صور من تاريخ الإرهاب

صور من تاريخ الإرهاب

في‭ ‬حديثنا‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬سنتناول‭ ‬تاريخ‭ ‬الإرهاب‭ ‬السياسي،‭ ‬وهو‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬به‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬الاغتيال‭ ‬والاعتقال‭ ‬والتخريب‭ ‬والتعذيب،‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬مآرب‭ ‬ومكتسبات‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ومالية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإكراه‭.‬

شهد‭ ‬العالم‭ ‬ظهور‭ ‬حركات‭ ‬إرهابية‭ ‬ثورية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬كالجيش‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬اليابان،‭ ‬وبادر‭-‬ماينهوف‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬الغربية،‭ ‬والألوية‭ ‬الحمراء‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬تلك‭ ‬الحركات‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬حركات‭ ‬تحريرية‮»‬،‭ ‬وأطلق‭ ‬خصومها‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬حركات‭ ‬إرهابية‮»‬‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬القرن،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تناقلت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭ ‬أخبار‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬تتناقل‭ ‬اليوم‭ ‬أخبار‭ ‬اداعشب،‭ ‬وهو‭ ‬اختصار‭ ‬من‭ ‬الحروف‭ ‬الأولى‭ ‬لما‭ ‬أُطلق‭ ‬عليه‭ ‬االدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والشامب،‭ ‬كأكبر‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬وُلِدت‭ ‬من‭ ‬رَحِم‭ ‬االقاعدةب‭. ‬إنّها‭ ‬ليست‭ ‬مؤامرة،‭ ‬إنّها‭ ‬حدث‭ ‬يتكرر‭ ‬لمرض‭ ‬متعثر،‭ ‬لا‭ ‬حلّ‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬التفقه‭ ‬بالتاريخ،‭ ‬وقراءة‭ ‬النصوص‭ ‬التاريخية‭ ‬وفهمها‭ ‬بروح‭ ‬عصرها،‭ ‬لا‭ ‬بروح‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬مع‭ ‬دراسة‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لذاك‭ ‬العصر‭. ‬

يستلهم‭ ‬قارئ‭ ‬التاريخ‭ ‬عبرة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬يجد‭ ‬نصاً‭ ‬أو‭ ‬دليلاً‭ ‬يبرر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتبار‭ ‬النظري‭ ‬المضطرب،‭ ‬أما‭ ‬المتفقه‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬فإنّه‭ ‬يبصر‭ ‬ما‭ ‬خلف‭ ‬السطور‭ ‬وما‭ ‬وراء‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬والأسباب،‭ ‬فيفسر‭ ‬إشكالية‭ ‬الأحداث،‭ ‬ليستوعب‭ ‬حجم‭ ‬الظاهرة،‭ ‬وليس‭ ‬شكلها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السطح‭ ‬المعروض،‭ ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يستلهم‭ ‬الحلول‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يتشابه‭ ‬من‭ ‬مجريات‭ ‬في‭ ‬حوادث‭ ‬أخرى‭ ‬سابقة‭ ‬تنطبق‭ ‬عليها‭ ‬السمات‭ ‬نفسها‭. ‬إن‭ ‬للحقيقة‭ ‬وجوهاً‭ ‬عدة،‭ ‬فكلٌّ‭ ‬يرى‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬نافذته‭. ‬وعبر‭ ‬عصور‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬شهدت‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬إرهاباً‭ ‬وتخويفاً،‭ ‬من‭ ‬أعدائها‭ ‬حيناً،‭ ‬ومن‭ ‬لصوص‭ ‬وعصابات‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬قطع‭ ‬الطرق‭ ‬وتخويف‭ ‬الآمنين‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بقصد‭ ‬السرقة‭ ‬والطمع‭ ‬بالمال،‭ ‬كما‭ ‬أن‭  ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬عانت‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامي‭ ‬ترويعاً‭ ‬أقلق‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أقلق‭ ‬الناس،‭ ‬بدءاً‭ ‬بالردة‭ ‬وحتى‭ ‬ظهور‭ ‬الخوارج‭. ‬

إنّ‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يتميزون‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬بالأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬والورع‭ ‬والتقوى‭ ‬وحفظ‭ ‬الدين‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كانوا‭ ‬ذوي‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬والسياسة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعلهم‭ ‬بناة‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬رسول
الله‭ ‬‭. ‬ويَعجب‭ ‬المرء‭ ‬وهو‭ ‬يحلل‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬ثوب‭ ‬الخلافة‭ ‬مفصلاً‭ ‬على‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬تفوقه،‭ ‬في‭ ‬حلّ‭ ‬الأزمات‭ ‬وإدارتها،‭ ‬فعِلْم‭ ‬
أبي‭ ‬بكر‭ ‬الصديق‭ ‬‭  ‬بأصول‭ ‬القبائل‭ ‬وأنسابها‭ ‬جعله‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬حلِّ‭ ‬أزمة‭ ‬ردّة‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬عن‭ ‬إيتاء‭ ‬الزكاة،‭ ‬وعن‭ ‬تجمعات‭ ‬قبائل‭ ‬البدو‭ ‬العشوائية‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بهدف‭ ‬المطالبة‭ ‬بما‭ ‬اعتقدوا‭ ‬بأنّه‭ ‬اإرث‭ ‬النبيب‭ ‬‭ ‬لهم‭. ‬نعم،‭ ‬كان‭ ‬البدو‭ ‬يأملون‭ ‬أن‭ ‬توزع‭ ‬عليهم‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬خزانة‭ ‬الدولة،‭ ‬فوفدوا‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭ ‬زرافات‭ ‬حتى‭ ‬اكتظت‭ ‬بهم‭ ‬وضاقت‭. ‬هنالك،‭ ‬قام‭ ‬أبوبكر‭ ‬الصديق‭ ‬‭ ‬بتجنيدهم‭ ‬ضد‭ ‬الممتنعين‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬الزكاة،‭ ‬ووعدهم‭ ‬بالأرزاق‭ ‬عند‭ ‬النصر‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬شقّ‭ ‬أبوبكر‭ ‬‭ ‬صفوف‭ ‬قبائل‭ ‬المرتدين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإقناع‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬حلفائهم‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬يربطها‭ ‬والمرتدين‭ ‬رابط‭ ‬المصاهرة‭ ‬أو‭ ‬النسب‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تداعت‭ ‬قوى‭ ‬المرتدين،‭ ‬بدأ‭ ‬الخليفة‭ ‬بإعادتهم‭ ‬إلى‭ ‬حظيرة‭ ‬الدولة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بالإقناع‭ ‬بتوقيع‭ ‬العهود‭ ‬أو‭ ‬بالإخضاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شنّ‭ ‬الحرب‭ ‬عليهم‭. ‬عالج‭ ‬أبوبكر‭ ‬الصديق‭ ‬‭ ‬أزمة‭ ‬الردة‭ ‬بعقل‭ ‬راجح‭ ‬ونية‭ ‬صادقة‭ ‬في‭ ‬رأب‭ ‬صدع‭ ‬الشقاق‭ ‬بين‭ ‬عناصر‭ ‬الأمة‭. ‬وأتى‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬‭  ‬باني‭ ‬النظام‭ ‬المؤسسي‭ ‬للدولة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بدئه‭ ‬بتشكيل‭ ‬نظام‭ ‬الدواوين،‭ ‬وهي‭ ‬الهيئات‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بتنظيم‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬كالجيش‭ ‬والقضاء‭ ‬والحسبة‭. ‬

 

من‭ ‬المجاعة‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬المترفين‭ ‬ثم‭ ‬الفتنة

واجهت‭ ‬الدولة‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬الفتن‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المجاعة،‭ ‬التي‭ ‬عانى‭ ‬المسلمون‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬الرمادة،‭ ‬ولولا‭ ‬حكمة‭ ‬القائد‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬‭ ‬في‭ ‬سَنّ‭ ‬القوانين‭ ‬وإيقاف‭ ‬بعض‭ ‬الأحكام‭ ‬لما‭ ‬استمرت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم‭. ‬إنّ‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬يُعيي‭ ‬أصحاب‭ ‬النفوس‭ ‬الضعيفة،‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬احترفوا‭ ‬الحيلة‭ ‬لنيل‭ ‬أغراضهم،‭ ‬فكانت‭ ‬المؤامرة‭ ‬باغتيال‭ ‬الخليفة‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬عند‭ ‬أدائه‭ ‬الصلاة‭. ‬وتتابع‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭ ‬سردها‭ ‬لتحكي‭ ‬لنا‭ ‬مدى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬رخاء‭ ‬ورفاهية‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬عفان‭ ‬،‭ ‬لتؤكد‭ ‬لنا‭ ‬الروايات‭ ‬قدرة‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فيها‭ ‬فقير‭ ‬أو‭ ‬محتاج‭ ‬إلا‭ ‬وكفله‭ ‬بيت‭ ‬مال‭ ‬المسلمين‭. ‬ذلك‭ ‬الرخاء‭ ‬وتلك‭ ‬الرفاهية‭ ‬أديا‭ ‬إلى‭ ‬تقاعس‭ ‬قسم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفاتحين‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬الدولة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدا‭ ‬بالخليفة‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬عطاءات‭ ‬المهاجرين‭ ‬والأنصار‭ ‬من‭ ‬سهميهما‭ ‬من‭ ‬الفيء‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الفتوحات‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬قرار‭ ‬الخليفة‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬المترفين‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬الفتنة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬اغتياله‭. ‬وفي‭ ‬عهد‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ ‬‭ ‬،‭ ‬بدأت‭ ‬الفتن‭ ‬تأخذ‭ ‬طابعاً‭ ‬مختلفاً،‭ ‬طابعاً‭ ‬سياسياً،‭ ‬أكثر‭ ‬عنفاً‭ ‬وأكثر‭ ‬شراسة‭. ‬لقد‭ ‬اتفق‭ ‬أهل‭ ‬الحلّ‭ ‬والعقد‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإسلام،‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الرسول‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬واضح‭ ‬ومحدد،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ (‬الخليفة‭) ‬قرشياً‭ ‬مهاجراً‭. ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬الأنصار‭ ‬ومن‭ ‬بعدهم‭ ‬بقية‭ ‬القبائل‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬الإسلام‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬الدعوة‭ ‬الإسلامية‭. ‬

ولاقى‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الرضا‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬وكان‭ ‬أولهم‭ ‬الأنصار‭ ‬من‭ ‬الأوس‭ ‬والخزرج‭ ‬وقبيلة‭ ‬بني‭ ‬أسلم‭. ‬وإجرائياً،‭ ‬اتفق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الخليفة‭ ‬مختاراً‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬اأهل‭ ‬الحلّ‭ ‬والعقدب،‭ ‬وهم‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬صحابة‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬ممن‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وعُرف‭ ‬عنهم‭ ‬العدل‭ ‬والورع‭ ‬والحكمة‭ ‬والفضل‭ ‬والرئاسة،‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬بيعة‭ ‬الجماعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لهذا‭ ‬الخليفة،‭ ‬فتُقَرّ‭ ‬له‭ ‬البيعة‭ ‬بالخلافة‭. ‬هكذا‭ ‬مضت‭ ‬سنّة‭ ‬الخلافة‭ ‬الراشدة،‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬إجراءات‭ ‬اختيار‭ ‬الخليفة‭ ‬من‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬علي‭ ‬‭ . ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬الطامعين‭ ‬في‭ ‬الرئاسة‭ ‬من‭ ‬تبيان‭ ‬رأيهم‭ ‬المناهض‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬اختيار‭ ‬الخليفة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬الخوارج‭ ‬إلى‭ ‬التصريح‭ ‬بكفاءة‭ ‬كلّ‭ ‬مسلم‭ ‬مرضيٍّ‭ ‬عن‭ ‬عقله‭ ‬ودينه‭ ‬وتقواه‭ ‬لأن‭ ‬يرتقي‭ ‬سدّة‭ ‬الخلافة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬عندهم‭ ‬بين‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬أعجمي،‭ ‬حرّ‭ ‬أو‭ ‬عبد،‭ ‬وجاوز‭ ‬بعضهم‭ ‬ذلك‭ ‬بإقرار‭ ‬حقّ‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحُكم‭. ‬

ولاقت‭ ‬دعوة‭ ‬الخوارج‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬قبولاً‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬العربية،‭ ‬لما‭ ‬طرحته‭ ‬من‭ ‬آراء‭ ‬تبدو‭ ‬منطقية،‭ ‬حين‭ ‬فُسّرت‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬الدينية‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬واقعها‭ ‬الذي‭ ‬بُنيت‭ ‬عليه‭. ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬الأمر،‭ ‬فقد‭ ‬التحق‭ ‬بجموع‭ ‬أولئك‭ ‬الخوارج‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدهماء‭ ‬الذين‭ ‬شكلوا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬جيوشاً‭ ‬سُيرت‭ ‬لإخضاع‭ ‬القرى‭ ‬النائية‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح،‭ ‬فحدثت‭ ‬مذابح‭ ‬وجرائم‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬المؤرخون‭ ‬في‭ ‬كتبهم‭. ‬إنّ‭ ‬إشكالية‭ ‬وعي‭ ‬المفاهيم‭ ‬عند‭ ‬الخوارج‭ ‬جعلتهم‭ ‬يضلون‭ ‬عن‭ ‬سبيل‭ ‬الحقّ‭ ‬وهم‭ ‬يحسبون‭ ‬أنّهم‭ ‬يحسنون‭ ‬صنعاً،‭ ‬فأرهبوا‭ ‬جموعاً‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬بقصد‭ ‬هدايتهم‭ ‬وردهم‭ ‬إلى‭ ‬سواء‭ ‬السبيل‭. ‬ووصل‭ ‬بهم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قَتََلوا‭ ‬الآمنين‭ ‬من‭ ‬الشيوخ‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وبقروا‭ ‬بطون‭ ‬النساء‭ ‬الحوامل،‭  ‬وقالوا‭: ‬الا‭ ‬يلد‭ ‬الكافرُ‭ ‬إلا‭ ‬كافراًب‭!. ‬وعن‭ ‬هذا‭ ‬يورد‭ ‬المبرّد‭ ‬في‭ ‬االكامل‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬والأدبب‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬أخبارهم‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬آرائهم،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تقرأها‭ ‬حتى‭ ‬ترى‭ ‬أنّك‭ ‬تطوف‭ ‬بالأحداث‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وتشتيت‭ ‬للآمنين‭ ‬في‭ ‬ديار‭ ‬الإسلام،‭ ‬ولسان‭ ‬حالك‭ ‬يقول‭: ‬ما‭ ‬أشبه‭ ‬الليلة‭ ‬بالبارحة‭. ‬والغريب،‭ ‬عند‭ ‬مقارنة‭ ‬الأحداث،‭ ‬أنّ‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬فيها‭ ‬أحداث‭ ‬الماضي‭ ‬هي‭ ‬المناطق‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بها‭ ‬أحداث‭ ‬اليوم‭... ‬العراق‭ ‬والشام‭ ‬واليمن‭. ‬فهل‭ ‬من‭ ‬مزيد؟‭ ‬نعم‭! ‬االاغتيالات‭ ‬السياسيةب‭ ‬التي‭ ‬ابتدعها‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬ابتدعها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الإسلام‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬النزارية‭ ‬بقيادة‭ ‬الحسن‭ ‬الصبّاح‭ (‬ت‭ ‬518هـ‭/‬1124م‭)‬،‭ ‬فكانت‭ ‬البذرة‭ ‬الأولى‭ ‬للإرهاب‭ ‬السياسي،‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تحول‭ ‬فيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفدائيون‭ ‬إلى‭ ‬مرتزقة،‭ ‬يجندهم‭ ‬الداعي‭ ‬الإسماعيلي،‭ ‬وترتكب‭ ‬من‭ ‬خلالهم‭ ‬المذابح‭ ‬والاغتيالات‭ ‬للشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬مثل‭ ‬الوزير‭ ‬السلجوقي‭ ‬نظام‭ ‬المُلك‭ ‬عام‭ ‬485هـ‭/‬1092م،‭ ‬وقاضي‭ ‬أصفهان‭ ‬عبيدالله‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬عام‭ ‬502هـ‭/‬1122م،‭ ‬وآغا‭ ‬سنجر‭ ‬صاحب‭ ‬الموصل‭ ‬عام‭ ‬520هـ‭/‬1126م،‭ ‬وشيخ‭ ‬الشافعية‭ ‬عبداللطيف‭ ‬الخجندي‭ ‬عام‭ ‬523هـ‭/‬1129م،‭ ‬والخليفة‭ ‬العباسي‭ ‬المسترشد‭ ‬بالله‭ ‬عام‭ ‬529هـ‭/‬1135م‭. ‬وبعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأحداث،‭ ‬انتقلت‭ ‬قيادة‭ ‬الدعوة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬من‭ ‬قلعة‭ ‬آلموت‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الشام،‭ ‬وتحصنوا‭ ‬في‭ ‬قلاع‭ ‬عدة،‭ ‬أهمها‭ ‬شيزر‭ ‬وبنياس‭ (‬قلعة‭ ‬تسمى‭ ‬اليوم‭ ‬قلعة‭ ‬النمرود‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬الداعي‭ ‬راشد‭ ‬الدين‭ ‬سنان‭ (‬ت‭ ‬588هـ‭/‬1192م‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬قلاع‭ ‬عدة،‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬قلعة‭ ‬مصياف‭. ‬

بلغت‭ ‬شهرة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬النزارية‭ ‬في‭ ‬الشام‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬عند‭ ‬القادة‭ ‬والساسة،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أساليبهم‭ ‬المختلفة‭ ‬بالتنكر‭ ‬والاغتيال،‭ ‬حتى‭ ‬إنّ‭ ‬االفداويب‭ ‬منهم‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يأبه‭ ‬إلا‭ ‬بالانتحار،‭ ‬طاعة‭ ‬عمياء‭ ‬لداعيه‭ ‬ومرشده،‭ ‬بهدف‭ ‬الشهادة‭ ‬ودخول‭ ‬الجنّة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حساب‭. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬أمانيهم،‭ ‬فهي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تربت‭ ‬عليها‭ ‬أجيال‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬دعوتهم،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬التضحية‭ ‬بالنفس‭ ‬رخيصة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تَربُّوا‭ ‬عليه‭ ‬إيماناً‭ ‬منهم‭ ‬واعتقاداً‭. ‬وعندما‭ ‬مر‭ ‬ماركو‭ ‬بولو‭ ‬بالشام‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬عبر‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬سجّل‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬قلاع‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬النزارية،‭ ‬وتوهّم‭ ‬أنّ‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬التضحية‭ ‬بالنفس‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬فقدان‭ ‬العقل‭ ‬بتعاطي‭ ‬المخدّر،‭ ‬الذي‭ ‬اشتهر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬باسم‭ ‬االحشيشب،‭ ‬فلقبهم‭ ‬بالحشاشين،‭ ‬لينتشر‭ ‬هذا‭ ‬اللقب‭ ‬تاريخياً‭ ‬ويترادف‭ ‬وصفاً‭ ‬مع‭ ‬مصطلح‭ ‬االمغتالينب‭  Assassins،‭ ‬حيث‭ ‬يزعم‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬أنها‭ ‬تحدرت‭ ‬لغوياً‭ ‬من‭ ‬الكلمة‭ ‬العربية‭ ‬احشاشينب‭ ‬Hashashin،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬آنذاك‭ ‬تستعين‭ ‬بهم‭ ‬لاغتيال‭ ‬المناوئين‭ ‬لها،‭ ‬فأصبح‭ ‬الفداويون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مرتزقة،‭ ‬وباعوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬لتجار‭ ‬السياسة‭ ‬والحرب‭. ‬ومهما‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬أمر،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬أنّ‭ ‬النموذج‭ ‬التاريخي‭ ‬لمثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬يتكرر،‭ ‬ويتكرر‭ ‬استخدامهم‭ ‬في‭ ‬زعزعة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها‭ ‬الآمنة‭ ‬بقصد‭ ‬تخويفها‭ ‬وإرهابها،‭ ‬ثم‭ ‬إضعافها‭ ‬وقهرها‭ ‬بهدف‭ ‬كسرها‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬مقدراتها‭. ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنّ‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬اليوم‭ ‬تستخدم‭ ‬الشباب‭ ‬المقهور‭ ‬اجتماعياً‭ ‬لتحقيق‭ ‬مآربها،‭ ‬فتدفع‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬التهلكة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمنيهم‭ ‬بالنعيم‭ ‬في‭ ‬الآخرة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬قياداتهم‭ ‬للنصوص‭ ‬الدينية،‭ ‬كذباً‭ ‬وتحريفاً‭. ‬إننا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نئد‭ ‬الفتنة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬بأنواعه‭ ‬وأشكاله،‭ ‬وتشريع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تتوافق‭ ‬وروح‭ ‬الحياة‭ ‬المتمدنة‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬الغبن‭ ‬والجهل‭ ‬والجوع‭ ‬والاستعباد،‭ ‬وفتح‭ ‬باب‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة‭ ‬بأسلوب‭ ‬عصري‭ ‬متحضر‭ ‬يقوده‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬المخلصين‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمعلمين‭ ‬بهدف‭ ‬نشر‭ ‬المحبة‭ ‬والسلام،‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬بين‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والعالمي‭. ‬

 

تطوير‭ ‬لا‭ ‬تغيير

إنّ‭ ‬ضرورة‭ ‬تطوير‭ -‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬تغيير‭- ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬والسياسي‭ ‬باتت‭ ‬ملحّة،‭ ‬ليغدو‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬سبيلاً‭ ‬لحياة‭ ‬أفضل،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تُطوّع‭ ‬الحياة‭ ‬لماضٍ‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬التراثية‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬شكلاً‭ ‬دينياً،‭ ‬فلا‭ ‬السبي‭ ‬أو‭ ‬الفيء‭ ‬أو‭ ‬الغنائم‭ ‬قد‭ ‬أصبح‭ ‬مشروعاً‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقوانين‭ ‬العالمية،‭ ‬ولا‭ ‬اغتصاب‭ ‬الروح‭ ‬أو‭ ‬الأرض‭ ‬أو‭ ‬العرض‭ ‬أو‭ ‬المال‭ ‬حِلٌّ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شريعة‭ ‬أو‭ ‬قانون‭. ‬إنّ‭ ‬القانون‭ ‬الأزلي‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬الإنسان‭ ‬به‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬فضائل‭ ‬الأخلاق‭. ‬وبمثل‭ ‬ذلك،‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬وأقرب‭ ‬إلى‭ ‬الصدق‭ ‬في‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وزرع‭ ‬الأمل،‭ ‬لا‭ ‬أنْ‭ ‬يبيع‭ ‬الآمال‭ ‬كأمطار‭ ‬سحابات‭ ‬خفاف،‭ ‬فتعود‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬سوئها‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬فتحبط‭ ‬بذلك‭ ‬طموحات‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والعطاء‭. ‬ولعل‭ ‬إحساس‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬بالأمن‭ ‬يجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفاعل‭ ‬والإبداع‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة،‭ ‬لتتفكر‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬الدنيا‭ ‬تفكيراً‭ ‬عملياً‭ ‬بناء،‭ ‬وتدخر‭ ‬فضائل‭ ‬أعمالها‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إعمار‭ ‬الأرض‭ ‬وإحياء‭ ‬الناس،‭ ‬فيكون‭ ‬لها‭ ‬الأجر‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬الأجر‭ ‬العظيم‭ >‬