«بغداديات» الفنان ستار لقمان ... أو البحث عن العجائبي في الحكاية الشعبية

«بغداديات» الفنان ستار لقمان ... أو البحث عن العجائبي في الحكاية الشعبية

إذا‭ ‬كان‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلي‭ ‬ستار‭ ‬لقمان‭ ‬يعدّ‭ ‬نفسه‭ ‬امتداداً‭ ‬للمدرسة‭ ‬البغدادية‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬العراقي‭ ‬الحديث،‭ ‬فإنه‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬المؤسس‭ ‬لهذه‭ ‬المدرسة،‭ ‬الفنان‭ ‬جواد‭ ‬سليم‭ (‬1919-1961‭)‬،‭ ‬معلمه‭ ‬الأول،‭ ‬وحارس‭ ‬خطواته‭ ‬على‭ ‬دربها‭.‬

‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬‮«‬مغامرته‭ ‬الفنية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬به‭ ‬مساره‭ ‬الشخصي‭ ‬فناناً،‭ ‬فــي‭ ‬تعالق‭ ‬أوسع،‭ ‬وأشمل‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الكون‭ ‬الجمــيل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ابتنـــاه‭ ‬أستاذ‭ ‬الجيل‭.. ‬فإذا‭ ‬هو‭ ‬يبحث‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬أكـــثر‭ ‬إثارة‭ ‬من‭ ‬مجالي‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬تنفرد‭ ‬بخصوصـــــية‭ ‬التسمــــــية‭ ‬هذه،‭ ‬فاتحاً‭ ‬باب‭ ‬رؤيته‭ ‬الفنية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬ما‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تعدد‭ ‬المعطيات،‭ ‬مكاناً‭ ‬وزماناً‭.. ‬مع‭ ‬احتفاء‭ ‬خاص‭ ‬منه‭ ‬بنشوة‭ ‬الخط‭ ‬واللون،‭ ‬تلك‭ ‬النــــشوة‭ ‬التي‭ ‬نجدها‭ ‬في‭ ‬‮«‬بغداديات‮»‬‭ ‬الأستاذ‭ ‬المعلّم‭ ‬جواد،‭ ‬معمِّقاً‭ ‬إحساسه‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬تقليد‭ ‬فني،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬عمقه‭ ‬التاريخي‭ ‬عند‭ ‬جواد‭ ‬فإنه‭ ‬يجيء‭ ‬بتركيز‭ ‬أوسع،‭ ‬ورؤية‭ ‬أشمل‭ ‬واقعاً‭ ‬عند‭ ‬ستار‭ ‬لقمان،‭ ‬مشحوناً‭ ‬بما‭ ‬للحياة‭ ‬الفولكلورية‭ ‬من‭ ‬طابع،‭ ‬وعالم‭ ‬خاص‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬الحكايات‭ ‬الشعبية،‭ ‬بما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مرجعيات‭ ‬لعل‭ ‬أكثرها‭ ‬حضوراً‭ ‬وثراءً‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‮»‬‭.‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نجد‭ ‬للحياة‭ ‬البغدادية،‭ ‬في‭ ‬بُعدها‭ ‬الشعبي‭ ‬الأسطوري‭ ‬هذا،‭ ‬وقعها‭ ‬السحري‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفنان‭ ‬وفي‭ ‬عمله‭ ‬الفني،‭ ‬فإنه‭ ‬سيجعل،‭ ‬كما‭ ‬جعل‭ ‬جواد،‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬فعل‭ ‬اللون‮»‬‭ ‬خصوصيته‭ ‬وعمقه،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬‮«‬حقيقة‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوجدان‭ ‬الشعبي،‭ ‬معتمداً‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصفه‭ ‬
بـ‭ ‬‮«‬الإفاضة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تفصيلات‭ ‬الشكل‭ ‬المكوِّن‭ ‬للعمل‭ ‬إزاء‭ ‬غيابين‭: ‬غياب‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬تقلّص‭ ‬حضورها‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬المدينة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الراهن،‭ ‬وغياب‭ ‬ناس‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬ممن‭ ‬مثلوا،‭ ‬وتتمثّل‭ ‬فيهم،‭ ‬معطياتها‭ ‬الحية‭. ‬

فما‭ ‬أصبح‭ ‬غائباً،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الغياب،‭ ‬يستعيده‭ ‬الفن،‭ ‬لنجد‭ ‬الفنان،‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الاستعادة‭ ‬هذه،‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬للأشياء‭ ‬من‭ ‬‮«‬أثر‭ ‬إنساني‮»‬،‭ ‬فيقبض‭ ‬على‭ ‬الحلم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬عالمه،‭ ‬مستجمعاً‭ ‬شظايا‭ ‬ما‭ ‬تبدد،‭ ‬خارجاً‭ ‬برؤاه‭ ‬هذه‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬الشكل‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬اللون‮»‬‭... ‬فالشكل،‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬الفنان،‭ ‬يؤلف‭/ ‬ويتألف‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬متكاملة‭ ‬الحضور‭. ‬ولعل‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التكوين‭ ‬هو‭: ‬الانتقال‭ ‬الذي‭ ‬يعتمده‭ ‬من‭ ‬‮«‬المرئي‮»‬‭ ‬عيناً،‭ ‬وبرؤية‭ ‬العين،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الإحساس‮»‬‭ ‬بهذا‭ ‬المرئي‭.. ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬يوزع‭ ‬رؤيته،‭ ‬الفنية،‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬اتجاه،‭ ‬شاحناً‭ ‬ذاته‭ ‬بما‭ ‬يستعين‭ ‬به،‭ ‬ويعينه،‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬هذا‭: ‬الرؤية‭ ‬التخييلية،‭ ‬واللون‭ ‬المتواشج‭ ‬مع‭ ‬عوالمها‭ ‬الزمانية‭ ‬والمكانية،‭ ‬جاعلاً‭ ‬منها‭ ‬منطلقه‭ ‬في‭ ‬‮«‬تكوين‮»‬‭ ‬لوحته‭. ‬وبذلك‭ ‬أوجد‭ ‬لأعماله‭ ‬نسقها‭ ‬الخاص‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬شخصيته‭ ‬الفنية‭. ‬أما‭ ‬اللون‭ ‬عنده،‭ ‬والمستخدم‭ ‬من‭ ‬قبله،‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬يُعطي‭ ‬الحيوية‭ ‬لهذا‭ ‬كله،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬اللوحة‭ ‬نسيجاً‭ ‬خشناً‭ ‬قوياً‭.‬

 

قراءات‭ ‬فنية‭ ‬للواقع

وكان‭ ‬الفنان‭ ‬قد‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬منطلقاً‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬لهذا‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬كان‭ ‬جواد‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬عليها‭ ‬يوم‭ ‬التأسيس‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬جماعة‭ ‬بغداد‭ ‬للفن‭ ‬الحديث‮»‬‭ (‬1951‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يثيرهم،‭ ‬كفنانين،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ما‭ ‬في‭ ‬طبيعتنا‭ ‬ومحيطنا‭ ‬المحض‭.. ‬وأنهم،‭ ‬‮«‬جماعةً‮»‬،‭ ‬إنما‭ ‬‮«‬يُهيئون‭ ‬الأسس‭ ‬للأجيال‭ ‬الشابة‭ ‬القادمة‮»‬‭. ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬فسنجد‭ ‬تأثير‭ ‬جواد‭ ‬عليه،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬المولّد‮»‬‭ ‬للرؤية‭/ ‬الرؤيا،‭ ‬لا‭ ‬‮«‬استجابة‭ ‬المقلّد‮»‬‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬جواد‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الفن‭ ‬لغة،‭ ‬وهذه‭ ‬اللغة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعرّف‭ ‬عليها‭ ‬ولو‭ ‬قليلاً‮»‬،‭ ‬فسنجد‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬انعكاساته‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬فناننا،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬جواد‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬‮«‬في‭ ‬قالب‭ ‬جديد‭ ‬يتبع‭ ‬مؤثرات‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬شدّد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الفنان‭ ‬الحق‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يرسم‭ ‬ولماذا‭ ‬هو‭ ‬يرسم‮»‬‭.‬

وتأسيساً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬رؤية‭ ‬الفنان‭ ‬هذه‭ ‬رؤية‭ ‬غنية‭ ‬بالتفاصيل‭. ‬فهو‭ ‬في‭ ‬‮«‬قراءاته‭ ‬الفنية‮»‬‭ ‬للواقع‭ ‬كمن‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬إيقاظ‭ ‬ما‭ ‬للإنسان‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬اجتماعي،‭ ‬حاملاً‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬مستويين‭: ‬مستوى‭ ‬الواقع‭ ‬المتمثِّل‭ ‬فيه،‭ ‬ومستوى‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬يرتقي‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬يرى‭.. ‬ونجد‭ ‬للمستويين‭ ‬أصداءهما‭ ‬في‭ ‬لوحته‭. ‬وهو‭ ‬هنا‭ ‬يتصيَّد‭ ‬الأحلام‭ ‬والرؤى‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬التساؤلات‭. ‬فقراءته‭ ‬هذه‭ ‬كما‭ ‬تجد‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬تتأسس‭ ‬به‭/ ‬وعليه،‭ ‬فإنها‭ ‬تُوجد‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬تؤسس‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الشكل‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تتخذ،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬اللون‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم،‭ ‬وهو‭ ‬فيهما‭ ‬كليهما،‭ ‬‮«‬حسّي‮»‬‭ ‬يبلغ‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الحسيّة‭.. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬نجده‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬الحديث‭ ‬والحي،‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تجانس‭ ‬خاص‭ ‬مع‭ ‬حياتنا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬وأشكال‭ ‬مجسِّدة‭ ‬لطبيعته‭. ‬فإذا‭ ‬كنا‭ ‬نجده‭ ‬يضع‭ ‬‮«‬موضوعه‮»‬‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬متقاربة‭ ‬التعبير،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬لأسلوبه‭ ‬نزعة‭ ‬الاسترسال‭ ‬التي‭ ‬تُعمّق‭ ‬حضور‭ ‬موضوعاته‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكرر‭ ‬نفسها‭. ‬

فكلما‭ ‬توغّل‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬عالم‭ ‬لوحاته‭ ‬أصبح‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحاً‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يتشكل‭ ‬منه‭ ‬عمله‭.. ‬فإذا‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬متصل‭ ‬بما‭ ‬للحياة‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬الرؤية‭ ‬والنظر،‭ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يحفّ‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬حقائق‭ ‬مرئية‭.‬

 

آفاق‭ ‬الموضوع‭ ‬واستخدام‭ ‬اللون

غير‭ ‬أن‭ ‬قراءتنا‭ ‬عمل‭ ‬الفنان‭ ‬لا‭ ‬تحاصر‭ ‬نفسها‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬التعيّن‭ ‬المرجعي‮»‬‭ ‬للعمل،‭ ‬وإنما‭ ‬تخرج‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تفتح‭ ‬به‭ ‬أفقاً‭ ‬آخر‭ ‬لرؤية‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬الفنان‭ ‬الذي‭ ‬امتاز‭ ‬بخصوصيته‭ ‬في‭ ‬مستويين‭: ‬الموضوع،‭ ‬واستخدام‭ ‬اللون‭ (‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬للعمل‭ ‬الفني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬به‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬أخص‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬أنه‭ ‬فنان‭ ‬يعمل‭ ‬وفقاً‭ ‬لما‭ ‬يتبنى‭ ‬من‭ ‬مُثُل‭ ‬فنية‭ ‬وأخرى‭ ‬موضوعية،‭ ‬فهناك‭:‬

‭- ‬لغة‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬التي‭ ‬تعتمد،‭ ‬عنده،‭ ‬استعادة‭ ‬الماضي‭ ‬استعادة‭ ‬تخيلية،‭ ‬معيدة‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬وأشكال‭ ‬دالة‭ ‬تعتمد،‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬تعتمد،‭ ‬‮«‬حسيّة‭ ‬المتخيَّل‮»‬‭.‬

‭- ‬وهناك‭ ‬المعنى‭ ‬المتولد‭ ‬من‭ ‬تشكيلات‭ ‬الماضي‭ ‬التاريخي‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬يتفاعل‭ ‬معها‭ ‬تفاعلاً‭ ‬ذاتياً،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬تفاعل‭ ‬متخيَّل‭ ‬الفنان‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭/ ‬أو‭ ‬يجتمع‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬رؤى،‭ ‬بما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭/ ‬ويؤكد‭ ‬‮«‬مبنى‮»‬‭ ‬وعي‭ ‬الفنان‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬ثنائي‭ ‬الحركة،‭ ‬وإن‭ ‬صبَّا‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭/ ‬توجّه‭ ‬واحد،‭ ‬وهما‭: ‬الاستعادة‭ (‬متمثَّلَة‭).. ‬وإحياء‭ ‬ما‭ ‬للمكان،‭ ‬في‭ ‬وجوده‭ ‬الفعلي‭ ‬المتعيِّن‭ ‬فيه،‭ ‬من‭ ‬‮«‬دلالة‭ ‬مفترضة‮»‬‭.‬

‭- ‬ومن‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬اللغة‮»‬‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬الفني‭ ‬هذا،‭ ‬و«المعنى‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تؤلّفه،‭ ‬يتشكل‭ ‬المشهد‭ ‬الذي‭ ‬يتحرك،‭ ‬تشكيلياً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭/ ‬وبثلاثة‭ ‬عناصر‭: ‬الموضوع‭ ‬القائم،‭ ‬أساساً،‭ ‬على‭ ‬الحكاية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬فانتازية‭.. ‬والتناسب‭ ‬بين‭ ‬الشكل‭ ‬واللون‭.. ‬والتواصل‭ ‬الذي‭ ‬ينبني‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ندعوه‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬المغامرة‭ ‬الفنية‮»‬،‭ ‬فهو،‭ ‬هنا،‭ ‬لا‭ ‬يُحاكي،‭ ‬وإنما‭ ‬يتمثّل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬تخييل‭ ‬لا‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬حصل‭ ‬وابتعدت‭ ‬قليلاً،‭ ‬أو‭ ‬جزئياً،‭ ‬فلكي‭ ‬تعود‭ ‬بعناصر‭ ‬تخييلية‭ ‬تقترب‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬العجائبي‭ ‬تشكيلاً‭ ‬وصورة‭.. ‬تعزز‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬جمالية‭ ‬لها‭ ‬طابعها‭ ‬الخاص،‭ ‬جمالية‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬توالي‭ ‬الأشكال‭ ‬والألوان‭ ‬التي‭ ‬تتداخل‭ ‬في‭ ‬نسيج‭ ‬اللوحة‭ ‬لتؤلفها‭ ‬تكويناً‭.‬

فإذا‭ ‬ما‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬عين‭ ‬الفنان‭ ‬عين‭ ‬مثقفة‭ ‬‮«‬ثقافة‭ ‬صورة‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬لهذه‭ ‬الصورة‭ ‬من‭ ‬تكوينات،‭ ‬و«ثقافة‭ ‬مكانية‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬للمكان‭ ‬من‭ ‬حضور‭ ‬زماني‭ ‬هو‭ ‬اليوم،‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬‮«‬حضور‭ ‬مستعاد‮»‬‭ ‬استعادة‭ ‬تخيلية‭.. ‬فإن‭ ‬خيال‭ ‬الفنان،‭ ‬وحسيّة‭ ‬هذا‭ ‬الخيال‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬أعماله‭ ‬صوراً‭ ‬قائمة،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تكوين،‭ ‬على‭/ ‬وبما‭ ‬يستجمعه‭ ‬هذا‭ ‬الخيال‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬تجسيد‭ ‬لمشاهد‭ ‬قائمة،‭ ‬أو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬‮«‬تمثيلات‮»‬‭ ‬متعينة‭ ‬وجوداً‭ ‬زمانياً‭ ‬ومكانياً‭. ‬فاللوحة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تجتمع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬‮«‬وجود‭ ‬افتراضي‮»‬‭ ‬لعناصرها‭ ‬التكوينية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تجلٍ‭ ‬لواقع‭ ‬هو،‭ ‬بدوره،‭ ‬التجلي‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬ذات‭ ‬الفنان‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تستجمع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تتخيله‭ ‬وتضعه‭ ‬فيه‭.‬

فتنة‭ ‬المكان

فهل‭ ‬‮«‬فتنة‭ ‬المكان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬إليه‭ ‬مرجعاً،‭ ‬و«فتنة‭ ‬الزمان‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يـــــتألف‭ ‬فيه،‭ ‬همــــا‭ ‬ما‭ ‬يشد‭ ‬الفنان‭ ‬ويغــــويه‭ ‬بدخـــــول‭ ‬ما‭ ‬يؤلّف‭ ‬منه‭ ‬عالماً‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬العجــائبي،‭ ‬يأخذه‭ ‬بعيداً‭ ‬في‭ ‬تشكيلاته‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تأخذه‭ ‬معانيه؟‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جانب‭.. ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭: ‬هل‭ ‬للمكان،‭ ‬والارتباط‭ ‬المتحقق‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬هـــذا‭ ‬النحـــو‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الفنان‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يــــجعل‭ ‬لعمله‭ ‬هـــويـــته‭ ‬المكانية‭ ‬الزمانــية‭ ‬هذه‭ ‬وهي‭ ‬هويّة‭ ‬متشكلة،‭ ‬بُعداً‭ ‬ومعـــنى‭ ‬ودلالــــة،‭ ‬فيما‭ ‬يعتــــمد‭ ‬في‭ ‬تكوينها،‭ ‬عـــملاً‭ ‬فـــنياً،‭ ‬من‭ ‬مقاربات‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬هــــذا‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يتدافع‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬زحفت‭ ‬إليه‭ ‬بحداثتها‭ ‬المموهة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬الحضور‭ ‬والتكوين؟

فإذا‭ ‬ما‭ ‬قلنا‭ ‬عن‭ ‬الفنان‭ ‬إنه‭ ‬مــتـــون‭ ‬بواقع‭ ‬قرأ‭ ‬عنه‭ ‬وتمثله‭ ‬تمثلاً‭ ‬تخيـــــيلياً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تحقق‭ ‬معاينته‭ ‬واقعاً‭ ‬مشخصاً،‭ ‬فإن‭ ‬عمله‭ ‬الفني‭ ‬جاء‭ ‬مرتوياً‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬هذه‭ ‬الفتنة‭ ‬بما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬جوهر‭ ‬متحرك‭.. ‬وهذه‭ ‬الحركة‭ ‬ليست‭ ‬حــركة‭ ‬تبدّل‭ ‬وتغيّر‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬حركة‭ ‬تعدد‭ ‬وتنوّع‭: ‬فإذا‭ ‬كنا‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬فنيّ‭ ‬له‭ ‬المرأة‭ ‬تتكئ‭ ‬إلى‭ ‬آلتها‭ ‬الموسيقية‭ (‬العود‭ ‬مثلاً‭)‬،‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬أخرى‭ ‬يفتح‭ ‬لها‭ ‬فضاء‭ ‬أوسع‭ ‬لتكون‭ ‬بحركة‭ ‬جسدها،‭ ‬وبمعايير‭ ‬هذه‭ ‬الحركة،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُضفي‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬تشكيلات،‭ ‬محققاً‭ ‬اللقاء‭ ‬بين‭ ‬حالتين‭/ ‬ذاتين‭: ‬ذات‭ ‬الرائي،‭ ‬وذات‭ ‬المرئي‭.. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يضعنا‭ ‬فيه‭ ‬أمام‭ ‬لحظتين‭ ‬متخيلتين‭: ‬لحظة‭ ‬الواقع‭ ‬كما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬قرأ‭ ‬عنه‭.. ‬ولحظة‭ ‬تمثيل‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬‮«‬عمل‭ ‬فني‮»‬‭ ‬له‭ ‬خصوصيته‭ ‬الموضوعية‭. ‬فعتبة‭ ‬الفنان‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬هذا‭ ‬هي‭ ‬عتبة‭ ‬بغداد‭ ‬القديمة‭: ‬بأحيائها‭ ‬التي‭ ‬لكل‭ ‬حي‭ ‬منها‭ ‬حالة‭ ‬تكاثف‭ ‬مع‭ ‬نفسه،‭ ‬وبأناسه‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يُعرفون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انتمائهم‭ ‬إليه‭.. ‬ولهذا‭ ‬الحضور‭ ‬حيواته‭ ‬وحيويته‭ ‬التي‭ ‬تجتمع‭ ‬لتتواشج‭ ‬في‭ ‬نسيج‭ ‬فني‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭/ ‬ويُجسد‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬المكان‭ ‬قائماً‭ ‬بذاته‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬منه،‭ ‬والحركة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬الإنسان‭ ‬بدلالة‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ (‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬الفنان‭ ‬أبوابه‭ ‬المرصودة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬وكأنه‭ ‬يكشف‭ ‬عما‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬يعيش‭ ‬فتنته‭ ‬الخاصة‭ ‬بما‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬الأبواب‭ ‬من‭ ‬‮«‬أسرار‮»‬‭!‬

وعلى‭ ‬هذا،‭ ‬نجد‭ ‬‮«‬الموضوع‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬بُعد‭ ‬تشكيلي،‭ ‬يتقدم‭ ‬فيكتسب‭ ‬‮«‬بُعد‭ ‬حــضور‭ ‬الذات‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬علاقة‭ ‬هذه‭ ‬الذات‭ ‬بالمكان‭ ‬فــي‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬‮«‬زمانية‭ ‬العلاقة‮»‬‭ ‬به،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬عــــلاقة‭ ‬‮«‬الرائي‮»‬‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬المرئي‮»‬،‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬المرئي‭ ‬موضوعاً‮»‬،‭ ‬محققاً‭ ‬ضرباً‭ ‬من‭ ‬حركية‭ ‬التراسل‭ ‬بين‭ ‬المستوى‭ ‬الرؤوي‭/ ‬التخييلي‭ ‬والمستوى‭ ‬التعبيري‭ ‬عند‭ ‬الفنان‭. ‬

فنحن،‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬هذا‭ ‬الفـــنان،‭ ‬أمام‭ ‬لوحة‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬تجسد‭ ‬‮«‬إطاراً‭ ‬مكانياً‮»‬‭ ‬حاضراً‭ (‬هو‭ ‬البيت‭ ‬البغدادي‭ ‬بتكوينه‭ ‬التراثي‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬معماري‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الزمانية‭ ‬المتمثَّلة‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭/ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬هي‭ ‬‮«‬زمانية‭ ‬المتخيَّل‮»‬‭ ‬في‭ ‬بُعده‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬الحضور‭ ‬الإنساني‭. ‬

والفنان،‭ ‬هنا،‭ ‬وهو‭ ‬يتابع‭ ‬هذا‭ ‬المتخيَّل،‭ ‬ويُعنى‭ ‬بتفاصيله‭ ‬ويشدد‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬دلالات،‭ ‬يبدو‭ ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬حدّاً‭ ‬معيناً‭ ‬مما‭ ‬ندعوه‭ ‬‮«‬شعرية‭ ‬العمل‭ ‬الفني‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬المكان،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬الإنسانية‭ (‬الزمانية‭) ‬التي‭ ‬‮«‬يتأثث‮»‬‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭.. ‬فبالنسبة‭ ‬لموضوعاته،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الفني‭ ‬الذي‭ ‬اتخذ،‭ ‬نجده‭ ‬كمن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الشخوص،‭ ‬في‭ ‬تشكيلات‭ ‬حضورهم،‭ ‬‮«‬مُسنداً‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬المكان‭ ‬‮«‬المُسند‭ ‬إليه‮»‬‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يجعل‭ ‬مشاهد‭ ‬لوحته‭ (‬الرائي‭ ‬للعمل‭ ‬الفني‭) ‬يبقى،‭ ‬في‭ ‬مشاهدته‭ ‬هذه،‭ ‬منشغلاً‭ ‬بعناصرها‭ ‬المكوِّنة،‭ ‬وبما‭ ‬تتفجر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬‮«‬عناصر‭ ‬التكوين‭ ‬الموضوعي‮»‬،‭ ‬لما‭ ‬تحتازه‭ ‬من‭ ‬‮«‬مشهد‭ ‬حياتي‮»‬‭ ‬يتوافر‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬الجذب‭ ‬والفتنة،‭ ‬ولا‭ ‬نقول‭ ‬الإثارة‭.‬

فالفنان‭ ‬ستار‭ ‬لقمان،‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬معلمه‭ ‬الفنان‭ ‬الــــكبــــير‭ ‬جــــواد‭ ‬سليم،‭ ‬فنان‭ ‬يُمجِّد‭ ‬الحــــيـــاة‭ ‬فــــي‭ ‬فنّه،‭ ‬ويُقبــــل‭ ‬عليها‭ ‬بانفـــتاح‭ ‬كبـــــير‭ .