مشروع أوربي ينقب عن تاريخ العرب والمسلمين في أوربا بين الحربين العالميتين

جمعني حوار مع البروفيسور عمرو رياض، الأستاذ في جامعة أوتريخت الهولندية بمعهد البحوث للدراسات الفلسفية والدينية (OFR) - قسم الفلسفة والدراسات الدينية، تخصص الإسلام واللغة العربية. وبصفته رئيساً لمشروع بحثي في تاريخ العرب والمسلمين في أوربا فترة ما بين الحربين العالميتين (MIE)، ومدة المشروع خمس سنوات: 2014-2019 وبتمويل من مجلس البحوث الأوربي (ERC)، انعطف بنا الحوار إلى الحديث عن تاريخ العرب في أوربا والشخصيات العربية التي لعبت دوراً كبيراً بين الشرق والغرب بما لا يمكن أن يختزل باعتبارهم غرباء سلبيين تجاه ما يدور في أوربا والمناقشات الغربية الشرقية.
شخصيات كثيرة اختلف كثير حولها، وأنا أتذكر فلسفة بيتر هولوارد بأن إعادة التفكير في البحوث والدراسات التاريخية عادة ما تفصح عن جديد يجب أن يظل في صورة جديدة مؤقتة تظل أكثر توضيحاً وتحقـــيقاً حول أحداث الماضي وتساعد على فهم الماضي بصورة أوسع وأرحب إلى أن يستجد جديد آخر، فيضيف لهذه الصورة ما يزيد بريقها أو ما يطفئها.
من الشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً بين الشرق والغرب، زكي كرام (1886-1947)، الذي ولد في دمشق وبدأ حياته في دراسة العلوم العسكرية، ثم انتقل إلى اسطنبول ليكمل دراسته العسكرية، والتحق بالجيش العثماني قائداً لإحدى الكتائب العثمانية، ثم عين قائداً لقوات البدو في شبه جزيرة سيناء، وكانت مهمته مواجهة القوات البريطانية التي كانت تخطط للزحف على فلسطين، وأصيب في إحدى المواجهات العسكرية بطلق ناري في ساقه اليسرى نقل على إثره إلى برلين عام 1917، ليستكمل علاجه، وتم بتر ساقه اليسرى من القدم إلى ما فوق الركبة في أكتوبر 1919، ثم خرج من الخدمة العسكرية وأقام في برلين وتزوج واستقر بها، إلى أن وافته المنية في أحد المستشافي الأمريكية العسكرية في برلين سنة 1946.
نشاط ثقافي متنوع
تزوجه من ألمانية واستقراره في ألمانيا جعلاه ينفتح على الجانب الثقافي ويحتك به احتكاكاً كبيراً، وكتب زكي مقالات عدة في المجلات الألمانية المتخصصة واحتك ببعض المستشرقين وكاتب وهو في ألمانيا بعض الصحف العربية، وأهمها مجلة «المنار» التي كان يرأس تحريرها الشيخ رشيد رضا، وكان على علاقة وطيدة بكثير من الأعضاء المؤسسين للمؤتمر الإسلامي الأوربي الذي عقد بجنيف في سبتمبر سنة 1935 تحت رئاسة الأمير شكيب أرسلان، وإنتاجه الصحفي في الصحف الألمــانية لا يمكن أن يختزل باعتباره غريباً سلبياً تجاه ما يدور في ألمانيا وأوربا والمناقشات الشرقية العامة. تأملت رسالته لرشيد رضا وعمق بلاغته ورصانة أسلوبه بما يدلل على أنه مثقف وأديب أريب لا يقل أسلوبه عن أسلوب المنفلوطي أو المازني وغيرهما.