رائد التجريب.. صاحب النزعة الإنسانية

يوصف إسماعيل فهد إسماعيل بأنه الأب الروحي للأدب الكويتي، وهذا صحيح، على مستوى إنتاجه الأدبي أولا، وعلى المستوى الإنساني تاليا. فمسيرة إسماعيل فهد الأدبية الكبيرة بدأت مع منتصف ستينيات القرن الماضي، وفي تقديري أنها بدأت من حيث انتهى الآخرون. فقد تجلى منذ أول نصوصه المنشورة «كانت السماء زرقاء» انحيازه للمغامرة الأدبية وللتجريب، وحرصه على تأسيس لغة وأسلوب يخصانه وحده. وكلما تقدم في مسيرته بدا هذا الصوت أكثر خصوصية.
أما على المستوى الإنساني فهو بالتأكيد الأب الروحي للأدب الكويتي، تجمعه علاقات المودة والإنسانية مع الجميع، من الأجيال والتيارات الأدبية في الكويت كافة. ولا يمر يوم إلا وتجده حاضرا لأمسية أدبية أو مناقشة لكاتب شاب، أو شاعرة من الأجيال الجديدة، وفي مكتبه حيث يتفرغ للعمل الأدبي والكتابة منذ أكثر من عقدين، تجد بابه مفتوحا لمن يرغب من أصدقائه الكتاب والشباب، يمنحونه مخطوطات أعمالهم الأدبية، أو نسخا من أعمال جديدة، ولا تجده إلا مهتما، يقرأ ويمنح من وقته، ويعطي ملاحظاته وانطباعاته.
وأعتقد أن هذا السمت الإنساني يتجلى بشكل ساطع في نصوصه الأدبية، ربما بما يفوق أي كاتب عربي آخر، وأقصد بالإنسانية هنا، أن اهتمامه كأديب، بعد الأولوية الأولى المكرسة للتجريب والبحث عن أساليب سردية خاصة، لا يتوقف على المجتمع الكويتي وهمومه، بل يتعدى ذلك لقضايا الإنسانية أيا كان موطنها.
أدب إنساني النزعة
على سبيل المثال ستجد أن عمله المتفرد «النيل الطعم والرائحة»، والذي صدر في عام 1987 يتبنى قصة حب بين البطل وهو فلسطيني الجنسية وبين بطلة العمل المصرية. رواية طويلة بينما زمن الحدث الرئيس فيها لا يتجاوز ليلتين يذهب فيهما الراوي سليمان الحلبي، الفدائي الفلسطيني، إلى القاهرة، لتنفيذ عملية اغتيال لأحد رموز التطبيع وخيانة القضية الفلسطينية في مصر، فيقع في غرام نادلة مقهى الفندق، فندق شبرد، شيرين، وتتوالى تداعيات الذاكرة وقصة حياة الفتاة ناسجة نصا سرديا بديعا. يتناول الكثير من الأفكار عن الحب والعمل الثوري والخيانة ومعنى العمل الفدائي والخوف والشجاعة.
وقد حصل إسماعيل فهد إسماعيل على الجائزة التشجيعية في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي عن هذه الرواية العلامة.
أما في رواية «الشياح» فيتناول تعقيدات الحالة اللبنانية من خلال تفاصيل الحرب الأهلية في بيروت منتصف السبعينيات، محاولا أن يلقي الضوء على تفاصيل هذا الواقع بالغ التعقيد للتركيبة الطائفية في لبنان وانعكاسها على المواطن اللبناني، محاولا أن يفك شفرة التعقيد الطائفي في التركيبة السكانية اللبنانية وانعكاسها على الذهنية اللبنانية وسلوكياتها، كما يتأمل في الوقت ذاته فكرة الطائفية نفسها حين تتحول من جوهر قضيتها الرئيس المتعلق بالعقيدة والأخلاق، إلى مجرد وسيلة للاقتتال الطائفي، ومحاولة ضرب المشروع التعددي اللبناني. وقبل هذا كله يكتب عملا روائيا فريدا بعنوان «النيل يجري شمالا» يتناول بشكل درامي تعقيدات حياة فتاتين مصريتين تعيشان في قرية تدعى «كفر عسل»، قريبا من منطقة الجيزة، في فترة تاريخية تعود إلى عهد المماليك، مسلطا الضوء على فكرة القهر والعبودية بين الإقطاع والسلطة وبين الشعب الفقير. وهو بالمناسبة ربما العمل الوحيد بين أعمال إسماعيل فهد جميعا، تقريبا، الذي تخلى فيه عن نزعته للتكثيف واستخدام الجمل المبتورة والحيل السردية القائمة على التقطيع بطريقة المونتاج السينمائي التي ميزت أعمالا أخرى عديدة من أعماله الروائية. فقد التزم في هذا النص، نبرة سردية تناسب الطابع التاريخي للرواية، ومنح السرد نفسا طويلا وأعطى للجملة السردية حقها كاملا.
جهد بحثي روائي
وفي كل هذه النصوص يمكن للقارئ أن يستشعر مستوى الجهد البحثي المبذول من الكاتب في تقمص روح البيئات التي يتحدث عنها، من حيث المشاهدة والتتبع الجغرافي ووصف الأماكن والطرقات والبشر، أو من حيث التقصي التاريخي للأحداث المعاصرة والتاريخية، إضافة للإقناع في تقمص الشخصيات والهوية التي يمثلها كل منها.
لكن في نصوص أخرى نجده يتخذ مسرحا عالميا أو عولميا للأحداث، قد يكون الكويت أو العراق أو مصر أو الشام، إذ لا يكون تأثير البيئة المحلية على الشخوص هو هم الراوي هنا، بقدر ما يكون الهم الإنساني العام هو موضع الرسالة الفنية والأدبية، وعلى سبيل المثال ففي روايته القصيرة، أو بالأحرى «النوفيلا» التي تحمل عنوان «الحبل» يتتبع النص «حالة» شخص يبدو شديد التعلق بحبل الغسيل، ويبدو له هذا الحبل مثل هاجس ذهني، يقوم الكاتب باللعب به في أكثر من مستوى، فهو حبل الغسيل الذي يحمل ثياب زوجته، من جهة، وهو في مستوى تال حبل الغسيل المستهدف بالسرقة لأجل أن يحضر ما يستقر عليه من ثياب لها. وهو في مستوى ثالث وسيلته، كلص محترف في التسلق إلى نوافذ الشقق التي يرغب في سرقتها، ثم في مستوى آخر هو الحبل الذي أدمى كفيه حين كان طفلا صغيرا، وبعد أن دخل السينما للمرة الأولى ليشاهد فيلم «طرزان»، وحين حاول أن يقلد طرزان وكاد يسقط تشبث بالحبل حتى احترقت يداه بالتمزق والألم وسقط بهما داميتين.
والحبل، في الوقت نفسه، هو غاية بطل العمل في محاولته لكي يستعيد حقه المسلوب من السلطة. السلطة التي منعته من السفر من العراق إلى الكويت لكي يجد فرصة للقضاء على الفقر، وفي الساعات القليلة التي قضاها هناك وحصل على مبلغ عشرين دينارا كان سعيدا أنه سيعود بها لزوجته، صودرت منه، وظل بعدها لا يفكر سوى في الثأر من مغتصبي العشرين دينارا، وهكذا قرر أن يصبح لصا، لكنه لا ولن يسرق سوى رجال السلطة، وبالتحديد رجال الشرطة. إنه روبين هود عربي، صوره إسماعيل فهد بأسلوبه الخاص، ليبدو لنا روحا ملتهبة بالقهر والألم والغبن والإحباط في عالم لا يحترم الفقراء ولا يساعدهم على أن يتجاوزوا فقرهم، مجتمع لا يجد فيه الفقير من ينصره، فيضطره للبحث عن حقه بنفسه وأخذ ثأره بيديه من مغتصبي حقه.
أول نص
بينما نشر هذا العمل في العام 1972 لأول مرة، إلا أن إسماعيل فهد إسماعيل أوضح لي أن هذا النص قد كتب قبل رواية «كانت السماء زرقاء»، وبالتحديد في العام 1961. والمعروف أن أول نص نشر لإسماعيل فهد، بدعم من صلاح عبدالصبور وعبدالرحمن الأبنودي هو رواية «كانت السماء زرقاء» في العام 1970، وكان قد انتهى من كتابتها في العام 1965، لكنها منعت من النشر في العراق وفي سورية، ولم يتم نشرها إلا في القاهرة أخيرا في 1970. وقد كتب عبدالصبور في تقديمه للرواية:
«كانت الرواية مفاجأة كبيرة لي، فهذه الرواية جديدة كما أتصور. رواية القرن العشرين. قادمة من أقصى المشرق العربي، حيث لا تقاليد لفن الرواية، وحيث مازالت الحياة تحتفظ للشعر بأكبر مكان. ولم يكن سر دهشتي هو ذلك فحسب، بل لعل ذلك لم يدهشني إلا بعد أن أدهشتني الرواية ذاتها ببنائها الفني المعاصر المحكم، وبمقدار اللوعة والحب والعنف والقسوة والفكر المتغلغل كله في ثناياها».
نقد اجتماعي
في مرحلة متقدمة من مشروعه الفني سنجد أن إسماعيل فهد لا يفلت مشروعه الأدبي الإنساني العالمي حتى وهو يقارب بعض المشكلات الاجتماعية في الكويت. ففي روايته «بعيدا إلى هنا» يتناول مجتمع الوفرة الكويتي بعد النفط، وما أصابه نتيجة هذه الوفرة من بعض السلوكيات السلبية وفي قلبها قضية تربية الأطفال، حيث سادت ظاهرة استعانة الأزواج بالخادمات للعناية بالأطفال.
يتوزع السرد في النص بين ضمير الغائب حين يصف وقائع اكتشاف الزوجة فقدانها لعقد ماسي ببضعة آلاف من الدينارات، أصرت على أن يشتريه لها زوجها رغم معارضته من أجل إرضاء نزعة استهلاكية أصابت الكثير من سيدات المجتمع الكويتي آنذاك، واتهامها للخادمة السيلانية التي كانت تعمل على رعاية ابن العائلة الكويتية بضمير أمومي تام، حتى تعلق بها الطفل تعلق الابن بأمه، ثم يأتي ضمير المتكلم ليعبر عن مونولوج داخلي للفتاة السيلانية «كومار»، التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها في المخفر متهمة بجريمة لم ترتكبها، مصابة بالرعب والألم، بينما تتوزع مشاعرها المشتتة بين الطفل الذي لم تتخل عنه لحظة واحدة منذ وطأت قدماها أرض الكويت، وبين الكوارث التي تركتها خلفها في بلادها، في مدينة كولومبو، أب مريض بالسرطان بعد وفاة الأم، وحبيب ينتظر عودتها لكي يعيش معها حياتها المؤجلة، وتفاصيل الواقع المأساوي الفقير.
مراحل سردية
أجدني هنا مضطرا للتوقف أمام ظاهرة خاصة بنقلة ما في السرد الإسماعيلي. وأظن أنني، في حدود ما قرأت من أعمال إسماعيل، وقد قرأت نصف أعماله تقريبا من أصل 25 رواية وقصة. يمكنني أن أجد أن السرد لديه مر بأربع مراحل تقريبا.
المرحلة الأولى التي تبدأ مع أول نصوصه وحتى رواية «النيل الطعم والرائحة» الصادرة عام 1989. وقد كان انحيازه فيها جميعا للتجريب واضحا، لكنه حافظ على نوع من التوازن المقبول بين الاختزال والتكثيف بما لا يتعارض مع سيولة السرد والجملة السردية.
ثم جاءت فترة الغزو، وبقي إسماعيل فهد بين من قرروا البقاء في الكويت، بل وانخرط في أعمال المقاومة الوطنية، سواء المدنية أو المسلحة. وبعد التحرير، سافر إلى الفلبين, وهناك أنجز سباعيته الشهيرة «إحداثيات زمن العزلة»، التي قدم فيها ملحمة سردية لقصة غزو الكويت وتحريرها من الاجتياح الصدامي الغاشم، وانعكاس تلك الوقائع على الحياة اليومية لمواطني الداخل الكويتي، ومن بقي معهم من الوافدين. وهذه هي المرحلة السردية الثانية في مشوار إسماعيل فهد.
وثالثا بدأت مرحلة أدبية أخرى منذ نهاية التسعينيات، بينها نص «بعيدا إلى هناك»، وفيها بدأ ينحاز بشكل كبير إلى التكثيف والإيجاز بشكل مبالغ فيه، وبالحوار الذي يشغل جانبا كبيرا من متن تلك الأعمال. وربما يعود ذلك إما إلى تأثره بكتابة السيناريو للدراما، وإما لانحيازه لقيم التكثيف بشكل أكبر. وربما أيضا لتأكيد شكل سردي مميز، يذكرنا أحيانا بأعمال آلان ديلون في السينما، أو بالطريقة التي يتحدث بها أبطال أعمال الفنان المصري الراحل يوسف شاهين، حيث يبدون جميعا وكأنهم يتحدثون بطريقة المخرج. وربما يعود ذلك إلى حلم إسماعيل فهد إسماعيل القديم بالكتابة للسينما.
وأخيرا المرحلة الرابعة مع رواية «العنقاء والخل الوفي»، التي استعاد فيها الحس السردي الملحمي، مع تقنيات سردية جديدة بدا فيها اهتمامه بالوصف والسرد على حساب الحوار، وببناء روائي له تكنيك شديد التركيز والتماسك على الرغم من النفس الملحمي.
مسك وظاهرة «التقليلية»!
أظن أن روايته القصيرة، أو بالأحرى النوفيلا التي صدرت بعنوان «مسك» كانت بمنزلة ذروة ما وصل إليه من الاختزال والاقتضاب في أعماله الأدبية جميعا.
فعندما انتهيت من قراءة نص «مسك»، بل وفي أثناء القراءة، لاحظت تنبه حواسي للاختزال الشديد في النص، وهو ما استدعى لديَّ ظاهرة فنية تجلت خلال ستينيات القرن الماضي في مجالي الفن التشكيلي والموسيقى، تمثلت في تقليل عناصر اللوحة التشكيلية أو القطعة الموسيقية من حيث الآلات أو النوتة الخاصة بكل آلة، وتحولت إلى صرعة حداثية عرفت بالمينيماليزم، Minimalism، ظهرت لمناهضة بعض الاتجاهات العبثية في الفن سرعان ما أصبحت جسرا بين الحداثة وما بعد الحداثة، وخصوصا بعد أن انتقلت لاحقا إلى مجالات فنية أخرى مثل الفنون البصرية، ووصولا إلى التصميم الداخلي المستلهم من الفلسفة اليابانية، وخاصة من أسلوب «الفينج شوي».
في نص «ِمسكْ» يعتمد إسماعيل فهد إسماعيل هذه النظرية الفنية ببراعة، إذ إنه يعمد إلى تقليل عناصر الرواية إلى أقل حد ممكن، سواء على مستوى الحيز المكاني الذي لا يزيد عن مساحة طائرة ضيقة، ثم ردهة انتظار ضيقة في أحد المطارات الأوربية، أو على مستوى الزمن؛ حيث لا يتجاوز زمن الرواية الأساسي مسافة الرحلة من الكويت إلى أثينا، ومنها إلى برلين، أو مستوى الشخصيات؛ حيث لا نرى في الرواية سوى الراوي وثلاثة نماذج أخرى ممن تعرضوا للاشتباه في مطار أثينا من سلطات المطار في إطار فوبيا الإسلام والعرب التي أصابت الغرب عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي مازالت آثارها ماثلة حولنا حتى هذه اللحظة.
أما الزمن الاعتباري للرواية فيمتد إلى عشرين عاما تحملها ذاكرة الراوي وتختزلها في واقعة حضوره لليونان مع حبيبته وزوجته السابقة إيمان قبل عشرين عاما إلى أثينا لقضاء شهر العسل.
وتتقاطع وقائع قصة الحب ذ الزواج - الطلاق، مع قصة الرحلة التي يتعرض فيها الراوي؛ الدبلوماسي الكويتي، للتحقيق من قبل سلطات مذعورة، تشتبه في كل شخص؛ لمجرد أنه عربي، وتخفق، رغم كل احتياطاتها، من تمرير شخصيات الإرهابيين إلى طائرة أخرى متجهة إلى برلين، تصادف كونها الطائرة نفسها التي يتوجه فيها الراوي إلى جهة سفره.
وهكذا يضغط الكاتب المكان والزمن والحدث والشخصيات، ويستخدم لغة مكثفة مختزلة تتناسب مع هذا التقليل في كل عناصر السرد.
تلعب اللغة في هذا العمل دورا بطوليا في تأكيد التناول الفني لظاهرة «المينيماليزم»، أو «التقليلية» كما تترجمها بعض المعاجم، وصحيح أنها سمة عامة من سمات أعمال إسماعيل فهد، لكنها هنا تبدو مختزلة إلى أبعد حد ممكن، بحيث تبدو أحيانا كأنها مجرد دلالات مشفرة لمعاني قد تحتاج إلى العديد من الصفحات لوصفها.
ويأتي مسرح سرد وقائع تعرض الراوي للتحقيق، في أجواء الترقب والقلق والتوتر والخوف، ثم تعرض الطائرة التي تقله لاحقا إلى عمل إرهابي حقيقي، كمساحة مثالية للغة المتوترة التي تتناسب تماما مع هذه الأجواء.
وهي لغة قريبة جدا من اللغة التي استعملها الكاتب في قصة «بوغريب مع التحية» من مجموعة «ما لا يراه نائم»، ربما لأن لها أجواء قريبة الشبه من أجواء هذه الرواية بشكل أو بآخر.
ولعل إسماعيل فهد قد انتبه بالفعل إلى ذلك وقرر أن ينقل نقلة جديدة في سرده، حيث قال لي تعليقا على هذه الملاحظة: أعمالي بشكل عام بالفعل، باستثناء أعمال قليلة جدا بينها «النيل يجري شمالا»، تتسم بهذه السمة، وهو ما أسميه دراما اللغة، بكل ما يقتضيه ذلك من اختزال وتكثيف واختصار. لكني أشعر الآن وخلال العمل الذي اكتبه باحتياجي لاستعادة روح اللغة المسهبة المشـــبعة بما تقتضيه الشخصيات ونكهة المكان، وأريد أن أكتب رواية بمعناها الحقيقي، وهو ما ينعكس على إنجازي، حيث أكتب الآن يوميا نصف صفحة فقط، على الرغم من تفرغي، وهو معدل أقل كثيرا مما اعتدت عليه، لكي تأخذ اللغة حقها كما أريد.
إن مسيرة إسماعيل فهد إسماعيل الروائية والسردية عموما واحدة من التجارب الأدبية العربية الخصبة، والتي رغم أهميتها وما راكمته من منجز، ورغم ما حظيت به من اهتمام نقدي أيضا، فإنها حتى الآن لم تدرس بالشكل الكافي، ولم تحصل على حقها من التأمل والنقد الأكاديمي، وهو ما يأتي في إطار إشكالات ضعف مستوى العلوم الإنسانية العربية والنقد في جوهرها.
لكنها تظل تجربة استثنائية ألهمت العديد من أجيال الكتاب، ووجدت صداها عند مساحة واسعة من قراء الأدب العربي، وأظن أن الجيل الجديد في الكويت اليوم يقبل على قراءة أعمال إسماعيل فهد إسماعيل رغم حداثتها، ونزوعها للتجريب مما يؤكد تشكل ذائقة جديدة في الأدب لا أشك أنها ستتسع في المستقبل القريب.
تبقى الإشارة إلى أن إسماعيل فهد لعب دورا بارزا في تأريخ أجيال القصة في الكويت، وخصوصا أجيال الرواد، كما كتب عن بعض الكتاب من مجايليه وبينهم الشاعر علي السبتي، والكاتبة الرائدة ليلى العثمان، إضافة إلى العديد من الدراسات الأدبية والنقدية في الأدب والدراما والمسرح .