منْ مَلامحِ العلْم

منْ مَلامحِ العلْم

لعل‭ ‬أبلغ‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬إبداع‭ ‬ممنهج‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬المعرفة‭ ‬الإنسانية‭. ‬ويقوم‭ ‬أي‭ ‬فرع‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مجموعة‭ ‬تعريفات‭ ‬دقيقة‭ ‬ومجموعات‭ ‬من‭ ‬البديهيات‭ ‬والمسلمات،‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭ ‬بالبرهان‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬من‭ ‬المنهج‭ ‬العلمي‭ ‬نظريات،‭ ‬يمكن‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬واقعيًّا‭. ‬وتُمكِّن‭ ‬هذه‭ ‬النظريات‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬فهم‭ ‬الظواهر‭ ‬المختلفة،‭ ‬ومن‭ ‬استخدام‭ ‬نشاط‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬تقدم‭ ‬البشرية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الرخاء‭ ‬للجماهير‭. ‬

تعني‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬علم‮»‬‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬اللغوية‭ ‬المعرفة،‭ ‬ويُقصد‭ ‬بالمعرفة‭ ‬المعلومات‭ ‬المنهجية‭ ‬عن‭ ‬الظواهر‭ ‬المادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وعليه‭ ‬يكون‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬الظواهر‭ ‬المادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني‭. ‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬العلم،‭ ‬فإن‭ ‬الجهل‭ ‬بشيء‭ ‬يعني‭ ‬غياب‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الشيء‭. ‬ويمكن‭ ‬تمثيل‭ ‬عملية‭ ‬التطور‭ ‬المعرفي‭ (‬التقدم‭ ‬العلمي‭)‬‭ ‬بعملية‭ ‬غمر‭ ‬العقل‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الواقع؛‭ ‬فالوعي‭ ‬الإنساني‭ ‬يتقدم‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬السطحية‭ (‬البدائية‭) ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬متزايدة‭ ‬التعمق‭ ‬والتوسع‭.‬

والمعرفة‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الكائنات‭. ‬فمن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬تعلم‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬كيف‭ ‬يُشعل‭ ‬النار‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬إنضاج‭ ‬الطعام،‭ ‬كما‭ ‬تعلم‭ ‬التجارة‭ ‬والزراعة‭ ‬وتربية‭ ‬الدواجن‭ ‬والحيوانات‭ ‬المنزلية،‭ ‬كما‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬مسكن‭ ‬يأوي‭ ‬إليه،‭ ‬وتمكن‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬بعض‭ ‬الآلات‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬تعينه‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬وعلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭. ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬المعارف‭ ‬البدائية‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬علمية،‭ ‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬الوقائع‭ (‬الحقائق‭) ‬المختلفة،‭ ‬وإجراء‭ ‬المقارنة‭ ‬بينها‭ ‬ودراستها‭ ‬دراسة‭ ‬منظمة،‭ ‬ليحاول‭ ‬استخلاص‭ ‬مبادئ‭ ‬وقوانين‭ ‬عامة‭ ‬تحكم‭ ‬الظواهر‭ ‬المتشابهة‭. ‬

وتمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬النشاط‭ ‬البشري‭ ‬حتى‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬كان‭ ‬يسير‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬اتجاهين‭ ‬منفصلين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬أولهما‭ ‬الاتجاه‭ ‬الفلسفي‭ ‬أو‭ ‬الذهني،‭ ‬ويُعالج‭ ‬فيه‭ ‬العلم‭ ‬النظري‭ ‬الأفكار‭ ‬والنظريات‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬الظواهر‭ ‬المختلفة‭. ‬وثانيهما‭ ‬الاتجاه‭ ‬اليدوي،‭ ‬الذي‭ ‬يتضمن‭ ‬عمل‭ ‬الحرفيين،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والنظريات‭ ‬التي‭ ‬يصل‭ ‬إليها‭ ‬الاتجاه‭ ‬الأول‭ ‬دون‭ ‬استيعابها‭. ‬ويمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الانفصال‭ ‬بين‭ ‬الاتجاهين‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الانفصال‭ ‬بين‭ ‬الرأس‭ ‬واليد‭. ‬وقد‭ ‬التقى‭ ‬الاتجاهان‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الالتقاء‭ ‬بداية‭ ‬العلم‭ ‬الحديث،‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬التجارب‭ ‬ومتابعتها،‭ ‬كما‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬النظريات،‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تعتمد‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬على‭ ‬الرياضيات‭. ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬يكتفي‭ ‬بمجرد‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬يسعى‭ ‬كذلك‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬والتحكم‭ ‬فيها‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسان‭. ‬

وبرغم‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬يسعى‭ ‬لإشباع‭ ‬احتياجات‭ ‬البشر،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يشعر‭ ‬بالخوف‭ ‬والرعب‭ ‬من‭ ‬العلم،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬قانون‭ ‬بقاء‭ ‬المادة‭ ‬‮«‬المادة‭ ‬لا‭ ‬تفنى‭ ‬ولا‭ ‬تستحدث‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يرتعب‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬تساؤلات‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬‮«‬ألا‭ ‬تعتبر‭ ‬قصة‭ ‬الخلق‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأديان‭ ‬استحداثًا‭ ‬للمادة‭ ‬من‭ ‬العدم؟‮»‬،‭ ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬إجابة‭ ‬نهائية‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يعالجها،‭ ‬وإنما‭ ‬يقدم‭ ‬رؤية،‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تتغير‭ ‬وتتطور‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يربط‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬بين‭ ‬المادة‭ ‬والطاقة،‭ ‬فيمكن‭ ‬للمادة‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬الخلق‭ ‬الإلهي‭ ‬هو‭ ‬طاقة‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬الأزل،‭ ‬ثم‭ ‬تحولت‭ ‬عند‭ ‬الخلق‭ ‬إلى‭ ‬مادة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرونه‭ ‬متفقًا‭ ‬مع‭ ‬الرؤية‭ ‬الدينية‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬مفهوم‭ ‬القانون‭ ‬العلمي‭ ‬موضع‭ ‬جدل‭ ‬ومناقشات‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭. ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬رأي‭ ‬ينادي‭ ‬بفصل‭ ‬العلم‭ ‬عن‭ ‬الأديان‭ ‬والفلسفة،‭ ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬مهمة‭ ‬العلم‭ ‬هي‭ ‬السعي‭ ‬لاكتشاف‭ ‬القوانين‭ ‬العلمية‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬قضايا‭ ‬وأفكار‭ ‬فلسفية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭. ‬ويعتقد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬القوانين‭ ‬العلمية‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬يعتبران‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتهما‭ ‬تقربًا‭ ‬إلى‭ ‬الإله‭ ‬وتعبدًا‭ ‬وتأملاً‭ ‬في‭ ‬الذات‭ ‬الإلهية‭ ‬وقدراتها‭ ‬وحكمتها‭.‬

ومن‭ ‬المهم‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬العلمية‭ ‬‮«‬النهائية‮»‬‭ ‬Ultimate  ‬هدف‭ ‬بعيد‭ ‬المنال،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬عملية‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬تراكمية‭ ‬لانهائية‭ ‬Infinitely accumulating،‭ ‬فالمعرفة‭ ‬تنمو‭ ‬وتتقدم‭ ‬داخل‭ ‬العقل‭ ‬الإنساني‭ ‬الفردي‭ ‬والجمعي‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬متواصل،‭ ‬وما‭ ‬يتوصل‭ ‬إليه‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬تصور‭ ‬بشري‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬محددة‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬العناصر‭ ‬المختلفة،‭ ‬التي‭ ‬يستطيعون‭ ‬رصدها‭ ‬لهذه‭ ‬الظواهر،‭ ‬وهو‭ ‬تصور‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميته‭ ‬بـ‮«‬العلاقات‭ ‬الحقيقية‮»‬‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬العناصر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مدى‭ ‬تعبير‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬عن‭ ‬الظواهر‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬محل‭ ‬بحث‭ ‬مستمر‭. ‬ويصف‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬البشري‭ ‬المؤقت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬بشكل‭ ‬تقريبي‭ ‬Approximate‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬تزايد‭ ‬في‭ ‬دقة‭ ‬وصف‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭. ‬ولهذا‭ ‬يمكن‭ ‬وصف‭ ‬المفاهيم‭ ‬والنتائج‭ ‬والنظريات‭ ‬العلمية‭ ‬بأنها‭ ‬نسبية،‭ ‬والمقصود‭ ‬بالنسبية‭ ‬هو‭ ‬نسبتها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الحقيقة‭ ‬المطلقة‮»‬‭ ‬Absolute truth‭ ‬،‭ ‬أي‭ ‬درجة‭ ‬اقترابها‭ ‬منها،‭ ‬كما‭ ‬تعني‭ ‬النسبية‭ ‬كذلك،‭ ‬أن‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬تنتسب‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬زمنية‭ ‬معينة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تتغير‭ ‬وتتطور‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬وبهذا‭ ‬فالعلم‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المستمر‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬الحقيقة‮»‬‭.‬

ويمكن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬وصف‭ ‬القوانين‭ ‬العلمية‭ ‬بأنها‭ ‬إحصائية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬التحقق‭ ‬إحصائيًا‭ ‬من‭ ‬انطباقها‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التجارب،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬محددة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحالات‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الظروف‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭. ‬وعليه‭ ‬يكون‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬هو‭ ‬بمعنى‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬‮«‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬قوانين‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬سابقًا‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا‮»‬‭.‬

ولعله‭ ‬من‭ ‬المفيد‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالقوانين‭ ‬العلمية،‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬والحقيقة‭ ‬مائة‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬إبداع‭ ‬واكتشاف‭ ‬فكر‭ ‬العلماء‭ ‬الخلاق،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬إبداعات‭ ‬ليست‭ ‬منقطعة‭ ‬الصلة‭ ‬بالواقع،‭  ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬فإنها‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهي‭ ‬إبداعات‭ ‬مفيدة‭ ‬ورائعة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬انعكاس‭ ‬للواقع‭ ‬المادي‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬هؤلاء‭ ‬العلماء‭. ‬ويمكن‭ ‬للتبسيط‭ ‬تشبيه‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الواقع‭ ‬المادي‭ ‬وبين‭ ‬العلم‭ ‬بالعلاقة‭ ‬بين‭ ‬جسر‭ (‬كوبري‭) ‬وظله،‭ ‬فظل‭ ‬الجسر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الجسر‭ ‬موجودًا،‭ ‬ولكنهما‭ ‬بالطبع‭ ‬غير‭ ‬متطابقين،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الجسر‭ ‬دافئًا‭ ‬نتيجة‭ ‬لتأثير‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس،‭ ‬بينما‭ ‬يكون‭ ‬ظله‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الماء‭ ‬باردًا‭.‬

 

موضوع‭ ‬العلم

يدرس‭ ‬العلم‭ ‬الظواهر‭ ‬التي‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬شروط‭ ‬أهمها‭:‬

أ‭- ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ظواهر‭ ‬متكررة‭ ‬الحدوث‭.‬

ب‭- ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جديرة‭ ‬ببذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬إدراكها‭ ‬بالسعي‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القوانين‭ ‬الحاكمة‭ ‬لها،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فائدة‭ ‬متوقعة‭ ‬تستحق‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بحث‭ ‬الظاهرة‭.‬

ج‭ - ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬إمكان‭ ‬لمتابعتها‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬آخر‭.‬

ويبين‭ ‬تاريخ‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬الإحساسات‭ ‬البشرية،‭ ‬ولكنه‭ ‬ينفذ‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراءها‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الإحساسات‭ ‬وحدها‭ ‬النفاذ‭ ‬إليه‭.‬

ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتمتـــع‭ ‬الأفـــراد‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬بدرجة‭ ‬أو‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬التـفكير‭ ‬العلمي،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬أحيانًا‭ ‬بالتـــفكـــير‭ ‬العقلاني‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬يــكون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعادي‭ ‬العلم‭ ‬والتفكير‭ ‬العلمي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يؤمـــن‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بالتفكير‭ ‬الخرافي‭. ‬

ويبين‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬مسيرة‭ ‬العلم‭ ‬كانت‭ ‬دائمًا‭ ‬مسيرة‭ ‬ظافرة‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬تعرضها‭ ‬لخسائر‭ ‬عارضة‭ ‬مؤقتة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الفترات‭ ‬أو‭ ‬اللحظات،‭ ‬كتعرض‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬للإعدام‭ ‬أو‭ ‬الحبس‭ ‬عقابًا‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬توصلوا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬علمية‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬آراء‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الديني‭.‬‭ ‬فما‭ ‬من‭ ‬معركة‭ ‬دخلها‭ ‬العلم‭ ‬إلا‭ ‬وانتصر‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬قوة‭ ‬صديقة‭ ‬للإنسان‭ ‬تسعى‭ ‬لخيره‭. ‬ويبين‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬إلا‭ ‬وكان‭ ‬للعلم‭ ‬الفضل‭ ‬الأول‭ ‬فيه‭. ‬ومع‭ ‬الأسف،‭ ‬توهم‭ ‬معظم‭ ‬المعادين‭ ‬للعلم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬اصطنعوها‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬العلم‭ ‬يشكل‭ ‬خطرًا‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭. ‬

 

العلم‭ ‬والدين

تختلف‭ ‬طبيعة‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬جذريًّا‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬العقيدة‭ ‬الدينية،‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬الثقة‭ ‬المطلقة‭ ‬والتسليم‭ ‬الإيماني‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬الخالي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شكوك‭ ‬بالمعتقدات‭ ‬الدينية،‭ ‬دون‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬التجربة‭ ‬أو‭ ‬اشتراط‭ ‬البرهان‭ ‬المنطقي‭ ‬عليها،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬ليست‭ ‬محل‭ ‬ثقة،‭ ‬فالثقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬علمي‭ ‬يعي‭ ‬أن‭ ‬المعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬أبدًا‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي،‭ ‬وأنها‭ ‬تمثل‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬حينه،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فالشك‭ ‬العلمي‭ ‬فيها‭ ‬وإعادة‭ ‬تقييمها‭ ‬مطلوبان‭ ‬دائمًا،‭ ‬ويمد‭ ‬العلم‭ ‬الإنسان‭ ‬بالنظريات‭ ‬والقوانين‭ ‬التي‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الطبيعة‭ ‬والحياة‭.‬

 

العلم‭ ‬والفن

يختلف‭ ‬الإبداع‭ ‬العلمي‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬الأشكال‭ ‬الإبداعية‭ ‬الجمالية‭ ‬للفن،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬كلاهما‭ ‬انعكاسًا‭ ‬للواقع،‭ ‬فبينما‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬الانعكاس‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التعريفات‭ ‬والبديهيات‭ ‬والمسلمات‭ ‬والنظريات،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الانعكاس‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أشكال‭ ‬جمالية‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬كلاهما‭ ‬تجريدًا‭ ‬وتعـميمًا‭ ‬للواقع‭. ‬ويبين‭ ‬تاريخ‭ ‬العلم‭ ‬أنه‭ ‬خلاصة‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني‭, ‬وأن‭ ‬العلم‭ ‬يقضي‭ ‬أثناء‭ ‬تقدمه‭ ‬على‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالذاتية،‭ ‬فلا‭ ‬بقاء‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬لغير‭ ‬الموضوعية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الفن،‭ ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬الإبداع‭ ‬الفني‭ ‬بذاتية‭ ‬المبدع،‭ ‬أي‭ ‬بتجربته‭ ‬الشخصية‭. ‬فالعلم‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬مجردة‭ ‬لعملية‭ ‬تاريخية‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التطور،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬يكون‭ ‬الفنان‭ ‬نفسه‭ ‬مصدر‭ ‬الإبداع‭ ‬الذي‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬التجربة‭ ‬الذاتية‭ ‬للفنان،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬تفاعل‭ ‬ذات‭ ‬الفنان‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الخارجي،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الإنتاج‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬تفاعل‭ ‬الذات‭ ‬مع‭ ‬الموضوع،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬دون‭ ‬تفاعل‭ ‬معه،‭ ‬فإنه‭ ‬يكون‭ ‬نسخًا‭ ‬للواقع،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬فإنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬استبعاد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شخصي‭ ‬وذاتي‭ ‬فتُستبعد‭ ‬كل‭ ‬المفاهيم‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬شخصية‭ ‬متميزة‭ (‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭).‬

 

العلم‭ ‬والمجتمع‭ ‬

العلم‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬عملية‭ ‬اجتماعية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالإنسان‭ ‬المبدع‭ (‬العالم‭)‬،‭ ‬وتهدف‭ ‬نتائجه‭ ‬إلى‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نشأة‭ ‬العلم‭ ‬وتطوره‭ ‬هما‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وهناك‭ ‬تأثير‭ ‬متبادل‭ ‬بين‭ ‬العلم‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬للعلم‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬مجتمع‭ ‬متقدم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علم‭. ‬والهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬للعلم‭ ‬هو‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الإنسان‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاته‭. ‬

كما‭ ‬يخضع‭ ‬اختيار‭ ‬مواضيع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬واتجاهاتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬معدلات‭ ‬التقدم‭ ‬فيها،‭ ‬واتجاهات‭ ‬المجتمع‭ ‬والدول‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬نتائج‭ ‬العلم،‭ ‬لتأثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬مثل‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المادية‭ ‬للمجتمع‭ ‬وطبيعة‭ ‬البناء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬ونوعية‭ ‬الأفكار‭ ‬الفلسفية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬هي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المادية‭ ‬وهي‭ ‬تتضمن‭ ‬متطلبات‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬وأجهزة‭ ‬وتصنيع‭ ‬أدوات‭ ‬الإنتاج‭ ‬مثل‭ ‬آلات‭ ‬المصانع،‭ ‬ولا‭ ‬يرتبط‭ ‬نجاح‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬بمدى‭ ‬عبقريته‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬يرتبط‭ ‬كذلك‭ ‬بتوافر‭ ‬الأجهزة‭ ‬اللازمة‭ ‬للبحث،‭ ‬وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬استنتاج‭ ‬أن‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬هو‭ ‬الضامن‭ ‬لتوفير‭ ‬أجهزة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬مثل‭ ‬أجهزة‭ ‬القياس‭ ‬بالفيمتو‭ ‬ثانية‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬التطبيق‭ ‬والممارسة‭ ‬هما‭ ‬أحد‭ ‬معايير‭ ‬تقدير‭ ‬قيمة‭ ‬المعارف‭ ‬العلمية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬نتائج‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المتطلبات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هو‭ ‬دافع‭ ‬قوي‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬ويبين‭ ‬تاريخ‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬الاستخدام‭ ‬العملي‭ ‬لاكتشاف‭ ‬علمي‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬تقدم‭ ‬تكنولوجي،‭ ‬ويقود‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭.‬

ويمــــكن‭ ‬تصنيـــف‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المادية‭ ‬للمجتمع‭ ‬التي‭ ‬يستهدف‭ ‬العلم‭ ‬تلبيتها‭ ‬إلى‭ ‬احتياجات‭ ‬المدى‭ ‬القريب،‭ ‬والمقصود‭ ‬بها‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المطلوبة‭ ‬بسرعة‭ ‬وفورًا،‭ ‬واحتياجات‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والاحتياجات‭ ‬التي‭ ‬تفتح‭ ‬أبواب‭ ‬التقدم‭ ‬البشري،‭ ‬مثل‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الخريطة‭ ‬الجينية‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬سفن‭ ‬الفضاء‭. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬قصر‭ ‬استخدام‭ ‬نتائج‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬على‭ ‬المتطلبات‭ ‬العاجلة‭ ‬للحياة‭ ‬اليومية‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحجيم‭ ‬وإبطاء‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ .