اضطرابات النوم

اضطرابات النوم

النوم‭ ‬يُعرَّف‭ ‬بأنه‭ ‬حالة‭ ‬فسيولوجية‭ ‬يفتقد‭ ‬فيها‭ ‬الفرد‭ ‬الاستجابة‭ ‬الحسية‭ ‬والحركية‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية‭ ‬المحيطة‭ ‬به،‭ ‬ويتميز‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬تشمل‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬والعضلات،‭ ‬ويصاحبه‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬الرقاد‭ ‬وعدم‭ ‬الحركة‭. ‬

والنوم‭ ‬إحدى‭ ‬الحاجات‭ ‬الفسيولوجية‭ ‬الأساسية‭ ‬لبقاء‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬فكل‭ ‬إنسان‭ ‬بحاجة‭ ‬دائمة‭ ‬إلى‭ ‬النوم‭. ‬وتتأكد‭ ‬أهميته‭ ‬من‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬يقضيها‭ ‬الفرد‭ ‬نائماً‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ربع‭ ‬أو‭ ‬ثلث‭ ‬يومه‭ ‬تقريباً،‭ ‬وما‭ ‬يناهز‭ ‬ثلث‭ ‬حياته‭. ‬ولا‭ ‬يدرك‭ ‬المرء‭ ‬أهمية‭ ‬النوم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬حُرم‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬لليلة‭ ‬واحدة،‭ ‬فالنوم‭ ‬عملية‭ ‬نشطة‭ ‬ومعقدة‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬رقود،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬مرحلة‭ ‬صيانة‭ ‬للجسم‭ ‬وحماية‭ ‬للجهاز‭ ‬العصبي‭ ‬من‭ ‬الإنهاك‭ ‬ووسيلة‭ ‬لاستعادة‭ ‬النشاط‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬العضوي‭ ‬الداخلي‭ ‬للفرد‭. ‬

وأشارت‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬النوم‭ ‬المناسب‭ ‬للفرد‭ ‬يحدد‭ ‬وفقاً‭ ‬للعمر‭ ‬الزمني،‭ ‬فالطفل‭ ‬حديث‭ ‬الولادة‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬النوم‭. ‬ومن‭ ‬عمر‭ ‬شهر‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬14‭ ‬و18‭ ‬ساعة،‭ ‬ومن‭ ‬عمر‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬أعوام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬و15‭ ‬ساعة،‭ ‬ومن‭ ‬عمر‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬أعوام‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬11‭ ‬و13‭ ‬ساعة،‭ ‬ومن‭ ‬عمر‭ ‬5‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬عاماً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬9‭ ‬و11‭ ‬ساعة‭. ‬أما‭ ‬المراهقون،‭ ‬فيصل‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬نومهم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬9‭ ‬و10‭ ‬ساعات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬نوم‭ ‬الراشدين‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬ساعات‭. ‬ويتناقص‭ ‬النوم‭ ‬تدريجياً‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬العمر‭. ‬

ويقول‭ ‬البروفيسور‭ ‬الألماني‭ ‬يورغن‭ ‬تسولي‭ ‬إن‭ ‬النوم‭ ‬الهانئ‭ ‬يعتبر‭ ‬بمنزلة‭ ‬إكسير‭ ‬الصحة‭ ‬والعافية‭ ‬ومفتاح‭ ‬التركيز‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭. ‬ويشير‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬يرتبط‭ ‬بحدوث‭ ‬تغيرات‭ ‬فسيولوجية‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإضرار‭ ‬بالجسم‭ ‬وتدميره‭ ‬والشعور‭ ‬بالتعب‭ ‬والإعياء‭ ‬وفقدان‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬واضطراب‭ ‬الحالة‭ ‬المزاجية،‭ ‬ويصاحب‭ ‬ذلك‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬دقات‭ ‬القلب،‭ ‬كما‭ ‬يصبح‭ ‬تخطيط‭ ‬الدماغ‭ ‬غير‭ ‬منتظم،‭ ‬فقلة‭ ‬النوم‭ ‬تضاعف‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الموت‭ ‬المبكر‭ ‬بمعدل‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات،‭ ‬وكذلك‭ ‬حدوث‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬إفراز‭ ‬الهرمونات،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬والإصابة‭ ‬بمرض‭ ‬السكري‭. ‬

ويشير‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬اضطرابات‭ ‬النوم‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬تتصف‭ ‬بها‭ ‬دورة‭ ‬النوم،‭ ‬وتؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬النوم‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬نظامه‭ ‬لدى‭ ‬الفرد،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬ضمن‭ ‬أعراض‭ ‬لأمراض‭ ‬نفسية‭ ‬وجسمية‭ ‬كثيرة،‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬مستقلة‭ ‬بذاتها‭. ‬وسنعرض‭ ‬في‭ ‬الفقرات‭ ‬التالية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬شيوعاً،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭: ‬

الأرق‭ ‬Insomnia‭: ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬شيوعاً،‭ ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬امتناع‭ ‬النوم‭ ‬الكافي‭ ‬عن‭ ‬الراغب‭ ‬في‭ ‬النوم،‭ ‬ويحدث‭ ‬لدى‭ ‬الإناث‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الذكور،‭ ‬وهو‭ ‬يأتي‭ ‬بكيفيات‭ ‬مختلفة،‭ ‬منها‭ ‬صعوبة‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬والاستفاقة‭ ‬المتكررة‭ ‬ليلاً‭ ‬أو‭ ‬الاستفاقة‭ ‬المبكرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬الجسم‭ ‬كفايته‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬وتعذر‭ ‬النوم‭ ‬بعدها،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬سبب‭ ‬الأرق‭ ‬نفسياً‭ ‬أو‭ ‬عقلياً‭ ‬أو‭ ‬جسمانياً‭ ‬أو‭ ‬نتيجة‭ ‬انشغال‭ ‬الفرد‭ ‬بمشكلات‭ ‬الحياة‭ ‬والضغوط‭. 

النوم‭ ‬المفرط‭ ‬Hypersomnia‭: ‬هو‭ ‬نقيض‭ ‬الأرق،‭ ‬وفيه‭ ‬تطول‭ ‬ساعات‭ ‬النوم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬الحد‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬الطبيعي،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬مظاهره‭ ‬الميل‭ ‬إلى‭ ‬النوم‭ ‬المبكر‭ ‬عن‭ ‬المواعيد‭ ‬المعتادة‭ ‬للذهاب‭ ‬إلى‭ ‬النوم،‭ ‬وصعوبة‭ ‬الاستفاقة‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬والشعور‭ ‬بالتعب‭ ‬والإجهاد‭ ‬بعد‭ ‬الاستيقاظ‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬راجعاً‭ ‬إلى‭ ‬الإصابة‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬أو‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬السمنة‭ ‬المفرطة‭. ‬

اختناق‭ ‬النوم‭ ‬Sleep Apnea‭: ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الخطيرة‭ ‬والمهددة‭ ‬لحياة‭ ‬الفرد،‭ ‬وسبب‭ ‬خطورته‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التنفس‭ ‬يتوقف‭ ‬أو‭ ‬يصبح‭ ‬سطحياً‭ ‬جداً‭ ‬أثناء‭ ‬النوم‭. ‬وتكون‭ ‬وقفة‭ ‬التنفس‭ ‬لمدة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬10و20‭ ‬ثانية‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬وهذه‭ ‬الوقفة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬أثناء‭ ‬الليل،‭ ‬ولذلك‭ ‬يستفيق‭ ‬النائم‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬للتنفس،‭ ‬لأنه‭ ‬يشعر‭ ‬بالاختناق‭ ‬وليعوض‭ ‬نقص‭ ‬الأكسجين‭ ‬لديه‭. ‬

صرير‭ ‬الأسنان‭ ‬Bruxism‭: ‬يعاني‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬أثناء‭ ‬نومهم‭ ‬من‭ ‬نوبات‭ ‬متكررة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬صرير‭ ‬الأسنان،‭ ‬التي‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬الحركة‭ ‬الانقباضية‭ ‬المتوالية‭ ‬لعضلات‭ ‬الفك،‭ ‬حيث‭ ‬يضغط‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬أسنانه‭ ‬محدثاً‭ ‬صوتاً‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يطحن‭ ‬شيئاً‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬فمه‭. ‬والنائم‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬يحس‭ ‬بذلك،‭ ‬ويتابع‭ ‬نومه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استيقاظ،‭ ‬ولا‭ ‬يشعر‭ ‬بالألم‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يستيقظ‭. ‬وقد‭ ‬يسبب‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الأسنان‭ ‬تلفاً‭ ‬شديداً‭ ‬فيها‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تآكل‭ ‬في‭ ‬مينا‭ ‬الأسنان‭. ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬تحدث‭ ‬للذين‭ ‬يعانون‭ ‬حالات‭ ‬القلق‭ ‬المقترن‭ ‬بالغضب‭. ‬

اضطراب‭ ‬فزع‭ ‬النوم‭ ‬Sleep Terror‭: ‬هو‭ ‬نوبات‭ ‬من‭ ‬الفزع‭ ‬الشديد‭ ‬تحدث‭ ‬أثناء‭ ‬الثلث‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬النوم،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬نومه‭ ‬جالساً‭ ‬ويصرخ،‭ ‬ويكون‭ ‬لديه‭ ‬شعور‭ ‬بالخوف‭ ‬وسرعة‭ ‬في‭ ‬التنفس‭ ‬وزيادة‭ ‬في‭ ‬معدل‭ ‬ضربات‭ ‬القلب‭ ‬والعرق،‭ ‬واتساع‭ ‬حدقة‭ ‬العين‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬الاستجابة‭ ‬لجهود‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفزع‭. ‬ويتم‭ ‬نسيان‭ ‬النوبة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬التالي‭. ‬

شلل‭ ‬النوم‭ ‬Sleep Paralysis  أو‭ ‬هلاوس‭ ‬النوم‭ ‬Hypnagogic‭ ‬Hallucinations‭: ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬مؤقتة‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬أو‭ ‬الكلام‭ ‬لوهلة‭ ‬ويشعر‭ ‬المرء‭ ‬بأنها‭ ‬تمر‭ ‬ببطء‭ ‬شديد،‭ ‬وتحدث‭ ‬والفرد‭ ‬بين‭ ‬النوم‭ ‬واليقظة،‭ ‬وفيها‭ ‬يحلم‭ ‬بصور‭ ‬كائنات‭ ‬مخيفة‭ ‬أو‭ ‬وهمية‭ ‬أو‭ ‬يسمع‭ ‬أصواتاً‭ ‬أو‭ ‬يحس‭ ‬إحساسات‭ ‬لمسية‭. ‬ويشير‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬مروا‭ ‬بهذه‭ ‬الحالة‭ ‬أثناء‭ ‬النوم‭. ‬وفيها‭ ‬يصحو‭ ‬الفرد‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ،‭ ‬ويشعر‭ ‬بارتخاء‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬جسمه‭. ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬مشكلة،‭ ‬فهي‭ ‬طبيعية‭ ‬رغم‭ ‬ندرتها‭. ‬وقد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬المزعج‭ ‬سببه‭ ‬‮«‬القرين‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬المشايخ‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬ولكن‭ ‬يتم‭ ‬تفسيرها‭ ‬علمياً‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬انقلاب‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الأول‭ ‬للنوم‭ (‬الكلاسيكي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تصاحبه‭ ‬حركات‭ ‬العين‭ ‬السريعة‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ (‬النوم‭ ‬السريع‭ ‬المتميز‭ ‬بحركات‭ ‬العين‭ ‬السريعة‭ ‬وتحدث‭ ‬أثناءه‭ ‬الأحلام‭). ‬

 

علاج‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬

إذا‭ ‬تكررت‭ ‬إحدى‭ ‬مشكلات‭ ‬النوم‭ ‬بمعدل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬أسبوعياً،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الطبيب‭ ‬لتقويم‭ ‬المشكلة،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬تكون‭ ‬مشكلة‭ ‬النوم‭ ‬ثانوية‭ ‬لأي‭ ‬أمراض‭ ‬أو‭ ‬اضطرابات‭ ‬أخرى‭. ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬سوف‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬العلاجية‭ ‬العامة‭ ‬والمساعدة‭ ‬وإلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العلاجات‭ ‬النفسية‭:‬

أولاً‭: ‬الإجراءات‭ ‬العلاجية‭ ‬العامة‭ ‬والمساعدة

‭- ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬تناول‭ ‬الأدوية‭ ‬المنومة‭ ‬أو‭ ‬المهدئة،‭ ‬وينبغي‭ ‬عدم‭ ‬اللجوء‭ ‬إليها‭ ‬إلا‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الطبيب،‭ ‬مع‭ ‬التقيُّد‭ ‬والالتزام‭ ‬بالجرعات،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنها‭ ‬تسبب‭ ‬الخمول‭ ‬وضعف‭ ‬التركيز‭ ‬وقد‭ ‬تتفاعل‭ ‬مع‭ ‬أدوية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬أمراض‭ ‬جسمية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الإدمان‭ ‬عليها‭. ‬

‭- ‬تهيئة‭ ‬مكان‭ ‬النوم،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬تعديل‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الغرفة‭ ‬وتهيئة‭ ‬فراش‭ ‬مناسب‭ ‬للجسم‭ ‬ووسائد‭ ‬مريحة‭ ‬للرأس‭ ‬وارتداء‭ ‬ملابس‭ ‬قطنية‭ ‬واستخدام‭ ‬أغطية‭ ‬للعينين،‭ ‬حيث‭ ‬يشير‭ ‬العلماء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النوم‭ ‬بمنزلة‭ ‬عودة‭ ‬وقتية‭ ‬لرحم‭ ‬الأم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الدفء‭ ‬والظلام‭ ‬وانعدام‭ ‬المثيرات‭ ‬واتخاذ‭ ‬أبداننا‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬ما‭ ‬يقترب‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬الجنين‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الأم‭. ‬

‭- ‬تهيئة‭ ‬الجسم‭ ‬للنوم،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬تثبيت‭ ‬مواعيد‭ ‬النوم‭ ‬والاستيقاظ،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬تناول‭ ‬الأشربة‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كافيين،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬الوجبات‭ ‬الخفيفة،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الوجبات‭ ‬الدسمة،‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭ ‬ليلاً،‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬كميات‭ ‬السوائل،‭ ‬وأخذ‭ ‬حمام‭ ‬دافئ‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭. ‬

‭- ‬ممارسة‭ ‬بعض‭ ‬السلوكيات‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬النوم،‭ ‬ومنها‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭ ‬بفترة‭ ‬كافية،‭ ‬وعدم‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الفراش‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬الشعور‭ ‬بالنعاس،‭ ‬والاستماع‭ ‬إلى‭ ‬موسيقى‭ ‬هادئة‭ ‬أو‭ ‬القراءة،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخين‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭. ‬

ثانياً‭: ‬العلاجات‭ ‬النفسية

نظراً‭ ‬لأن‭ ‬أغلب‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقاً‭ ‬قد‭ ‬تنشأ‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬النفسية‭ ‬والخبرات‭ ‬المحبطة‭ ‬والمشاعر‭ ‬السلبية،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬الفرد‭ ‬لجلسات‭ ‬علاج‭ ‬نفسي‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬أسبابها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بها‭ ‬ومساعدته‭ ‬في‭ ‬حلها،‭ ‬فكل‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحسن‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭. ‬وتوجد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬العلاجية‭ ‬يتم‭ ‬تدريب‭ ‬الفرد‭ ‬عليها،‭ ‬مثل‭ ‬الاسترخاء‭ ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬العائد‭ ‬الحيوي،‭ ‬وتدوين‭ ‬الأفكار‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬ذهنه،‭ ‬وتدريبه‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬بطرق‭ ‬عديدة،‭ ‬وأخيراً‭ ‬يأتي‭ ‬أسلوب‭ ‬الإلهاء‭. ‬

وختاماً،‭ ‬أود‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬علاج‭ ‬اضطرابات‭ ‬النوم‭ ‬يختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬طبيعة‭ ‬الاضطراب‭ ‬ودرجته‭ ‬وأسبابه،‭ ‬وهل‭ ‬يمثل‭ ‬الشكوى‭ ‬الوحيدة‭ ‬لدى‭ ‬الفرد،‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬مرض‭ ‬جسمي‭ ‬أو‭ ‬نفسي‭ ‬أو‭ ‬عقلي،‭ ‬وما‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬بالفرد؟‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تتوافر‭ ‬لديه‭ ‬أسرة‭ ‬داعمة‭ .?