دردشة نهار صيفي

دردشة نهار صيفي

مرتدياً كتلة من الإرهاق الجسدي أو النفسي أو كليهما معاً...
تدخل عرينك أيها «الأسد» عَبر ممر ضيق ما بين الظهر والعصر، شق من نهار صيفي بالغ القسوة، فتلقي بجسدك على أول مقعد يعترضك، أو تعترضه أنت!
يغادرك رأسك إلى الوراء... تتنهّد بصعوبة ثم تبدأ عملية العدّ لأنفاسك، ما بين الشهيق والزفير، والذي يبدأ قوياً ولكن يدركه الضعف شيئاً فشيئاً علّه يُعبّد الطريق لنسمة أصفى من الصفاء ذاته، تحمل لك بعضاً من راحة، وتُشعرك بجناحي الفراشة تدغدغ وجنتيك فتهديها - أنت - آلامك... كل آلامك ممهورة بمشروع ابتسامة معلّقة. 
أيها المواطن العربي الجميل... هذه اللحظة - التي تعيشها اليوم - أنت لا تملكها لأنك مجرد رسول، وما عليك إلا أن تبادر بنقلها وتسليمها لمن ينتظرها... نعم... قدّم هذه اللحظة لمن ينتظرها.
إنهم شباب أمة العرب من المحيط إلى الخليج أينما يكونون وأينما نكون نحن. لقد آن الأوان لأن نتحوّل إلى «البيئة الحاضنة»، البيئة الدافعة والمشجعة، الآخذة باليد للصعود على عتبات صنعناها ونصنعها من الخزين من العلم والتجربة، تكوّنت من الفكر والعمل إنتاجاً يملأ اليوم خزائن الثراء ضمن صفحات مجلة العربي.

عودة إلى الوراء
مثلما أخذ الغرب من العرب، وما أنتجوه في الأندلس من علوم وطب ورياضيات وهندسة وفكر مستنير، أصبح علينا اليوم أن نلتفت تجاههم لنستردَّ بعضاً مما خسرناه، وسوف أرضى - شخصياً - ببعض من مسلكياتهم، وهو (اليوم) تبنّي الكبار للصغار ممن يختارون المسار ذاته. لقد استوقفتني قيمة جائزة لفتاة- عندهم - نشرت «حكاية» وحصلت على أعلى المبيعات في السوق، وكانت تلك خطوتها الأولى، فكانت الجائزة هي رعاية أحد الكتّاب الكبار لها لمدة عام كامل وإشرافه على عملها الثاني حتى يستقيم عودها.
بصراحة سمعت الخبر فترطّبت عيناي بدمع لا أدري من أين نبع... وتذكرت أستاذي الكبير في النقد د. محمد مندور - يرحمه الله - عندما أرسلني إلى الكاتب الكبير المرحوم يحيى حقي، إلى دار الكتب المصرية كي أجلس معه حتى أتعلم كيف أقدِّم نقداً لروايته الشهيرة «قنديل أم هاشم». لا أظن أن بيننا مَن ينكر أو يتنكّر أن حراكاً شبابياً يجتاح أجواء أمة العرب من المغرب حتى دول الخليج، ونحن الكبار لابد أن نمارس أدوارنا كدروع بشرية وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
شبابنا هم النسمة الباردة الصافية التي تعبر وجوهنا في كل يوم صيفي... هم النسمة المحمّلة بالإيجابية البنّاءة، فلا نهضة لأمة إلا بالصعود، وهم - الشباب - المناط بهم مسؤولية تشكيل الغد بما في ذلك بناء درجات الصعود التي نكوّن نحن لبناتها لتشكيل عتباتها. متى نجهر بالاعتراف ونواجه مهمتنا في رسم تاريخ هذه الأمة الغالية بحروف من عقول الأبناء والأحفاد؟
إن ما ينقل التراث إلى موقع الحضارة ليس مجرد التكدّس، ولكن حيوية البناء صعوداً إلى الحداثة ووصولاً إلى الإبداع ■