اتجاهات ووسائل التنشئة في الأسرة

اتجاهات ووسائل  التنشئة في الأسرة

هناك‭ ‬إجماع‭ ‬إنساني‭ ‬تاريخي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬الجيدة‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬كل‭ ‬نهضة‭ ‬وتنمية،‭ ‬وفي‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬زاد‭ ‬الاقتناع‭ ‬بأن‭ ‬مصير‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحالية‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تربيتها‭ ‬لناشئتها‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬التربية‭ ‬ووسائل‭ ‬التنشئة،‭ ‬بتجديدها‭ ‬وتطوير‭ ‬أساليبها‭ ‬وتصحيح‭ ‬مساراتها‭ ‬قد‭ ‬أفلحت‭ ‬في‭ ‬جني‭ ‬أفضل‭ ‬الثمار،‭ ‬فإن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬مازالت‭ ‬تعاني‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬تقاليد‭ ‬تربوية‭ ‬بالية‭ ‬وقواعد‭ ‬متوارثة‭ ‬وممارسات‭ ‬خاطئة‭. ‬فتربيتنا‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬وأخطر‭ ‬الأزمات‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬نعانيها،‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القاطرة‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬مجتمعنا‭ ‬في‭ ‬سكة‭ ‬النمو‭ ‬والتطور‭. ‬ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬بصورة‭ ‬قوية‭ ‬وصادقة‭ ‬في‭ ‬تربيتنا‭ ‬المنزلية‭ ‬وطرق‭ ‬تنشئتنا‭ ‬لأبنائنا‭ ‬وبناتنا،‭ ‬والتي‭ ‬تؤثر‭ ‬بعمق‭ ‬في‭ ‬شخصيات‭ ‬ناشئتنا‭.‬

في‭ ‬المحيط‭ ‬المنزلي،‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬الطفولة‭ ‬خاصة،‭ ‬تتشكل‭ ‬شخصيات‭ ‬الأفراد‭ ‬وتتحدد‭ ‬سماتها،‭ ‬وتتكون‭ ‬أغلب‭ ‬الاتجاهات‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬الأنا‭ ‬أو‭ ‬الذات‭ ‬الشعورية‭ ‬للفرد،‭ ‬لذلك‭ ‬يعتبر‭ ‬المحيط‭ ‬المنزلي‭ ‬مؤسسة‭ ‬تربوية‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تضاهى،‭ ‬تتأثر‭ ‬تنشئة‭ ‬الأفراد‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بمكوناته‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬وظروف‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وقيم‭ ‬واتجاهات‭ ‬تنشئة‭ ‬وغيرها،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬الخبرات‭ ‬المبكرة‭ ‬والصدمات‭ ‬الأليمة‭ ‬في‭ ‬الطفولة‭ ‬تؤثر‭ ‬بعمق‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الانفعالية‭ ‬والجماعية‭ ‬في‭ ‬شخصيات‭ ‬الأفراد‭ ‬الراشدين‭. ‬

لهذا‭ ‬نجد‭ ‬أكثر‭ ‬اضطرابات‭ ‬التوافق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومشكلات‭ ‬التكيف‭ ‬المدرسي‭ ‬في‭ ‬الطفولة‭ ‬والمراهقة‭ ‬والرشد،‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بالاضطرابات‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنشئة‭ ‬التي‭ ‬خضع‭ ‬لها‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬طفولته،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬رضيعاً‭ ‬فطفلاً،‭ ‬يتحسس‭ ‬أولى‭ ‬خطواته‭ ‬في‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬المباشرة‭.‬

 

‭ ‬اتجاهات‭ ‬التنشئة

‭ ‬التنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هي‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬بيئته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لتحويله‭ ‬إلى‭ ‬كائن‭ ‬اجتماعي‭ ‬ولإعداده‭ ‬لثقافته‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬يتمثل‭ ‬الناشئ‭ ‬عناصر‭ ‬الثقافة،‭ ‬وتنتقل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬توقعات‭ ‬الجماعة‭ ‬إلى‭ ‬الأفراد‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اللغة‭ ‬والحركات‭ ‬والإشارات‭. ‬وهكذا‭ ‬تعمل‭ ‬التنشئة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الكائن‭ ‬الحي‭ ‬إلى‭ ‬شخصية‭ ‬والشخصية‭ ‬إلى‭ ‬فرد‭ ‬اجتماعي‭ ‬يوجه‭ ‬سلوكه‭ ‬الوجهة‭ ‬التي‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتتضمن‭ ‬التنشئة‭ ‬أسلوب‭ ‬تنمية‭ ‬الشخصية‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬والمعايير‭ ‬والأحكام‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والدوافع‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬مجموعها‭ ‬تكون‭ ‬الشخصية‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬التنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬المنزلي،‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬والتفاعلات‭ ‬والعلاقات‭ ‬التي‭ ‬تتوخى‭ ‬تشريب‭ ‬الطفل‭ ‬القيم،‭ ‬وتعليمه‭ ‬قواعد‭ ‬السلوك‭ ‬وتدريبه‭ ‬على‭ ‬عادات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬بالتلقين‭ ‬بأشكال‭ ‬شتى،‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬بالتلميح‭ ‬والملاحظة،‭ ‬أو‭ ‬بواسطة‭ ‬التأثير‭ ‬الثقافي‭. ‬

‭ ‬هذه‭ ‬التنشئة‭ ‬هي‭ ‬تربية‭ ‬وتعليم،‭ ‬أساسها‭ ‬التفاعل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الطفل‭ ‬والمحيطين‭ ‬به،‭ ‬والغاية‭ ‬منها‭ ‬تيسير‭ ‬اندماج‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بتعليمه‭ ‬أنماط‭ ‬السلوك‭ ‬المناسب‭ ‬لدوره‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المهيأ‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬وظائفه‭ ‬الاجتماعية‭. ‬

كما‭ ‬تعلمه‭ ‬المعايير‭ ‬وتشرِّبه‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬تبصره‭ ‬بحدود‭ ‬أدواره‭ ‬داخل‭ ‬مجتمعه،‭ ‬فيتعلم‭ ‬كيف‭ ‬يساير‭ ‬جماعته‭ ‬ويتوحد‭ ‬مع‭ ‬قيمها،‭ ‬وكيف‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التكيف‭ ‬المنشود،‭ ‬ومرجعــه‭ ‬فــــي‭ ‬كــــل‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬اكتسبه‭ ‬بالملاحظة‭ ‬أو‭ ‬بطرق‭ ‬مباشرة‭ ‬مستبصرة‭. ‬وبفضل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬المعقدة،‭ ‬يتحول‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬إلى‭ ‬كائن‭ ‬اجتماعي،‭ ‬باستغلال‭ ‬إمكاناته‭ ‬الذاتية‭ ‬المتنوعة،‭ ‬فيصبح‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬استجاباته‭ ‬السلوكية،‭ ‬مسترشداً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالمعايير‭ ‬والقيم‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬وبخبراته‭ ‬الشخصية‭ ‬المؤلمة‭ ‬أو‭ ‬السارة،‭ ‬التي‭ ‬ترتبت‭ ‬عن‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬كونها‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭.‬

 

اتجاهات‭ ‬التنشئة

‭ ‬كل‭ ‬مربٍ‭ ‬يتمسك‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬وظيفته‭ ‬التربوية‭ ‬ومعاملته‭ ‬لأبنائه‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬حكمهم‭ ‬بأسلوب‭ ‬معين‭ ‬يسمى‭ ‬اتجاه‭ ‬التنشئة‭. ‬فاتجاهات‭ ‬التنشـــئة‭ ‬تعني‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬الآباء‭ ‬ويتمسكون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أسالــيب‭ ‬في‭ ‬معاملة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬حياتهم‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬طرق‭ ‬تربيتهم‭ ‬لأبنائهم‭ ‬وعلاقاتهم‭ ‬بهم‭. ‬

‭ ‬ولتيسير‭ ‬الفهم‭ ‬نعرض‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الوالدية‭ ‬معرَّفة‭ ‬بإيجاز،‭ ‬ومرتَّبة‭ ‬حسب‭ ‬شيوعها‭ ‬الملاحظ‭ ‬في‭ ‬الأسر‭ ‬العربية‭:‬

اتجاه‭ ‬الإهمال‭:‬‭ ‬ويعني‭ ‬نقص‭ ‬الرعاية‭ ‬الوالدية‭ ‬للطفل،‭ ‬ونقص‭ ‬العناية‭ ‬بحاجاته‭ ‬وبتوجيهه‭ ‬وتربيته،‭ ‬فلا‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬المرغوب‭ ‬ولا‭ ‬ينبه‭ ‬إن‭ ‬أتى‭ ‬سلوكاً‭ ‬سيئا‭.‬

اتجاه‭ ‬التسلط‭ ‬والقسوة‭:‬‭ ‬أي‭ ‬فرض‭ ‬الرأي‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬وإلزامه‭ ‬بالخضوع‭ ‬الكامل،‭ ‬ولا‭ ‬سبيل‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬بالقسوة،‭ ‬باستعمال‭ ‬وسائل‭ ‬العقاب‭ ‬البدني‭ ‬والنفسي‭.‬

اتجاه‭ ‬التدليل‭:‬‭ ‬ومعناه‭ ‬منح‭ ‬الطفل‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الحنان‭ ‬فوق‭ ‬حاجته،‭ ‬وتلبية‭ ‬رغباته‭ ‬كلها‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يريد،‭ ‬وعدم‭ ‬منعه‭ ‬مما‭ ‬يرغب‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬وسلوك‭ ‬وعادات‭ ‬وعلاقات،‭ ‬وتوفير‭ ‬ما‭ ‬يساعده‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬رغباته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إبطاء‭.‬

اتجاه‭ ‬الحماية‭ ‬الزائدة‭:‬‭ ‬وهو‭ ‬قيام‭ ‬الوالدين‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الطفل‭ ‬بالواجبات‭ ‬والأعمال‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بها،‭ ‬وذلك‭ ‬حرصاً‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬أو‭ ‬خطر‭ ‬متوقع‭ ‬أو‭ ‬ألم‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجته‭ ‬وأهميته‭.‬

اتجاه‭ ‬التذبذب‭:‬‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يستقر‭ ‬الوالدان‭ ‬على‭ ‬اتجاه‭ ‬معين،‭ ‬ولا‭ ‬تثبت‭ ‬لديهما‭ ‬معايير‭ ‬السلوك‭ ‬الجيد‭ ‬أو‭ ‬القبيح،‭ ‬بحيث‭ ‬قد‭ ‬يعاقب‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬نال‭ ‬عنه‭ ‬ثوابا،‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعاقب‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭.‬

اتجاه‭ ‬السواء‭:‬‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬الأسس‭ ‬التربوية‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬معاملة‭ ‬الطفل،‭ ‬والبعد‭ ‬عن‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تُلحق‭ ‬به‭ ‬ضرراً‭ ‬نفسياً‭ ‬أو‭ ‬بدنياً‭. ‬

 

‭ ‬وسائل‭ ‬التنشئة

‭ ‬هي‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬يستعين‭ ‬بها‭ ‬الوالدان‭ ‬في‭ ‬تعاملهما‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬وتنشئتهم‭ ‬وضبطهم‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭ ‬سلوكهم‭.‬

العقاب‭ ‬البدني‭: ‬يحتل‭ ‬العقاب‭ ‬البدني‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬وسائل‭ ‬التنشئة،‭ ‬ويتمثل‭ ‬في‭ ‬الضرب‭ ‬باليد‭ ‬أو‭ ‬العصا‭ ‬أو‭ ‬الجلد‭ ‬بالحزام‭ ‬أو‭ ‬اللطم‭ ‬على‭ ‬الوجه،‭ ‬والمواقف‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الوالدين‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العقاب‭ ‬البدني‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭:‬

‭- ‬الخلفية‭ ‬التربوية‭ ‬لهما،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬قد‭ ‬خضعوا‭ ‬في‭ ‬طفولتهم‭ ‬للعقاب‭ ‬البدني‭ ‬كوسيلة‭ ‬تنشيئية،‭ ‬وقد‭ ‬خلف‭ ‬هذا‭ ‬العقاب‭ ‬في‭ ‬أنفسهم‭ ‬خبرة‭ ‬مؤلمة‭ ‬ترسبت‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬ذواتهم،‭ ‬ونتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬خوف‭ ‬لا‭ ‬شعوري‭ ‬منه،‭ ‬وتعظيم‭ ‬لأهميته‭ ‬وفائدته،‭ ‬واعتبر‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬تنشئة‭ ‬الصغار‭. ‬

‭- ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى،‭ ‬كالتهديد‭ ‬أو‭ ‬المكافأة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الصغار‭. ‬

‭- ‬الحدة‭ ‬في‭ ‬طباع‭ ‬الوالدين،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬العقاب‭ ‬البدني‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬متفاوتا‭ ‬بتفاوت‭ ‬الحالات‭ ‬الانفعالية‭ ‬للوالدين،‭ ‬فبعض‭ ‬الوالدين‭ ‬يرفض‭ ‬كل‭ ‬معارضة‭ ‬لقراراته‭ ‬وكل‭ ‬مناقشة‭ ‬أو‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬الطفل،‭ ‬وسرعة‭ ‬الغضب‭ ‬تدفعه‭ ‬لضرب‭ ‬الطفل‭ ‬عند‭ ‬ظهور‭ ‬بوادر‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الطفل‭.‬

‭- ‬افتقاد‭ ‬الوالدين‭ ‬الرضا‭ ‬والاطمئنان‭ ‬النفسي‭ ‬بسبب‭ ‬التوتر‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬مشكلات‭ ‬العمل‭ ‬والعلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬العامة‭.‬

‭- ‬سوء‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الوالدين‭ ‬يجعلهما‭ ‬يجدان‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬الطفل‭ ‬متنفساً‭ ‬عن‭ ‬معاناتهما‭ ‬وتفريغاً‭ ‬لمشاعر‭ ‬الإحباط‭ ‬التي‭ ‬يعانيانها‭.‬

التهديد‭:‬‭ ‬أشكال‭ ‬التهديد‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭: ‬الوعيد‭ ‬بالعقاب‭ ‬البدني‭ ‬المرتقب؛‭ ‬أو‭ ‬بالعقاب‭ ‬الغيبي،‭ ‬واستجلاب‭ ‬المصائب‭ ‬والسوء‭ ‬للطفل‭ ‬بالدعوات‭ (‬دعوة‭ ‬الشر‭)‬؛‭ ‬كما‭ ‬يقع‭ ‬التخويف‭ ‬بالحيوانات‭ ‬الخرافية‭ ‬والكائنات‭ ‬الغيبية،‭ ‬وإيهام‭ ‬الطفل‭ ‬باستحضارها‭, ‬مثل‭ ‬االغول‭ ‬والجن‭ ‬والعفاريت‭ ‬أو‭ ‬غيرهاب‭.‬

يلجأ‭ ‬الوالدان‭ ‬إلى‭ ‬التهديد‭ ‬لإثارة‭ ‬المخاوف‭ ‬لديه،‭ ‬وكفه‭ ‬عن‭ ‬الاستجابات‭ ‬السلوكية‭ ‬المزعجة،‭ ‬وهذا‭ ‬التهديد‭ ‬يخلف‭ ‬آثاراً‭ ‬سيئة‭ ‬في‭ ‬نفسية‭ ‬الطفل،‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬العقاب‭ ‬البدني‭.‬

الحجز‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭ ‬والمنع‭ ‬من‭ ‬الحرية‭:‬‭ ‬يلجأ‭ ‬بعض‭ ‬الوالدين‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أحيانا،‭ ‬لمنع‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬نشاطه‭ ‬الزائد‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬قلقاً‭ ‬لهما،‭ ‬أو‭ ‬يثير‭ ‬مشكلات‭ ‬مع‭ ‬الجيران،‭ ‬أو‭ ‬لتأديبه‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬صدر‭ ‬عنه‭.‬

‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الحجز‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭ ‬ذ‭ ‬المظلمة‭ ‬أحياناً‭ ‬ذ‭ ‬مصحوباً‭ ‬بالتهديد‭ ‬أو‭ ‬التخويف،‭ ‬كما‭ ‬يكون‭ ‬المنع‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬بتهديد‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬الشر‭ ‬الذي‭ ‬ستنزله‭ ‬به‭ ‬العفاريت‭ ‬أو‭ ‬الشياطين،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬وعدم‭ ‬طاعته‭ ‬لوالديه،‭ ‬ويترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬قلق‭ ‬مزمن‭ ‬يصعب‭ ‬علاجه،‭ ‬قد‭ ‬يلازم‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬مراهقته‭ ‬وشبابه،‭ ‬ويبقى‭ ‬مؤثراً‭ ‬حتى‭ ‬مراحل‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ .