خلاصة من الإعجاز الدلالي في سورة يوسف عليه السلام

خلاصة من الإعجاز الدلالي في سورة يوسف عليه السلام

تعد‭ ‬قصة‭ ‬سيدنا‭ ‬يوسف‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬القصص‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري،‭ ‬ولقد‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬ممن‭ ‬تناول‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬السورة‭ ‬لم‭ ‬ينتبه‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬ألفاظها،‭ ‬فكل‭ ‬كلمة‭ ‬فيها‭ ‬لها‭ ‬قدرها‭ ‬وقيمتها‭ ‬وثقلها،‭ ‬وتحمل‭ ‬عظمة‭ ‬في‭ ‬دلالاتها،‭ ‬فوقفت‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬لفظة‭ ‬وفقني‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬ورودها‭ ‬للتنبيه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بها‭. ‬يبدأ‭ ‬كل‭ ‬مبحث‭ ‬بعرض‭ ‬آيات‭ ‬من‭ ‬السورة،‭ ‬ويجمل‭ ‬شرحها،‭ ‬ثم‭ ‬يتناول‭ ‬بعض‭ ‬الألفاظ‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬توجيهها‭ ‬على‭ ‬تفسير‭ ‬السورة‭ ‬وبيان‭ ‬معانيها،‭ ‬والمقصود‭ ‬منها،‭ ‬وذلك‭ ‬نحو‭: ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬الر‭ ‬تِلْكَ‭ ‬آيَاتُ‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬الْمُبِينِ‭ ‬‭*‬‭ ‬إِنَّا‭ ‬أَنزَلْنَاهُ‭ ‬قُرْآنًا‭ ‬عَرَبِيًّا‭ ‬لَّعَلَّكُمْ‭ ‬تَعْقِلُونَ‭ ‬‭*‬‭ ‬نَحْنُ‭ ‬نَقُصُّ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬أَحْسَنَ‭ ‬الْقَصَصِ‭ ‬بِمَا‭ ‬أَوْحَيْنَا‭ ‬إِلَيْكَ‭ ‬هَذَا‭ ‬الْقُرْآنَ‭ ‬وَإِن‭ ‬كُنتَ‭ ‬مِن‭ ‬قَبْلِهِ‭ ‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬1‭ - ‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف

خلاصة‭ ‬دلالية

لما‭ ‬ختم‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬سورة‭ ‬هود‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بقوله‭: ‬‭{‬وَكُلاًّ‭ ‬نَّقُصُّ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَنبَاء‭ ‬الرُّسُلِ‭ ‬مَا‭ ‬نُثَبِّتُ‭ ‬بِهِ‭ ‬فُؤَادَكَ‭ ‬وَجَاءكَ‭ ‬فِي‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الْحَقُّ‭ ‬وَمَوْعِظَةٌ‭ ‬وَذِكْرَى‭ ‬لِلْمُؤْمِنِينَ‭}‬‭ (‬120‭) ‬سورة‭ ‬هود‭. ‬أتبعه‭ ‬بذكر‭ ‬قصة‭ ‬يوسف‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬لما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تبشير‭ ‬للنبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بالتمكين‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬كما‭ ‬مكّن‭ ‬الله‭ ‬لأخيه‭ ‬يوسف‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬وذلك‭ ‬جزاء‭ ‬المتقين‭ ‬المخلصين‭.‬

بخلاف‭ ‬الآية‭ ‬الأولى،‭ ‬فالمخاطب‭ ‬هو‭ ‬نبينا‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬وقد‭ ‬فهــــمنا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قوله‭ (‬تلك‭) ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الإشارة‭ ‬للآيات،‭ ‬فالكاف‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬المخاطب‭ ‬المذكر،‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭.‬

 

عظمة‭ ‬الاستهلال

اختلف‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الحروف‭ ‬المقطعة،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أعلاها‭: ‬إنها‭ ‬حروف‭ ‬مقطعة‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬تأويلها‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬أما‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬تِلْكَ‭ ‬آيَاتُ‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬الْمُبِينِ‭}‬‭ (‬1‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬‭ ‬فالكتاب‭ ‬المبين،‭ ‬يعني‭ ‬القرآن‭ ‬المبين‭.‬

وقد‭ ‬ورد‭ ‬الكــــتــــاب‭ ‬بـــمعان‭ ‬مخـــتلــــفة‭ ‬أوردها‭ ‬الفـــيروزابادي‭ ‬وختـــمها‭ ‬بــــقوله‭: ‬والكتاب‭ ‬في‭ ‬الأصل‭: ‬اسم‭ ‬للصحيفة‭ ‬مع‭ ‬المكتوب‭ ‬فيها‭.‬

أما‭ ‬دلالة‭ ‬اسم‭ ‬الإشارة‭ ‬‮«‬تلك‮»‬‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬تِلْكَ‭ ‬آيَاتُ‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬الْمُبِينِ‭}‬‭ (‬1‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭: ‬فاللام‭ ‬فيه‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬تفيد‭ ‬البعد،‭ ‬بعد‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬مكانًا‭ ‬ومكانة،‭ ‬وهو‭ ‬هنا‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬بُعد‭ ‬مكانته،‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭.‬

أما‭ ‬‮«‬الكاف‮»‬‭ ‬فحرف‭ ‬خطاب،‭ ‬أي‭ ‬خطاب؟،‭ ‬ومَن‭ ‬المخاطب؟‭ ‬المخاطب‭ ‬هو‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬فحينما‭ ‬تسمع‭: ‬تلك‭ ‬أو‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬أولئك،‭ ‬فلتصلِّ‭ ‬على‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬لأن‭ ‬الكاف‭ ‬تعني‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬المخاطب‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬الممتد‭ ‬بين‭ ‬المتكلم‭ ‬والمخاطب‭ ‬والمشار‭ ‬إليه،‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭.‬

وأما‭ ‬دلالة‭ ‬‮«‬الإنزال‮»‬‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‭{‬إِنَّا‭ ‬أَنزَلْنَاهُ‭}‬‭ (‬2‭) ‬سورة‭ ‬يوسف،‭ ‬فإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الإنزال‭ ‬لا‭ ‬التنزيل،‭ ‬والإنزال‭ ‬يكون‭ ‬جملة‭ ‬واحدة،‭ ‬والتنزيل‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬مراحل‭ ‬متعددة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أسباب‭ ‬النزول،‭ ‬ولذا‭ ‬قيل‭: ‬الإنزال‭ ‬يستعمل‭ ‬في‭ ‬الدفعة،‭ ‬والتنزيل‭ ‬في‭ ‬التدريج‭.‬

فلماذا‭ ‬استخدم‭ ‬‮«‬الإنزال‮»‬‭ ‬دون‭ ‬‮«‬التنزيل‮»‬‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الآية؟

أما‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬عربيًا‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬نالت‭ ‬‮«‬العربية‮»‬‭ ‬شرفها‭ ‬بل‭ ‬قداستها‭ ‬من‭ ‬ارتباطها‭ ‬بقداسة‭ ‬الموصوف،‭ ‬وهو‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬الإنزال‭ ‬من‭ ‬علو‭ ‬وشرف‭ ‬ناسبته‭ ‬الدلالة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬‭{‬لَّعَلَّكُمْ‭ ‬تَعْقِلُونَ‭}‬‭ (‬2‭) ‬سورة‭ ‬يوسف،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬العرب‭ ‬وسائل‭ ‬فهمه،‭ ‬فقد‭ ‬نزل‭ ‬بلسانهم‭ ‬العربي‭ ‬المبين‭.‬

أي‭: ‬لكي‭ ‬تعلموا‭ ‬معانيه،‭ ‬وتفهــــموا‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬وبعــــض‭ ‬العــــرب‭ ‬يــــأتي‭ ‬بـ«أن‮»‬‭ ‬مــــع‭ ‬‮«‬لعــــل‮»‬‭ ‬تشبيها‭ ‬بـ«عسى‮»‬،‭ ‬واللام‭ ‬في‭ ‬‮«‬لعل‮»‬‭ ‬زائدة‭ ‬للتوكيد‭.‬

وقيل‭ ‬‭{‬لَّعَلَّكُمْ‭ ‬تَعْقِلُونَ‭}‬‭ (‬2‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬أي‭: ‬لتكونوا‭ ‬على‭ ‬رجاء‭ ‬من‭ ‬تدبّره،‭ ‬فيعود‭ ‬معنى‭ ‬الشك‭ ‬إليهم‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬الكتاب‮»‬‭.‬

دلالة‭ ‬‭{‬تَعْقِلُونَ‭}‬‭ (‬2‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭.‬

أما‭ ‬العقل‭ ‬لغة‭: ‬‮«‬فمأخوذ‭ ‬من‭ ‬عقال‭ ‬البعير‭ ‬يمنع‭ ‬ذوي‭ ‬العقول‭ ‬من‭ ‬العدول‭ ‬عن‭ ‬سواء‭ ‬السبيل‭.‬

وأما‭ ‬العقل‭ ‬اصطلاحا‭ ‬فما‭ ‬تعقل‭ ‬به‭ ‬حقائق‭ ‬الأشياء،‭ ‬وقيل‭: ‬محله‭ ‬الرأس،‭ ‬وقيل‭ ‬محله‭ ‬القلب‮»‬‭.‬

والمعنى‭: ‬لعلكم‭ ‬تعقلون‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬وذلك‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‭{‬أَفَلَا‭ ‬يَتَدَبَّرُونَ‭ ‬الْقُرْآنَ‭ ‬أَمْ‭ ‬عَلَى‭ ‬قُلُوبٍ‭ ‬أَقْفَالُهَا‭}‬‭ (‬24‭) ‬سورة‭ ‬محمد،‭ ‬وقوله‭ ‬تعالى‭ ‬‭{‬أَفَلاَ‭ ‬يَتَدَبَّرُونَ‭ ‬الْقُرْآنَ‭ ‬وَلَوْ‭ ‬كَانَ‭ ‬مِنْ‭ ‬عِندِ‭ ‬غَيْرِ‭ ‬اللّهِ‭ ‬لَوَجَدُواْ‭ ‬فِيهِ‭ ‬اخْتِلاَفًا‭ ‬كَثِيرًا‭}‬‭ (‬82‭) ‬سورة‭ ‬النساء‭.‬

قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬نَحْنُ‭ ‬نَقُصُّ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬أَحْسَنَ‭ ‬الْقَصَصِ‭ ‬بِمَا‭ ‬أَوْحَيْنَا‭ ‬إِلَيْكَ‭ ‬هَذَا‭ ‬الْقُرْآنَ‭ ‬وَإِن‭ ‬كُنتَ‭ ‬مِن‭ ‬قَبْلِهِ‭ ‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭.‬

 

دلالة‭ ‬وصف‭ ‬القصص‭ ‬بالحسن‭:‬

أما‭ ‬الحسن‭ ‬فقد‭ ‬قيل‭: ‬‮«‬الحسن‭: ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مبهج‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه،‭ ‬وذلك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضرب‭: ‬مستحسن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬العقل،‭ ‬ومستحسن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الهوى،‭ ‬ومستحسن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الحس‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬التعريفات‭ ‬للجرجاني‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الحسن‭ ‬هو‭ ‬كون‭ ‬الشيء‭ ‬ملائمًا‭ ‬للطبع‭ ‬كالفرح،‭ ‬وكون‭ ‬الشيء‭ ‬صفة‭ ‬كمال‭: ‬كالعلم،‭ ‬وكون‭ ‬الشيء‭ ‬متعلقًا‭ ‬بالمدح‭ ‬كالصلوات،‭ ‬وقيل‭ ‬الحسن‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬متعلقًا‭ ‬بالمدح‭ ‬في‭ ‬العاجل‭ ‬والثواب‭ ‬في‭ ‬الآجل‮»‬‭.‬

يوضع‭ ‬في‭ ‬معنى‭ ‬الإحســـان‭: ‬والإحــــسان‭ ‬يقال‭ ‬على‭ ‬وجهين‭. ‬أحدهما‭ ‬الإنعام‭ ‬على‭ ‬الغير‭: ‬أحسن‭ ‬إلى‭ ‬فلان‭. ‬والثاني‭ ‬إحسان‭ ‬في‭ ‬فعله،‭ ‬وذلك‭ ‬إذا‭ ‬علم‭ ‬علمًا‭ ‬حسنًا‭ ‬أو‭ ‬عمل‭ ‬عملاً‭ ‬حسنًا‭. ‬ومنه‭ ‬قول‭ ‬علي‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬الناس‭ ‬أبناء‭ ‬ما‭ ‬يحسنون،‭ ‬أي‭ ‬منسوبون‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعلمونه‭ ‬ويعملونه‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬الحسنة‭. ‬والإحسان‭ ‬أعمّ‭ ‬من‭ ‬الإنعام‭.‬

وقوله‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬إِنَّ‭ ‬اللّهَ‭ ‬يَأْمُرُ‭ ‬بِالْعَدْلِ‭ ‬وَالإِحْسَانِ‭}‬‭ (‬90‭) ‬سورة‭ ‬النحل‭ ‬فالإحسان‭ ‬فوق‭ ‬العدل‭. ‬وذلك‭ ‬أن‭ ‬العدل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬ما‭ ‬عليه‭ ‬ويأخذ‭ ‬ما‭ ‬له،‭ ‬والإحسان‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬عليه‭ ‬ويأخذ‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬له‭. ‬فالإحسان‭ ‬زائد‭ ‬عليه‭. ‬فتحرِّي‭ ‬العدل‭ ‬واجب،‭ ‬وتحرّي‭ ‬الإحسان‭ ‬ندب‭ ‬وتطوع،‭ ‬ولذلك‭ ‬عظّم‭ ‬الله‭ ‬ثواب‭ ‬أهل‭ ‬الإحسان،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬إِنَّ‭ ‬اللّهَ‭ ‬يُحِبُّ‭ ‬الْمُحْسِنِينَ‭}‬‭ (‬195‭) ‬سورة‭ ‬البقرة‭.‬

والإحسان‭ ‬من‭ ‬أفـــضل‭ ‬مــنازل‭ ‬العــــبودية،‭ ‬لأنه‭ ‬لب‭ ‬الإيمان‭ ‬وروحــــه‭ ‬وكمــــالُه‭. ‬وجمـيع‭ ‬المنازل‭ ‬منطوية‭ ‬فيها‭. ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬هَلْ‭ ‬جَزَاء‭ ‬الْإِحْسَانِ‭ ‬إِلَّا‭ ‬الْإِحْسَانُ‭}‬‭ (‬60‭) ‬سورة‭ ‬الرحمن‭. ‬وقال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬الإحسان‭ ‬أن‭ ‬تعبد‭ ‬الله‭ ‬كأنك‭ ‬تراه‭.‬

وقد‭ ‬قيل‭: ‬‮«‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬القصص،‭ ‬لانفرادها‭ ‬عن‭ ‬سائرها‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬الأنبياء‭ ‬والصالحين‭ ‬والملائكة‭ ‬والشياطين‭ ‬والجن‭ ‬والإنس‭ ‬والأنعام‭ ‬والطير‭ ‬وسير‭ ‬الملوك‭ ‬والممالك‭ ‬والتجار‭ ‬والعلماء‭ ‬والرجال‭ ‬والنساء‭ ‬وكيدهن‭ ‬ومكرهن،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬التوحيد‭ ‬والفقه‭ ‬والسير‭ ‬والسياسة‭ ‬وحُسن‭ ‬الملكة‭ ‬والعفو‭ ‬عند‭ ‬المقدرة‭ ‬وحسن‭ ‬المعاشرة،‭ ‬والحيل‭ ‬وتدبير‭ ‬المعاش‭ ‬والمعاد‭ ‬وحسن‭ ‬العاقبة‭ ‬في‭ ‬العفة‭ ‬والجهاد،‭ ‬والخلاص‭ ‬من‭ ‬المرهوب‭ ‬إلى‭ ‬المرغوب،‭ ‬وذكر‭ ‬الحبيب‭ ‬والمحبوب،‭ ‬ومرأى‭ ‬السنين‭ ‬وتعبير‭ ‬الرؤيا،‭ ‬والعجائب‭ ‬التي‭ ‬تصلح‭ ‬للدين‭ ‬والدنيا‭...‬‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬قيل‭ ‬‮«‬يقال‭ ‬لما‭ ‬أخبر‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬أحسن‭ ‬القصص‭ ‬وجد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬لنفسه‭ ‬مزايا‭ ‬وزوائد‭ ‬لتخصيصه‭,‬‭ ‬فعلم‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لم‭ ‬يُرَقِّ‭ ‬أحدًا‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬رقاه‭.. ‬ويقتضي‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬نفرق‭ ‬بين‭ ‬القصة‭ ‬والحكاية‭.‬

وفي‭ ‬دلالة‭ ‬‮«‬المحسنين‮»‬‭ ‬يقول‭ ‬الطبري‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مخرجه‭ ‬ظاهرًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬محسن‭ ‬فالمراد‭ ‬به‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬هذا‭ ‬بيوسف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قاسى‭ ‬ما‭ ‬قاسى‭ ‬ثم‭ ‬أعطيته‭ ‬ما‭ ‬أعطيته،‭ ‬كذلك‭ ‬أنجيك‭ ‬من‭ ‬مشركي‭ ‬قومك،‭ ‬الذين‭ ‬يقصدونك‭ ‬بالعداوة،‭ ‬وأمكِّن‭ ‬لك‭ ‬في‭ ‬الأرض‮»‬‭.‬

فالنص‭ ‬يحمل‭ ‬دلالة‭ ‬حكمية‭ ‬وتبشيرية‭ ‬خارج‭ ‬النص،‭ ‬لما‭ ‬ارتبط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬سبب‭ ‬نزول‭.‬

 

الدلالة‭ ‬بين‭ ‬القصة‭ ‬والحكاية

أما‭ ‬‮«‬القصص‮»‬‭ ‬فاتبــاع‭ ‬الخــــبر‭ ‬بعضــــه‭ ‬بعضا،‭ ‬وأصله‭ ‬في‭ ‬اللغة‭: ‬المتابعة،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬وَقَالَتْ‭ ‬لِأُخْتِهِ‭ ‬قُصِّيهِ‭}‬‭ (‬11‭) ‬سورة‭ ‬القصص‭. ‬أي‭: ‬اتبعي‭ ‬أثره،‭ ‬وقال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬فَارْتَدَّا‭ ‬عَلَى‭ ‬آثَارِهِمَا‭ ‬قَصَصًا‭}‬‭ (‬64‭) ‬سورة‭ ‬الكهف،‭ ‬أي‭: ‬اتباعا‭.‬

وإنما‭ ‬سميت‭ ‬الحكاية‭ ‬قصصًا،‭ ‬لأن‭ ‬الذي‭ ‬يقص‭ ‬الحديث‭ ‬يذكر‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا،‭ ‬كما‭ ‬يقال‭: ‬تلا‭ ‬القرآن،‭ ‬إذا‭ ‬قرأه،‭ ‬أي‭ ‬يتلو،‭ ‬أي‭ ‬يتبع‭ ‬ما‭ ‬حفظ‭ ‬منه‭ ‬آية‭ ‬بعد‭ ‬آية،‭ ‬والقصص‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬يحتمل‭ ‬مصدرًا‭ ‬بمعنى‭ ‬الاقتصاص،‭ ‬يقال‭: ‬قص‭ ‬الحديث‭ ‬يقصه‭ ‬وقصصا،‭ ‬إذا‭ ‬رواه‭ ‬وساقه‭..‬

ولماذا‭ ‬قال‭ ‬الحق‭ ‬‮«‬نقص‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬يقل‭: ‬نحكي؟‭! ‬لاشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المعنى‭ ‬اللغوي‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬الرازي‭ ‬يعد‭ ‬سببا‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬ففي‭ ‬القص‭ ‬دقة‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬الخبر،‭ ‬وفيها‭ ‬لون‭ ‬من‭ ‬التنظـــيم‭ ‬والترتيب‭ ‬يدل‭ ‬عليه‭ ‬أصل‭ ‬تلك‭ ‬الكلمة‭: ‬إذ‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬تتبُّع‭ ‬الأثر‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا‭.‬

أما‭ ‬‮«‬الحكاية‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬الفعل‭ ‬‮«‬يحكي‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬تنصرف‭ ‬إلى‭ ‬الإتيان‭ ‬على‭ ‬مثال‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الأخرى‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬تحكي‭ ‬في‭ ‬أصلها‭ ‬اللغوي‭ ‬من‭ ‬معنى‭ ‬المحاكاة،‭ ‬إذ‭ ‬يقال‭: ‬حكيت‭ ‬فلانا‭ ‬وحاكيته‭: ‬فعلت‭ ‬مثل‭ ‬فعله،‭ ‬أو‭ ‬قلت‭: ‬مثل‭ ‬قوله،‭ ‬وقص‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬على‭ ‬مثال‭ ‬سبق‭ ‬سبحانه‭ ‬‭{‬بَدِيعُ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالأَرْضِ‭}‬‭ (‬117‭) ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬وسبب‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفعل‭ ‬حكاه‭ ‬وحاكاه‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يستعمل‭ ‬في‭ ‬القبيح‭.‬

دلالة‭ ‬الغفلة‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬والمعنى‭ ‬المجاز‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‭{‬وَإِن‭ ‬كُنتَ‭ ‬مِن‭ ‬قَبْلِهِ‭ ‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬فقد‭ ‬قيل‭ ‬فيها‭: ‬أي‭: ‬إنك‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬معرفتها‭ ‬بكدك‭ ‬وجهدك‭ ‬ولا‭ ‬بطلبك‭ ‬وجدك،‭ ‬بل‭ ‬هذه‭ ‬مواهب‭ ‬لا‭ ‬مكاسب،‭ ‬فبعطائنا‭ ‬وجدتها‭ ‬لا‭ ‬بعنائك،‭ ‬وبتفضلنا‭ ‬لا‭ ‬بتعلُّمك،‭ ‬وبتلطفنا‭ ‬لا‭ ‬بتكلفك،‭ ‬وبنا‭ ‬لا‭ ‬بك‭.‬

وفي‭ ‬قوله‭ ‬‭{‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬قيل‭: ‬أي‭ ‬من‭ ‬الغافلين‭ ‬عما‭ ‬عرفناك‭.‬

وهو‭ ‬اتجاه‭ ‬حسن‭ ‬نحو‭ ‬التفسير‭ ‬اللغوي‭ ‬للكلمة‭ ‬لا‭ ‬التفسير‭ ‬الاصطلاحي،‭ ‬فقد‭ ‬قيل‭: ‬‮«‬الغفلة‭ ‬عن‭ ‬الشيء‭: ‬هي‭ ‬ألا‭ ‬يخطر‭ ‬بباله‮»‬‭. ‬وقيل‭: ‬الغفلة‭: ‬‮«‬هي‭ ‬سهو‭ ‬يعتري‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬التحفظ‭ ‬والتيقظ‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المفردات‭: ‬غفل‭: ‬الغفلة‭ ‬سهو‭ ‬يعتري‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬التحفظ‭ ‬والتيقظ‭: ‬يقال‭: ‬غفل‭ ‬فهو‭ ‬غافل‭. ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬لَقَدْ‭ ‬كُنتَ‭ ‬فِي‭ ‬غَفْلَةٍ‭ ‬مِّنْ‭ ‬هَذَا‭}‬‭ (‬22‭) ‬سورة‭ ‬ق،‭ ‬‭{‬وَهُمْ‭ ‬فِي‭ ‬غَفْلَةٍ‭ ‬مَّعْرِضُونَ‭}‬‭ (‬1‭) ‬سورة‭ ‬الأنبياء،‭ ‬‭{‬وَدَخَلَ‭ ‬الْمَدِينَةَ‭ ‬عَلَى‭ ‬حِينِ‭ ‬غَفْلَةٍ‭ ‬مِّنْ‭ ‬أَهْلِهَا‭}‬‭ (‬15‭) ‬سورة‭ ‬القصص،‭ ‬‭{‬وَهُمْ‭ ‬عَن‭ ‬دُعَائِهِمْ‭ ‬غَافِلُونَ‭}‬‭ (‬5‭) ‬سورة‭ ‬الأحقاف،‭ ‬‭{‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف،‭ ‬‭{‬هُمُ‭ ‬الْغَافِلُونَ‭}‬‭ (‬179‭) ‬سورة‭ ‬الأعراف،‭ ‬‭{‬بِغَافِلٍ‭ ‬عَمَّا‭ ‬يَعْمَلُونَ‭}‬‭ (‬144‭) ‬سورة‭ ‬البقرة‭{‬لَوْ‭ ‬تَغْفُلُونَ‭ ‬عَنْ‭ ‬أَسْلِحَتِكُمْ‭}‬‭ (‬102‭) ‬سورة‭ ‬النساء‭{‬فَهُمْ‭ ‬غَافِلُونَ‭}‬‭ (‬6‭) ‬سورة‭ ‬يــس‭ ‬‭{‬عَنْهَا‭ ‬غَافِلِينَ‭}‬‭ (‬136‭) ‬سورة‭ ‬الأعراف‭.‬

وقد‭ ‬أورد‭ ‬الفيروزابادي‭ ‬في‭ ‬بصائر‭ ‬معنى‭ ‬عشرة‭ ‬للغفلة‭.‬

أما‭ ‬المعنى‭ ‬الشرعي‭ ‬أو‭ ‬الاصطلاحي‭ ‬للغفلة‭ ‬فهو‭: ‬متابعة‭ ‬النفس‭ ‬ما‭ ‬تشتهيه‭.‬

وذلك‭ ‬المعنى‭ ‬الاصطلاحي‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬نسبته‭ ‬إلى‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬ومناط‭ ‬تفسير‭ ‬الآيات‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬بالسوابق‭ ‬واللواحق،‭ ‬فالحق‭ ‬يقول‭ ‬‭{‬نَحْنُ‭ ‬نَقُصُّ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬ثم‭ ‬يزيلها‭ ‬بقوله‭ ‬‭{‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬فالغفلة‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬ورود‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬وقد‭ ‬حكاها‭ ‬الله‭ ‬لنبيه‭ ‬تسلية‭ ‬له‭ ‬عما‭ ‬يلاقيه‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬مكة،‭ ‬وتثبيتا‭ ‬لقلبه‭.‬

فالغفلة‭ ‬متعلقة‭ ‬بالقصــص‭ ‬الذي‭ ‬يقصه‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه،‭ ‬ويؤيده‭ ‬الرازي‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬‭{‬لَمِنَ‭ ‬الْغَافِلِينَ‭}‬‭ (‬3‭) ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬قال‭: ‬‮«‬من‭ ‬غافلين‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬يوسف‭ ‬وإخوته،‭ ‬لأنه‭ - ‬عليه‭ ‬السلام‭ - ‬علم‭ ‬ذلك‭ ‬بالوحي،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬قال‭: ‬المــــراد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الغافلين‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬والشريعة‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭{‬وَكَذَلِكَ‭ ‬أَوْحَيْنَا‭ ‬إِلَيْكَ‭ ‬رُوحًا‭ ‬مِّنْ‭ ‬أَمْرِنَا‭ ‬مَا‭ ‬كُنتَ‭ ‬تَدْرِي‭ ‬مَا‭ ‬الْكِتَابُ‭ ‬وَلَا‭ ‬الْإِيمَانُ‭}‬‭ (‬52‭) ‬سورة‭ ‬الشورى‭.‬

وأرى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعدًا‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بمقامه‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬أدبًا‭ ‬أن‭ ‬نصرف‭ ‬الغفلة‭ ‬إلى‭ ‬الغفلة‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬والشريعة،‭ ‬فرسول‭ ‬الله‭ ‬‭- ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ - ‬نبي‭ ‬وآدم‭ ‬منجدل‭ ‬في‭ ‬طينته،‭ ‬إن‭ ‬الآية‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬العلم‭ ‬لدى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ - ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ - ‬إلهي‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه،‭ ‬فقد‭ ‬علمه‭ ‬الله‭ ‬كتابه‭ ‬وعلمه‭ ‬ماهية‭ ‬الإيمان،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬‭{‬وَعَلَّمَكَ‭ ‬مَا‭ ‬لَمْ‭ ‬تَكُنْ‭ ‬تَعْلَمُ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬فَضْلُ‭ ‬اللّهِ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬عَظِيمًا‭}‬‭ (‬113‭) ‬سورة‭ ‬النساء

‭ ‬وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬‭{‬وَمَا‭ ‬يَنطِقُ‭ ‬عَنِ‭ ‬الْهَوَى‭ ‬‭*‬‭ ‬إِنْ‭ ‬هُوَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬وَحْيٌ‭ ‬يُوحَى‭}‬‭ (‬3‭ - ‬4‭) ‬سورة‭ ‬النجم‭.‬

وهكذا‭ ‬تـــــناولت‭ ‬الدراسة‭ ‬بالتحليل‭ ‬والتعليل‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الألفاظ‭ ‬الدلالية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬الدلالي‭ ‬بل‭ ‬الإعجازي‭ ‬في‭ ‬سورة‭ (‬قصة‭) ‬يوسف‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬‭.