حقاً... هي العروة الوثقى
ما قرأتُ ولا سمعتُ ولا خَطَّت أصابعي كلمة االوثقىب إلا وسبقتها كلمة االعروةب، وهي صفة تحمل الجدية والثقل والثبات والديمومة، ولكن لها رنيناً مادياً أحياناً، فقد تكون عروة من معدن الذهب أو الفضة أو ما هو أقل قيمة.
لكنني معنية اليوم بالوثاق البشري الإنساني، مثل علاقة التوائم مثلاً، أو الإخوة أو العائلة، أو حتى الدول في تحالفاتها، كلهم ينشدون أن تكون العروة التي يتمسكون ويتماسكون بها حقاً وثقى حتى إشعار آخر، رغم اتساع شقّة الخلاف بينهم في الرؤية والأهداف والمسار أحياناً. بصراحة، هذا ما أتمناه للوطن العربي الكبير، بدءاً بالصغير منهم اليوم وهو كتلة الخليج.
إنني أنظر لها نظرتي لبيت االحمولةب، تتمدد على أرض تحفظ رمالها شبكة واحدة لها رقة ورهافة وقوة شباك العنكبوت، سماؤها بألوان قوس الشمس، شخوصها متباينة متقاربة متباعدة يجمعها ما يجمع منطلقات أصابع البيانو ما بين الصمت والروعة، نعم... لكل إصبع صوته الخاص، وإذا اجتمعت فالنغم أجمل وأجمل. لننظر اليوم على الواقع إلى شريحتين من الوطن الغالي، اسمهما ادبي والشارقةب... أختان... تخطف أبصارنا فيهما حضانة كل واحدة منهما
للأخرى - رغم الفارق التكاملي بينهما - ففي الوقت الذي تختار فيه دبي الصعود على سلم الحداثة وتطلق الأبصار باتجاه المستجدات، تختار الشارقة الغوص إلى أعماق أعماق التاريخ، للمحافظة على جذور الحضارة وتدعيمها بكل ما يمكن أن يزيد في حفظها سنوات مقبلة مع ديمومة التجديد والتحديث في الحياة العصرية بالمحافظة على الأصول.
وهكذا، يلتقي الطرفان عند الحاضر، مع صلابة الأرضية والمحافظة على أصول الثقافة، بإنشاء الجسور الثقافية الحديثة الصنع الفاصلة والواصلة ما بين تاريخ الأمس وضياء الحضارة وأمل المستقبل، حتى لا تصبح الحضارة لقمة صعبة الهضم. تتمثل هذه الجسور في المنتديات الشبابية ومعارض الكتب المميزة والاهتمام بالعلوم والفنون قديمها وحديثها من جهة، ومن جهة أخرى استحضار العالم بكل مستجداته إلى شعوبنا غير القادرة على الوصول إليها وبصورة جميلة وميسرة.
أظن أن ما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في االشارقة ودبيب - كواجهة - إنما هو جرعة حياة بالغة الغنى والجمال لا أظن الحصول عليها في موقع آخر، أو منفصل عن الآخر.
هي حقاً العروة الوثقى بينهما وبين العالمين العربي والأجنبي أيضاً.
ندعو لها بالديمومة .