«عالم المعرفة» جادك الغيث.. من مئات النوافذ

«عالم المعرفة» جادك الغيث.. من مئات النوافذ

جادك‭ ‬الغيثُ‭ ‬إذا‭ ‬الغيثُ‭ ‬همى

يا‭ ‬زمانَ‭ ‬الوصل‭ ‬بالأندلسِ

لم‭ ‬يكن‭ ‬وصلك‭ ‬إلا‭ ‬حلماً

في‭ ‬الكرى‭ ‬أو‭ ‬خلسةَ‭ ‬المختلسِ

الموشح‭ ‬الذائع‭ ‬الصيت‭ ‬للأندلسي‭ ‬لسان‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الخطيب،‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬أنْ‭ ‬يقرأه‭ ‬أحدنا‭ ‬أو‭ ‬يسمعه‭ ‬مُغنَّى،‭ ‬حتى‭ ‬يخطفه‭ ‬الخيالُ‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس،‭ ‬وتنتابه‭ ‬أشواقٌ‭ ‬متدفقة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬البالغ‭ ‬الرقة‭ ‬والعذوبة‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬العربي،‭ ‬ولا‭ ‬أنجو‭ ‬شخصياً‭ ‬من‭ ‬الفخ‭ ‬العذب‭ ‬لهذا‭ ‬النص،‭ ‬ولكنه‭ ‬يأخذني‭ ‬إلى‭ ‬عالمٍ‭ ‬آخر،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬المعرفة‮»‬،‭ ‬فدائماً‭ ‬يذكِّرني‭ ‬بكتاب‭ ‬‮«‬الموشحات‭ ‬الأندلسية‮»‬‭ ‬للدكتور‭ ‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني،‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬سلسلةِ‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1980م‭. ‬

كان‭ ‬الكتاب‭ ‬رقم‭ ‬31‭ ‬في‭ ‬السلسلة‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬إصدارها‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬ومازالت‭ ‬مستمرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لتظل‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬رافداً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بقدر‭ ‬كافٍ‭ ‬من‭ ‬اليقين،‭ ‬إنَّه‭ ‬لا‭ ‬بيتَ‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬المعرفة‮»‬‭ ‬بعضها‭ ‬أو‭ ‬كلها‭.‬

وبين‭ ‬الكتاب‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬‮«‬الحضارة‮»‬‭ ‬للدكتور‭ ‬حسين‭ ‬مؤنس‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬والكتاب‭ ‬رقم‭ ‬405‭ ‬‮«‬السعادة‭..‬‭ ‬موجز‭ ‬تاريخي‮»‬‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2013،‭ ‬قدمت‭ ‬السلسلة‭ ‬تنوعاً‭ ‬ثرياً‭ ‬من‭ ‬معارف‭ ‬أدبية‭ ‬وفكرية‭ ‬وعلمية‭ ‬واقتصادية‭ ‬بأقلامٍ‭ ‬عربية‭ ‬وأجنبية،‭ ‬تشكل‭ ‬بانوراما‭ ‬للقرن‭ ‬العشرين‭ ‬وامتداده‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬فيزياء‭ ‬المستحيل،‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬رقم‭ ‬399‭ ‬لمؤلفه‭ ‬عالم‭ ‬الفيزياء‭ ‬الحائز‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬ميشيو‭ ‬كاكو،‭ ‬وترجمة‭ ‬د‭. ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬خرفان،‭ ‬ويتحدث‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬الاسم‭ ‬ذاته‭ ‬‮«‬فيزياء‭ ‬المستحيل‮»‬‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬وبين‭ ‬ملايين‭ ‬السنين،‭ ‬مثل‭ ‬النقل‭ ‬الفوري‭ ‬البعيد‭ ‬والسفر‭ ‬فائق‭ ‬السرعة‭ ‬عبر‭ ‬الفضاء،‭ ‬والثقوب‭ ‬الدودية،‭ ‬والاحتجاب‭ ‬عن‭ ‬الرؤية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬أسطورياً‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬طاقيةِ‭ ‬الإخفاء‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ظهرت‭ ‬له‭ ‬بضعة‭ ‬تطبيقات‭ ‬علمية‭ ‬أخيراً،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬سينتظره‭ ‬البشر‭ ‬لملايين‭ ‬السنين‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬أبداً،‭ ‬لأنه‭ ‬يُناقض‭ ‬القوانين‭ ‬الأساسية‭ ‬المعروفة‭ ‬للفيزياء،‭ ‬مثل‭ ‬آلات‭ ‬الحركة‭ ‬الدائمة‭ ‬والاستبصار،‭ ‬وإن‭ ‬ظهر‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬ميشيو‭ ‬كاكو،‭ ‬فإنه‭ ‬سيمثل‭ ‬تغيراً‭ ‬في‭ ‬الفهم‭ ‬القائم‭ ‬للفيزياء‭.‬

ولعلَّها‭ ‬صدفة‭ ‬دالـــة،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الكتـــاب‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الحـــضارة‭.. ‬دارسة‭ ‬في‭ ‬عوامــل‭ ‬قيامها‭ ‬وتطـــورها‮»‬‭ ‬لمؤلفه‭ ‬د‭.‬حسين‭ ‬مؤنس،‭ ‬والحضارة‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬ولا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬تطوره‭ ‬وفي‭ ‬فهمه‭ ‬لذاته‭ ‬وإبداعه‭ ‬البشري‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬المادية‭ ‬والفنية‭ ‬والتكنولوجية،‭ ‬وأن‭ ‬يكـــون‭ ‬الكتاب‭ ‬رقم‭ ‬400‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭  ‬2013‭ ‬حين‭ ‬صدرت‭ ‬السلسلة‭ ‬بثوب‭ ‬جديد،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬مختصر‭ ‬لتاريخ‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬لمؤلفه‭ ‬إي‭ ‬إتش‭ ‬غومبيرتش،‭ ‬وترجمة‭ ‬د‭.‬ابتهال‭ ‬الخطيب،‭ ‬حيث‭ ‬يرصد‭ ‬المؤلف‭ ‬بتبسيط‭ ‬وبتركيز‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬وهو‭ ‬يعترف‭ ‬بذلك،‭ ‬تاريخَ‭ ‬الإنسان،‭ ‬مُنطلقاً‭ ‬من‭ ‬النشأة‭ ‬البيولوجية‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬كما‭ ‬نعيشه،‭ ‬وماراً‭ ‬بظهور‭ ‬الإسلام‭ ‬الحنيف‭ ‬وحضارته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومطورةً‭ ‬لها‭.‬

وهكذا‭ ‬قدمت‭ ‬السلسلة‭ ‬كتباً‭ ‬مؤلفة‭ ‬ومترجمة،‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬روح‭ ‬العصر‭ ‬وروح‭ ‬الأمة‭ ‬معاً‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬التقديمية‭ ‬للسلسلة‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬مؤسسها‭ ‬أحمد‭ ‬مشاري‭ ‬العدواني،‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬فكر‭ ‬اﻟﻤﺠلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬سلسلة‭ ‬شهرية‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬الثقافية،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بوحي‭ ‬من‭ ‬شعوره‭ ‬بحاجة‭ ‬القارئ‭ ‬العربي‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يجعله‭ ‬مواكباً‭ ‬لأحدث‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفقده‭ ‬المواكبة‭ ‬انتماءه‭ ‬لحضارته‭ ‬وأمته،‭ ‬فهو‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬روح‭ ‬العصر‭ ‬وروح‭ ‬الأمة‭ ‬معاً‭.‬

وتشتد‭ ‬حاجة‭ ‬القارئ‭ ‬إلحاحاً‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أخذت‭ ‬فيه‭ ‬وسائل‭ ‬تكنولوجية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬ثقافات‭ ‬غربية‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬معينة‭ ‬لتلبية‭ ‬حاجات‭ ‬تلك‭ ‬اﻟﻤﺠتمعات‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬معينة،‭ ‬وأخذت‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬أو‭ ‬الثقافات‭ ‬الغربية‭ ‬تزحف‭ ‬عليه‭ ‬لتعصف‭ ‬بكيانه‭ ‬ولتفقده‭ ‬هويته‭ ‬ولتزعزع‭ ‬ثقته‭ ‬بماضي‭ ‬أمته‭ ‬وبحاضرها‭ ‬ومستقبلها‭.‬

وعلى‭ ‬هدى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬انطلقنا‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬لهذه‭ ‬السلسلة‭ ‬ورسم‭ ‬سياستها،‭ ‬وتأليف‭ ‬لجنة‭ ‬ضمت‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬أنيطت‭ ‬بها‭ ‬مهمة‭ ‬تحرير‭ ‬السلسلة‭. ‬وأخذنا‭ ‬نتصل‭ ‬بالأكاديميين‭ ‬واﻟﻤﺨتصين‭ ‬للكتابة‭ ‬في‭ ‬موضوعات‭ ‬نراها‭ ‬مهمة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬موضوعات‭ ‬يرونها‭ ‬هم‭ ‬مهمة‭ ‬ولا‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬المرسومة‭ ‬للسلسلة‭. ‬وقد‭ ‬استجاب‭ ‬لدعوتنا‭ ‬نفر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‮»‬‭.. ‬أحمد‭ ‬مشاري‭ ‬العدواني،‭ ‬العدد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬عام‭ ‬1978‭.‬

ولعلَّ‭ ‬واقع‭ ‬الإصدارات‭ ‬بعد‭ ‬35‭ ‬عاماً‭ ‬ومن‭ ‬العدد‭ ‬1‭ ‬إلى‭ ‬العدد‭ ‬405‭ ‬يؤكد‭ ‬أنَّ‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬المرحوم‭ ‬أحمد‭ ‬مشاري‭ ‬العدواني‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭ ‬واقعاً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بيتٍ‭ ‬عربي‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬عربية،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬السلسلة‭ ‬لمرتين‭ ‬خلال‭ ‬مسيرتها‭ ‬كان‭ ‬محسوساً‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

كان‭ ‬التوقف‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬عقب‭ ‬الغزو‭ ‬العراقــي‭ ‬لــدولة‭ ‬الكويت،‭ ‬وكانت‭ ‬السلسلة‭ ‬قد‭ ‬أصدرت‭ ‬عددها‭ ‬رقم‭ ‬152‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التلوث‭ ‬مشكلة‭ ‬العصر‮»‬‭ ‬لتعود‭ ‬إلى‭ ‬الصدور‭ ‬بعد‭ ‬تحرير‭ ‬الكويت‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬القاهرة،‭ ‬حيث‭ ‬صدر‭ ‬العدد‭ ‬رقم‭ ‬153‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬وكان‭ ‬دالاً‭ ‬في‭ ‬عنوانه‭ ‬ومحتــــواه‭ ‬‮«‬الكـــويـــت‭ ‬والتنمية‭ ‬الثقــــافية‭ ‬العربيــــة‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬السلسلة‭ ‬لتصدر‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬أبريل‭  ‬من‭ ‬عام‭ ‬1992‭.‬

في‭ ‬يوينو‭ ‬2010‭ ‬صدر‭ ‬العدد‭ ‬376‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التوحد‭ ‬بين‭ ‬العلم‭ ‬والخيال‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬توقفت‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬لأسباب‭ ‬تقنية‭ ‬وإدارية‭ ‬لمدة‭ ‬عام،‭ ‬حتى‭ ‬صدر‭ ‬العدد‭ ‬377‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2011‭ ‬بكتاب‭ ‬‮«‬أوديسا‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭.. ‬سبر‭ ‬السياسات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ (‬ج1‭).‬

ولعدة‭ ‬مرات‭ ‬غيَّرت‭ ‬السلسلة‭ ‬ثــــوب‭ ‬إصدارها،‭ ‬لتواكب‭ ‬التطـــور‭ ‬في‭ ‬الطباعة،‭ ‬وتنأى‭ ‬عن‭ ‬التنميط‭ ‬الشكلي،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬المحتوى‭ ‬بالطبع‭ ‬ظلَّ‭ ‬على‭ ‬حيويته‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الثقــافي‭ ‬والمعرفي‭ ‬والعلمي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والنفسي‭ ‬والسلوكي،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬المعرفة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬مؤلفة‭ ‬بأقلام‭ ‬كـــتاب‭ ‬عرب،‭ ‬أو‭ ‬مترجمة‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬أجانب،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتـــبار‭ ‬مواكبة‭ ‬إصدارات‭ ‬السلسلة‭ ‬للتطور‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬ولعلَّ‭ ‬كتاباً‭ ‬مثل‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬مدن‭ ‬المعرفة‭.. ‬المداخل‭ ‬والخبرات‭ ‬والرؤى‮»‬،‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2011،‭ ‬يعطي‭ ‬نموذجاً‭ ‬لذلك‭ ‬في‭ ‬بسطه‭ ‬عبر‭ ‬نماذج‭ ‬لمفهوم‭ ‬المدينة‭ ‬الذكية‭ ‬مثل‭ ‬سنغافورة‭ ‬ودبي،‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬تكنولوجيا‭ ‬النانو‭.. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬غد‭ ‬أفضل‮»‬‭ ‬لمؤلفه‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬شريف‭ ‬الإسكندراني،‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2010،‭ ‬يعطي‭ ‬كذلك‭ ‬نموذجاً‭ ‬آخر‭ ‬لما‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬النانو‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬صاعدة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬التقنية‭ ‬المعاصرة‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬إلى‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬إلى‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭.‬

لكن،‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬لحظة‭ ‬التأسيس‭ ‬لعالم‭ ‬المعرفة؟‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬جاء‭ ‬الاسم؟‭ ‬أترك‭ ‬الإجابة‭ ‬للكاتب‭ ‬المصري‭ ‬محمد‭ ‬المنسي‭ ‬قنديل،‭ ‬من‭ ‬تحقيقه‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العربي،‭ ‬العدد‭ ‬541‭ ‬ديسمبر‭ ‬2003‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬السلسلة‭.. ‬يقول‭:‬

‮«‬تعود‭ ‬فكرة‭ ‬إصدار‭ ‬سلسلة‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1975،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭ ‬في‭ ‬الكويت‭,‬‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬الأميري‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬إنشائه‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬1973،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬بدأت‭ ‬الاستعدادات‭ ‬لتحويل‭ ‬هذا‭ ‬المرسوم‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬فعال‭. ‬وكان‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬صرح‭ ‬ثقافي‭ ‬ضخم‭ ‬يرعى‭ ‬الفنون‭ ‬ويذود‭ ‬عن‭ ‬الآداب،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬عقدت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ندوة‭ ‬وقدم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاقتراحات،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬انطلاقة‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬1974‭.‬

وكان‭ ‬الهدف‭ ‬الأساس‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬تلك‭ ‬السلسلة‭ ‬الجديدة‭ ‬هو‭ ‬إشباع‭ ‬حاجة‭ ‬القارئ‭ ‬العربي‭,‬‭ ‬بثقافة‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬تجاهل‭ ‬تراثه‭ ‬وعناصر‭ ‬الأصالة‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭.‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬تكليف‭ ‬من‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬حسين،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬وقتها‭ ‬منصب‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس،‭ ‬تقدم‭ ‬المفكر‭ ‬العربي‭ ‬د‭.‬فؤاد‭ ‬زكريا،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬رئيساً‭ ‬لقسم‭ ‬الفلسفة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الكويت‭ ‬بورقة‭ ‬عمل‭ ‬تتضمن‭ ‬الملامح‭ ‬الأولى‭ ‬لمشروع‭ ‬سلسلة‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭. ‬وكان‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تنقصها‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬المبسطة‭ ‬ولكن‭ ‬تنقصها‭ ‬الكتب‭ ‬المخططة،‭ ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬خطة‭ ‬مُسبقة‭ ‬تراعى‭ ‬فيها‭ ‬تلبية‭ ‬حاجات‭ ‬القارئ‭ ‬العربي‭ ‬غير‭ ‬المتخصص‭ ‬إلى‭ ‬الإلمام‭ ‬بثقافة‭ ‬العصر‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التخطيط‭ ‬سوف‭ ‬يساعد‭ ‬السلسلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬محتفظة‭ ‬بمستوى‭ ‬علمي‭ ‬معقول‭. ‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬د‭.‬فؤاد‭ ‬زكريا‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬أيضاً‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬المعرفة‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬برر‭ ‬ذلك‭ ‬بسببين،‭ ‬أولهما‭ ‬أن‭ ‬لفظ‭ ‬المعرفة‭ ‬شامل‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الإنسانيات‭ ‬والعلوم‭ ‬والآداب‭ ‬والفنون‭. ‬وثانيهما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬اسم‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬الفكر‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصدرها‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬حواف‭ ‬الزمن‭ ‬الممتدة،‭ ‬نذهب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬الموشحات‭ ‬الأندلسية،‭ ‬حيث‭ ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬د‭.‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني،‭ ‬هذين‭ ‬البيتين‭ ‬من‭ ‬موشح‭ ‬لابن‭ ‬زمرك‭ ‬المتوفى‭ ‬سنة‭ ‬795‭ ‬هـ‭:‬

ومن‭ ‬شموسٍ‭ ‬بها‭ ‬تحفُّ‭ ‬

تديرهــــــا‭ ‬بينـــــها‭ ‬البــدورُ

مزاجها‭ ‬العذبُ‭ ‬سلسبيلٌ‭ ‬

يا‭ ‬هَلْ‭ ‬إلى‭ ‬رشفِها‭ ‬سبيلُ؟

نعم‭.. ‬ثمة‭ ‬سبيل،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬نسختك‭ ‬من‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬المعرفة‮»‬‭ ‬ومــــن‭ ‬إصدارات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للثقافة‭ ‬والــــفنون‭ ‬والآداب‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ (‬عالم‭ ‬الفكر‭/ ‬إبداعات‭ ‬عالمية‭/ ‬الثقافة‭ ‬العالمية‭/ ‬مسرحيات‭ ‬عالمية‭)‬‭,‬‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬شموساً‭ ‬وبدوراً‭ ‬ثقافـــية‭ ‬وعلمية‭ ‬ومعرفية،‭ ‬وبالطبع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬نسختك‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬التي‭ ‬تُرفق‭ ‬مع‭ ‬إصداراتها‭ ‬الشهرية‭ ‬كتباً‭ ‬مجانية،‭ ‬مثل‭ ‬مجلات‭ ‬‮«‬دبي‭ ‬الثقافية‭ ‬والرافد‭ ‬وتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬الجديدة‮»‬‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬روافد‭ ‬للثقافة‭ ‬العربية‭ ‬المعاصرة‭.. ‬و‭.. ‬جادك‭ ‬الغيث‭ ‬‭.