مدن لامرئية

مدن لامرئية

من‭ ‬بين‭ ‬رسل‭ ‬إمبراطور‭ ‬التتار‭ ‬‮«‬قبلاي‭ ‬خان‭ ‬الأعظم‮»‬،‭ ‬يحظى‭ ‬الشاب‭ ‬الفينيسي‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬بولو‮»‬‭ ‬بمنزلة‭ ‬خاصة،‭ ‬إذ‭ ‬يزوده‭ ‬بتقارير‭ ‬أسفار‭ ‬مثيرة‭ ‬ومريبة،‭ ‬عن‭ ‬مدن‭ ‬عجائبية‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬خارطة،‭ ‬مدن‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬أحلامه‭ ‬وخياله‭ ‬فقط‭. ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يدركه‭ ‬إمبراطور‭ ‬التتار‭ ‬ويعيه‭ ‬تماماً،‭ ‬لكنه‭ ‬يواصل‭ ‬الإصغاء‭ ‬لمحكياته‭ ‬المدهشة،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬تواطؤاً،‭ ‬لأنه‭ ‬مولع‭ ‬بالألغاز‭ ‬والرموز‭ ‬والأفكار،‭ ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬هو‭ ‬يقيس‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬تقارير‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬بولو‮»‬‭ ‬حجم‭ ‬وشكل‭ ‬ووضع‭ ‬إمبراطوريته‭ ‬هو،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬قياس‭ ‬ومعرفة‭ ‬أطلس‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬صلب‭ ‬تلك‭ ‬المرويات‭ ‬الغريبة،‭ ‬بخلاف‭ ‬المعرفة‭ ‬المتكونة‭ ‬لديه‭ ‬في‭ ‬خرائط‭ ‬الأرض‭ ‬والأمصار‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬في‭ ‬أطلس‭ ‬خانة‭.‬

فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الارتياب‭ ‬الذي‭ ‬يبديه‭ ‬الإمبراطور‭ ‬حول‭ ‬صدق‭ ‬محكيات‭ ‬الشاب‭ ‬الفينيسي،‭ ‬ويخلص‭ ‬في‭ ‬ريبه‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسافر‭ ‬أصلاً،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬خياله،‭ ‬ولم‭ ‬يغادر‭ ‬حدود‭ ‬إمبراطوريته‭ ‬قط،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينفيه‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب،‭ ‬فإن‭ ‬سحرية‭ ‬ما‭ ‬يحكيه‭ ‬ببراعة‭ ‬ومهارة‭ ‬جعلت‭ ‬الإمبراطور‭ ‬يستسيغ‭ ‬اللعبة‭ ‬ويستأنفها‭ ‬بقدر‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬المتعة‭ ‬والجدال،‭ ‬مستنداً‭ ‬إلى‭ ‬علوم‭ ‬منطقه‭ ‬اللاذعة‭ ‬ومعارف‭ ‬خبرته‭ ‬الصلبة،‭ ‬والطريف‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬جاهلاً‭ ‬بلغة‭ ‬التتار،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬يحكيه‭ ‬في‭ ‬البدايات‭ ‬احتكم‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬الإشارات‭ ‬والحركات‭ ‬والأصوات،‭ ‬مستعيناً‭ ‬بأشياء‭ ‬يخرجها‭ ‬من‭ ‬جرابه،‭ ‬كالأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬وريش‭ ‬الطيور،‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬الخان‭ ‬الأعظم‭ ‬سوى‭ ‬التأويل‭ ‬وتفكيك‭ ‬الرموز‭. ‬

وقد‭ ‬بلغ‭ ‬به‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بتلك‭ ‬اللغة‭ ‬الإشارية‭ ‬درجة‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬بعدها‭ ‬المتعة‭ ‬والقيمة‭ ‬نفسيهما‭ ‬عنـــدما‭ ‬تعلم‭ ‬اماركــو‭ ‬بولوب‭ ‬لغة‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬واستـــعاض‭ ‬عن‭ ‬الإيماءات‭ ‬بالكلمات‭... ‬ومع‭ ‬ذلـــك‭ ‬فغرائبية‭ ‬المدن‭ ‬جعلت‭ ‬الإمبراطور‭ ‬يواصل‭ ‬الإنصات‭ ‬للمحكيات‭ ‬العجيبة‭ ‬بشغف‭.‬

أول‭ ‬ما‭ ‬يسترعي‭ ‬الانتباه‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬امدن‭ ‬لامرئيةب‭ ‬للكاتب‭ ‬الإيطالي‭ ‬إيتالو‭ ‬كالفينو،‭ ‬هو‭ ‬الهندسة‭ ‬المدهشة‭ ‬للمدن‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يرسمها‭ ‬بخياله،‭ ‬تبدو‭ ‬سريالية‭ ‬وحلمية‭ ‬ولامعقولة‭... ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أغلبها‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬رياضية‭ ‬وفيزيائية‭ ‬دقيقة‭ ‬ومحكمة‭. ‬

‭ ‬أي‭ ‬نعم‭ ‬خلفيتها‭ ‬علمية‭ ‬وتتقيد‭ ‬بإحداثيات‭ ‬صارمة‭ ‬وتخطيطات‭ ‬بيانية‭ ‬وأدوات‭ ‬صلبة،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يفقدها‭ ‬بتاتاً‭ ‬روحها‭ ‬اللعبية،‭ ‬وطرافة‭ ‬جنونها،‭ ‬وعمق‭ ‬دعابتها‭ ‬ومتعة‭ ‬لهْوها،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬هندسة‭ ‬مرحة‭... ‬مرحٌ‭ ‬تتحقق‭ ‬معه‭ ‬قيمة‭ ‬اللعب‭ ‬ومعناه،‭ ‬مبتكراً‭ ‬نسقه‭ ‬الجمالي‭ ‬والمعرفي‭ ‬الخاص‭.‬

ولأن‭ ‬الكتاب‭ ‬معنيّ‭ ‬بتخطيطات‭ ‬المدن‭ ‬الخيالية‭ ‬وسحرية‭ ‬أشكالها،‭ ‬حتى‭ ‬ليكاد‭ ‬يكون‭ ‬دليلاً‭ ‬هندسياً‭ ‬للمدن‭ ‬المستقبلية‭ ‬العجيبة،‭ ‬فبناؤه‭ ‬ومعماره‭ ‬وتدبيره‭ ‬الحكائي‭ ‬لم‭ ‬تجانب‭ ‬نبوغ‭ ‬تلك‭ ‬التخطيطات‭ ‬وبراعة‭ ‬تلك‭ ‬الأشكال،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الإمعان‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬تشييد‭ ‬الوحدات‭ ‬وحَبْك‭ ‬العناصر‭ ‬وتطريز‭ ‬الأشياء،‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬اكتشاف‭ ‬خطّة‭ ‬ماكرة‭ ‬اعتمدها‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬صناعته،‭ ‬ويتضح‭ ‬من‭ ‬دقة‭ ‬الملاحظة‭ ‬والتفكيك‭ ‬أن‭ ‬امدن‭ ‬لامرئيةب،‭ ‬رواية‭ ‬ذات‭ ‬هندسة‭ ‬محكمة‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬بنيانها،‭ ‬بحسابات‭ ‬رياضية‭ ‬دقيقة،‭ ‬تتماهى‭ ‬أو‭ ‬تتطابق‭ ‬وعلوم‭ ‬هندسة‭ ‬المدن‭ ‬الخيالية‭ ‬الموصوفة‭ ‬ببراعة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭.‬

ينقسم‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬9‭ ‬فصول،‭ ‬وكل‭ ‬فصل‭ ‬يتضمن‭ ‬نصوصًا‭ ‬قصيرة‭ ‬بعناوين‭ ‬فرعية‭ ‬وأرقام‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬التالي‭:‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الأول‭/ ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬1‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬1‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والإشارات‭ ‬1‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والإشارات‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ / ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والإشارت‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ / ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والإشارت‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ / ‬المدن‭ ‬والإشارات‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ / ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأموات‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬السادس‭ / ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأموات‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬السابع‭ / ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأموات‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬الثامن‭ / ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والأموات‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬1‭.‬

‭< ‬الفصل‭ ‬التاسع‭ / ‬المدن‭ ‬والأموات‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬2‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬3‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬5‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬5‭.‬

وفي‭ ‬بداية‭ ‬ونهاية‭ ‬كل‭ ‬فصل،‭ ‬هناك‭ ‬فقرة‭ ‬حكائية‭ ‬تعرض‭ ‬مشهداً‭ ‬وحواراً‭ ‬بين‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬والإمبراطور‭ ‬التتاري،‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بما‭ ‬سيُحكى‭ ‬بداية‭ ‬وما‭ ‬حُكي‭ ‬نهاية‭.‬

مع‭ ‬إعمال‭ ‬الملاحظة‭ ‬الأولية‭ ‬لمخطّط‭ ‬الفصول‭ ‬هذه،‭ ‬يتضح‭ ‬أنّ‭ ‬الفصلين‭ ‬الأول‭ ‬والتاسع‭ ‬يتضمنان‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬عشرة‭ ‬نصوص‭ ‬قصيرة،‭ ‬وبقية‭ ‬الفصول‭ ‬الداخلية‭ ‬تتضمن‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬خمسة‭ ‬نصوص‭ ‬قصيرة‭.‬

وتقدماً‭ ‬في‭ ‬الملاحظة،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الفصلين‭ ‬الأول‭ ‬والتاسع‭ ‬معاً،‭ ‬يتطابقان‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬تصنيف‭ ‬وتوزيع‭ ‬النصوص‭ ‬مع‭ ‬عناوينها،‭ ‬فاللافت‭ ‬هو‭ ‬إدراج‭ ‬لعنوان‭ ‬بعينه‭ ‬أربع‭ ‬مرات‭ ‬ضمن‭ ‬العناوين‭ ‬العشرة‭: ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬والمدن‭ ‬المخفية‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬التاسع‭. ‬والمثير‭ ‬للانتباه‭ ‬أكثر،‭ ‬هو‭ ‬تردد‭ ‬العنوان‭ ‬بالتوالي‭ ‬في‭ ‬البداية‭: ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬1‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬2،‭ ‬والشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭: ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬4‭ ‬ذ‭ ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬5،‭ ‬وهذا‭ ‬يشبه‭ ‬خطة‭ ‬دائرية‭ ‬للمتن‭ ‬الحكائي‭. ‬وداخل‭ ‬معترك‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬الدائرية،‭ ‬نجد‭ ‬عند‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬فصل،‭ ‬يدرج‭ ‬المؤلف‭ ‬عنواناً‭ ‬جديداً‭ ‬يحمل‭ ‬رقم‭ ‬1،‭ ‬يتنامى‭ ‬عبر‭ ‬الفصول‭ ‬بنسبة‭ ‬درجة‭ ‬درجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬5‭ ‬وينتهي‭. ‬وعن‭ ‬رقم‭ ‬5‭ ‬فبه‭ ‬تستهلّ‭ ‬الفصول‭ ‬الداخلية‭ ‬ترتيب‭ ‬العناوين،‭ ‬مثلاً‭: ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ / ‬المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬5‭. ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ / ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬5‭. ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ / ‬المدن‭ ‬والإشارات‭ ‬5‭...‬إلخ‭.‬

يمكن‭ ‬للقارئ‭ ‬ألا‭ ‬يتقيّد‭ ‬بخطة‭ ‬الكتاب‭ ‬المقترحة،‭ ‬فالترقيم‭ ‬الذي‭ ‬تعتمده‭ ‬النصوص‭ ‬القصيرة‭ ‬عبر‭ ‬الفصول‭ ‬العشرة،‭ ‬يتيح‭ ‬إمكانية‭ ‬أخرى‭ ‬للقراءة،‭ ‬عبر‭ ‬تتبّع‭ ‬خماسية‭ ‬كل‭ ‬عنوان‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬التالي‭:‬

المدن‭ ‬والذاكرة‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬والرغبات‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭/ ‬المدن‭ ‬والإشارات‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬والتبادلات‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬والنظر‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬والأسماء‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و‭ ‬4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬والسماء‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭ / ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3‭ ‬و4‭ ‬و5‭.‬

إنها‭ ‬قراءةُ‭ ‬وثباتٍ‭ ‬وقفزاتٍ‭ (‬القفز‭ ‬على‭ ‬الوحدات‭ ‬السردية‭ ‬يذكرنا‭ ‬بلعبة‭ ‬الحجلة‭ ‬لخوليو‭ ‬كورتاثار‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬أكيد‭ ‬بين‭ ‬الكتابين‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬تتخطى‭ ‬الترتيب‭ ‬المتبع‭ ‬للكتاب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬ذلك‭ ‬إخلالا‭ ‬بالمعنى‭ ‬أو‭ ‬المحتوى،‭ ‬فالأمر‭ ‬سيان‭. ‬

ووفق‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬الثاني‭ ‬المتعاقب،‭ ‬يمكن‭ ‬القول،‭ ‬بافتراض،‭ ‬إن‭ ‬رواية‭ ‬امدن‭ ‬لامرئيةب‭ ‬لإيتالو‭ ‬كالفينو،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬بهذا‭ ‬الترتيب‭ ‬أو‭ ‬التخطيط،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مغامرة‭ ‬صوغ‭ ‬جديد،‭ ‬خاضع‭ ‬لهندسة‭ ‬مغايرة،‭ ‬مضاعفة،‭ ‬متداخلة،‭ ‬مركبة‭ ‬ومعقدة،‭ ‬يتمثّلها‭ ‬الشكل‭ ‬الأول‭ ‬للكتاب‭.‬

ليس‭ ‬اعتباطاً‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬المؤلف،‭ ‬أو‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬بالأحرى،‭ ‬أسماء‭ ‬نساء‭ ‬لكل‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬زارها‭ ‬إن‭ ‬خيالًا‭ ‬أو‭ ‬فعليًّا،‭ ‬وهي‭ ‬أسماء‭ ‬تتشابك‭ ‬دلاليًّا‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬هندسة‭ ‬المدن‭ ‬وطقوسها‭ ‬وأعرافها‭ ‬وخصوصياتها‭: ‬

‭- ‬مدن‭ ‬الذاكرة‭ ‬الخمس‭: ‬ديومير،‭ ‬إيزيدورا،‭ ‬زايير،‭ ‬زورا،‭ ‬موريلا‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬رسوخ‭ ‬ماضيها‭ ‬كخطوط‭ ‬اليد،‭ ‬مع‭ ‬الأثر‭ ‬الغائر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيانها‭ ‬أبداً،‭ ‬والحنين‭ ‬إلى‭ ‬ماضيها‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬الرغبات‭ ‬الخمس‭: ‬دوروتيا،‭ ‬أنشازيا،‭ ‬ديسبينا،‭ ‬فيدورا،‭ ‬زبيد‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬النساء‭ ‬العاريات‭ ‬وأشكال‭ ‬احتدام‭ ‬الرغبة،‭ ‬مدن‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬فتنتها‭ ‬يصير‭ ‬زائرها‭ ‬عبداً‭ ‬لها‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬الإشارت‭ ‬الخمس‭: ‬تامارا،‭ ‬زيرما،‭ ‬زويه،‭ ‬إيباتسيا،‭ ‬أولفيا‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬الرموز‭ ‬وأفخاخ‭ ‬اللغة‭ ‬وتأرجحها‭ ‬بين‭ ‬الصور‭ ‬والكلمات،‭ ‬بين‭ ‬الكلام‭ ‬والأشياء‭.‬

‭- ‬المدن‭ ‬الممشوقة‭ ‬الخمس‭: ‬إساورا،‭ ‬زنوبيا،‭ ‬أرميلا،‭ ‬سوفرونيا،‭ ‬أوكتافيا‭.‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬أشكالها‭ ‬المفزعة،‭ ‬واحدة‭ ‬مشيّدة‭ ‬على‭ ‬حفرة‭ ‬جوفية‭ ‬لبحيرة‭ ‬عميقة‭ ‬وثانية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬قاحلة‭ ‬مرفوعة‭ ‬بعكاكيز‭ ‬من‭ ‬خيزران‭ ‬وثالثة‭ ‬بلا‭ ‬جدران‭ ‬ولا‭ ‬سقوف‭ ‬ولا‭ ‬أرضية‭ ‬ورابعة‭ ‬لها‭ ‬شكل‭ ‬8،‭ ‬نصفها‭ ‬ثابت‭ ‬ونصفها‭ ‬يتبدل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬عبر‭ ‬نزع‭ ‬مساميره‭ ‬وأخرى‭ ‬لها‭ ‬شكل‭ ‬بيت‭ ‬العنكبوت،‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬هاوية‭... ‬الخ‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬التبادلات‭ ‬الخمس‭: ‬أوفيميا،‭ ‬كلويه،‭ ‬أوترويا،‭ ‬إرسيليا،‭ ‬سميرالدينا‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬تحولاتها‭ ‬ومفارقاتها‭ ‬وهجراتها،‭ ‬كالتي‭ ‬شيدت‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬انقلاب‭ ‬الفصول‭ ‬واعتدالها‭ ‬في‭ ‬آن،‭ ‬فتتبدل‭ ‬فيها‭ ‬الذاكرة‭ ‬بسحب‭ ‬انقلابية‭ ‬الفصول‭ ‬وتوازنها،‭ ‬وأخرى‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الناس‭ ‬فيها‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضاً،‭ ‬ومدينة‭ ‬تحتوي‭ ‬مدناً‭ ‬عدة‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬يضجر‭ ‬سكان‭ ‬واحدة‭ ‬يهجرون‭ ‬إلى‭ ‬ثانية‭ ‬ليبتكروا‭ ‬حياة‭ ‬مختلفة‭ ‬جذريًّا‭ ‬فيها‭ ‬باختيار‭ ‬وظائف‭ ‬جديدة،‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك،‭ ‬وأخرى‭ ‬نقيضة‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬سكانها‭ ‬بالضجر‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬تشعب‭ ‬الطرق‭ ‬المائية‭ ‬والبرية‭...‬إلخ‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬النظر‭ ‬الخمس‭: ‬فالدارادا،‭ ‬زمرود،‭ ‬باخوس،‭ ‬فيليد،‭ ‬موريانا‭.‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬اختلاف‭ ‬زوايا‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬ومنها‭ ‬أيضاً،‭ ‬كالمدينة‭ ‬المشيدة‭ ‬على‭ ‬ضفة‭ ‬بحيرة‭ ‬تتمرأى‭ ‬في‭ ‬صفحتها‭ ‬وتتطابق‭ ‬معها،‭ ‬والمدينة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمكن‭ ‬رؤيتها‭ ‬لأنها‭ ‬مشيدة‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬تجاور‭ ‬السحاب‭ ‬ويكره‭ ‬سكانها‭ ‬النزول‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭...‬إلخ‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬الأسماء‭ ‬الخمس‭: ‬أغلوريا،‭ ‬لياندرا،‭ ‬بيرا،‭ ‬كلاريس،‭ ‬إيريني‭.‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬صعوبة‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬بالأسماء‭ ‬والكلمات،‭ ‬فمدينة‭ ‬بأرواح‭ ‬حارسة،‭ ‬وأخرى‭ ‬تسكن‭ ‬البيوت،‭ ‬ومدينة‭ ‬عظيمة‭ ‬مندثرة‭ ‬تحمل‭ ‬اسمها‭ ‬واحدة‭ ‬جديدة،‭ ‬ومدينة‭ ‬يحتمل‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬جميع‭ ‬أسماء‭ ‬المدن،‭ ‬وخامسة‭ ‬هي‭ ‬عند‭ ‬الدخول‭ ‬شيء‭ ‬وفي‭ ‬الخروج‭ ‬شيء‭ ‬مغاير‭... ‬إلخ‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬الأموات‭ ‬الخمس‭: ‬ميلانيا،‭ ‬أدليما،‭ ‬كأوسابيا،‭ ‬آرجي،‭ ‬لودوميا‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬الموت،‭ ‬يختلط‭ ‬الأحياء‭ ‬بالأموات‭ ‬ويصعب‭ ‬تحديد‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬الأموات‭ ‬وأي‭ ‬منهم‭ ‬الأحياء،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬تطابقها‭ ‬أخرى‭ ‬فوق‭ ‬التراب‭ ‬وأخرى‭ ‬يجتاحها‭ ‬الغبار‭ ‬والرمل‭ ‬فيتنقل‭ ‬أهلها‭ ‬عبر‭ ‬الأنفاق‭... ‬إلخ‭.‬

‭- ‬مدن‭ ‬السماء‭ ‬الخمس‭: ‬أودوكسي،‭ ‬بيرسابيا،‭ ‬تقلا،‭ ‬بيرنسيا‭.‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬العلاقة‭ ‬الوثيقة‭ ‬بالسماء،‭ ‬كالتي‭ ‬تختزلها‭ ‬رسومات‭ ‬سجادة‭ ‬وتكاد‭ ‬تكون‭ ‬خارطة‭ ‬للعالم،‭ ‬وأخرى‭ ‬بحسابات‭ ‬فلكية‭ ‬يطابق‭ ‬كل‭ ‬شارع‭ ‬فيها‭ ‬مدار‭ ‬كوكب‭ ‬سيار،‭ ‬فيؤثر‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬بعض،‭ ‬أي‭ ‬السماء‭ ‬والمدينة‭... ‬إلخ‭.‬

‭- ‬المدن‭ ‬المستمرة‭ ‬الخمس‭: ‬ليونيا،‭ ‬ترود،‭ ‬بروتبيا،‭ ‬سيسيليا،‭ ‬بنتسلي‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬التجدّد،‭ ‬كالمدينة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بداية‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬نهاية،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يتغير‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬مطارها‭, ‬والمدينة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬بعد‭ ‬اختلاط‭ ‬الأمكنة‭ (‬حكاية‭ ‬ماركو‭ ‬مع‭ ‬الرعي‭)‬،‭ ‬والمدينة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬المسافر‭ ‬إلى‭ ‬مركزها،‭ ‬إذ‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يكتشف‭ ‬أنه‭ ‬خارجها‭ ‬وقلبها‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭... ‬إلخ‭.‬

‭- ‬المدن‭ ‬المخفية‭ ‬الخمس‭: ‬أولند،‭ ‬رايسا،‭ ‬ماروزيا،‭ ‬تيدورا،‭ ‬بيرينسيا‭. ‬

قاسمها‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬لامرئيتها،‭ ‬كالتي‭ ‬بحجم‭ ‬رأس‭ ‬دبوس،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬مشاهدتها‭ ‬بعدسة‭ ‬مكبرة‭ ‬تظهر‭ ‬لانهائيتها‭... ‬إلخ‭.‬

أما‭ ‬الذي‭ ‬يوحد‭ ‬كل‭ ‬المدن،‭ ‬فغرابتها‭ ‬وعجائبيتها،‭ ‬سحريتها‭ ‬ولامعقوليتها،‭ ‬خياليتها‭ ‬ولامألوفها‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬الذكر‭.‬

يبدو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المدن‭ ‬لانهائيًّا‭ ‬بين‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬واالخان‭ ‬الأعظمب،‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يقارن‭ ‬بين‭ ‬أشكالها‭ ‬العجيبة‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬الشاب‭ ‬الفينيسي‭ ‬وبين‭ ‬تلك‭ ‬المرسومة‭ ‬في‭ ‬خرائط‭ ‬أطلسه‭ ‬كإنوش‭ ‬وبابل‭ ‬وياهو‭ ‬وبوتوا‭. ‬فيفترض‭ ‬االخان‭ ‬الأعظمب‭ ‬أن‭ ‬المدينة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬هي‭ ‬مدينة‭ ‬الجحيم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬له‭ ‬إجابة‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬ردّ‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬الهلامي‭ ‬على‭ ‬سؤاله‭:‬

‭- ‬نحو‭ ‬أيّ‭ ‬مستقبل‭ ‬تدفعنا‭ ‬الرياح‭ ‬المواتية؟‭ ‬

فينفي‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الجحيم‭ ‬قائماً‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬الجحيم‭ ‬الذي‭ ‬نسكنه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬هنا‭. ‬

مع‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬امدن‭ ‬لامرئيةب‭ ‬لإيتالو‭ ‬كالفينو،‭ ‬ينتاب‭ ‬القارئ‭ ‬هاجس‭ ‬سؤالٍ‭ ‬لاذع‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجمع‭ ‬كل‭ ‬مدن‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭ ‬قاطبة،‭ ‬فيبزغ‭ ‬طيف‭ ‬البندقية‭ ‬من‭ ‬سديم‭ ‬الرواية‭ ‬كموجز‭ ‬لتاريخ‭ ‬المدن،‭ ‬حين‭ ‬يقول‭ ‬اماركو‭ ‬بولوب‭:‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أقوم‭ ‬بوصف‭ ‬مدينة‭ ‬ما،‭ ‬فإني‭ ‬أقول‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬االبندقية.