«سُبَاعِيَةُ أَوْرَاقِ الْشَجَرْ»
1- ما ناح ناي مع العشاق إذ سكروا
إلا وقلبي بكى واجتاحه القدر
2- كل النسور مضت تبغي مواطنها
لكن نسراً كسيراً فاته السفر
3- أمضى بقاء بقاع الليل يستتر
فهو الصريع «بباب» العشق يختبر
4- حار الأطبَّا بجبر الطير، فانكسروا
بل أسلموا الأمر للخلاق واصطبروا
5- ما حيلة العقل والأقدار تحكمنا؟
فالمستقيم بفضل الله ينتصر
6- صاح الحزين: أما من هدهد طلق؟!
يلقي كتابي لمن بالود اشتهروا
7- فالله يعلم كم أشتاق أعينهم
عدد النجوم وما قد يورق الشجر
حلمت هذا الصباح: وأنا أهيم على وجهي في ريف الباب الغربي، التقيتُ راعيا جاء من العراق، قال لي: لقد تعبت كثيرا في البحث عنك، قلت له لماذا؟، ومن أنت؟، قال أنا صديق ابن عمك علي بن الجهم، وعندما ودعته وغَنَمِي متوكلين على الله، قال لي: اذهب إلى تل رحال في ريف الباب الغربي، واسأل أخت عدنان مصطفى عنه هناك ، وسلمه هذه الأبيات، حيث يقول ابن عمك الشعر أعلاه. ثم بكى كثيرا، حتى خفت عليه، وعندها نهضت مذعورا من حلمي، لأجدني في دمشق البائسة. وعندما أرسلت حلمي لبعض الأحباء، اقترحت أختي الدكتورة هند (أم حسن) أن توزع سبع نسخ من القرآن على روح علي بن الجهم في أحد مساجد الكويت، فقلت لها وعلى روحي معه أرجوكِ، كما زارني صديقنا الحبيب الطبيب الحكيم أكرم السكيف وتبرع بأن يذهب اليوم الأربعاء (21 مايو، 2014) ليوقد شمعتين في الكنيسة لراحة نفس علي بن الجهم وابن عمه عدنان مصطفى.
1- الناي: هو أعظم أدوات التعبير عن الذات المكلومة بفراقها عن أصل وجودها، فالناي ينوحُ عندما يقوم الزمار بالنفخ فيه، مذكراً إياه بأمه (شجرة القصب المائية) التي تم قطعه عنها من قبل الإنسان الظالم، والناي مصنوع من قصاب الماء، الذي كان قبل صنعه من قبل الإنسان يمجد الخالق على صدر أمه عند ماء الحياة، وعندما يقطع هذا القصاب عن أمه ليصنع منه الناي فإنه عند إمرار الهواء فيه يبكي نائحاً متذكراً وجوده الماضي السعيد، لهذا يبدو صوت الناي حزيناً دوماً، كصوت عدنان مصطفى. العشق: هو إفراط المحبة، فإذا عم الحب الإنسان بجملته، وأعماه كل شيء سوى محبوبه، وسرت تلك الحقيقة في جميع أجزاء بدنه وقواه وروحه، وجرت فيه مجرى الدم في عروقه ولحمه، وغمرت جميع مفاصله، فاتصلت بوجوده، وعانقت جميع أجزائه جسماً وروحاً، ولم يبق فيه متسع لغيره.... حينئذ يسمى ذلك الحب عشقاً (الشيخ محيي الدين بن عربي، الفتوحات المكية). وأما القدر: فهو ما يقدره الله، ومن لم يؤمن بالقدر فقد كفـر: قال الله عزَّ وجلّْ: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (سورة يوسف: 21).
2- واحسرتاه، أنا نسر علم عربي، أسرني قطعان الإرهاب، أعداء الله: كسروا جناحي لأقع ضمن عش الدجاج العربي اليوم.
3- الصريع هنا هو العاشق المطروح تولهاً وينطبق عليه القول:
,When the heart goes empty
,Dreams vanishes
,Desires flies
. Left in anguish and pain
4- «إذا ابتليت بقطع طريق العشق، فكيف يمكنك حلّ أسراره؟. وإن ابتليت بقطع طريق العشق، فألق بأسلحتك لما أنت فيه من بلاء!» (فريد الدين العطار، منطق الطير). عندما يحار الإنسان بين عقله وقلبه لا بد له أن يتيقظ، واليقظة تكون بالقومة إلى الله، الذي قال عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} (سبأ: 46). وعندما تحصل القومة يتبين القائم «أن باب الله مفتوح دوماً، بل متى كان مغلقاً؟».
5- {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأحقاف: 13).
6. في القرآن الكريم: وردت قصة الهدهد والنبي سليمان. والهدهد مخلوق يرى الماء من تحت الأرض. قال سعيد بن جبير لما ذكر ابن عباس رضوان الله عليهما هذه الحقيقة قال له نافع بن الأزرق: «كيف يبصر الماء من تحت الأرض ولا يبصر الفخ إذا غطي بـقـدر إصبع من تراب ؟»، قال : «ويحك ! إذا جاء القدر عمي البصر». وروى قتادة عن أنس بن مالك رضوان الله عليهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهاكم عن قتل الهدهد فإنه كان دليل سليمان على الماء»، والماء أصل الحياة.
7- لتسهيل إدراك عدد النجوم نذكر بأن مولاً (mole) من الماء قدره 18 جراماً يساوي فيزيائيا عدد آفوغادرو بل (6 x 1023 جزيئاً)، أما «كم يورق الشجر»؟ فهو سؤال يوازي «كم من أحياء بني البشر، ينال رضا الله في كل آنٍ؟» .