الإبرة

الإبرة

حادة،‭ ‬واخزة،‭ ‬قلقة،‭ ‬رشيقة،‭ ‬ناصحة،‭ ‬جامعة‭ ‬الشمل‭ ‬في‭ ‬هدوء،‭ ‬وواصلة‭ ‬المقطوع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قلق،‭ ‬وساترة‭ ‬الحال‭ ‬برغم‭ ‬هشاشتها،‭ ‬شامخة‭ ‬في‭ ‬كبرياء‭ ‬نادر‭ ‬برغم‭ ‬رهافتها،‭ ‬أداة‭ ‬نجاة‭ ‬وإنقاذ‭ ‬عندما‭ ‬تتفرق‭ ‬بنا‭ ‬السبل،‭ ‬وناصحة‭ ‬وتُصلح‭ ‬الحال‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬فاسدة،‭ ‬واختبار‭ ‬دقيق‭ ‬وحاسم‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الزوجة‭ ‬واختبارها‭. ‬

لعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نرى‭ ‬الإبرة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬نسائنا،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نراهن‭ ‬يقمن‭ ‬بـ‭ ‬اتفصيصب‭ ‬حبات‭ ‬الثوم،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الإبرة‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬المنزلية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتلاشى،‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬الحديث‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬نسائه،‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعدن‭ ‬يهتممن‭ ‬بوجودها‭ ‬الآن،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬الإبرة‭ ‬مغروز‭ ‬وواخز‭ ‬وراتق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الإنسانية‭.‬

فمنذ‭ ‬البداية‭ ‬وفي‭ ‬عصور‭ ‬قديمة‭ ‬للإنسانية،‭ ‬كانت‭ ‬الإبر‭ ‬تُصنع‭ ‬من‭ ‬عظام‭ ‬الحيوانات‭ ‬أو‭ ‬أشواك‭ ‬الأسماك،‭ ‬أو‭ ‬أغصان‭ ‬بعض‭ ‬الأشجار‭ ‬والنباتات،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬صنعها‭ ‬من‭ ‬المعدن‭. ‬

الصينيون‭ ‬هم‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استخدم‭ ‬الإبر‭ ‬المعدنية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬وتنتشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬صناعتها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نورمبرج‭ ‬بألمانيا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الـ‭ ‬14‭ ‬الميلادي،‭ ‬وأول‭ ‬قضيب‭ ‬صنع‭ ‬من‭ ‬الصلب‭ ‬آلياً‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1785م،‭ ‬وصنع‭ ‬للإبرة‭ ‬ثقب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1826م‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬شهرة‭ ‬الإبرة‭ ‬كأداة‭ ‬للخياطة‭ ‬أو‭ ‬الحياكة‭ ‬أو‭ ‬خياطة‭ ‬جلود‭ ‬الأحذية،‭ ‬فإنها‭ ‬أَداةٌ‭ ‬أحدُ‭ ‬طرفيها‭ ‬مُحَدَّد‭ ‬والآخَر‭ ‬مثقوب،‭ ‬يُخاط‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬رفيعة‭ ‬الشكل‭ ‬وتكون‭ ‬بأطوال‭ ‬وأحجام‭ ‬مختلفة،‭ ‬منهما‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬طوله‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬سنتيمتراً،‭ ‬مثل‭ ‬الإبر‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬طول‭ ‬الذراع،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬خياطة‭ ‬الجلود‭ ‬والبراذع‭ ‬للحيوانات‭.‬

 

مهام‭ ‬متعددة

الإبرة،‭ ‬برغم‭ ‬ندرة‭ ‬رؤيتها‭ ‬الآن،‭ ‬فإنها‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة،‭ ‬فالإبْرة‭ ‬لدى‭ ‬العَقرب‭ ‬أو‭ ‬النحلة‭: ‬ما‭ ‬تَلْسَع‭ ‬به‭ ‬وتدافع‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬والإبْرة‭ ‬من‭ ‬المِرْفَق،َ‭ ‬أي‭ ‬الذراع‭: ‬طَرَف‭ ‬العظم‭ ‬الناتئَ‭ ‬عند‭ ‬ثَنْي‭ ‬الذراع،‭ ‬وإبرة‭ ‬المِحْقَن‭ ‬هي‭ ‬إبرة‭ ‬يُغرز‭ ‬طَرَفها‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬لينفذ‭ ‬منها‭ ‬الدواءُ‭ ‬إليه،‭ ‬وإبْرة‭ ‬آدم‭ ‬نبات‭ ‬تزيينيّ‭ ‬مُعَمَّر‭ ‬من‭ ‬فصيلة‭ ‬الزنبقيَّات،‭ ‬وإبرةُ‭ ‬الفونغراف‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تَمُرُّ‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬الصوت‭ ‬المسجَّل‭ ‬لتعيده،‭ ‬وابَيْت‭ ‬الإِبْرَةب‭ ‬هي‭ ‬البوصلة‭ ‬التي‭ ‬ترشدنا‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬والصحراء،‭ ‬وإبرة‭ ‬بابور‭ (‬موقد‭) ‬الطهي‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تنظيف‭ ‬االفونيةب‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتوزيع‭ ‬الجاز،‭ ‬ووَخْز‭ ‬الإبَر‭ ‬هو‭ ‬الإيذاء‭ ‬المتتابع‭ ‬في‭ ‬خفية‭.‬

وعندما‭ ‬أصبحت‭ ‬الإبرة‭ ‬علاجاً‭ ‬صارت‭ ‬تلقب‭ ‬وتشتهر‭ ‬بالإبر‭ ‬الصينية،‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬غرز‭ ‬الإبر‭ ‬الدّقيقة‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬محدَّدة‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬للعلاج‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأمراض،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الحشرات‭ ‬لديها‭ ‬إبر‭ ‬للسع‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬مثل‭ ‬الدبابير‭ ‬والنحل‭. ‬

وفي‭ ‬السياسة‭ ‬الحديثة‭ ‬يقال‭ ‬اسياسة‭ ‬وخز‭ ‬الإبرب،‭ ‬ويعنى‭ ‬بذلك‭ ‬سياسة‭ ‬العداء‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬التي‭ ‬تخز‭ ‬وخزاً‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تسيل‭ ‬دماء،‭ ‬وكانت‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفييتي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬كما‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬بين‭ ‬الحماة‭ ‬وزوجة‭ ‬ابنها‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬اثقب‭ ‬الإبرةب،‭ ‬فيدل‭ ‬على‭ ‬المهارة‭ ‬والخفة‭ ‬والنجاة،‭ ‬ولدقة‭ ‬ورهافة‭ ‬الإبرة‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬الهادئة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬حالها‭ ‬الا‭ ‬تسمع‭ ‬رنيناً‭ ‬لهاب،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬تسمع‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬ضجيج‭ ‬أو‭ ‬صوت‭ ‬في‭ ‬بيتها،‭ ‬وتقال‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬النظيفة‭ ‬والهادئة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تثير‭ ‬المشكلات،‭ ‬ولصعوبة‭ ‬المهمة‭ ‬واستحالتها‭ ‬يقال‭ ‬ايبحث‭ ‬عن‭ ‬إبرة‭ ‬في‭ ‬كومةِ‭ ‬قشب‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬شكل‭ ‬الإبرة‭ ‬إنها‭ ‬قاسية‭ ‬وتعيش‭ ‬بمفردها‭ ‬ولا‭ ‬تحب‭ ‬الصداقة‭ ‬ولا‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬الوخز،‭ ‬فإنه‭ ‬يطلق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬لفظ‭ ‬ارجل‭ ‬إبرةب،‭ ‬أي‭ ‬ثقيل‭ ‬وكثير‭ ‬الشكوى‭ ‬والإلحاح،‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬كثير‭ ‬الإيذاء‭ ‬للغير،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الخفاء،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬سباباً‭ ‬للمرأة،‭ ‬فإذا‭ ‬رأت‭ ‬امرأةٌ‭ ‬امرأةً‭ ‬أخرى‭ ‬رفيعة‭ ‬ونحيفة‭ ‬جداً،‭ ‬تهجوها‭ ‬بأنها‭ ‬اامرأة‭ ‬إبرةب‭.‬

 

اعتقادات‭ ‬شعبية‭ ‬

قديماً،‭ ‬كانت‭ ‬ترتبط‭ ‬بالإبرة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاعتقادات‭ ‬الشعبية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يحرم‭ ‬بيع‭ ‬الإبر‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬دفعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬بكثير،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬الملائكة‭ ‬الموكلة‭ ‬بتقسيم‭ ‬الأرزاق‭ ‬تهبط‭ ‬بعد‭ ‬العصر،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬يسر‭ ‬وهناء‭ ‬زادت‭ ‬سعته،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بؤس‭ ‬وشقاء‭ ‬أعطته‭ ‬على‭ ‬قدره،‭ ‬كما‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬حرفة‭ ‬الخياطة‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬الحرف،‭ ‬لذا‭ ‬يكرهون‭ ‬أن‭ ‬تراهم‭ ‬الملائكة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البؤس،‭ ‬فترزقهم‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬بؤسهم،‭ ‬فحرموا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬الخياطة‭ ‬وبيع‭ ‬الإبر‭ ‬بعد‭ ‬العصر‭.‬

كما‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬الخياطة‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬تؤذي‭ ‬الأموات،‭ ‬لذا‭ ‬يكرهون‭ ‬أن‭ ‬يخيطوا‭ ‬شيئاً‭ ‬بالليل،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬القرى‭ ‬بالريف‭ ‬تتشدد‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فلا‭ ‬يعرن‭ ‬إبرة‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬بعد‭ ‬العصر،‭ ‬فإذا‭ ‬دعت‭ ‬الضرورة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬وضعتها‭ ‬المُعيرة‭ ‬فوق‭ ‬رغيف‭ ‬من‭ ‬الخبز‭ ‬وأعطته‭ ‬لطالبة‭ ‬الإبرة،‭ ‬فتأخذ
الرغيف‭ ‬وعليه‭ ‬الإبرة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تمسها‭ ‬بيدها‭ ‬مباشرة‭.‬

واالإبرة‭ ‬الغشيمةب‭ ‬مصطلح‭ ‬شعبي‭ ‬عن‭ ‬الإبرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ثقب‭  ‬لها،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬إبرة‭ ‬أخطأت‭ ‬الآلات‭ ‬التي‭ ‬تصنعها،‭ ‬فمرت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تثقبها،‭ ‬وعندما‭ ‬كثر‭ ‬الطلب‭ ‬عليها‭ ‬كان‭ ‬تجار‭ ‬الإبر‭ ‬يستوردونها‭ ‬بتوصية‭ ‬خاصة‭ ‬منهم،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬الإقبال‭ ‬عليها‭ ‬اعتقاد‭ ‬العجائز‭ ‬أنها‭ ‬تبطل‭ ‬عمل‭ ‬السحر،‭ ‬فهن‭ ‬يأخذنها‭ ‬ويلففنها‭ ‬في‭ ‬خرقة‭ ‬ويضعنها‭ ‬في‭ ‬حجاب‭ ‬من‭ ‬جلد،‭ ‬فتمنع‭ ‬العين‭ ‬والسحر‭!‬

وفي‭ ‬الغرب‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الإبرة‭ ‬عن‭ ‬الشرق،‭ ‬حيث‭ ‬يشتد‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الإبر‭ ‬التي‭ ‬تخاط‭ ‬بها‭ ‬الأكفان،‭ ‬وذلك‭ ‬لإلقاء‭ ‬أذى‭ ‬من‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬فإذا‭ ‬وضعت‭ ‬إحدى‭ ‬الإبر‭ ‬تحت‭ ‬صحن‭ ‬أحد‭ ‬وهو‭ ‬يأكل،‭ ‬يصاب‭ ‬بالسّل‭ ‬الحاد‭ ‬المميت‭.‬

بينما‭ ‬على‭ ‬الفتاة‭ ‬التي‭ ‬تتمنى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬زوج‭ ‬أن‭ ‬تغرز‭ ‬اسبع‭ ‬إبرب‭ ‬في‭ ‬شمعة‭ ‬جديدة،‭ ‬بعد‭ ‬إشعالها،‭ ‬وتدعو‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬إلى‭ ‬إجابة‭ ‬طلبها‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬الاشتعال،‭ ‬فإذا‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬فلم‭ ‬تظفر‭ ‬بقلب‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬تتمناه،‭ ‬فهي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تجعله‭ ‬عاجزاً‭ ‬مع‭ ‬النساء‭ ‬الأخريات‭.‬

ولا‭ ‬يهب‭ ‬المرء‭ ‬إبرة‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخزه‭ ‬بها،‭ ‬وإلا‭ ‬خشي‭ ‬فساد‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الواهب‭ ‬والموهوب‭.‬

 

اختبار‭ ‬قوة‭ ‬النظر

لدقة‭ ‬الإبرة‭ ‬يطلقون‭ ‬عند‭ ‬تجهيز‭ ‬العروس‭ ‬عبارة‭ ‬الديها‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الإبرة‭ ‬للصاروخب،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬ينقصها‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬بيتها،‭ ‬وكانت‭ ‬بعض‭ ‬الحموات‭ ‬يخترن‭ ‬الفتيات‭ ‬لأبنائهن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تشاهدهن‭ ‬وهن‭ ‬يقمن‭ ‬بإدخال‭ ‬الخيط‭ ‬في‭ ‬ثقب‭ ‬الإبرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬ذات‭ ‬الثقب‭ ‬الضيق،‭ ‬حتى‭ ‬تعلم‭ ‬مدى‭ ‬قوة‭ ‬نظرها‭ ‬ودقته،‭ ‬كما‭ ‬تترك‭ ‬لها‭ ‬بعض‭ ‬الملابس‭ ‬الممزقة‭ ‬أو‭ ‬بها‭ ‬قطع‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الخياطة،‭ ‬حتى‭ ‬ترى‭ ‬الغرزة‭ ‬التي‭ ‬تخيط‭ ‬بها‭ ‬عروسة‭ ‬الابن،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الخياطة‭ ‬سيئة‭ ‬ومعيبة‭ ‬تقول‭ ‬عنها‭ ‬ابين‭ ‬الغرزة‭ ‬والغرزة‭ ‬ترقد‭ ‬العنزةب،‭ ‬وهي‭ ‬تقصد‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬غرز‭ ‬الخياطة‭ ‬ليست‭ ‬منسجمة‭ ‬ولا‭ ‬دقيقة،‭ ‬فبين‭ ‬كل‭ ‬غرزة‭ ‬وأخرى‭ ‬فضاء‭ ‬كبير‭ ‬يتسع‭ ‬لجلوس‭ ‬العنزة‭ ‬ونومها‭!‬

ورؤية‭ ‬الإبرة‭ ‬في‭ ‬المنام‭ ‬تدل‭ ‬للعازب‭ ‬على‭ ‬قرب‭ ‬الزواج،‭ ‬وللفقير‭ ‬على‭ ‬ستر‭ ‬الحال،‭ ‬ومن‭ ‬يرَ‭ ‬خيطاً‭ ‬فيه‭ ‬إبرة‭ ‬فإن‭ ‬شأنه‭ ‬يلتئم،‭ ‬ويجتمع‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬متفرقاً‭ ‬من‭ ‬أمره،‭ ‬ولو‭ ‬كسرت‭ ‬إبرته،‭ ‬أو‭ ‬أخذت‭ ‬منه،‭ ‬فإن‭ ‬شأنه‭ ‬يتفرق‭ ‬ويفسد‭ ‬أمره،‭ ‬والإبرة‭ ‬هي‭ ‬المنصحة،‭ ‬والخيط‭ ‬هو‭ ‬الناصح،‭ ‬وإن‭ ‬خاط‭ ‬ثيابه‭ ‬استغنى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬فقيراً،‭ ‬واجتمع‭ ‬شمله‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬مبدداً،‭ ‬وانصلحت‭ ‬حاله‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬فاسدة‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬االإبرة‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬خيطان‭ ‬لا‭ ‬يُحاك‭ ‬بهاب،‭ ‬وهو‭ ‬مثل‭ ‬يضرب‭ ‬لتعدد‭ ‬الرؤوس‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬فساد‭ ‬العمل‭ ‬بكثرة‭ ‬الأوامر‭ ‬المتناقضة،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الصبر‭ ‬يقال‭ ‬االتركي‭ ‬يحفر‭ ‬البير‭ ‬بإبرةب،‭ ‬وهو‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬عقيدتهم‭ ‬في‭ ‬الشخص‭ ‬التركي‭ ‬بأنه‭ ‬صبور‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬غرضه،‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬دأب‭ ‬وصبر،‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬وسائل‭ ‬متوافرة‭ ‬لاستطاع‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬مهما‭ ‬صغرت،‭ ‬ويكمل‭ ‬نقصها‭ ‬بصبره‭ ‬والثبات‭ ‬على‭ ‬قصده‭.‬

ستظل‭ ‬الإبرة،‭ ‬برغم‭ ‬عدم‭ ‬رؤيتها‭ ‬الآن،‭ ‬موجودة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬والوجدان‭ ‬الإنساني،‭ ‬فهي‭ ‬ترقص‭ ‬وتغني‭ ‬في‭ ‬رشاقة‭ ‬وكبرياء،‭ ‬وهي‭ ‬تحيك‭ ‬أو‭ ‬تخيط‭ ‬فستان‭ ‬الزفاف،‭ ‬أو‭ ‬تنجيد‭ ‬الجهاز‭ ‬للعروس،‭ ‬كما‭ ‬نراها‭ ‬تبكي‭ ‬في‭ ‬حزن‭ ‬شديد‭ ‬وهي‭ ‬تخيط‭ ‬أكفان‭ ‬الراحلين‭ ‬وأجساد‭ ‬المصابين‭.‬

وقد‭ ‬ورد‭ ‬ذكر‭ ‬الإبرة‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ ‬اولا‭ ‬يدخلون‭ ‬الجنة‭ ‬حتى‭ ‬يلج‭ ‬الجمل‭ ‬من‭ ‬سمِّ‭ ‬الخياطب‭. (‬سورة‭ ‬الأعراف‭: ‬الآية‭ ‬40‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬اسَمّ‭ ‬الخياطب‭ ‬يعني‭ ‬ثقب‭ ‬الإبرة‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬ثقب‭ ‬الإبرة‭ ‬إلى‭ ‬سعة‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬امتلأت‭ ‬بالوخزات‭ ‬الشائكة‭ ‬الكثيرة‭ >‬