33 عامًا سفيرًا للكويت في القارة السمراء عبدالرحمن السميط .. خادم الفقراء والمـحتاجين في إفريقيا

33 عامًا سفيرًا للكويت في القارة السمراء  عبدالرحمن السميط ..  خادم الفقراء والمـحتاجين في إفريقيا

عبدالرحمن‭ ‬السميط،‭ ‬طبيب‭ ‬كويتي،‭ ‬هجر‭ ‬حياة‭ ‬الرفاهية‭ ‬والترف‭ ‬واتجه‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬متطوعًا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الفقراء‭ ‬والمحتاجين،‭ ‬أمضى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬والدعوي،‭ ‬وكان‭ ‬بحق‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الرجالات‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإفريقي‭ ‬والعالمي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترجم‭ ‬عمليًا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2013‭ ‬أثناء‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربي‭ ‬–‭ ‬الإفريقي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬إطلاق‭ ‬جائزة‭ ‬سنوية‭ ‬بقيمة‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬تحمل‭ ‬اسمه‭ ‬تخصص‭ ‬للأبحاث‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتشرف‭ ‬عليه‭ ‬مؤسسة‭ ‬الكويت‭ ‬للتقدم‭ ‬العلمي‭. ‬

يوم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬نعته‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬والعالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬والإفريقي،‭ ‬وكتب‭ ‬عنه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬والمقالات‭ ‬وتحول‭ ‬رحيله‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الجسر‭ ‬الذي‭ ‬بناه‭ ‬طيلة‭ ‬33‭ ‬عامًا‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬والكويت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برقيات‭ ‬التعازي‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬على‭ ‬بلده‭ ‬وقيادتها،‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬ومسئولين‭ ‬أفارقة‭. ‬

اشتهر‭ ‬بكونه‭ ‬خادم‭ ‬فقراء‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فقد‭ ‬أعطى‭ ‬للكويت‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬ونشاطه‭ ‬والمساعدات‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬للمحتاجين‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬فكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬موضوع‭ ‬التخصص‭ ‬الجغرافي‭ ‬بساحة‭ ‬العمل‭ ‬الإسلامي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لجنة‭ ‬مسلمي‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬العون‭ ‬المباشر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬باشرت‭ ‬أعمالها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القارة‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1984،‭ ‬وكذلك‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬بادر‭ ‬بتقديم‭ ‬مشروع‭ ‬كفالة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإسلامي‭. ‬

عندما‭ ‬يسأل،‭ ‬لماذا‭ ‬إفريقيا‭ ‬بالذات؟‭ ‬كان‭ ‬يجيب،‭ ‬بما‭ ‬معناه‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نعمل‭ ‬لوصل‭ ‬ما‭ ‬انقطع‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬من‭ ‬جـــهة‭ ‬وبـــيـــــن‭ ‬الأفارقة‭ ‬من‭ ‬جهــــة‭ ‬ثانــــية،‭ ‬فهــــذه‭ ‬القــــارة‭ ‬تعتـــبــر‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرا‭ ‬والأقل‭ ‬خدمات‭ ‬بين‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬الجغرافية،‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬مالاوي‭ ‬لبناء‭ ‬مسجد‭ ‬تبرعت‭ ‬بـــه‭ ‬سـيدة‭ ‬كويتـــية‭ ‬اشترطت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ووقع‭ ‬الاختيار‭ ‬على‭ ‬مالاوي،‭ ‬ومن‭ ‬هناك‭ ‬كانت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬والصحوة‭ ‬بعدما‭ ‬رأى‭ ‬بأم‭ ‬عينه‭ ‬مظاهر‭ ‬الفقر‭ ‬والحاجة‭.‬

وجد‭ ‬سعادته‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬المال،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خادمًا‭ ‬لهذا‭ ‬اليتيم‭ ‬أو‭ ‬ذلك‭ ‬الفقير،‭ ‬وأجمل‭ ‬لحظات‭ ‬حياته‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬اليتــيــم‭ ‬الذي‭ ‬جاءه‭ ‬حافي‭ ‬القدمين‭ ‬وجــائعًا‭ ‬وقد‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬طبيب‭ ‬أو‭ ‬مهندس‭ ‬أو‭ ‬أستاذ‭ ‬جامعي،‭ ‬فقد‭ ‬جسَّد‭ ‬معنى‭ ‬الإسلام‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقــــع‭ ‬بعـيدًا‭ ‬عن‭ ‬الخطابات‭ ‬الدعوية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬العون‭ ‬المباشر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬هناك‭ ‬وصارت‭ ‬من‭ ‬أكـــبر‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬حيث‭ ‬تضم‭ ‬بمرافقها‭ ‬التعليميــــة‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬طالب،‭ ‬ولديها‭ ‬أربع‭ ‬جامعات‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الإذاعات،‭ ‬وحفرت‭ ‬حوالي‭ ‬8600‭ ‬بئر‭ ‬مياه،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تدريب‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬آلاف‭ ‬داعية‭. ‬

يعتقد‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬خبرته‭ ‬الطويلة‭ ‬أن‭ ‬صانعي‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يتحملون‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬أحوال‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬يوجهون‭ ‬أنظارهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬نحو‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬تحوم‭ ‬حولهم‭ ‬رائحة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يهملون‭ ‬ما‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬وغياب‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وضعف‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬التعليم‭. ‬

دأب‭ ‬على‭ ‬الجهر‭ ‬بالنشاطات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬ووضعها‭ ‬تحت‭ ‬المجهر‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬الحركات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والأصولية‭ ‬واتهامها‭ ‬بالإرهاب‭ ‬ولصقها‭ ‬بالإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬فقد‭ ‬نأى‭ ‬بنفسه‭ ‬وبالجمعية‭ ‬التي‭ ‬يرأسها‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدائرة،‭ ‬وليس‭ ‬عنده‭ ‬ما‭ ‬يخفيه‭ - ‬على‭ ‬حد‭ ‬قوله‭ ‬للزميل‭ ‬حسن‭ ‬عبدالله‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الوطن‮»‬‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬على‭ ‬حلقات‭ ‬رحلته‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا‭ - ‬‮«‬فكل‭ ‬أسماء‭ ‬المتبرعين‭ ‬والمتبرعات‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬السجلات،‭ ‬وكذلك‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬التبرع‭ ‬وأين‭ ‬ذهبت‭ ‬الأموال،‭ ‬فالشفافية‭ ‬عندنا‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مؤسسة‭ ‬لديها‭ ‬سبع‭ ‬درجات‭ ‬رقابة‭ ‬مالية‮»‬،‭ ‬والذي‭ - ‬كما‭ ‬يضيف‭ - ‬‮«‬يعمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬متهم‭ ‬حتى‭ ‬يثبت‭ ‬العكس‮»‬‭. ‬

على‭ ‬مدى‭ ‬33‭ ‬عامًا،‭ ‬كان‭ ‬يقضي‭ ‬سنويًا‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭ ‬تقريبًا‭ ‬داخل‭ ‬القرى‭ ‬والمناطق‭ ‬الريفية‭ ‬النائية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والشهرين‭ ‬المتبقيين‭ ‬يمضيهما‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬لمتابعة‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بأنشطته‭ ‬الخيرية،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬التنقلات‭ ‬يصطحب‭ ‬زوجته،‭ ‬فقد‭ ‬بنى‭ ‬بيتًا‭ ‬في‭ ‬مدغشقر‭ ‬وبقي‭ ‬فيه‭ ‬مدة‭ ‬عامين،‭ ‬اتبع‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬فكرة‭ ‬عمل‭ ‬المشاريع‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬الأموال‭ ‬مباشرة،‭ ‬وكان‭ ‬يشتري‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬موسمها‭ ‬بسبب‭ ‬رخصها،‭ ‬ثم‭ ‬يبيعها‭ ‬للمزارعين‭ ‬بسعر‭ ‬الكلفة‭ ‬عندما‭ ‬ترتفع‭ ‬أسعارها‭. ‬

آمن‭ ‬بالعمل‭ ‬الجماعي‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬‮«‬مؤسسات‭ ‬خيرية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬والرجل‭ ‬الأوحد،‭ ‬فأكثر‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬والتجارب‭ ‬والخبرات‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬العون‭ ‬المباشر‮»‬‭ ‬واجهة‭ ‬حقيقية‭ ‬لـ«أبو‭ ‬صهيب‮»‬‭ ‬والفريق‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬معه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استوجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬التكريم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬بنين‭ ‬الذي‭ ‬منحه‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬وسام‭ ‬الجمهورية‭ ‬للاستحقاق‭ ‬بدرجة‭ ‬فارس،‭ ‬تكريمًا‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وجهوده‭ ‬الخيرية‭ ‬التي‭ ‬أوصلها‭ ‬لشعب‭ ‬بنين‭.‬

عمل‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينــيات‭ ‬كملحق‭ ‬صحفي‭ ‬في‭ ‬سفارة‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬كينيا،‭ ‬وكانت‭ ‬فرصة‭ ‬لديه‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬المسلمين‭ ‬والمواطنيـــن‭ ‬الأفارقــــة،‭ ‬فــقد‭ ‬تكونت‭ ‬لديــــه‭ ‬قــــناعة‭ ‬نتيجة‭ ‬قراءاته‭ ‬ودراساته‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬سبق‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإنساني،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يستشهد‭ ‬بالرســول‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم،‭ ‬والذي‭ ‬أخــــبر‭ ‬أن‭ ‬امرأة‭ ‬ساقطة‭ ‬دخلت‭ ‬الجنة‭ ‬لأنها‭ ‬سقـــت‭ ‬كلبًا‭ ‬عطــشانًا‭ ‬وأن‭ ‬امرأة‭ ‬ثانية‭ ‬دخلت‭ ‬النار‭ ‬لأنها‭ ‬حبست‭ ‬قطة‭ ‬حتى‭ ‬ماتت،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالإنسان؟‭ (‬راجع‭ ‬صحيفة‭ ‬الوطن‭ ‬الكويتية‭ ‬ذ‭ ‬حسن‭ ‬عبدالله‭ ‬ذ‭ ‬2013‭). ‬

مارس‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬كطبيب‭ ‬اختصاصي‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الصباح‭ ‬بدولة‭ ‬الكويت‭ ‬وطبيب‭ ‬ممارس‭ ‬في‭ ‬مونتريال‭ ‬بكندا‭ ‬وطبيب‭ ‬متخصص‭ ‬بمستشفى‭ ‬الكلية‭ ‬الملكية‭ ‬بلندن‭ (‬1980-1983‭) ‬بعدما‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬وحدث‭ ‬أن‭ ‬تعرض‭ ‬أثناءها‭ ‬للاعتقال‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المخابرات،‭ ‬وفي‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬أثناء‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭ ‬للكويت‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬وحمل‭ ‬شهادة‭ ‬دبلوم‭ ‬بأمراض‭ ‬مناطق‭ ‬حارة‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ليفربول‭ ‬البريطانية‭ ‬عام‭ ‬1974،‭ ‬ثم‭ ‬تخصص‭ ‬بالأمراض‭ ‬الباطنية‭ ‬بجامعة‭ ‬ماكغيل‭ ‬بمستشفى‭ ‬مونتريال‭ ‬الكندي‭ ‬عام‭ ‬1978‭.‬

أنتج‭ ‬عشرة‭ ‬مؤلفات‭ ‬حصيلة‭ ‬رحلته‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وبذلك‭ ‬كان‭ ‬مثالًا‭ ‬على‭ ‬التزاوج‭ ‬بين‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬والإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬قدَّم‭ ‬فيه‭ ‬حصيلة‭ ‬علمية‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬واقعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬شغلها،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬البيئات‭ ‬التي‭ ‬اختبرها‭ ‬بنفسه‭ ‬وأكسبته‭ ‬معرفة‭ ‬جديدة‭ ‬أخرجها‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭.‬

روايات‭ ‬تحدث‭ ‬عنها،‭ ‬عكست‭ ‬روحًا‭ ‬إيجابية‭ ‬كان‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬وتصميمًا‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬إكمال‭ ‬مشواره‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬واجهته،‭ ‬لم‭ ‬يحاول‭ ‬ربط‭ ‬المساعدة‭ ‬التي‭ ‬يسديها‭ ‬بشخص‭ ‬أو‭ ‬بدين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬بأنه‭ ‬أبعد‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شبهات،‭ ‬ففي‭ ‬مالي‭ - ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ - ‬أقام‭ ‬مخيمًا‭ ‬لعلاج‭ ‬أمراض‭ ‬العيون‭ ‬ومعه‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬الاستشاريين‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين،‭ ‬وكانت‭ ‬النتــــائج‭ ‬مرضية‭ ‬جدًا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمستشفيات‭ ‬الموجودة‭ ‬هناك،‭ ‬وكان‭ ‬يجري‭ ‬والفريق‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬معه‭ ‬حوالي‭ ‬500‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مخـــيم‭ ‬يقومون‭ ‬ببنائه‭.‬

من‭ ‬المؤسسين‭ ‬الذين‭ ‬لهم‭ ‬باع‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جمعيات‭ ‬وهيئات‭ ‬مدنية‭ ‬تطوعية،‭ ‬فقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬فرع‭ ‬لجمعية‭ ‬الأطباء‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬فرع‭ ‬شرق‭ ‬كندا،‭ ‬وتأسيس‭ ‬فروع‭ ‬الجمعية‭ ‬الطبية‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬مونتريال‭  ‬وشيربروك‭ ‬وكويبك‭ ‬وغيرها‭ ‬1974‭-‬1976،‭ ‬وتأسيس‭ ‬لجنة‭ ‬مسلمي‭ ‬مالاوي‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬1980‭ ‬وتأسيس‭ ‬لجنة‭ ‬مسلمي‭ ‬إفريقيا‭ (‬أول‭ ‬مؤسسة‭ ‬إسلامية‭ ‬متخصصة‭) ‬1981،‭ ‬وتأسيس‭ ‬لجنة‭ ‬الإغاثة‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬320‭ ‬ألف‭ ‬مسلم‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬جوعا‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وموزمبيق‭ ‬وكينيا‭ ‬والصومال‭ ‬وجيبوتي‭ ‬خلال‭ ‬مجاعة‭ ‬1984‭ ‬وكان‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬لجنة‭ ‬مسلمي‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬أكبر‭ ‬منظمة‭ ‬عربية‭ ‬إسلامية‭ ‬عاملة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

كذلك‭ ‬عُرفت‭ ‬عضويته‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬مثل‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية،‭ ‬ومقرها‭ ‬الكويت‭ ‬والمجلس‭ ‬الإسلامي‭ ‬العالمي‭ ‬للدعوة‭ ‬والإغــاثة‭ ‬الذي‭ ‬يتخذ‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬مقرًا‭ ‬له‭ ‬وجمعية‭ ‬النجاة‭ ‬الخيرية‭ ‬الكويتية،‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الكويتي‭ ‬وعضو‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬منظمة‭ ‬الدعوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬ومجلس‭ ‬أمناء‭ ‬جامعة‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

من‭ ‬الجوائز‭ ‬الرفيعة‭ ‬التي‭ ‬نالها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬تقديرًا‭ ‬لأعماله‭ ‬ومكافأة‭ ‬على‭ ‬جهوده‭ ‬الإنسانية،‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل‭ ‬العالمية‭ ‬لخدمة‭ ‬الإسلام،‭ ‬والتي‭ ‬تبرع‭ ‬بقيمتها‭ (‬750‭ ‬ألف‭ ‬ريال‭ ‬سعودي‭) ‬لتكون‭ ‬نواة‭ ‬للوقف‭ ‬التعليمي‭ ‬لأبناء‭ ‬إفريقيا،‭ ‬والذي‭ ‬أسعده‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قريبًا‭ ‬منهم‭ ‬ولذلك‭ ‬اختار‭ ‬جزيرة‭ ‬مدغشقر‭ ‬ليبني‭ ‬فيها‭ ‬مسكنًا‭ ‬له‭. ‬واستحق‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬سفير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬وجها‭ ‬مشرقًا‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬فيها‭ ‬ورسم‭ ‬بجهوده‭ ‬ومساعيه‭ ‬صورة‭ ‬مثلى‭ ‬للمواطن‭ ‬الكويتي‭ ‬المحب‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬والإنسانية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفرقة‭ ‬أو‭ ‬تمييز‭. ‬

كرّس‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬السميط‭ ‬حياته‭ ‬لمساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬والفقراء‭ ‬وكان‭ ‬بحق‭ ‬خادمهم،‭ ‬ترك‭ ‬وراءه‭ ‬إرثا‭ ‬حضاريا‭ ‬ونموذجا‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬ذي‭ ‬الصبغة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬أصابها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التشوه‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭. ‬

عمله‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام،‭ ‬بل‭ ‬بنى‭ ‬المدارس‭ ‬واهتم‭ ‬بالتعليم‭ ‬وشيَّد‭ ‬الجامعات‭ ‬وحصل‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأكاديمي‭ ‬لتكون‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬أشاع‭ ‬ثقافتي‭ ‬الانفتاح‭ ‬والاعتدال‭ ‬التي‭ ‬يؤمن‭ ‬بها‭ ‬كمواطن‭ ‬كويتي‭ ‬مسلم‭ ‬ترك‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭ ‬ليصبح‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬رجالات‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬بشهادة‭ ‬الذين‭ ‬عايشوه‭ ‬وعملوا‭ ‬معه‭ ‬‭.