عزيزة البسام... شاهد عيان على الغزو العراقي (ذكريات الحب والصمود والحرية)

في المقدمة يقول د.سليمان الشطي: «ستعيدنا أوراق عزيزة البسام إلى الحوادث المنتزعة من تنور الأحداث، وستسجل شهاداتها حين استيقظت على فاجعة الاحتلال، وليسجل التاريخ للمرأة الكويتية التي انتفض فيها ذلك العرق الأصيل، وتلك الحيوية، ليسجل لنا أن مَن حمل عبء الصمود كاملاً غير منقوص هو المرأة الكويتية».
يتحدث عن محمد البسام الذي بقي ملازمًا للأرض خلال نكبة الاحتلال لتظلل روح الأبوّة على الصامدين. ويضيف: في هذه الذكريات لمسة دقيقة عندما تصدر عن عزيزة البسام التي أرادت أن تقدم رؤية متكاملة عمن كانوا حولها، فجمعت شهادات لصامدين وأخباراً ومعلومات عن الكويت ورجالها وشهيداتها.
مدخل
تقول عزيزة البسام: الكتاب ليس دراسة عميقة أو بحثاً شاملاً، لكنه انطباعات ذاتية عن فترة عشتها وتجربة مريرة مازالت ذكراها لا تبرح خيالي إطلاقًا.
وتضيف: لعل تسجيل تجربة الغزو بقلم امرأة يختلف كثيرًا عن التجارب الأخرى التي نشرها الأدباء الرجال، لأنني كنت أسجل بعض الأحداث في الظلام، وربما كان الموت على الأبواب قريبًا مني، أو بعض رصاصات طائشة كانت تستهدف الكثير من أبناء الكويت وقت المحنة. وتضيف بعبارة بليغة: «تألمت كثيرًا... وقررت أن أكون كالنخل العالي لا ينحني أبدًا ولا تهوي فروعه أو ثماره... وظللت صامدة مع أهلي وأبناء وطني، بل كان الأمر قضية تحد... أن نكون أو لا نكون».
وتقول: «لا أنسى مواقف المرأة الكويتية في أثناء الغزو... وشهور الاحتلال التي تحدثت عنها وسائل الإعلام بما يدعو للفخر، ويؤكد كيف تحولّت المرأة الكويتية الوديعة إلى صقر جارح ينهش بمخالبه وجه الغزاة... وكذلك شباب الكويت ورجالها».
الكويت وطني
تقول البسام: «في مدرسة السالمية الابتدائية كنت أخطو نحو عالم جديد... أحببت مدرستي وعشقت اللغة العربية... وفي المتوسطة أحببت المكتبة وتعرفت على ملامح الأدب العربي ومنهج اللغة العربية وقصائد شعراء الكويت وكتابات المنفلوطي وطه حسين وغيرهما... شكّلوا وجداني، وفي ثانوية المرقاب اكتشفت شعراء المهجر».
وتستمر: «في العام 1966 توليت مسؤولية مكتبة النساء بالدسمة حتى الخميس 2 أغسطس 1990». وتضيف: «أذكر أني تركت كتاب «صفحات من تاريخ الكويت» مفتوحًا على مكتبي بالمكتبة، وحين عدت بعد التحرير وجدت الكتاب مازالت صفحاته نابضة تبرق فيها الكلمات، واحتضنت الكتاب، وغبت مع أحلام وطني الكبيرة».
وتحدثت عن بعض كتب التاريخ، وسجلت ملاحظاتها عن تاريخ الكويت منذ أن كانت تسمى «القرين»، وهجرة العتوب والسفر، وكيف تحدَّث عنها الرحالة الأجانب، ومعارك الكويت المتعددة.
فجر الخميس 2 أغسطس
تقول: «السادسة صباحًا, أسمع أكاذيب أم حقائق، أناشيد وطنية في إذاعة الكويت، إذاعة لندن تؤكد... الكويت تغتصب... إنهم يزحفون كالجراد... يدمرون كل شيء... ودمرتني الحقيقة الدامية... جنود صدام في الكويت»!!
وتضيف: «ذهبت إلى مكتبة الدسمة، واقترب مني شاب كويتي يحمل مسدسًا وقال: أين تذهبين؟... عودي إلى البيت... وعدت إلى المنزل. ووجدت الأهل والأقارب جميعًا جاءوا يتناقشون، لكنهم اتفقوا على مواجهة الكارثة».
وتحدثت عن ملابسات رحيل بعض الأهل إلى السعودية وإصرارها على البقاء مع الإخوة والأخوات. وتحدثت في موقع آخر عن مظاهرة 5 أغسطس وكيف تصدى لها جنود الاحتلال بالرصاص الحي، وكيف استقر رصاص في قلب الشهيدة سناء الفودري.
ومازالت عزيزة البسام تتحدث عن العمل التطوعي في الجمعيات والمخابز وكيف هاجم اللصوص العراقيون البيوت وسرقوا السيارات.
الجنود في بيتي
وكانت البسام - كما تقول - تحمل مفاتيح بيوت الأسر التي تسافر حتى تشرف على شؤون البيت وترعى من بقي من الخدم. وتحدثت عن قصص اقتحام البيوت والسرقات، وكيف ذهبت عائشة المطوع لطرد الجنود الذين احتلوا البيت، وكيف حوّلوه إلى مركز للقيادة، وكيف دار الحوار بينها وبين القائد العراقي المتمركز في نادي الاستقلال، وكيف انتصرت عائشة وعزيزة وخرج الجنود من المنزل... وكيف انتشرت القصة واستطاع المواطنون الحصول على سياراتهم المسروقة.
حوار المؤامرة
وتحدثت البسام عن ملابسات الغزو في المحافل الدولية والقصص التي انتشرت على حوار جلاسبي (سفيرة أمريكا السابقة في العراق) مع صدام حسين.
وتحكي البسام عن ذكريات 25 فبراير والعيد الوطني وكيف كانت الكويت تعيش مع هذه الذكريات الجميلة. وتذكرت بكل الفخر «أبوالدستور» الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم.
معلّمي الأول
وتتحدث عزيزة البسام بكل الفخر عن والدها الذي كان يقرأ لها المجلات وهي صغيرة، وحبّب إليها الكتب والقصص، وعلّمها فن اقتناء الكتاب، وكيف تعلمت على يديه حب الوطن ومعنى الثقافة، وكيف عاشت معه رحلتي الغزو والتحرير، حتى رحل عن الحياة بعد تحرير الكويت.
سناء الفودري وأسرار القبندي
وتتحدث بكل الفخر عن سناء الفودري الوردة التي مزّق جسدها الرصاص. عشر رصاصات غادرة تم تفريغها في جسد الفودري فداء لحرية الكويت.
وتحدثت أيضًا عن أسرار القبندي، شهيدة الوطن التي سقطت في 13 يناير 1991، وكيف شاركت في إصدار نشرة الصمود، وكيف قاومت المرأة الكويتية جحافل الغزو الغاشم.
وتشير إلى أسرار التي قــــامت بــــدور كبـــير في نقل المال والسلاح من المملكة العربية السعودية إلى الكويت، وكذلك تزوير الهويات للصامدين، وتحدثت مع C.N.N. وبدأ النظام العراقي يبحث عنها حتى اعتُقــــلت فــــي 4 نوفمبر 1990 وروت شلالات دمائها أرض الكويت.
فايق عبدالجليل
وتحدثت البسام عن الشهيد الشاعر فايق عبدالجليل، الذي ظل صامدًا حتى أسرته قوات الاحتلال في يناير 1991، واكتشف العدو أنه كتب أغنيات المقاومة والصمود.
وهو أول شاعر شهيد في تاريخ الكويت، وقدمت البسام مجموعة من الأشعار التي كتبها عبدالجليل.
شهادات على الغزو
وضمنت عزيزة البسام الكتاب مجموعة من الشهادات والذكريــات عن الغزو الغاشم لمجموعة من الشخصــــيات والأدباء والمفكرين، منهم الأديب عبدالرزاق البصير، والشاعر بدر بورسلي ومنى فهد الطراروة، وأم فيصل الحمدان، ورزان الشطي ونهايــــة مــــرزوق الأذيــــنة، والطفل فهد عيسى البصيري، ومكية المولى، وعبدالعزيز الرشيد، ود.دلال الزبن والأديبة ليلى محــــمد صالح، ومحمد مبارك القبندي.
ووضعــــت البـــسام في نهايــــة الكــــتاب مجموعة من المراجع والمصادر التي استندت إليها.
وتحدثت في الختام عن جمعية الدفاع عن ضحايا الحرب برئاسة د.غانم النجار.
يــــقع الكـــــتـــاب في 230 صفحة مــــن الـــقــــطع المتـــوســـط، وقــــامــــت بالنــــشر مكــتـــبة الربيعان .