬حملات‭ ‬التنقيب‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬البعثات‭ ‬الغربية‭ ‬والمحلية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية،‭ ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬الدراسات‭ ‬اللغوية،‭ ‬يمكن‭ ‬حصر‭ ‬النقوش‭ ‬الآرامية‭ ‬وإحالتها‭ ‬إلى‭ ‬القرنين‭ ‬التاسع‭ ‬والثامن‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وقد‭ ‬نقشت‭ ‬بالقلم‭ ‬الكنعاني‭ ‬الجنوبي‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬المفردات‭ ‬الآرامية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬نص‭ ‬منقوش‭ ‬على‭ ‬مذبح‭ ‬نذري‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬غوزانا،‭ (‬تل‭ ‬حلف‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬سورية‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عاصمة‭ ‬لمملكة‭ ‬بيت‭ ‬بخياني‭ ‬الآرامية‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭.‬

ومن‭ ‬النقوش‭ ‬أيضاً‭ ‬مسلة‭ ‬زاكير،‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬حماة‭ ‬الآرامية،‭ ‬إذ‭ ‬وجدت‭ ‬المسلة‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬آفس‭ ‬الواقعة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬سراقب‭ ‬جنوبي‭ ‬حلب،‭ ‬ويرجع‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وهنالك‭ ‬نصوص‭ ‬آرامية‭ ‬منقوشة‭ ‬على‭ ‬مسلات‭ ‬عدة‭ ‬اكتشفت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬السفيرة‭ (‬جنوبي‭ ‬شرقي‭ ‬حلب‭) ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬ونصوص‭ ‬أخرى‭ ‬منقوشة‭ ‬على‭ ‬لُقى‭ ‬أثرية‭ ‬عثر‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كيليكيا‭ ‬عند‭ ‬جبال‭ ‬أمانوس‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وسورية،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬متأثرة‭ ‬بالكنعانية،‭ ‬وكذلك‭ ‬النقوش‭ ‬الآرامية‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬الفخار‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الشرقي‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الحسكة‭ ‬السورية‭.‬

وقد‭ ‬تبلورت‭ ‬الثقافة‭ ‬الآرامية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬ممالك‭ ‬آرام‭ ‬كمملكة‭ ‬بيت‭ ‬عديني‭ ‬وعاصمتها‭ ‬تل‭ ‬برسيب‭ (‬تل‭ ‬أحمر‭)‬،‭ ‬وإمارة‭ ‬بيت‭ ‬أغوشي‭ ‬وتسمى‭ ‬أرباد‭ ‬أو‭ ‬أرفاد‭ ‬أو‭ ‬تل‭ ‬رفعت،‭ ‬وهي‭ ‬مدينة‭ ‬سورية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬35‭ ‬كيلومتراً‭ ‬شمال‭ ‬مدينة‭ ‬حلب‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الممالك‭ ‬الآرامية‭ ‬مملكة‭ ‬صوبا‭ ‬البقاع‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬ومملكة‭ ‬معكا‭ ‬في‭ ‬الجولان،‭ ‬ومملكة‭ ‬آرام‭ ‬دمشق،‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬ملوكها‭ ‬رصين،‭ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬المواقع‭ ‬الآرامية‭ ‬عين‭ ‬دارا‭ ‬بمنطقة‭ ‬عفرين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬حلب،‭ ‬وفيها‭ ‬عثر‭ ‬على‭ ‬آثار‭ ‬آرامية‭ ‬محفوظة‭ ‬في‭ ‬متحف‭ ‬حلب‭. 

ومن‭ ‬المخطوطات‭ ‬التي‭ ‬كتبت‭ ‬بالآرامية‭ ‬نصوص‭ ‬قمران‭ ‬أو‭ ‬مخطوطات‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬الآرامية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ويرجح‭ ‬أنها‭ ‬تعود‭ ‬تاريخياً‭ ‬إلى‭ ‬القرنين‭ ‬الثالث‭ ‬والثاني‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وهي‭ ‬مخطوطات‭ ‬كتبت‭ ‬بالآرامية،‭ ‬وقد‭ ‬عثر‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مُغر‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬عام‭ ‬1947م،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مضمونها‭ ‬بمقارنتها‭ ‬بنصوص‭ ‬مماثلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬لغات‭ ‬شرقية‭ ‬أخرى‭ ‬معاصرة‭.  ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬نصوص‭ ‬قمران‭ ‬التي‭ ‬عثر‭ ‬عليها‭ ‬أربع‭ ‬مخطوطات‭ ‬من‭ ‬سفر‭ ‬طوبيا،‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السفر‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬كتب‭ ‬أول‭ ‬الأمر‭ ‬باللغة‭ ‬الآرامية،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬القرنين‭ ‬الرابع‭ ‬والثالث‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬سفر‭ ‬أخنوخ،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬الكتاب‭ ‬السماوي‭ ‬وكتاب‭ ‬الحراس‭ ‬وكتاب‭ ‬الأمثال‭ ‬وكتاب‭ ‬الحكماء‭ ‬ورسالة‭ ‬أخنوخ‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الكتب‭. ‬

ويرى‭ ‬د‭. ‬محفل‭ ‬أن‭ ‬الآراميين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬اقتبسوا‭ ‬أبجديتهم‭ ‬من‭ ‬الكنعانية‭ ‬الجنوبية‭ ‬كوسيلة‭ ‬للكتابة،‭ ‬وطوروها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬وفق‭ ‬متطلبات‭ ‬لغتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استعمالهم‭ ‬القلم‭ ‬المعدني‭ ‬أو‭ ‬الخشبي‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬ورق‭ ‬البردي‭ ‬أو‭ ‬الفخار‭ ‬أو‭ ‬جلد‭ ‬بعض‭ ‬الحيوانات،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬هجروا‭ ‬اللغة‭ ‬الكنعانية‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة،‭ ‬واستعملوا‭ ‬لغتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭. ‬

 

لهجات‭ ‬محلية

وعندما‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الآراميين‭ ‬قد‭ ‬تأثروا‭ ‬بالكنعانية‭ ‬لغة‭ ‬وكتابة‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬هجروا‭ ‬لغتهم‭ ‬نهائياً،‭ ‬فمنذ‭ ‬القرن‭ ‬الـــثامن‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬بدأ‭ ‬سكان‭ ‬مدن‭ ‬الأنباط‭ ‬يستعملون‭ ‬لغتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ ‬بأحرف‭ ‬كنعانية‭ ‬جــنوبية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يطوروا‭ ‬كتابة‭ ‬خاصة‭ ‬بهم،‭ ‬وسنجد‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬نماذج‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الآرامية‭. ‬

وتطورت‭ ‬الآرامية‭ ‬مولدة‭ ‬لهجات‭ ‬محلية‭ ‬عدة‭ - ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬وعلى‭ ‬أرض‭ ‬سورية‭ ‬والأردن‭ ‬وفلسطين‭ - ‬مع‭ ‬كتاباتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬إذ‭ ‬يتجه‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬الباحثين‭ ‬إلى‭ ‬تقسيم‭ ‬اللهجات‭ ‬والكتابات‭ ‬الآرامية‭ ‬إلى‭ ‬أقلام‭ ‬عدة‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الأول‭ ‬ق‭.‬م‭, ‬وذلك‭ ‬بتوزيعها‭ ‬على‭ ‬مجموعتين‭ ‬أساسيتين‭: ‬تضم‭ ‬المجموعة‭ ‬الغربية‭ ‬اليهودية‭ ‬الآرامية،‭ ‬والآرامية‭ ‬المسيحية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والنبطية‭ ‬والتدمرية‭. ‬والمجموعة‭ ‬الشرقية‭ ‬تضم‭ ‬السريانية،‭ ‬لهجة‭ ‬تلمود‭ ‬بابل،‭ ‬المنداعية،‭ ‬ولهجة‭ ‬مدينة‭ ‬حران،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬السريانية‭ ‬التي‭ ‬تنطق‭ ‬‮«‬لشانا‭ ‬سريايا‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬لهجة‭ ‬مدينة‭ ‬الرها،‭ ‬والرها‭ ‬أورهي‭ ‬بالآرامية،‭ ‬وأوديسا‭ ‬باليونانية،‭ ‬ويطـــــلق‭ ‬عليها‭ ‬اليوم‭ ‬بالتركية‭ ‬اسم‭ ‬أورفا،‭ ‬ويسمـــــيها‭ ‬البعض‭ ‬الآرامية‭ ‬الشرقية‭ ‬الحديثة،‭ ‬وهي‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الآرامية‭ ‬القديمة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تطورت‭ ‬واغتنت‭ ‬بمفردات‭ ‬بعض‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬عاصرتها‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬كالآرامية‭ ‬والتركــية‭ ‬والفارسية‭ ‬والعربية‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬نلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬متداولاً‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬الآرامية‭ ‬التي‭ ‬مازال‭ ‬قسم‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬القاطنين‭ ‬بين‭ ‬بحيرة‭ ‬‮«‬وان‮»‬‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوب‭ ‬شرقي‭ ‬تركيا‭ ‬وبحيرة‭ ‬‮«‬أورميا‮»‬‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ينطقون‭ ‬لهجات‭ ‬آرامية‭ ‬ويعتنقون‭ ‬المذهب‭ ‬النسطوري‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬نسطوريوس‭ ‬بطريرك‭ ‬القسطنطينية‭ ‬386‭ /‬451‭ ‬م‭ ‬الذي‭ ‬نادى‭ ‬بمبدأ‭ ‬الطبيعتين‭ ‬الإلهية‭ ‬والبشرية‭. ‬

‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يحتفظ‭ ‬المسيحيون‭ ‬اليعاقبة‭- ‬أنصار‭ ‬المفكر‭ ‬الديني‭ ‬القديس‭ ‬يعقوب‭ ‬البرادعي‭ ‬الذي‭ ‬نادى‭ ‬بوحدة‭ ‬طبيعة‭ ‬المسيح‭- ‬والذين‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬جبال‭ ‬طور‭ ‬عابدين‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬نصيبين‭ ‬وديار‭ ‬بكر‭ ‬بلهجة‭ ‬آرامية،‭ ‬ومازال‭ ‬الكلدانيون‭ ‬الذين‭ ‬يقيمون‭ ‬شمال‭ ‬الموصل‭ ‬لغتهم‭ ‬هي‭ ‬ضربٌ‭ ‬من‭ ‬الآرامية‭. ‬

وأخيراً‭, ‬هنالك‭ ‬أثر‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬الآرامية‭ ‬السائدة‭ ‬هي‭ ‬اللهجة‭ ‬المحلية‭ ‬لسكان‭ ‬بعض‭ ‬القرى‭ ‬السورية‭ (‬شمالي‭ ‬دمشق‭)‬،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬معلولا‭ ‬وبخعا‭ ‬جب‭ ‬عدين‮»‬،‭ ‬ويقول‭ ‬د‭. ‬محفل‭: ‬عندما‭ ‬نصغي‭ ‬للمحليين‭ ‬وهم‭ ‬يتحدثون،‭ ‬نلحظ‭ ‬أن‭ ‬المفردات‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬دخلتها‭ ‬بصورة‭ ‬كثيفة،‭ ‬وأن‭ ‬تركـــــيب‭ ‬الجمــل‭ ‬هو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الآرامية‭ ‬من‭ ‬العربية‭ ‬الحديثة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬النطق‭ ‬هو‭ ‬أقــــرب‭ ‬إلى‭ ‬اللسان‭ ‬الآرامي‭ ‬من‭ ‬اللسان‭ ‬العربي‭.