نحو ترشيد الطاقة الكهربية

نحو ترشيد الطاقة الكهربية

ما أحوجنا إلى ترشيد استهلاك الطاقة الكهربية؛ حيث نعاني النقص الشديد في إنتاجها. ولقد أدركت الحكومات والإدارات المحلية في كثير من الدول أن هناك فُرصًا كبيرة للترشيد عن طريق التحكم في إنارة الشوارع؛ حيث قد تلاحظ أن إنارة الشوارع تستهلك سنويًّا قدرًا كبيرًا من ناتج الطاقة الكهربية. على أن الترشيد ليس فقط من خلال إخفات وإطفاء أنوار الشوارع، ولكن أيضًا عن طريق استخدام الثنائيّات الباعثة للضوء (LEDs) الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة، بدلاً من المصابيح التقليدية. وكلما استمر الانخفاض في كلفة التقنيات الجديدة، ازدادت تلك الجهود.

عمومًا، هناك طرق عدة لخفض الطاقة المستخدَمة في إنارة الشوارع، وهي تنطوي إجمالاً على تقليل الوقت، أو المدى المستخدَم في الإنارة، وكذلك شدة الضوء. وعلى سبيل المثال، في حالة الطرق والمدن التي لاتزال تحت الإنشاء، يكون منطقيًّا الاستثمار في نظم إنارة منخفضة الطاقة، والتي يمكن التحكم فيها مركزيًّا. وبالتالي، يجب على المسؤولين عن أنظمة الإنارة أَخْذ مثل تلك الأمور بعين الاعتبار، حيث إن اتباع منهج دقيق من شأنه أن يضمن وجود أنظمة إنارة غير ضارة بالبيئة، فضلاً عن توفير الفوائد الضرورية بأقل كلفة ممكنة.
كما تجب ملاحظة أن الضوء الاصطناعي يؤثر في عدد هائل من العمليات البيولوجية، بما في ذلك النوم، والتمثيل الغذائي، وعمليات الإنبات والإزهار. كما أنه قد يغيرِّ من انتشار وكثافة وجود الكائنات الحية، ويتداخل مع علاقات المفترسات بالفرائس، نظرًا لأهمية تعاقب دورات الضوء الطبيعي على الساعة البيولوجية، والاستجابات الفسيولوجية للكائنات الحية التي تتأثر بطول فترة النهار. وللحدِّ من تلك التأثيرات البيولوجية السلبية، يمُكِن بشكل عام تحديد عدد أعمدة الإنارة، وإخفات الإضاءة، وإطفاؤها لفترات. على أنه لا تزال هناك حاجة إلى دراسات تُفاضِل ما بين الحلول التوافقيّة المتاحة.
إنّ حاجة الناس إلى الضوء الاصطناعي تشتد في ساعات ما بعد الغسق، وما قبل الفجر. وفي ذلك إطالة اصطناعية للنهار (بالنسبة إلى الكائنات النهاريّة)، وتقصير اصطناعي لليل (بالنسبة إلى الكائنات الليليّة). ومن الممكن أن يؤدي تعديل الإضاءة في تلك الفترة بما يتوافق مع البيئة المحيطة، ووفق احتياجات الإنسان، إلى تقليل التأثيرات السلبية للإنارة الليلية.
ولقد انتشرت أنظمة الثنائيّات الباعثة للضوء الأبيض، وغيرها من تقنيات الضوء الأبيض، وذلك بسبب قدرتها على تقديم الألوان بما يلائم الرؤية البشرية، فالأجسام تبدو معها أكثر طبيعيّةً عند النظر إليها، لكن زيادة نطاق الأطوال الموجيّة المنبعثة من مصدر الضوء تزيد من التداخل بين الضوء المنبعث، والحساسية الطيفية لمجموعة واسعة من الكائنات الحية. عندما ينبعث الكثير من الأشعة فوق البنفسجية من بعض مصادر الضوء الأبيض؛ تصبح هذه المصادر جاذبًة لحشرات مثل العث. وبالتالي، يجب أن يقتصر استخدام تلك التقنيات على المناطق التي قد تتحقق فيها فائدة كبيرة، مع أقل ضرر بيئي ممكن، كأنْ تُستخدَم في المدن، بدلاً من الريف، مع تجنب الأطياف الضوئيّة غير المفيدة للإنسان.
وللحصول على ضوء أبيض رخيص، وُجد أن هناك أسلاكًا نانوية من الفضة توفِّر وسيلةً لحل مشكلتين تواجهان صناعة الثنائيّات الباعثة للضوء، إذْ غالبًا ما تُصنع الثنائيات الباعثة للضوء من مواد غير عضوية. وتكون تلك المواد المستنِدة إلى المواد العضوية أرَقّ، وأخفّ وزنًا، وأقل تكلفةً في صناعتها، وأكثر سهولة في نشرها على أسطح كبيرة مرنة، لكنّ الضوء الأبيض الذي ينتج عنها ليس متجانسًا بجميع الزوايا. والثنائيات الباعثة العضوية الحالية تتلف بســــبب تـــصلُّب الأقطاب، فهي غير متوافقة مع التصنيع المرن، وتُصنع من إنديوم أكسيد القصدير، وهي مادة تشحّ بشكل متزايد. وقد صنعَ ويتنيجينور وزملاؤه، بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، أقطابًا كهربائية بديلة باستخدام أسلاك الفضة النانوية المغطاة ببلاستيك شفاف. وهذه تنتج ضوءًا أبيض متوازنًا بجميع الزوايا، وأكثر ملاءمةً لتصنيع الثنائيات الباعثة للضوء على أسطح بلاستيكية مرنة.