المايسترو فالنتينا ماريا باجنيسكا وأشرف أبواليزيد التعبير الثقافي موسيقيًا وسيلة للحفاظ على تقاليد الأوطان

المايسترو فالنتينا ماريا باجنيسكا وأشرف أبواليزيد التعبير الثقافي موسيقيًا  وسيلة للحفاظ على تقاليد الأوطان

تعيش‭ ‬المايسترو‭ ‬البولندية‭ ‬فالنتينا‭ ‬باجنيسكا‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬أستاذة‭ ‬لفنها‭ ‬الأثير‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للموسيقى،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أدخل‭ ‬آلة‭ ‬الأرغن‭ ‬إلى‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬لمواسم‭ ‬دار‭ ‬الآثار‭ ‬الإسلامية‭. ‬ومع‭ ‬عشقها‭ ‬للتدريس،‭ ‬وعملها‭ ‬كقائد‭ ‬أوركسترا،‭ ‬تعزف‭ ‬فالنتينا‭ ‬فتمتع‭.‬‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬بساط‭ ‬الفن‭ ‬تضيئها‭ ‬هذه‭ ‬الصفحات‭ ‬في‭ ‬حوارها‭ ‬مع‭ ‬أشرف‭ ‬أبواليزيد‭.‬

‭<‬‭ ‬حيرة‭ ‬تتمثل‭ ‬بداية‭ ‬الحوار‭ ‬أمامي‭ ‬وأنت‭ ‬تمثلين‭ ‬هذه‭ ‬العوالم‭ ‬جميعها‭: ‬التدريس‭ ‬الموسيقي‭ ‬بالجامعة‭.. ‬تخطيط‭ ‬البرامج‭ ‬الموسيقية‭.. ‬تأليف‭ ‬النوتات‭ ‬وكذلك‭ ‬عزفها،‭ ‬هي‭ ‬كلها‭ ‬تمثل‭  ‬الموسيقى‭,‬‭ ‬لكنك‭ ‬وحدك‭ ‬تملكين‭ ‬سر‭ ‬جمعها‭ ‬معا‭.. 

‭- ‬سأكون‭ ‬سعيدة‭ ‬حين‭ ‬أتبادل‭ ‬معكم‭ ‬تجاربي‭ ‬وأفكاري‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الكثيرين‭ ‬الذين‭ ‬يهتمون‭ ‬بالموسيقى،‭ ‬وتعلمها،‭ ‬وثقافتها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أعم‭. ‬نعم،‭ ‬بدأت‭ ‬مبكرا‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الموسيقى‭ ‬مساحة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬حياتي‭. ‬الموسيقى‭ ‬عالم‭ ‬ثري‭ ‬ومتنوعة‭ ‬تماما‭. ‬غنية‭ ‬جدا‭ ‬ومتنوعة‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬واحدة‭ ‬للإنسان‭ ‬لا‭ ‬تكفيه‭ ‬كي‭ ‬يتعرف‭ ‬عليها‭ ‬ويكتشفها،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬مكتوبا‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬معزوفا‭ ‬بها،‭ ‬أو‭ ‬اكتساب‭ ‬القدرات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لعزف‭ ‬الموسيقى‭  ‬على‭ ‬نحو‭ ‬راقٍ‭ ‬جدا‭. ‬وأود‭ ‬أن‭ ‬أشرح‭ ‬لماذا‭ ‬اهتممت‭ ‬بمجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬للموسيقى،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬عنها‭ ‬كتاريخ‭ ‬ونظرية‭ ‬وآداب‭ ‬الموسيقى،‭ ‬مرورًا‭ ‬بأداء‭ ‬هذه‭ ‬الموسيقى،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬لتجربتي‭ ‬الأكاديمية‭ ‬في‭ ‬تدريس‭ ‬الموسيقى‭.‬

الشأن‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬هو‭ ‬العملية‭ ‬الفنية،‭ ‬لأنني‭ ‬عازفة،‭ ‬أكتب‭ ‬برامج‭ ‬موسيقية‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬مفهومه‭ ‬الخاص‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أبعث‭ ‬برسائل‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور،‭ ‬كما‭ ‬أكرر‭ ‬غالبا‭ ‬لطلابي‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬موضوع‭ ‬دقيق‭ ‬جدا،‭ ‬مثل‭ ‬الطب‭ ‬والرياضيات‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬أنني‭ ‬درست‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمراكز‭ ‬الموسيقية‭ ‬المرموقة‭ ‬في‭ ‬أوربا،‭ ‬مثل‭ ‬أكاديمية‭ ‬فريدريك‭ ‬شوبان‭ ‬للموسيقى‭ ‬في‭ ‬وارسو،‭ ‬وأكاديمية‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬ريجا،‭ ‬كما‭ ‬أنجزت‭  ‬دراسات‭ ‬عليا،‭ ‬بينها‭ ‬ماجستير‭ ‬للدراسات‭ ‬الموسيقية‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬مختلفة‭ ‬غرب‭ ‬أوربا‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬أساتذة‭ ‬معروفين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

‭<‬‭ ‬لمَ‭ ‬لا‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬الجذور‭ ‬التي‭ ‬روت‭ ‬تلك‭ ‬الشجرة‭ ‬الباسقة‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬الموسيقى‭ - ‬حب‭ ‬الموسيقى‭ - ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭  ‬جذورا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬فالنتينا‭ ‬ماريا‭ ‬باجينسكا‭ ‬لتبدأ‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬مع‭ ‬الموسيقى؟‭ 

بدأت‭ ‬الخطوات‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الموسيقى‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭. ‬أتذكر‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬والداي‭ ‬وأقاربي‭ ‬يجتمعون‭ ‬في‭ ‬منزلنا‭ ‬ليحتفلوا‭ ‬بالعطلات‭ ‬مثل‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد،‭ ‬عيد‭ ‬الفصح،‭ ‬وأعياد‭ ‬الميلاد‭ ‬وحفلات‭ ‬الزفاف‭ ‬وأي‭ ‬مناسبات‭ ‬أخرى‭. ‬بعض‭ ‬أعمامي‭ ‬كانوا‭ ‬يعزفون‭ ‬على‭ ‬الجيتار‭ ‬والبيانو‭ ‬والأكورديون،‭ ‬والمندولين‭ ‬والكمان،‭ ‬وكان‭ ‬آخرون‭ ‬لديهم‭ ‬أصوات‭ ‬غنائية‭ ‬ممتازة‭. ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬طفلة‭ ‬نمطية،‭ ‬ففي‭ ‬المساء‭ ‬خلال‭ ‬اللقاءات‭ ‬العائلية،‭ ‬حين‭ ‬يشعر‭ ‬الأطفال‭ ‬الآخرون‭ ‬بالتعب،‭ ‬ويخلدون‭ ‬للنوم‭ ‬أو‭ ‬يفضلون‭ ‬ألعاب‭ ‬الأطفال،‭ ‬كنت‭ ‬وحدي‭ ‬أطلب‭ ‬الإذن‭ ‬للسهر،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستماع‭ ‬للموسيقى‭. ‬في‭ ‬طفولتنا،‭ ‬بالبيت،‭ ‬وكنا‭ ‬ضمن‭ ‬عائلة‭ ‬كبيرة‭ ‬العدد،‭ ‬كنا‭ ‬نرتب‭ ‬ديكور‭ ‬المكان،‭ ‬ونبدل‭ ‬ملابسنا‭ ‬كي‭ ‬نمثل‭ ‬شخصيات‭ ‬لأدوار‭ ‬مختلفة‭ ‬مقتبسة‭ ‬من‭ ‬الحكايات‭ ‬والقصص‭.‬

‮ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬للتربية‭ ‬الفنية‭ ‬بثته‭ ‬فينا‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لتلك‭ ‬الرياض‭ ‬برنامج‭ ‬موسيقي‭ ‬ثري‭ ‬جدا‭. ‬وكذلك‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬أثناء‭ ‬المرحلة‭ ‬المدرسية،‭ ‬مع‭ ‬نشاط‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬والرياضة‭ ‬والرقص‭ ‬والرسم،‭ ‬انضممت‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬أندية‭ ‬رياضية،‭ ‬وموسيقية‭ ‬ومسرحية،‭ ‬كما‭ ‬اعتدت‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬القصائد‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬المراهقة،‭ ‬وقد‭ ‬نشر‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬القصائد‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭. ‬ومنذ‭ ‬بدأت‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الآلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬وأنا‭ ‬أشارك‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬المدرسية،‭ ‬وكان‭ ‬شغفي‭ ‬الكبير‭ ‬بالمسرح‭ ‬يقدم‭ ‬لي‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭.‬

‭<‬‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬المبكرة،‭ ‬هناك‭ ‬كتابة‭ ‬الشعر،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬زرعت‭ ‬فيك‭ ‬أيضا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭,‬‭ ‬بتفاعيل‭ ‬الشعر‭ ‬وأوزانه؟

‭- ‬أتذكر‭ ‬أنني‭ ‬بدأت‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬القصائد‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة‭ ‬أو‭ ‬الثالثة‭ ‬عشرة‭. ‬كانت‭ ‬طبعا‭ ‬قصائد‭ ‬عن‭ ‬الطبيعة،‭ ‬مثل‭ ‬الربيع‭ ‬الذي‭ ‬يوقظ‭ ‬الجميع،‭ ‬مشاعري‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬الآخرين‭. ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬قصائد‭ ‬بريئة‭ ‬وساذجة‭ ‬جدا،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬مشاعر‭ ‬قوية‭,‬‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬روحي،‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أعبر‭ ‬عنها‭ ‬بالكلمات‭. ‬

‭<‬‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬التعبير‭ ‬بالكلمة‭ ‬أو‭ ‬الموسيقى،‭ ‬لكنه‭ ‬انتقل‭ ‬معك‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الدراسة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬أو‭ ‬الدراسة‭ ‬العالية،‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الدراسة‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬وأنت‭ ‬وجهت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬لأغاني‭ ‬المهرجانات‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭ ‬لتكتبي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬الماجستير،‭  ‬حدثيني‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة؟

‭- ‬أشعر‭ ‬بالإثارة‭ ‬حين‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬على‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭. ‬لتلك‭ ‬الموسيقى‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬معي‭ ‬منذ‭ ‬صغري،‭ ‬اخترت‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لرسالتي‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للموسيقى‭ ‬في‭ ‬وارسو،‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬أختزن‭ ‬تجربة‭ ‬غنية‭ ‬لثقافة‭ ‬البلطيق‭. ‬

حين‭ ‬نعود‭ ‬بالزمن‭ ‬إلى‭ ‬سنوات‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬كتابات‭ ‬بولندية‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬الموسيقى‭ ‬في‭ ‬لاتفيا،‭ ‬لذلك‭ ‬استخدمت‭ ‬اللغات‭ ‬الألمانية‭ ‬واللاتفية‭  ‬والروسية‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادري،‭  ‬مستندة‭ ‬أساسا‭ ‬إلى‭ ‬تجربتي‭ ‬الشخصية،‭ ‬والمعرفة‭ ‬المرجعية‭ ‬لعمل‭ ‬الجوقة‭ ‬الغنائية‭ ‬التي‭ ‬أحيط‭ ‬بها‭ ‬تماما‭.‬

بدأ‭ ‬تاريخ‭ ‬ثقافة‭ ‬لاتفيا‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي؛‭ ‬كنت‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬الوطني‭ ‬البولندي،‭ ‬وكنا‭ ‬نقوم‭ ‬بجولة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬البلطيق‭ ‬أستونيا‭ ‬وليتوانيا‭ ‬ولاتفيا،‭ ‬وفي‭ ‬مدينة‭ ‬ريجا‭ ‬كانت‭ ‬لدي‭ ‬انطباعات‭ ‬وذكريات‭ ‬عن‭  ‬مهرجان‭ ‬الأغنية‭ ‬الوطنية،‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ ‬Svetki‭ ‬Dziesmu‭ ‬Latviešu‭. ‬كانت‭ ‬المدينة‭ ‬كلها‭ ‬تغني‭ ‬وترقص‭ ‬وتعزف،‭ ‬سترى‭ ‬الفرق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والمتنزهات‭ ‬والمسارح،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬قاعة‭ ‬هناك‭ ‬مجموعات‭ ‬تغني‭ ‬وترقص‭. ‬استطعت‭ ‬أيضا‭ ‬خلال‭ ‬المهرجان‭ ‬أن‭ ‬أستمع‭ ‬إلى‭ ‬حفلة‭ ‬لآلة‭ ‬الأرغن،‭ ‬والأرغن‭  ‬هي‭ ‬عشقي‭ ‬الكبير‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬Baznica؛‭ ‬الكاتدرائية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭. ‬

كان‭ ‬هناك‭ ‬أرغن‭ ‬كبير‭ ‬صنعه‭ ‬الموسيقي‭ ‬الألماني‭ ‬الشهير‭ ‬فالكر،‭  ‬في‭ ‬عام‭ ‬1884م،‭ ‬وخلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬أكبر‭ ‬أرغن‭  ‬في‭ ‬أوربا‭. ‬ومنذ‭ ‬تلك‭ ‬الجولة،‭ ‬أصبح‭ ‬حلمي‭ ‬الدراسة‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬ريجا‭. ‬وقد‭ ‬حضرت‭ ‬إلى‭ ‬أكاديمية‭ ‬الموسيقى‭ ‬بمدينة‭ ‬ريغا‭ ‬في‭ ‬لاتفيا،‭ ‬وكانت‭ ‬لي‭ ‬دروس‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬الأرغن‭.‬

‮ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أمضيته‭ ‬في‭ ‬ريجا‭ ‬كان‭ ‬أغنى‭ ‬تجربة‭ ‬موسيقية‭ ‬في‭ ‬حياتي‭. ‬لقد‭ ‬شاهدت‭ ‬أحداثا‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬كان‭ ‬بالغ‭ ‬التأثير‭ ‬فيّ‭. ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬جديدة،‭ ‬لأن‭ ‬المحاضرات‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭ ‬باللغة‭ ‬الوطنية‭. ‬

كنت‭ ‬أغني‭ ‬وأعزف‭ ‬وكذلك‭ ‬أعلّم‭ ‬مجموعة‭ ‬لتكون‭ ‬جوقة‭ ‬لمهرجان‭ ‬الأغنية‭ ‬التالي‭. ‬شارك‭ ‬الآلاف‭ ‬كفنانين،‭ ‬بين‭ ‬الغناء‭ ‬والعزف‭ ‬والرقص،‭ ‬وكان‭ ‬الجميع‭ ‬يرتدون‭ ‬ثيابهم‭ ‬التقليدية،‭ ‬متعددة‭ ‬الألوان‭ ‬الزاهية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تضاهى‭.‬

هذا‭ ‬الحدث‭ ‬يتم‭ ‬تنظيمه‭ ‬كل‭ ‬3‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1873م‭. ‬كان‭ ‬الحفل‭ ‬الأول‭ ‬للمهرجان‭ ‬يضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬مشارك،‭ ‬ومن‭ ‬مصادري‭ ‬أعلم‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ100‭ ‬للمهرجان‭ ‬عام‭ ‬1973م‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬19000‭ ‬مشارك،‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬وصفه‭.‬

ما‭ ‬أود‭ ‬إيجازه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التعبير‭ ‬الثقافي‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكاله‭ ‬كالغناء‭ ‬والعزف‭ ‬والأداء‭ ‬الحركي‭ ‬والمسرح،‭ ‬هو‭  ‬وسيلة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تقاليد‭ ‬البلاد‭. ‬إعداد‭ ‬المهرجان‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬وليس‭ ‬لصيقا‭ ‬بشخص‭ ‬بمفرده،‭ ‬فهناك‭ ‬اختبارات‭ ‬كثيرة‭ ‬لاختيار‭ ‬أفضل‭ ‬الفنانين‭ ‬المشاركين‭ ‬خلال‭ ‬المهرجان‭ ‬التالي‭. ‬جميع‭ ‬المشاركين‭ ‬يطلب‭ ‬منهم‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه،‭ ‬ليتدربوا‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬البرنامج،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬الحكَّام‭ ‬باختيار‭ ‬الأفضل‭ ‬منهم‭. ‬وقد‭ ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬لأكون‭ ‬عضوا‭ ‬تحكيميا‭ ‬بمهرجان‭ ‬الأغنية‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬1977م‭ ‬و1980م‭.  ‬تجربة‭ ‬حضوري‭ ‬هذا‭ ‬المهرجان‭ ‬حفرت‭ ‬ذكريات‭ ‬لا‭ ‬تمحى‭ ‬من‭ ‬عقلي‭ ‬وقلبي‭.‬

‭<‬‭ ‬هذه‭ ‬المهرجانات‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬احتفت‭ ‬بالثقافة‭ ‬التقليدية‭ ‬الموسيقية‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬وراءها‭ ‬قصصا‭ ‬كثيرة،‭ ‬وربما‭ ‬عشت‭ ‬أنت‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬القصص،‭ ‬ولعلني‭ ‬أعرج‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬لاتفيا‭ ‬الموسيقية،‭ ‬حيث‭ ‬اخترت‭ ‬آلة‭ ‬الأرغن‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭.‬

‭- ‬جمهورية‭ ‬لاتفيا‭ - ‬وهي‭ ‬بلد‭ ‬صغير‭ ‬بمنطقة‭ ‬البلطيق‭ - ‬تعد‭ ‬عاصمة‭ ‬العالم‭ ‬للثقافة‭ ‬الموسيقية‭ ‬والجوقة‭ ‬الغنائية‭. ‬أنا‭ ‬مقتنعة‭ ‬بهذه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أروج‭ ‬لها‭. ‬العيش‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬لاتفيا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬الغناء‭. ‬أبناء‭ ‬لاتفيا‭ ‬الحقيقيون‭ ‬هم‭ ‬عازفون‭ ‬ومغنون‭ ‬في‭ ‬جوقات‭. ‬الموسيقى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬مثل‭ ‬الهواء‭ ‬للآخرين،‭ ‬مثل‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬ومثل‭ ‬الطعام‭ ‬أيضا‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وبكل‭ ‬مناسبة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭  ‬ذروة‭ ‬الاحتفال‭ ‬الوطني‭ ‬للموسيقى‭ - ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭- ‬هي‭ ‬المهرجان‭ ‬الشهير‭ ‬للأغنية‭ ‬اللاتفية،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬لنحو‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬لاتفيا‭. ‬

كذلك،‭ ‬وبنفس‭ ‬شهرة‭ ‬لاتفيا‭ ‬الموسيقية،‭ ‬فهي‭ ‬معروفة‭ ‬أيضا‭ ‬بآلات‭ ‬الأرغن‭ ‬وعازفيها،‭ ‬لأجهزتها‭ ‬الممتازة‭ ‬ووجود‭ ‬الموهوبين‭ ‬بالجهاز‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬أنني‭ ‬بدأت‭ ‬دراساتي‭ ‬هناك،‭ ‬وكما‭ ‬حدثتك‭ ‬عن‭ ‬دروس‭ ‬كاتدرائية‭ ‬Baznica،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قاعتها‭ ‬تستضيف‭ ‬حفلات‭ ‬لآلة‭ ‬الأرغن،‭ ‬لأن‭ ‬قاعة‭ ‬الموسيقى‭ ‬الأوركسترالية‭ ‬الفلهارمونية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بها‭ ‬أرغن‭ ‬مماثل،‭ ‬وكنا‭ ‬نعزف‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬أسبوعيا،‭ ‬كنت‭ ‬أواظب‭ ‬عليها‭ ‬جميعا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬دراستي،‭ ‬والتقيت‭ ‬هناك‭ ‬عازفا‭ ‬بارعا‭ ‬على‭ ‬آلة‭ ‬الأرغن‭. ‬والمثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬بجانب‭ ‬جمال‭ ‬الموسيقى‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬رعاية‭ ‬تقنية‭ ‬يقدمها‭ ‬خمسة‭ ‬فنيين‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬لصيانة‭ ‬آلة‭ ‬الأرغن،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يصل‭ ‬ارتفاعها‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬طابقين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مبنى‭. ‬

وداخل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬هناك‭ ‬تركيبات‭ ‬معقدة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬جهازا‭ ‬إلكترونيا‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬آلات‭ ‬الأرغن‭ ‬اليوم‭. ‬وكان‭ ‬واجبهم‭ ‬إصلاح‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬أثناء‭ ‬الحفل‭. ‬

هؤلاء‭ ‬المشاهير‭ ‬الذين‭ ‬عزفوا‭ ‬هناك‭ ‬أصبح‭ ‬بعضهم‭ ‬أساتذة‭ ‬لي،‭ ‬وأصدقاء‭ ‬بالمثل‭. ‬حالفني‭ ‬توفيق‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أدرس‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أشهر‭ ‬عازفي‭ ‬الأرغن‭ ‬المشاهير‭ ‬مثل‭ ‬نيقولاس‭ ‬فانادزنس،‭ ‬وبيترسيبولنيكس،‭ ‬وبريجيتا‭ ‬ميتز‭. ‬التقيت‭ ‬أيضا‭ ‬بمؤلفين‭ ‬موسيقيين‭ ‬كبار،‭ ‬كان‭ ‬أحدهم‭ ‬إيفارس‭ ‬كالخز،‭ ‬وقد‭ ‬اخترت‭ ‬عمله‭ ‬‮«‬درب‭ ‬الآلام‮»‬‭ ‬لأقدمه‭ ‬للجمهور‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المواسم‭ ‬الماضية‭.‬

‭<‬‭ ‬الموسيقار‭ ‬فالنتينا،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬ارتبطت‭ ‬معك‭ ‬بالرحلة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬وبلدك‭ ‬بولندا‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬أوربا،‭ ‬حدثينا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬الموسيقى‭ ‬والرحالة‭. ‬

‭- ‬الموسيقي‭ ‬المحترف‭ ‬الذي‭ ‬يعزف‭ ‬للجمهور‭ ‬في‭ ‬الحفلات‭ ‬العامة‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬العزف‭ ‬دائما‭. ‬وإلا‭ ‬فقد‭ ‬مقدرته‭ ‬وحساسيته‭. ‬الأمر‭ ‬يشبه‭ ‬حاجة‭ ‬المدرس‭ ‬لتلاميذه،‭ ‬وضرورة‭ ‬وجود‭ ‬مرضى‭ ‬للطبيب‭ ‬يسعى‭ ‬لشفائهم‭. ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالزمان‭ ‬والمكان،‭ ‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬راسخ‭ ‬في‭ ‬القلب‭.  

إنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مهنة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭.  ‬ولكي‭ ‬تكون‭ ‬فنانا‭ ‬موسيقيا‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لك‭ ‬مهمة‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬لهم‭ ‬باب‭ ‬عالم‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭. ‬البرنامج‭ ‬الموسيقي‭ ‬لأمسية‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬رسالة‭ ‬يجب‭ ‬تكرارها‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الدافع‭ ‬لكي‭ ‬يسافر‭ ‬الفنان‭ ‬باحثا‭ ‬عن‭ ‬جمهور‭ ‬جديد‭. ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬القوة‭ ‬الكافية‭ ‬لكي‭ ‬تصل‭ ‬الرسالة‭. ‬مرات‭ ‬كثيرة،‭ ‬وأناس‭ ‬كثيرون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستمعوا‭ ‬إليك،‭ ‬لكي‭ ‬تحدث‭ ‬الاستجابة‭ ‬العاطفية‭.‬

السفر‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الفنية‭. ‬يحتاج‭ ‬الفنان‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬كي‭ ‬يبدع،‭ ‬فليس‭ ‬تكرار‭ ‬الأمر‭ ‬ذاته‭ ‬يوميا‭ ‬ذا‭ ‬فائدة‭. ‬أحب‭ ‬السفر‭ ‬والعزف‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور‭.  ‬علنا‭ - ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬بين‭ ‬1980و1990‭- ‬كنت‭ ‬أعزف‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬أمسية‭ ‬لآلة‭ ‬الأرغن‭. ‬وكذلك‭ ‬عزفت‭ ‬أكثر‭ ‬من30‭ ‬مرة‭  ‬ضمن‭ ‬جوقات‭ ‬فنية‭. ‬التقيت‭ ‬جماهير‭ ‬رائعة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬وسويسرا‭ ‬والدنمارك‭ ‬والسويد‭. ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأمسيات‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬لي‭ ‬كي‭ ‬أواصل‭ ‬مسيرتي‭ ‬الموسيقية‭. ‬فلكي‭ ‬تكون‭ ‬موسيقيا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تواظب‭ ‬بجد‭ ‬ونظام‭ ‬على‭ ‬عملك‭. ‬لسنوات‭ ‬عديدة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬كانوا‭ ‬بين‭ ‬جمهور‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬بمختلف‭ ‬البلدان‭ ‬الأوربية‭.‬

‭<‬‭ ‬هذا‭ ‬الإلهام‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭- ‬ولا‭ ‬من‭ ‬الموسيقيين‭ - ‬ولكن‭ ‬يأتي‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬المكان‭. ‬لذلك‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أسألك‭ ‬عن‭ ‬الإلهام‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬تحت‭ ‬تأثيره‭ ‬وأنت‭ ‬تتنقلين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأماكن‭.‬

‭- ‬الإلهام،‭ ‬نعم،‭ ‬فحين‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬حيث‭ ‬ولد‭ ‬وعاش‭ ‬يوهان‭ ‬سباستيان‭ ‬باخ،‭ ‬بالطبع‭ ‬أستدعي‭ ‬موسيقاه،‭ ‬وفي‭ ‬فرنسا‭ ‬أستدعي‭ ‬موسيقى‭ ‬فرانك،‭ ‬وبختام‭ ‬الحفل‭ ‬يأتي‭ ‬عديدون‭ ‬للتعليق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعزوفة‭ ‬بأنها‭ ‬مميزة،‭ ‬وقد‭ ‬يقولون‭ ‬إنها‭ ‬موسيقاهم،‭ ‬فكيف‭ ‬تسنى‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أفهمها؟‭ ‬الموسيقى‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتجعلنا‭ ‬من‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬يفهم‭ ‬أحدنا‭ ‬الآخر‭.‬

‭<‬‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أسرار‭ ‬المايسترو‭ ‬فالنتينا‭ ‬الموسيقية‭ ‬جديرة‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬هادية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬الموسيقى‭ ‬أو‭ ‬يعلمها‭. ‬وأنتقل‭ ‬بك‭ ‬وحياتك‭ ‬الثرية‭ ‬في‭ ‬الموسيقى،‭ ‬إلى‭ ‬المواسم‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الآثار‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وأنا‭ ‬حضرت‭ ‬إحداها‭ ‬حين‭ ‬لخصتم‭ ‬فيها‭ ‬تاريخ‭ ‬بولندا‭ ‬بالموسيقى‭. ‬حدثيني‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المواسم‭.‬

‭- ‬بدأت‭ ‬مغامرتي‭ ‬مع‭ ‬الأرغن‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬عام‭ ‬2006‭. ‬لكنني‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬حين‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭. ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2006‭ ‬اجتمعت‭ ‬مع‭ ‬الشيخة‭ ‬حصة‭ ‬صباح‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬خلال‭ ‬محاضرة‭ ‬بمسرح‭ ‬الميدان‭ ‬الثقافي‭. ‬لقد‭ ‬وجدت‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬المسرحي‭ ‬مناسبا‭ ‬جدا‭ ‬للحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬بسبب‭ ‬الفضاء‭ ‬الداخلي‭ ‬له‭. ‬أقنعت‭ ‬الشيخة‭ ‬حصة‭ ‬بجلب‭ ‬آلات‭ ‬موسيقية،‭ ‬مثل‭: ‬البيانو‭ ‬والأرغن،‭ ‬لتدشين‭ ‬نشاط‭ ‬موسيقي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬منظم‭. ‬واخترت‭ ‬أرغن‭ ‬متقدما‭ ‬وعصريا‭ ‬جدا،‭ ‬صناعة‭ ‬شركة‭ ‬إيطالية،‭ ‬صوته‭ ‬قريب‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬أرغن‭ ‬الأنابيب‭ ‬الحقيقي‭. ‬

وكذلك،‭ ‬أوصيت‭ ‬أيضا‭ ‬بشراء‭ ‬بيانو‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬يستخدم‭ ‬مثيله‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قاعات‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬الشهيرة‭ ‬لأنها‭ ‬معروفة‭ ‬بجودة‭ ‬الصوت‭ ‬الممتازة،‭ ‬وهي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬أوركسترا‭ ‬وارسو‭ ‬خلال‭ ‬منافسات‭ ‬شوبان‭.  ‬وصل‭ ‬الأرغن‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬سبتمبر‭ ‬2006،‭ ‬وكان‭ ‬يومًا‭ ‬مهما‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي،‭ ‬أسعد‭ ‬بهذا‭ ‬التاريخ‭ ‬وأذكره‭ ‬دائما،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬يعني‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬للأمام‭ ‬بالنسبة‭ ‬للثقافة‭ ‬الموسيقية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭.‬

في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الافتتاحي‭ ‬يوم‭ ‬28‭ ‬يناير‭ ‬2007،‭ ‬عزفت‭ ‬المقطوعة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬الأرغن،‭ ‬كان‭ ‬طقسا‭ ‬باردا‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أذكره‭ ‬الآن‭. ‬الحفل‭ ‬الثاني‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬الأرغن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬أبريل‭ ‬بمحاضرة‭ ‬وعزف‭ ‬على‭ ‬البيانو،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ظاهرة‭ ‬فريدريك‭ ‬شوبان‭ ‬الموسيقية‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬14‭ ‬مايو‭ ‬2007‭ ‬كانت‭ ‬حفلتي‭ ‬الثالثة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الأرغن‭ - ‬ملك‭ ‬الآلات‮»‬‭. ‬وعموما‭ ‬كانت‭ ‬المواسم‭ ‬الثقافية‭ ‬التالية‭ ‬لدار‭ ‬الآثار‭ ‬الإسلامية‭ ‬غنية‭ ‬بالموسيقى‭ ‬حين‭ ‬ربطت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الأرغن‭ ‬وموسيقى‭ ‬الحجرة،‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬2008‭ ‬عزف‭ ‬الموسيقى‭ ‬العربية‭. ‬

‭<‬‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬الأخير،‭ ‬كنت‭ ‬تتحدثين‭ ‬عن‭ ‬تقنية‭ ‬الكاروكي‭. ‬وصحيح‭ ‬أنا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ترتبط‭ ‬تلك‭ ‬التقنية‭ ‬بعمل‭ ‬أداء‭ ‬موسيقي‭ ‬حي‭ ‬للجمهور‭. ‬

‭- ‬تستخدم‭ ‬تقنية‭ ‬الكاروكي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬الشعبية،‭ ‬ولا‭ ‬تستخدم‭ ‬غالبا‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬التقليدية‭. ‬كانت‭ ‬فكرتي‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬للجمهور‭ ‬الكويتي‭ ‬جوا‭ ‬من‭ ‬الموسيقى‭ ‬البولندية،‭ ‬ولأنني‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬هنا‭ ‬أوركسترا‭ ‬كورالية‭ ‬كبيرة‭ ‬العدد‭ ‬استخدمت‭ ‬الكاروكي‭ ‬مستعينة‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬جوقة‭ ‬بأصوات‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬لتقديم‭ ‬انطباع‭ ‬أعمق‭ ‬للجمهور‭. ‬

‭<‬‭ ‬بجانب‭ ‬هذه‭ ‬الموهبة‭ ‬في‭ ‬الموسيقى،‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬موهبة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬اللغات‭ ‬وإتقانها،‭ ‬ودعيني‭ ‬أتذكر‭ ‬بجانب‭ ‬الإنجليزية‭ ‬هناك‭ ‬الألمانية‭ ‬والروسية‭ ‬والبولــــندية‭ ‬والأوكرانــــية‭ ‬واللاتفــية‭  ‬والتشيكية‭ ‬والفرنسية،‭ ‬وأعتقد‭ ‬وقليل‭ ‬من‭ ‬العربية،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬الموسيقى‭ ‬مساعدة‭ ‬لك‭ ‬لكي‭ ‬تتعلمي‭ ‬هذه‭ ‬اللغات؟

‭- ‬أنت‭ ‬على‭ ‬حق،‭ ‬بين‭ ‬المواضيع‭ ‬الأخرى‭ ‬كانت‭ ‬دراسة‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬مهمتي‭ ‬المفضلة‭. ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬لغة‭ ‬طقسها‭ ‬الخاص،‭ ‬والمورفولوجيا‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬واللكنة،‭ ‬والنغمة،‭ ‬واللون‭ ‬بل‭ ‬والدراما‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللغات‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬اللهجة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬أو‭ ‬بداية‭ ‬أو‭ ‬نهاية‭ ‬الكلمات‭. ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬القطع‭ ‬الموسيقية‭ ‬لإعطاء‭ ‬اللحن‭ ‬الصحيح‭. ‬دراسة‭ ‬لغة‭ ‬جديدة‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬مثيرة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭. ‬

حلمت‭ ‬دائما‭ ‬بالسفر‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وفهم‭ ‬كل‭ ‬اللغات‭ ‬الممكنة‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬فعال‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬كمترجم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭. ‬

في‭ ‬المدرسة‭ ‬درست‭ ‬اللغتين‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬والروسية،‭ ‬لاحقا‭ ‬حينما‭ ‬بدأت‭ ‬السفر‭ ‬تعلمت‭ ‬اللغة‭ ‬الألمانية،‭ ‬لأنها‭ ‬لغة‭ ‬باخ‭ ‬وهايدن‭ ‬وموتسارت‭ ‬وبيتهوفن‭ ‬وشوبرت‭ ‬وشومان‭. ‬كانت‭ ‬رحلتي‭ ‬التالية‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬وبلجيكا،‭ ‬وطبعا‭ ‬أردت‭ ‬دراسة‭ ‬الفرنسية‭ ‬كلغة‭ ‬فرانك،‭ ‬كوبران،‭ ‬بيزيه،‭ ‬تشوش،‭ ‬ودوبري،‭ ‬دوبوسي‭  ‬وآخرين‭.‬

وفي‭ ‬مدينة‭ ‬ريجا‭ ‬درست‭ ‬لغة‭ ‬لاتفيا،‭ ‬وفي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أقمت‭ ‬بعض‭ ‬العروض‭ ‬هناك‭ ‬وأردت‭ ‬أن‭ ‬أتواصل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬هناك‭. ‬وهي‭ ‬لغة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الروسية‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تعلمها‭ ‬مادمت‭ ‬تعرف‭ ‬الروسية‭. ‬اللغة‭ ‬التشيكية‭ ‬إحدى‭ ‬اللغات‭ ‬السلافية،‭ ‬وإذا‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬التشيكيين‭ ‬أستطيع‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬دقائق‭ ‬أن‭ ‬أجيب‭ ‬عن‭ ‬أسئلتهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مشكلات‭. 

كعازفة‭ ‬للجوقة‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬لغات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وكان‭ ‬طموحي‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬معنى‭ ‬كلمات‭ ‬القطع‭ ‬الموسيقية‭ ‬التي‭ ‬نؤديها‭. ‬بالتأكيد‭ ‬للموسيقيين‭ ‬حساسية‭ ‬سمع‭ ‬أكبر،‭ ‬ويتحدثون‭ ‬لهجة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬سواهم‭. ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭. ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الموسيقى‭ ‬لغة‭ ‬عالمية‭ ‬للعواطف‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمشاعر‭ ‬والشخصيات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كلمات‭.‬

‭<‬‭ ‬لن‭ ‬نبتعد‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬الفنون‭.. ‬لو‭ ‬أنك‭ ‬بإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تكتبي‭ ‬فيلما‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬موسيقي‭ ‬فمن‭ ‬ستختارين‭ ‬ولماذا؟‭ ‬

‭-‬لدي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬المفضلة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الموسيقى‭: ‬ملحنون‭ ‬ومؤدون‭ ‬وعازفون،‭ ‬أعجب‭ ‬بهم‭ ‬وأكن‭ ‬لهم‭ ‬الاحترام‭. ‬المشاهير‭ ‬جدا‭ ‬لديهم‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬حول‭ ‬حياتهم‭. ‬ولكنني‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬الكتابة‭ ‬فسأختار‭ ‬الموسيقار‭ ‬البولندي‭ ‬المعاصر‭ ‬ماريان‭ ‬ساوا‭ (‬1937-2005‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬عاما‭. ‬كان‭ ‬أستاذي،‭ ‬وصديقي،‭ ‬وكان‭ ‬فنانا‭ ‬كبيرا‭. ‬‮ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬كتب‭ ‬وأهدى‭ ‬خمسة‭ ‬ألحان‭ ‬للأرغن‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلبي‭ ‬بمناسبات‭ ‬خاصة‭ ‬مثل‭: ‬مهرجان‭ ‬الأرغن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬نيورنبرج‭ ‬بألمانيا،‭ ‬وفي‭ ‬لوند‭ ‬بالسويد‭ ‬ومناسبات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬بولندا‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬عبقريا‭ ‬كملحن‭ ‬كبير،‭ ‬وفنان‭ ‬وعازف‭ ‬وأستاذ،‭  ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬كان‭ ‬متواضعا‭ ‬للغاية‭ ‬وحساسا‭ ‬جدا‭ ‬بقلب‭ ‬كبير‭ ‬ونفس‭ ‬أبية‭ ‬وود‭ ‬للجميع‭. ‬شخصية‭ ‬مميزة،‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬أحبوه‭ ‬كثيرا‭. ‬كتب‭ ‬ماريان‭ ‬ساوا‭ ‬نحو‭ ‬1000‭ ‬معزوفة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الموسيقى،‭ ‬للجوقات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬والألحان‭ ‬الدينية‭ ‬وللعديد‭ ‬من‭ ‬الآلات،‭ ‬وخاصة‭ ‬للأرغن‭.  ‬دوره‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬الحديثة‭ ‬البولندية‭ ‬يضاهي‭ ‬دور‭ ‬يوهان‭ ‬سيباستيان‭ ‬باخ‭. ‬أنا‭ ‬أسميه‭ ‬‮«‬باخ‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬بولندا‮»‬‭ ‬‭.‬‭ ‬

في‭ ‬ريغا‭ ‬كانت‭ ‬أغنى‭ ‬تجربة‭ ‬موسيقية‭ ‬في‭ ‬حياتي‭. ‬كنت‭ ‬أغني‭ ‬وأعزف‭ ‬وكذلك‭ ‬أعلم‭ ‬مجموعة‭ ‬لتكون‭ ‬جوقة‭ ‬لمهرجان‭ ‬الأغنية‭ ‬التالي‭. ‬شارك‭ ‬الآلاف‭ ‬كفنانين،‭ ‬بين‭ ‬الغناء‭ ‬والعزف‭ ‬والرقص،‭ ‬وكان‭ ‬الجميع‭ ‬يرتدون‭ ‬ثيابهم‭ ‬التقليدية،‭ ‬متعددة‭ ‬الألوان‭ ‬الزاهية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تضاهى‭.‬