لغة الشباب العربي: خطابٌ عصريٌ يُشكِّل ظاهرة
ارتبط التقدم التقني الذي يشهده العالم بتوثيق الصلة بين جيل الشباب وما يقتني من أجهزة حديثة تطبق برامج تواصل للمخاطبة، سواء بالهواتف المحمولة، أو الحواسيب المنقولة أو الألواح الذكية. وقد كشفت وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية، ظاهرة استخدام الشباب العربي لمستوى لغوي معاصر، تعتمد على استخدام اللهجات العامية بشكل رئيس، ولكنه مطعم أيضا بعديد من المفردات الخاصة التي اصطلح عليها الشباب، للتعبير بها عن مشاعرهم وآرائهم وحتى لإطلاق النكات والتعليقات المرحة. ولعل هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على الشباب الكويتي، بل نجدها لدى الشباب العربي أيضا.
إن ما يهمنا هنا هو رصد طبيعة اللغة التي يستخدمها الشباب العرب، ومحاولة تبين الأسباب التي تدعو الشباب لاستخدام وسائلهم اللغوية الخاصة للتعبير والتواصل، بدلا من استخدام اللغة العربية الفصيحة المعاصرة.
هناك أكثر من وجه لاستخدامات الشباب للغتهم الخاصة، فهناك اللغة التي اصطلح عليها «عربيزي»، وتعرف أيضا باللغة الهجين أو «الفرانكو آراب»، وتعني كلمات ذات معان عربية تُكتب بحروف إنجليزية، تتخللها أرقام بديلة عن بعض الحروف، وفقا للعرف الذي جرى عليه الشباب، مثل استخدام رقم 7 بديلا لحرف الحاء، أو رقم ثلاثة لحرف العين.. وهكذا.
وربما يعود انتشار استخدام هذه اللغة إلى أنها بدأت من وسائل الاتصال الحديثة مثل الهواتف النقالة، التي بدأت باللغة اللاتينية فقط، وكان المستخدمون العرب الشباب يكتبون العربية بالحروف اللاتينية ويستبدلون بعض الحروف التي لا توجد في اللاتينية ببعض الأرقام. كما شاع استخدامها أيضا لدى الشباب الذين يجيدون الكتابة بالإنجليزية بشكل أكفأ من العربية، فيلجأون إليها للتواصل بشكل أسرع.
والحقيقة الإضافية أن هناك جيلا من مستخدمي هذه اللغة يدرسون في مدارس أجنبية، بعضهم لا يجيد العربية بشكل كاف، فيجدون في هذه اللغة الهجين حلا مثاليا للتواصل مع الآخرين، كما أن هذه المدارس الأجنبية تضم إلى جانب طلابها العرب كثيرا من الطلاب الأجانب، ما يجعل من استخدام اللغة الأجنبية أو الهجين وسيلة أسهل للتواصل.
مفردات خاصة
أما الوجه الثاني لما يعرف بلغة الشباب فهو استخدام الشباب لمفردات خاصة في تواصلهم اليومي في الحياة الواقعية، وانتقال هذه المفردات إلى الساحة الافتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك» و«تويتر»، وحتى على المدونات الإلكترونية، إذ إن كثيرا من المدونات اليوم يفضل أصحابها الكتابة بمزيج من الفصحى والعامية التي تتضمن مصطلحات لا يستخدمها سوى الشباب.
ومن بين هذه المصطلحات التي يستخدمها الشباب في مصر، مثالا، «كبر دماغك»، أي لا تُعِرْهم انتباها، أو «إنزل من على وداني» أي ابتعد عني، أو كفى ثرثرة.
وفي المغرب أيضا يستخدم الكثير من الشباب مفردات خاصة بهم تشكل اللغة التي يتواصلون بها، ومنها مثلا: «الساط» تعني الشاب، و«جْميكسة» تعني الصديقة، و«تيتيزا»: فتاة جميلة، و«طياح» وسيم، و«تلاح» أي اذهب، و«العز» بمعنى شكرا.
وأحيانا يستخدم البعض مصطلحات الآخرين، كأن يستخدم بعض الشباب في تونس أو منطقة الخليج العربي مثلا إحدى المفردات التي يستخدمها الشباب في لبنان أو مصر. وهو ما يحدث حتى في الغرب، حيث رصدت إحدى الجامعات في كاليفورنيا من خلال تحليل عدد كبير من تغريدات «تويتر» انتقال مصطلح شبابي لم يكن دارجا في كاليفورنيا عبر ولايات أخرى أسبق في استخدامه.
والنتيجة أن هناك لغة شبابية خاصة بالفعل قد لا يكون من السهل استيعابها من الأجيال الأكبر عمرا في المجتمع، أو حتى لدى بعض الشعوب العربية في منطقة أخرى. والسؤال المتشعب الذي تثيره هذه الظاهرة هو: ما هي أسباب هذه الظاهرة، وما مدى تأثيرها على اللغة العربية وعلى الهوية العربية للشباب باعتبار اللغة أحد أركان الهوية الأساسية لأي شعب من شعوب العالم؟
لا شك في أن هذه الظاهرة تعبر بشكل أو آخر عن نوع من إحساس الجيل الجديد باحتياجه لاستخدام لغة تخصه، وتحقق له لونا من التميز، وفي الوقت نفسه تعبر، سواء عن وعي أو لا وعي، عن نوع من الإحساس بالعزلة عن باقي فئات المجتمع وخصوصا الجيل الأكبر عمرا. وربما يعود ذلك وفقا لما تشير له بعض الدراسات المتخصصة إلى أن لغة هذا الجيل تترجم الكم الهائل من التحولات التي يعيشها هذا الجيل الشاب في داخله، فيعبر عنها بلغته الخاصة التي لا يكاد يفهمها غيره، بغرض خلق «حماية» ذاتية لهم ولرؤيتهم للعالم كما يريدون. أي أنهم يعبرون عن الفجوة التي تفصل بينهم وبين الجيل الأكبر عمرًا بهذه الطريقة، لإحساسهم بانعدام التواصل بينهم، أو بسبب تغير القيم المختلفة بين الجيلين.
كما أنها قد تعبر، من جهة أخرى، عن إحساس الجيل الجديد من الشباب بالانتماء إلى ثقافة عصرية مستلهمة من الغرب حيث تنتشر في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة، بين الشباب لغة خاصة باستخدام مفردات مختصرة أو النطق بشكل مختلف عن النطق الشائع للغة الدارجة.
حالة من التمرد
وبينما قد يستخدم بعض الشباب هذه اللغة كنوع من مسايرة الموجة، أو التقليد، من قبيل الطرافة، فإن جانبا كبيرا منهم يعبر بها عن حالة من التمرد والرفض لقيم الأجيال الأسبق، ورؤاهم للأمور، ويجد في استخدام هذه اللغة الخاصة وسيلة لإعلان تمرده على هذه القيم بشكل غير مباشر.
وبينما قد يرى البعض أنه لا ضرر من استخدام هذه الوسائل للتعبير عن الذات بين الشباب، وخصوصا أنها لا تؤثر في الاستخدام الرسمي للغتهم العربية في التعليم أو القراءة، وأنها مثل الكثير من الظواهر المصاحبة لفترة الشباب التي تأخذ وقتها وتمضي لحال سبيلها كلما نضج الفرد. فإنه من الواجب لفت الانتباه إلى أنه قد يكون هذا الفرض صحيحا بشرط ألا يجد دعما له في الصحافة والإعلام. فهناك اليوم الكثير من الصحف العربية التي تستخدم بعض المفردات المحلية، بل وبعض الكتاب الشباب الذين يستخدمون مفردات من معجم لغة الشباب، وهو ما يستدعي بالفعل التوقف ولفت الانتباه لخطورة تسلل مثل هذه الظاهرة للإعلام المكتوب. أما الإعلام المرئي فهو ربما أكثر خطورة من الأول إذا قام بدعم مثل هذه اللغة تشجيعا للقطاعات الشابة، لمتابعة البرنامج واكتساب شعبية أكبر بين المتابعين.
ويرى بعض المختصين في شئون اللغة أنه لا بد في النهاية من فحص هذه الظاهرة ودراستها بشكل أعمق، وبحث مبرراتها لدى الشباب من أجل خلق نوع من التواصل بين الأجيال من جهة، وفهم الشباب ورغباتهم وأفكارهم من جهة أخرى، وخصوصا أن انتشار هذه اللغة لم يعد مقصورا على بعض وسائل الإعلام بل يمتد إلى فنون الدراما والفن السابع التي تعكس المجتمعات التي تعبر عنها سواء في السلوك أو اللغة التي يستخدمونها وبينها لغة الشباب.
أصوات وأغراض لكل قوم
والحقيقة أن هذا الجانب من الدراسة يقع في مركز اهتمام علم اللغة الاجتماعي، الذي يهدف إلى رصد الواقع اللغوي في المجتمعات الإنسانية، وتتبع ما يطرأ عليها من تغيرات بتأثير السلوكيات اللغوية لأفراد المجتمع وطبيعة اللغة، وقد عرف ابن جني في كتابه «الخصائص» اللغة بأنها: «أصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم»(1)، فأظهر أن اللغة وسيلة اجتماعية لها عدة وظائف وتعبير للأقوام عن أغراضهم، ويشير أيضا إلى اختلاف البنية اللغوية باختلاف المجتمعات الإنسانية، وقد طبقت بحثي هذا على لغة الواقع (العربي) في المجتمعات العربية عامة، حيث إن تأثير التقدم العلمي والثقافي والانفتاح على المجتمعات الأكثر تقدما، جعل الرسائل الإلكترونية تمثل جزءا من حياة المجتمع، فعبر الهاتف النقال بأنواعه المختلفة و«خدمة SMS ، برنامج الواتس أب»
والمواقع الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية: (تويتر، فيس بوك) عن مستوى لغوي جديد له معاييره وأسسه وأشكاله المختلفة والمتعددة، وقد حدثت مستجدات في لغة الخطاب والتواصل، وأصبح استعمال هذه الرسائل من مستجدات الحياة المعاصرة التي جرفتنا بفعل التقنية الرقمية الإلكترونية، والتطور المتسارع في أجهزة الهاتف النقال.
يرى بعض الباحثين أن لغتنا العربية تعرضت «إلى موجات من الغزو من الداخل والخارج وأثَّرت وتأثّرت بغيرها من اللغات، ومن أبرز مراحل كفاحها أنها غدت لغة الفكر والحضارة، حيث أشرقت شمس الحضارة العباسية وواجه العرب بعض الصعوبات في نقل التراث الحضاري من حولهم إلى لغتهم العربية، متمثلا في ألوان الفنون والآداب والعلوم»(2)، ولكني أرى أن الخطر والصعوبة اللذين تواجههما اللغة العربية من جراء الرسائل الإلكترونية أكبر مما قابل اللغة في العصر العباسي، والتحدي أكبر. ويمكننا تتبع موضوع لغة الشباب في نماذج الرسائل الإلكترونية بشكل عام.
موضوعات الرسائل
فن الرسائل فن عربي قديم(3)، ومن صوره في العصر الحديث الرسائل الإلكترونية، وقد تنوعت موضوعات الرسائل الإلكترونية تنوعا كبيرا حسب تنوع أهداف الحياة وموضوعاتها، ويمكن أن نعد الرسائل الإلكترونية شكلا من أشكال النثر المعاصر، وسأتوقف مع ستة موضوعات من موضوعاتها وهي: أ- الرسائل الاجتماعية. ب- الرسائل السياسية. ج- الرسائل الإعلانية. د- الرسائل الإخوانية (رسائل الأصدقاء). هـ - الكاريكاتير. و- الطرائف والنوادر.
أ- الرسائل الاجتماعية
الرسائل الإلكترونية من مفاتيح العلاقات الاجتماعية العامة والخاصة، إذ إنها تقوم اليوم مقام الزيارات العائلية، بإعادتها توثيق الترابط بين الناس، في عصر الحداثة سريع الإيقاع، الذي يلهث فيه الجميع ولا يجدون وقتا للتواصل الاجتماعي، وقامت بأدوار اجتماعية غاية في الأهمية، وغدت وسيلة اتصال تتسم بالسرعة الشديدة التي تتلاءم مع هذا الإيقاع الجديد للعصر الذي نعيش.
وتتخذ الرسائل الاجتماعية في العالم الافتراضي، وفي مجال تقنيات الاتصال المعاصرة مثل الهواتف النقالة، أشكالا عديدة تتراوح بين رسائل عادية تتساءل عن الأخبار وتبتغي الاطمئنان وتأكيد
موضوع التواصل الاجتماعي، وبين رسائل التهاني المتنوعة في المناسبات الاجتماعية، سواء العامة أو الخاصة وغير ذلك. كما قد تأخذ هذه الرسائل صيغا فنية تتوسل الصور التي قد تضاف إليها كلمات للتهاني والأمنيات. بينما قد يفضل البعض الخروج عن الطابع النمطي لهذه الرسائل واستخدام رسائل ذات طابع فكاهي أو تناقل نكات أو صور كاريكاتيرية حتى مما يستخدم في نقد أو التعليق على شأن من الشئون العامة، أو الاكتفاء بالجانب الفكاهي المرح.
ومن أمثلة هذه الرسائل الاجتماعية الخليجية، التي تدل على حب التواصل، نجد ما يظهر فيها شبهة الانتقام لعدم التواصل بين المتحابين:
«اللهم دمر موبايل من يهجرنا برسائلة، واعمي شاشتة، واخرس نغمتة، وشتت زرايرة، وحولة من نوكيا إلى أريكسون».
فبدأت الرسالة بالدعاء بالتدمير، ووقع الدعاء قوي، ولكنه لا يقع إلا على الجهاز الذي هو سبب التواصل، ويذكره بلفظ (موبايل)، وهو اللفظ الأجنبي للكلمة الذي اشتهر على ألسن العامة، وإعماء شاشة الجهاز وإخراس النغمة، وتشتيت الزراير، فهذه الدعوات مأخوذة من دعاء القنوت المشهور على الظالمين، ولكنه وجه هذه الدعوات على الجهاز سبب الاتصال، لأنه لا يقوم بما يجب أن يقوم به، وهي رسالة تدل على مدى الضجر من الانقطاع الاجتماعي، واشتهار جودة الهاتف ماركة نوكيا، وسوء ماركة الهاتف المسمى أريكسون ورخص سعره.
ولا يخفى ما في الرسالة من هنات لغوية، كذكر ألفاظ أجنبية بنطقها العامي، مثل: «موبايل، نوكيا، أريكسون»، وفيها عدم تفرقة بين الهاء والتاء المربوطة، فأتت كل الهاءات في نهاية الكلمات تاء مربوطة: مثل: (برسائلة - شاشتة ذ نغمتة ذ زرايرة ذ حولة)، وهذه الكلمات كلها بالهاء فكتبت في الرسالة بالتاء، لا يخفى ما في فعل الأمر (اعمي) وفعل الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه فيبنى على حذف حرف العلة، ولم يحذف حرف العلة من الكلمة، فكان يجب أن تكتب أعمِ، ونلحظ عدم التفرقة بين همزتي القطع والوصل فكل الهمزات كتبت همزة وصل، مثل: (اعمي - اخرس ) وكان حقها أن تكتب همزات قطع، ونلحظ أيضا أن الرسالة احتوت على ألفاظ عدوانية لكل الحواس والمعنويات: (دمر - أعمي - أخرس - شتت - حول) وتتضمن كل أنواع الانتقام، من دعاء لتدمير للحواس الأساسية للإنسان.
وتعد هذه الرسالة نموذجا لما تفتقر إليه معظم الرسائل من الدقة النحوية والإملائية، فالغاية هي المضمون وليس الشكل، وهو ما يعني أن السلامة اللغوية تتعلق غالبا بثقافة مرسل الرسالة وليس موضوعها.
وما يغلب على الرسائل الاجتماعية العفوية والبساطة وكثرة الأخطاء اللغوية كما يقول د.عبدالرحمن بن حسن المحسني «يغلب على الرسائل القصيرة طابع النص العفوي البسيط، وتلك العفوية والبساطة تنعكس على النص من حيث عدم العناية التامة بمراجعة النص وإعادة النظر فيه، مما يوقع في أخطاء متعددة في بنية النص، ولئن كانت غير كثيرة عمومًا؛ إلا أنها لافتة للانتباه وجديرة أن ينظر فيها وأن يعتني المُرسِل بالكتابة الصحيحة أيًّا كان هدفها»(4).
ب - الرسائل السياسية
وقد انتشرت الرسائل السياسية انتشارا واسعا باتساع رقعة الديمقراطية في الوطن العربي، فبعد الربيع العربي، وجدنا تطاولا على بعض الرموز السياسية، وربما اتخذت النكات وغيرها من بعض هذه الرموز، بل ربما أخذت التوريات ببعض هذه الشخصيات، وهذه النماذج هي الأكثر شيوعًا، نظرًا لتسارع الأحداث ووجود ميراث تاريخي يمكن أن يكون حمَّالا لما تتطلبه صياغة الرسائل من سخرية تفيض بالتورية.
ولا يستطيع أحدنا أن يقرأ الرسائل الإلكترونية بمعزل عن الوضع الثقافي السائد لدينا؛ فهذه الرسالة تستطيع أن تقف وتحللها على أنها نص، وهذا النص يحمل ثقافة المجتمع ووعيه وخبراته وعاداته وتقاليده ومفاهيمه اللغوية. وإذا نظرنا إليها في جانب الأخطاء الإملائية فقد يكون هذا من الجوانب التي لا تمثّل جانبًا من المشكلة، فهناك أخطاء في الأسلوب، وهناك ركاكة في التعبير، وهذه الأخطاء تقدم لك ثقافة هذا المجتمع وموقفه من لغته. واللغة في أي أمة من الأمم هي الوعاء الفكري الذي يحمل فكر الأمة ويقدمها للآخرين، فلذلك تجد موقف الأمم من اللغة يعكس شهودها الحضاري، وقد أشار إلى هذه المسألة المفكر الإسلامي ابن حزم عندما قال «إن الأمم إذا ذهب سلطانها فإن أول ما يظهر ذلك على لغتها».
ويؤكد البعض الأثر السالب لانتشار الأخطاء الإملائية واللغوية في رسائل الجوال في ثنايا قوله: من وجهة نظري إن هؤلاء الناس الذين يتبادلون رسائل الجوال بهذا الأسلوب الركيك لا يحترمون اللغة العربية، والأمة إذا فرطت في ثوابتها وفرطت في أغلى ما تملك ألا وهو الدين ثم اللغة، وإذا فرطنا في لغتنا العربية فنحن فرطنا في شخصيتنا وفي ثوابتنا، ولكن كيف نطالب هؤلاء الناس بتعلم اللغة العربية وأحيانًا الذين يكتبون تلك الرسائل الركيكة ليسوا أنصاف متعلمين وإنما أقل من أنصاف المتعلمين؟ وبالتالي لا نستطيع أن نطالبهم بتعديل وضعهم اللغوي لأنهم يفتقدون اللغة العربية الفصحى، ومن ثَمَّ لا يستطيعون أن يتعاملوا معها، ولكن هذه من سيئات التقنية الحديثة، والتي جنينا منها الأساليب الركيكة التي تجعل متعلم اللغة العربية يتقزز مما يقرأ ويرى.
هـ - الكاريكاتير
كثرت الرسوم الكاريكاتيرية في الرسائل المصورة، بعد أن كانت تقتصر على الصحافة المقروءة، وانتشر منها على «الفيس بوك» والوسائط المتعددة بالصور وعلى الـ«واتس أب»، وغيرها من الوسائل التي تسمح بالصور، وكانت لشخصية «أساحبي» المصرية قصب السبق في كاريكاتيرات الثورة المصرية، والتي تستفيد أو تعبر عن لغة الشباب في الوقت نفسه بشكل أو آخر.
ومن الرسائل التي غزت الفيس بوك شخصية (أساحبي) الشخصية الكاريكاتيرية المصرية المعروفة ومن رسائله التي بها نوادر هذه الرسالة:
و- الطرائف والنوادر
اقتحمت النكات والطرائف والنوادر ميدان الرسائل الإلكترونية على المستويات كافة وانتشرت بقوة، بعضها موسمية وبعضها اجتماعية وبعضها تهكمية، وبعضها سياسية...وغيرها، ومنها:
«واحد حلم انه معزوم.. وقاعد ياكل في العزيمة.. يوم قام من النوم.. وإذا هو ماكل نص المخدة».
وبالنص من اللغة العامية، والأخطاء الإملائية مثل: أخطاء همزات القطع والوصل مثل: «انه، ياكل، اذا»، ووجود اللهجات بها «ماكل» و «نص».
ومنها النكات بين المحبين والنكات التي تزيد أواصر العلاقات الاجتماعية، مثل:
نصائح المتزوجات لبعضهن عن طريق نوادر على الموبايل، ومنها:
«قصقصي جناح الريال قبل ما يطير».
وبها كتبت الرجال بالعامية الكويتية (الريال)، وقصقصي من القص، ونتف الريش أي خذي ماله حتى لا يتزوج عليك غيرك ويتركك، وفيها ما فيها من السخرية.
ومن الإعلانات المبالغة في التعليم قولهم في الدعاية برسائل للمدارس الخاصة: «احضر طفلك وخذه عبقريا»، وقد ظهرت عدم العبقرية من الرسالة، حيث إن أول كلمة بها خطأ لغوي، وهو همزة القطع (أحضر) فكتبها بهمزة وصل، والمعنى المستتر وراء الرسالة أعطني مصاريف أولادك، وأكن أنا عبقريا باستيلائي على نقودك، فالإعلان لم يكلف صاحبه نفسه أن يدققه لغويا فأصبح «نادرة» حيث أخطأ مرسل الإعلان وهو يعبر عن مؤسسة تعليمية كان من المفترض أن تدقق في إعلانها، ولذا وضعته مع النوادر.
وكذلك بعض الرسائل التي ترسل للتندر على الواقع العربي الذي نعيش، وبها نقد للذات مثل هذه الرسالة:
ونلحظ في هذه الرسالة أن كاتبها أراد أن يوفر بعض المسافات للحروف، فكتب: «لازالوا» وكان عليه أن يضع مسافة بين «لا زالوا» ونلحظ أنها لغويا صحيحة مما يدل على أن كاتبها مثقف ويكتب كتابة صحيحة لغويا >