تايوان... سماء زرقاء وشمس بيضاء

هذه واحدة من أغرب دول العالم من زاوية حضورها وشهرتها العالمية، ومصدر الغرابة هو أن تايوان تأتيك ولا تذهب لها، لأنها دخلت البيوت وقواميس لغات العالم كمفردة تدل على البضاعة البديلة التي تحقق الغرض ذاته، ولكن بثمن يحنو على جيوب المسحوقين، وهم السواد الأعظم الذي يغطي أرجاء المعمورة، ورغم تلك الشهرة، لا تحظى تايوان بنصيب جاراتها نفسه من الزوار.
تايوان الجزيرة... انطلقت منذ منتصف القرن الماضي في سباق مع الزمن لتحقيق نهضتها ونموذجها الاقتصادي الذي اشتهر بالمعجزة التايوانية جنباً إلى جنب بقية النمور الآسيوية الصاعدة، وقد أدركت بخصوصيتها الجغرافية والسياسية أن تعزيز قواها الناعمة و«تشبيك» نفسها في حركة الاقتصاد العالمي هما السلاح الأمضى الذي سيحمي وجودها من الاندثار بين قوى اقتصادية إقليمية لا تعرف التثاؤب ومتغيرات دولية لا ترحم الضعيف.
قفزة إلى الجنوب
هذه الجزيرة المستطيلة، التي توازي بمساحتها مساحة هولندا، تقع في جنوب شرقي آسيا في المحيط الهادي، ويفصلها عن الصين مضيق فورموزا، والمسافة بينهما تبلغ 140 كيلومترا. ويبلغ طول تايوان 395 كيلومتراً من الشمال إلى الجنوب، وعرضها 144 كيلومتراً من الشرق إلى الغرب، وتشغل المرتفعات التي تتركز في الجانب الشرقي من البلاد نصف مساحة البلاد، وهي عبارة عن أربع سلاسل جبلية يبلغ ارتفاع معظمها 3500 متر، ومنها تتفجر معظم الأنهار الكبيرة.
ويسهل التنقل أو القفز في تايوان (23 مليون نسمة تقريباً) من مكان لآخر لسرعة وتنوع وسائل المواصلات فيها، لذا لم يكن مستغرباً أن تبدأ رحلتنا بالقطار السريع باتجاه الجنوب وتحديداً لمدينة كاوهسيونغ (مليونان و750 ألف نسمة تقريباً)، ونترك العاصمة تايبيه ليوم واحد ثم نعود لها مجدداً.
كان الهدف الرئيس من رحلة الجنوب هو زيارة ميناء المدينة للاطلاع عن قرب على قدرة تايوان في التجارة البحرية، سواء من عمليات الشحن وتخزين البضائع أو حجم الطاقة الاستيعابية في التعامل مع السفن بمختلف أشكالها، تحميلاً أو تفريغاً، وأخيراً مساحة التبادل التجاري مع العالم الخارجي، كما اشتملت الرحلة على زيارة إحدى المنشآت المعنية بتطوير وإنتاج الروبوتات المتعددة الأشكال والاستعمالات، ولقد شهدنا عرضاً حياً لنوع من الروبوتات يستخدم عبر جهاز التحكم عن بعد في التعامل مع القنابل الموقوتة وإطلاق النار في حالة الاشتباك مع الخارجين على القانون.
ويمكن لأمثلة محدودة أن تلخص الدور الخفي الذي تلعبه بعض الصناعات التايوانية في السوق العالمية، مثل شركة باي لنج، التي تعد ثالث أكبر شركة ماكينات حياكة في العالم، وتمتلك نسبة 12 في المائة من سوق مبيعات ماكينات الحياكة، وتنتج شركة تي إكس سي التايوانية وحدات كريستال الكوارتز ومنتجات التحكم في التردد عالية الدقة، وهي تستعمل على نطاق واسع في صناعة أجهزة الشبكات والهواتف المحمولة والحواسب الشخصية وغيرها من تلك الأجهزة، وتعمل تلك الأجزاء الدقيقة مثل قائد الأوكسترا الذي ينظم عمل وظائف العازفين لتخرج بأفضل أداء.
وفي عام 2013م، حصلت تايوان على 12118 براءة اختراع، ووفقاً لتقرير التنافسية العالمية لمنتدى الاقتصاد العالمي 2013 ذ 2014، تم تصنيف تايوان الثامنة في مجال الابتكار.
اليوم الأزرق اليتيم
العنوان الرئيس اسماء زرقاء وشمس بيضاءب مأخوذ من النشيد الوطني التايواني، ومن خلال رحلتي التي لم تتجاوز الأسبوع، لا أذكر أني شهدت في تايوان سماء زرقاء سوى ليوم واحد، كان لحسن الحظ سخياً على عدستي التي التهمت كل ما يمكنه التعبير عن جمال تايوان ويعكس تطورها العمراني، أما الشمس البيضاء، فاكتفت بإنارة أيامنا المليئة بالأمطار الرهيمة والطقس المعتدل.
الشمس ضرورية في عملنا لرؤية التفاصيل ونسخ ما نراه على الورق كي تتوازن الصورة مع الكلمة، لا بل تتجاوزها إن لزم الأمر، قياساً على مقولة إن الصورة بألف كلمة. القلق, هذا ما شعرت به والمصعد الصاروخي يندفع بنا بسرعة 122 متر في الدقيقة داخل ناطحة السحاب اتايبيه 101ب أو مركز تايبيه المالي في منطقة شينيي، ليس بسبب السرعة الجنونية التي أوصلتنا لقمة الناطحة في نصف دقيقة، ولكن خشية رحيل الشمس قبل أن نتمكن من رؤية معالم العاصمة تايبيه من فوق رابع أطول برج في العالم، بعد برج خليفة في دبي، وأبراج البيت في مكة المكرمة، وبرج الحرية في نيويورك.
انشق باب المصعد وتدفقت مع مجموعتي بقوة الفضول لرؤية تايبيه المشمسة، قادنا المرشدون لصعود سلم أخير يوصلنا إلى سطح نصف دائري مخصص للتصوير وقضاء بعض الوقت، تفرقنا كل يبحث عن زاوية مناسبة للصور الفردية والجماعية، أما أنا، فدسست عنق عدستي بين أعمدة الحماية لألتقط الصورة البانورامية لكل مساحة أنارتها أشعة الشمس البيضاء وهي تخترق ستارة الغيوم الكثيفة لتكشف عن مشاهد جميلة لا تنسى.
الاسم والجذور
العالم يعرف الاسم الأكثر شيوعاً للصين وهو االصينب فقط من دون إضافات، ولكن الاقتراب من التفاصيل يعني أننا فتحنا نافذة على التاريخ، وسنجد فيه أكثر من صين، وطنية وشعبية وحرة وجميعها أسماء نحتتها الأحداث والصراعات السياسية والعسكرية المهمة التي وقعت خلال القرن الماضي.
برز اسم جمهورية الصين للمرة الأولى على الساحة الدولية عام 1911م، بعد أن أنهت الحكم الإمبراطوري، الذي استمر في الصين لألفي عام، وحكم آخر سلالة ضمن ذلك السياق، وهي أسرة اتشينغب، واستعمل الاسم المختصر وهو الصين أو ازونغ ووب باللغة الصينية بصورة رسمية في المحافل الدولية. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م، كانت الصين واحدة من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة، وأحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.
لم تستقر الأوضاع لـاالكوميتانغب وهو الحزب الوطني الصيني الحاكم في بكين، وسرعان ما نشبت الحرب الأهلية مع الحزب الشيوعي الصيني, لتنتهي بوصول الشيوعيين لبكين عام 1949م وانتقال الحكومة الوطنية في السابع من ديسمبر عام 1949م إلى جزيرة تايوان وتأسيس تايبيه لتكون عاصمة مؤقتة للبلاد.
نجم عن ذلك التحول ظهور اسم جديد للصين هو جمهورية الصين الشعبية وعاصمتها بكين، وهي التي تسيطر على معظم أجزاء البر الصيني، وجمهورية الصين الوطنية وعاصمتها تايبيه، وهي التي كانت تملك مقعد الصين في مجلس الأمن حتى عام 1971م، وتحظى باعتراف 23 دولة فقط تتبادل علاقات دبلوماسية رسمية مع جمهورية الصين أو تايوان، لأن بكين ترفض أن تقيم أي علاقات دبلوماسية مع أي دولة تعترف بتايبيه، لكن الأخيرة وعن طريق امكاتب التمثيل الاقتصادي والثقافيب، تجاوزت تلك العقبة التي تتشابك فيها المصالح الدولية، وحققت وجودها بصورة غير مباشرة، وفي السياق نفسه ابتكرت تايوان عام 1992م اسم تايبيه الصينية، كي تتمكن من المشاركة في المحافل والمنظمات والأحداث الدولية مثل دورة الألعاب الأولمبية، لكن جهودها لم تثمر كثيراً في ظل الاعتراضات الشديدة من قبل بكين، التي تتبع سياسة االصين الواحدةب، وأبرز ما تحقق هو عضوية بصفة مراقب في منظمة الصحة العالمية.
وطغت أهمية وطبيعة العلاقة بين بكين وتايبيه على معظم أحاديث المسؤولين الذين التقينا بهم في تايوان، وربما لعبت السياسة دوراً كبيراً في تعقيد العلاقة بين الطرفين، لكن لغة المصالح وإرثاً لا يستهان به من التقاليد الصينية عملاً على إبقاء الأوضاع بينهما مستقرة.
نائب رئيس مجلس شؤون البر الرئيس الدكتور تشو تشيا لين (البر الرئيس هنا يعني الصين الكبرى) قال لنا بكل صراحة: انحن في تايوان اقتصادنا صغير ونحتاج إلى تعزيز علاقاتنا الدولية، ونظراً لحساسية علاقتنا مع الصين (البر الرئيس)، فقد تم الحرص على بقاء الوضع بين الطرفين بارداً!ب.
وسلّط الدكتور لين الضوء على نوافذ جديدة في العلاقات مع الصين، فتحت خلال االوضع الباردب، تمثل في تسيير رحلات جوية مباشرة بين بكين وتايبيه من حصيلتها زيارة خمسة ملايين ومائتي ألف تايواني للصين، وزيارة مليونين وثمانمائة ألف صيني لتايوان، كما حدث تطور لافت للمرة الأولى منذ عقود، تمثل في قيام مسؤولين من كلا الطرفين بتبادل الزيارات الرسمية.
الدكتور لين ختم حديثه بمعلومة غير متوقعة، إذ قال اإن المنافس الأول لنا في مجال الصناعات هو كوريا الجنوبيةب... شخصياً كنت أتوقع إجابة مختلفة.
لا للبقاء على الهامش
تايوان بلد صناعي نابض بالحركة غزا العالم بعلامته الذائعة الصيت اصنع في تايوانب، نجدها على الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية وسلسلة لا تنتهي من الحاجيات، وفي لقاء مع نائبة وزير الخارجية التايوانية فانيسا يو بي شي، أكدت أن حكومة بلادها تقوم بمساعدة الشركات المحلية في جذب الأسواق الخارجية وتحسين صورة العلامة التجارية التايوانية من خلال المعارض التجارية في الخارج والعروض المستهدفة، وكذلك جذب الاستثمارات من الشركات الأجنبية والمحلية.
وأوضحت فانيسا أن المنطقة التجارية التجريبية الحرة (FEPZs) تعتبر بنداً رئيساً وحيوياً من شأنه أن يضيف الحيوية لاقتصاد تايوان ولدول آسيا والمحيط الهادي وبقية دول العالم.
وتتلخص سياسة المنطقة التجارية الاقتصادية الحرة التجريبية، التي بدأت في عام 2008م، في توسيع علاقات تايوان الثقافية والاقتصادية والتجارية مع جميع شركائها في العالم وعلى أساس من الاستقلالية والمرونة، ويستطيع حامل جواز السفر التايواني الدخول لأكثر من 140 دولة وإقليم حول العالم، كما تم إبرام اتفاقية العمل خلال العطل مع 12 دولة، مثل أستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة، يتم بموجبها السماح للشباب التايواني بالسفر لتلك الدول للعمل المؤقت والتعرف إلى ثقافات وعادات جديدة.
وفي العام الماضي 2014م، تم استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة ضمن اتفاقية التجارة والاستثمار المشتركة، وتم التوصل إلى اتفاقية مصائد الأسماك التاريخية مع اليابان، ووقعت اتفاقية التعاون الاقتصادي مع نيوزيلندا وسنغافورة.
وأوضحت فانيسا أن حكومة تايوان ستظل مقتنعة بأن الاستقرار والازدهار في المنطقة لن يتم تعزيزهما إلا من خلال الاتجاه الحالي نحو المزيد من التكامل في الاقتصاد الإقليمي، ومضاعفة الجهود نحو المزيد من تحرير الاقتصاد التايواني، للتأكد من أنه لم يتم تركها على هامش هذه العملية، وهذا يحتم على تايوان الانضمام إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي والشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية.
وختمت نائبة وزير الخارجية التايوانية حديثها بالتأكيد على أن خلق المناطق الاقتصادية الحرة التجريبية هو أفضل طريقة لتحقيق هدف تحرير الاقتصاد، مع إصلاح اللوائح المتعلقة بسهولة انتقال رؤوس الأموال والعمل والخدمات اللوجستية، وهو ما يصب بالنهاية في خانة تنمية الصناعات الست، وهي: الابتكار والتعليم، والخدمات المالية، والخدمات اللوجستية الذكية والصحة الدولية، إضافة إلى الزراعة، وهذا الطريق تسير فيه تايوان لتعزيز قدراتها التنافسية وتمكينها في نهاية المطاف كي تصبح جزيرة اقتصادية حرة.
يبدو أن مصطلح اأبطال في الخفاءب، الذي أطلقه الأكاديمي والمفكر الألماني في علوم الإدارة هيرمان سايمون على الشركات قليلة الانتشار، التي تركز على تطوير التكنولوجيا في مجالات مهمة ومحددة وفريدة من نوعها، قد راق للتايوانيين لوصف حالة أكثر من مليون وثلاثمائة ألف منشأة متوسطة وصغيرة الحجم تعمل لديهم في كل مجال تقريباً، مثل الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة والحاسبات الشخصية والمعدات الطبية، وهي تشغل مساحة 97 في المائة من إجمالي حجم الأعمال في تايوان، وتستحوذ على 78 في المائة من القوى العاملة، وتنخرط تلك الشركات في علاقات تكافلية لتعويض صغر حجمها ومحدودية مواردها، تجعلها قادرة ككتلة واحدة على مواجهة التكتلات الصناعية الكبرى في اليابان وكوريا الجنوبية والصين.
ورأى هيرمان أن تلك الشركات التي عادة تكون متوسطة وصغيرة الحجم قائدة للسوق العالمي.
«الله أكبر» في تايوان
في منطقة دان بالعاصمة تايبيه، يقع في شارع ييشوي أكبر وأقدم مسجد للمسلمين في تايوان، وهو مسجد تايبيه الكبير، الذي قمنا بزيارته ضمن برنامج رحلتنا لتوثيق لمحة من الوجود الإسلامي في هذا الشطر من العالم.
كان الاستدلال على موقع المسجد بواسطة الخرائط المطوية أيسر بكثير من السؤال المباشر، فلا المكان مشهور ولا الشرح أسعفني... الخريطة وحدها أنقذتني، ولأن مسجد تايبيه الكبير مسجل كأحد معالم مدينة تايبيه منذ عام 1999م من قبل حكومة المدينة، فقد أخذ المسجد شكله المميز في الخريطة وهو ما جعل سائق سيارة الأجرة يصل بي إلى هناك بسهولة.
تكاد واجهة المسجد لا تبدو واضحة من بعيد لكثافة الأشجار في تلك المنطقة، اقتربت من مداخل المسجد ذي القبة الخضراء وكانت الساعة تقترب من الرابعة عصراً بتوقيت تايبيه، أول من رأيت عند بوابة الدخول طفلة تهم باللحاق بزميلاتها، طلبت منها التوقف لبرهة كي ألتقط لها صورة، وهذا ما حصل، خلعت حذائي ودخلت، كان المسجد شبه خال إلا من حلقة درس يتوسطها معلم ومعه عشرة تلاميذ، تبدو ملامحهم مختلفة، الدرس كان يتمحور حول قصص الأنبياء والسور التي تحكي تلك القصص. ويتلقى أبناء المسلمين في تايوان تعليمهم الديني في المساجد خلال العطلة الصيفية.
تتجاوز المساحة الإجمالية لمسجد تايبيه 2700 متر مربع، وتم افتتاحه في أبريل عام 1960م، وهو مفتوح لأداء الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والعيد، وفي شهر رمضان المبارك تقام فيه صلاة التراويح وتجهز موائد الإفطار الجماعي.
ولعبت الهجرة دوراً حيوياً في خلق الوجود الإسلامي في تايوان، فبعد وصول الحزب الشيوعي الصيني إلى السلطة في بكين، فضل ما يقارب العشرين ألف مسلم صيني الانتقال إلى جزيرة تايوان، التي وجدوا فيها بيئة ملائمة لممارسة شعائرهم الدينية.
ويقدر مؤلف كتاب االأقليات المسلمة في آسيا وأسترالياب، سيد عبدالمجيد بكر، عدد المسلمين الآن في تايوان بحوالي خمسين ألف مسلم، يتحدرون من أصول مختلفة، مثل الأتراك والقازاق والأويغور، إلى جانب الصينيين، وتوجد لديهم مساجد في العاصمة تايبيه شمالاً ومدينة كاوهسيونغ جنوباً.
ميراث الصين الثقافي
في خضم الأحداث التي مرت على الصين وأبرزها الغزو الياباني والحرب العالمية الثانية وأخيراً الحرب الأهلية، جرت أحداث على الصعيدين الثقافي والحضاري، لا تقل أهمية عن الأصعدة الأخرى، ساهمت بشكل مباشر في نقل قسم كبير من ميراث الصين الثقافي والحضاري إلى تايوان، الأمر الذي أكسب متحفها الوطني مكانة رفيعة، لما يحتضنه من مئات من القطع الثمينة، كالآثار البرونزية والخزف الصيني المنقوش والآثار المصنوعة من أحجار اليشب الكريمة والأنسجة المزدانة بالرسوم وأعمال فنية رسمت بخط اليد، إضافة إلى كتب نادرة ووثائق أصلية ولوحات شهيرة، وجميعها تعكس الموروث الثقافي والحضاري الصيني والسلالات الإمبراطورية الحاكمة التي تعاقبت عليها، مثل أسر اسونجب وايوانب وامينجب واتشينغب وبقاء تلك الكنوز في مكان غير العاصمة الصينية بكين.
ولعب عاملان رئيسان في نقل محتويات المتحف القومي (أُسس عام 1925) في بكين إلى تايبيه، الأول خارجي بسبب الغزو الياباني للأراضي الصينية أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، والعامل الثاني داخلي بسبب الحرب الأهلية بين الوطنيين والشيوعيين، وهو ما دفع القائمين على المتحف القومي للبحث عن أفضل الحلول لتأمين محتويات المتحف من التدمير أو السرقة.
اتسمت عملية النقل الأولى بالطابع الاستباقي، ففي أعقاب قيام القوات اليابانية بغزو الأجزاء الشمالية الشرقية للصين، وذلك في 18 سبتمبر من عام 1931م، قرر المديرون التنفيذيون للمتحف القومي تخزين القطع الأثرية النفيسة في صناديق شحن لنقلها في أي وقت لحمايتها من مخاطر الحرب المقبلة، وفي يناير من عام 1933م، بلغت الأزمة ذروتها مع تقدم القوات اليابانية، الأمر الذي أطلق عملية نقل موجودات المتحف في العام التالي، حيث تمت عملية شحن وترحيل خمس مجموعات تحوي 19557 قطعة باتجاه الجنوب إما إلى شانغهاي وإما لإبقائها في أماكن آمنة في بكين.
عملية النقل الثانية أخذت طابعاً مختلفاً لاختلاف الأسباب، إذ اضطرت الحكومة الوطنية إلى توسيع دائرة النقل لتشمل الوثائق والملفات من المكتبة الوطنية المركزية ومعهد التاريخ والأدب في أكاديمية اسينيكاب ومن وزارتي الخارجية والتعليم في دلالة على نية الحكومة المركزية الانتقال إلى جزيرة تايوان والبقاء فيها لفترة غير معلومة، نتيجة تقدم الشيوعيين نحو العاصمة بكين عام 1948م.
بوب... صينية تايوانية
تحتفل تايوان بالإبداع في صناعة الموسيقى ولديها مهرجان سنوي اسمه اروك هوهيانب يقام بقرب شاطئ فولونج على الساحل الشمالي الشرقي، وتزداد شهرته عاماً بعد عام، وهي تعتبر المصدر الرئيس لموسيقى البوب باللغة الصينية، ويعود أصل ثقافة تلك الموسيقى إلى السبعينيات من القرن الماضي في الحرم الجامعي للموسيقى الشعبية، حيث قام عدد من الطلبة أحبوا موسيقى البوب الأمريكية بصياغة مزيج يعبّر عن الهوية الثقافية التايوانية بأسلوب فني أمريكي خلق نوعاً من الإلهام، وأطلق موجات من الإبداع.
وانتشرت هذه الطريقة المفعمة بالحيوية في جميع أرجاء تايوان لتجتذب الآلاف من الشباب، وتوصلت قناة ديسكفري إلى أن أهم عامل جعل إنتاج التايوانيين يصل إلى مليار ونصف المليار أغنية لأسواق الصين هو أنهم يعيشون حياة مفتوحة وحرة، كما أن ثقافتهم الفريدة عامل أساسي في نجاح صناعة الموسيقى لديهم .
صورة طبيعية لبرج «تايبيه 101» أو مركز تايبيه المالي من الأسفل (يسار) وصورة ثانية (يمين) لمجسم البرج المستوحى من شكل قصب السكر يوضح معظم تفاصيله، ويعد هذا المعلم من أحدث معالم تايوان التي أنجزت في العقد الأخير
داخل أحد المصانع المتخصصة بصناعة الأدوية والمنشطات الطبيعية
المدخل الرئيسي المهيب لساحة النصب التذكاري للقائد السياسي والعسكري تشيغ كاي شيك (1887م- 1975م)، الذي حكم الصين بعد وفاة أول رئيس جمهوري لها وهو صن يات سين ومن ثم حكم تايوان بعد الانتقال لها 1949م، وتقام في هذه الساحة العديد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة خصوصا أيام العطل الرسمية كما توجد فيها العديد من الحدائق والمرافق ما يجعلها مكانا جاذبا للزوار والسياح