في حضرة العنقاء والخل الوفي.. رواية تخلق حلمها الخاص

في حضرة العنقاء والخل الوفي.. رواية تخلق حلمها الخاص

بدأ‭ ‬إسماعيل‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬بحلم‮»‬‭ ‬وكلّ‭ ‬عمل‭ ‬جيد‭ ‬يأخذ‭ - ‬غالباً‭ - ‬جودته‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬البداية‭. ‬والقوة‭ ‬التي‭ ‬امتلكتها‭ ‬بداية‭ ‬الرواية،‭ ‬حدّدت‭ ‬مسار‭ ‬العمل‭ ‬بأكمله‭. ‬وقد‭ ‬أتت‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬بناء‭ ‬متماسك،‭ ‬دقة‭ ‬في‭ ‬التعبير،‭ ‬دلالة‭ ‬الكلمات‭ ‬وكفايتها‭ ‬الفكرية،‭ ‬ترابط‭ ‬نسيجها،‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيمائية‭ ‬فيها،‭ ‬والمقدرة‭ ‬على‭ ‬إحالات‭ ‬محددة‭ ‬إلى‭ ‬أحداث‭ ‬ستترى‭ ‬أثناء‭ ‬السرد‭. ‬يضاف‭ ‬إليه‭ ‬المشهدية‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬إسماعيل‭ ‬برسمها‭ ‬بدقة‭ ‬برسمها‭ ‬المتقن‭ ‬مقتصداً‭ ‬في‭ ‬لغته‭ ‬الخاصة‭ ‬حدّ‭ ‬خلق‭ ‬جملة‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬إليها‭ ‬أحد،‭ ‬ويعدّ‭ ‬إسماعيل‭ ‬متفرداً‭ ‬فيها‭. ‬

لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭ ‬إنّ‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬أخذت‭ ‬من‭ ‬إسماعيل‭ ‬عمراً،‭ ‬فهي‭ ‬خلاصة‭ ‬تجربته‭ ‬الروائية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أسلوبها‭ ‬وتقنية‭ ‬كتابتها،‭ ‬وهي‭ ‬عملٌ‭ ‬عاشه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتبه‭. ‬ليس‭ ‬غريباً‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬المرء‭ ‬بعد‭ ‬قراءة‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬بأنّ‭ ‬إسماعيل‭ ‬فهد‭ ‬كان‭ ‬‮«‬بدون‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬كويتياً‭!‬

الحلم‭ - ‬كما‭ ‬عرّفه‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ - ‬نشاطٌ‭ ‬فكريٌ‭ ‬يحدث‭ ‬استجابة‭ ‬لمنبه‭ ‬أو‭ ‬دافع‭ ‬ما،‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬صور‭ ‬وانفعالات‭ ‬وأحداث‭ ‬تتمثل‭ ‬لعقل‭ ‬الإنسان‭ ‬أثناء‭ ‬النوم‭. ‬يرى‭ ‬عالم‭ ‬النفس‭ ‬ألفريد‭ ‬إدلر‭ ‬أنّ‭ ‬للحلم‭ ‬وظيفة‭ ‬توقعية،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬النائم‭ ‬يتنبأ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحلم‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يواجهه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬أمّا‭ ‬كارل‭ ‬يونغ،‭ ‬فيرى‭ ‬أنّ‭ ‬الحلم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬استباقاً‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولكنّه‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬نشاطات‭ ‬اللاوعي،‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬أنّ‭ ‬الأحلام‭ ‬تقدم‭ ‬حلولا‭ ‬لمشكلات‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬التوازن‭ ‬إليه‭.‬

وقد‭ ‬تساءل‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬إمكان‭ ‬وجود‭ ‬أنماط‭ ‬حلمية‭ ‬عامة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشعوب،‭ ‬وعبر‭ ‬مراحل‭ ‬ثقافية‭ ‬معينة،‭ ‬بما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نتساءل‭: ‬إلى‭ ‬أيّ‭ ‬مدى‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬انتماء‭ ‬حلم‭ ‬إلى‭ ‬شعب‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬بدراسة‭ ‬ثقافته‭ ‬وبيئته‭ ‬وطبيعة‭ ‬شعبه‭ ‬وأساطيره‭ ‬حتى؟

في‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬في‭ ‬حضرة‭ ‬العنقاء‭ ‬والخل‭ ‬الوفي‮»‬،‭ ‬يحدّثنا‭ ‬المنسي‭ ‬بن‭ ‬أبيه‭ ‬عن‭ ‬حلم‭ ‬رآه،‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬المتوقع،‭ ‬فإن‭ ‬حلم‭ ‬المنسي‭ ‬لم‭ ‬يؤسس‭ ‬لما‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬أحداث،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنّه‭ ‬لم‭ ‬يمتلك‭ ‬تلك‭ ‬المقدرة‭ ‬التنبؤية‭ ‬التي‭ ‬تحدّث‭ ‬عنها‭ ‬إدلر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مجيئه‭ ‬في‭ ‬الصفحات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الرواية‭. ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬الحدث‭ ‬الروائي‭ ‬من‭ ‬النهاية‭ ‬مسترجعاً‭ ‬أحداثاً‭ ‬سبق‭ ‬ووقعت‭ ‬للمنسي‭. ‬وبهذا‭ ‬نقض‭ ‬الروائي‭ ‬نظريات‭ ‬الحلم‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬بأن‭ ‬بنى‭ ‬لنفسه‭ ‬رؤيا‭ ‬خاصة‭ ‬لخّصت‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬بحلم‭! ‬

فعل‭ ‬إسماعيل‭ ‬فهد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الراوي‭ ‬المدرك‭ ‬لمادته‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬يديه،‭ ‬وهذا‭ ‬الإدراك‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬صنع‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحلم‭ ‬أيضاً‭. ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أنّ‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬قصة‭ ‬الراعية‭ ‬الحسناء‭ ‬‮«‬إيزيس‮»‬‭ ‬والحمار‭ ‬وقصة‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬رآه‭ ‬المنسي،‭ ‬رابطٌ‭ ‬خفي‭ ‬لم‭ ‬يتناسل‭ ‬منه‭ ‬الحدث‭ ‬وكأنّه‭ ‬تتمة‭ ‬أو‭ ‬استئناف،‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬بحبكة‭ ‬درامية‭ ‬عبر‭ ‬تفكيك‭ ‬ممنهج‭ ‬لتفكير‭ ‬الشخصية‭ ‬الحلمية‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إمكان‭ ‬رؤية‭ ‬الراوي‭ ‬لذلك‭ ‬الحلم،يتكشف‭ ‬لنا‭ ‬أثناء‭ ‬الحدث‭ ‬الدرامي‭ ‬لحياة‭ ‬المنسي‭ ‬أنه‭ ‬يفكّر‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬جعله‭ ‬الكاتب‭ ‬يرى‭ ‬الحلم‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحدث‭ ‬الحياتي‭ ‬وبداية‭ ‬الزمن‭ ‬الروائي؟‭ ‬

في‭ ‬الحلم‭ ‬يشعر‭ ‬المنسي‭ ‬بأنّ‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬تركب‭ ‬الدراجة‭ ‬خلفه‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬مبهم‭ ‬وليل‭ ‬مهيب،‭ ‬هي‭ ‬امرأة‭ ‬فاتنة،‭ ‬يعرف‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬ملامستها‭ ‬له،‭ ‬واحتضانها،‭ ‬وطراوة‭ ‬ذراعيها‭. ‬ويتملّكه‭ ‬يقين‭ ‬أنّها‭ ‬عنود‭ ‬زوجته‭! ‬عبرا‭ ‬سينما‭ ‬السيارات،‭ ‬ثمّ‭ ‬ترك‭ ‬لها‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتابعها‭ ‬مشياً‭.. ‬ترجّل،‭ ‬وقادت‭ ‬الدراجة‭.. ‬ثمّ‭ ‬ضاعت‭ ‬منه‭. ‬كان‭ ‬يسمع‭ ‬صوتها‭ ‬الباكي‭ ‬يؤكد‭ ‬أنّها‭ ‬تستغيث‭ ‬به،‭ ‬لكنّه‭ ‬لا‭ ‬يراها‭. ‬انتابه‭ ‬حزن‭ ‬مختلف،‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬بقوله‭:‬

‮«‬الحزن‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الأحلام‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬حزن‭ ‬نعانيه‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الصحو،‭ ‬حزن‭ ‬الأحلام‭ ‬يجيء‭ ‬مقطرا‭ ‬ينتاب‭ ‬الجسد‭ ‬كلّه،‭ ‬يتشرّبه‭ ‬كلّه،‭ ‬يبقى‭ ‬هناك‭ ‬بطعم‭ ‬حنظلة‭ ‬ناجي‭ ‬العلي‭!‬‮»‬‭.‬

لماذا‭ ‬كان‭ ‬الحزن‭ ‬هنا‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بشخصية‭ ‬حنظلة‭ ‬وليس‭ ‬بأمر‭ ‬آخر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ألصق‭ ‬بالبيئة‭ ‬وأشدّ‭ ‬شبهاً‭ ‬بالمنسي؟‭ ‬ذلك‭ ‬لأنّ‭ ‬الراوي‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬ذلك‭ ‬الشبه‭ ‬بين‭ ‬الشخصيتين‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬جعله‭ ‬يطلق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬حنظلة‭ ‬الكويتي‮»‬‭ ‬على‭ ‬المنسي‭ ‬ابن‭ ‬أبيه،‭ ‬الذي‭ ‬تابع‭ ‬بحثه‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬عن‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭ ‬منه‭.‬

هذا‭ ‬المشهد‭ ‬الحلمي‭ ‬ابن‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬المنسي‭ ‬ولم‭ ‬يغادرها‭ ‬سوى‭ ‬مرّة‭ ‬واحدة‭. ‬ويبدو‭ ‬منبثقاً‭ ‬عن‭ ‬نظرية‭ ‬الأحلام‭ ‬كما‭ ‬رآها‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭. ‬لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬الراوي‭ ‬بسرد‭ ‬تفاصيل‭ ‬حلمه،‭ ‬بل‭ ‬حمّل‭ ‬ذلك‭ ‬الحلم‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينتابه‭ ‬من‭ ‬أسئلة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الصحو‭. ‬فهو‭ ‬وسط‭ ‬غابة‭ ‬الحور‭ ‬وأصوات‭ ‬الجنادب‭ ‬التي‭ ‬غطّت‭ ‬عليها‭ ‬أصوات‭ ‬العويل،‭ ‬يذهب‭ ‬يميناً‭ ‬ويساراً‭ ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬طريقاً‭ ‬إليها‭ ‬فيتساءل‭: ‬‮«‬من‭ ‬الذي‭ ‬ضلّل‭ ‬الآخر‭ ‬أنا‭ ‬أم‭ ‬الطريق؟‮»‬‭. ‬

المفاجئ‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬أنّ‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬اعتقد‭ ‬أنّها‭ ‬زوجته‭ ‬تكشفت‭ ‬بعد‭ ‬بحث‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬ابنته‭ ‬زينب‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يرها‭ ‬بعد‭. ‬صحيح‭ ‬أنّ‭ ‬الحلم‭ ‬لم‭ ‬يسعفه‭ ‬برؤية‭ ‬وجهها‭ ‬أيضاً،‭ ‬لكنّه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أنّها‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬أمّها‭. ‬ثمّ‭ ‬صحا‭ ‬ليجد‭ ‬نفسه‭ ‬وقد‭ ‬حزّ‭ ‬الصندوق‭ - ‬صندوق‭ ‬زينب‭ ‬الذي‭ ‬سيترك‭ ‬لها‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬عن‭ ‬حياته‭ - ‬وجهه‭ ‬وترك‭ ‬أثراً‭ ‬عميقاً،‭ ‬ومنعه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬زينب‭ ‬ليرهقه‭ ‬السؤال‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬تنبتر‭ ‬الأحلام‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬ذروة‭ ‬الانكشاف؟‮»‬‭.‬

هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬الحلم‭ ‬ليبدأ‭ ‬القص‭ ‬الواقعي،‭ ‬لكنّ‭ ‬الراوي‭ ‬آثر‭ ‬أن‭ ‬يوضّح‭ ‬للقارئ‭ ‬رؤيته‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬الحلم‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬الأحلام‭ ‬كما‭ ‬أراها‭ ‬انعكاس‭ ‬غرائبي‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مكبوت،‭ ‬لتجيء‭ ‬أحياناً‭ ‬تعويضاً‭ ‬لحرمان،‭ ‬توليفًا‭ ‬مغايراً‭ ‬لأمر‭ ‬يبدو‭ ‬مستحيلا‭ ‬واقعيا،‭ ‬تتضمن‭ ‬إشارات‭ ‬مأخوذة‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬تخصنا‭. ‬حلمي‭ ‬إياه‭ ‬حوى‭ ‬إشارات‭ ‬عديدة،‭ ‬ورود‭ ‬ملمح‭ ‬من‭ ‬رواية‭ ‬الحمار‭ ‬الذهبي،‭ ‬سينما‭ ‬السيارات،‭ ‬أمّك‭ ‬بتوقها‭ ‬لبلوغ‭ ‬القصد،‭ ‬ذكر‭ ‬خالك‭ ‬سعود‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬تحقق‭ ‬لوجود‭ ‬فعلي‭ ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬أنتِ‭ ‬بحضورك‭ ‬الطاغي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬لي‭ ‬سانحة‭ ‬رؤية‭ ‬وجهك،‭ ‬الرائحة‭ ‬الزنخة‭ ‬واللون‭ ‬الفيروزي‭ ‬الشبيه‭ ‬بلون‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬المرتفع‭ ‬الصخري،‭ ‬المغارة‭ ‬والصخرة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬جالسة‭ ‬عندها،‭ ‬غابة‭ ‬أشجار‭ ‬الحور،‭ ‬علماً‭ ‬بأنّ‭ ‬الحور‭ ‬أشجار‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬ثمراً‭ ‬يؤكل،‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬الكويت‭ ‬خالية‭ ‬منها،‭ ‬أجزم‭ ‬بأنّ‭ ‬رؤيتي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنام‭ ‬ترتبت‭ ‬بدورها‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬يتصل‭ ‬بامتهاني‭ ‬كتابات‭ ‬نقدية‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭  ‬بالشأن‭ ‬المسرحي‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية‮»‬‭.‬

هكذا‭ ‬ألقى‭ ‬الروائي‭ ‬بمفاتيح‭ ‬الحلم‭ ‬كاملة‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬قارئه،‭ ‬تاركاً‭ ‬له‭ ‬باب‭ ‬التأويل‭ ‬مفتوحاً‭ ‬ليبحث‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬المتن‭ ‬الروائي‭! ‬كما‭ ‬تركه‭ ‬مشرعاً‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الغول‭ ‬‮«‬المستحيل‭ ‬الثالث‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬اختفى‭ ‬من‭ ‬عنوان‭ ‬الرواية‭ ‬ليجثم‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬المنسي‭ ‬طوال‭ ‬زمن‭ ‬الحدث‭ ‬الروائي‭ ‬والحياتي‭!‬

 

الغول‭ ‬

في‭ ‬الصفحة‭ ‬48،‭ ‬يبدأ‭ ‬المنسي‭ ‬بن‭ ‬أبيه‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬صراعه‭ ‬مع‭ ‬الغول‭ ‬‮«‬المستحيل‭ ‬الثالث‮»‬‭. ‬والغول‭ ‬كلمة‭ ‬رائجة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬لوصف‭ ‬وحش‭ ‬خيالي،‭ ‬أو‭ ‬فوبيا‭ ‬أسطورية‭ ‬لشيء‭ ‬مفترس‭. ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يستخدم‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬في‭ ‬القصص‭ ‬الشعبية،‭ ‬أو‭ ‬لوصف‭ ‬كائن‭ ‬مجهول‭ ‬مخيف‭ ‬اعتادت‭ ‬الأمّهات‭ ‬والجدّات‭ ‬أن‭ ‬يُخفن‭ ‬به‭ ‬الأطفال‭ ‬ليخلدوا‭ ‬للنوم‭ ‬مبكراً‭. ‬عرّف‭ ‬سيبويه‭ ‬الكلمة‭ ‬بأنّها‭ ‬‮«‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬اغتال‭ ‬الإِنسانَ‭ ‬فأَهلكه‭ ‬فهو‭ ‬غُول‭. ‬وتَغَوَّلتهم‭ ‬الغُول‭: ‬تُوِّهوا‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬العرب‭ ‬تزعم‭ ‬أنّ‭ ‬الغول‭ ‬في‭ ‬الفلاة‭ ‬تتراءى‭ ‬للناس‭ ‬فتتغول‭ ‬تغولاً،‭ ‬أي‭ ‬تتلوّن‭ ‬تلوناً‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬شتى،‭ ‬وتغولهم،‭ ‬أي‭ ‬تضلهم‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬وتهلكهم‭. ‬وهكذا‭ ‬منذ‭ ‬وعى‭ ‬المنسي‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬أدرك‭ ‬أنّه‭ ‬يصارع‭ ‬غولاً‭ ‬غير‭ ‬مرئي‭ ‬ولكنّه‭ ‬معروف‭ ‬بالإدراك‭ ‬والحسّ‭. ‬يصارعه‭ ‬محاولاً‭ ‬التخلص‭ ‬منه،‭ ‬لكنّه‭ ‬يتغلّب‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أوّل‭ ‬جولة،‭ ‬سالباً‭ ‬إياه‭ ‬‮«‬حق‭ ‬المواطنة‮»‬‭ ‬ويتركه‭ ‬منهكاً‭ ‬يائساً‭.‬

والدة‭ ‬المنسي‭ ‬السيدة‭ ‬البسيطة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحلم‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬سوى‭ ‬بأن‭ ‬ترى‭ ‬أولاده‭:‬

‮«‬اعتادت‭ ‬أمّي‭ ‬أن‭ ‬تجمع‭ ‬كفّيها‭ ‬عند‭ ‬صدرها،‭ ‬ترفع‭ ‬عينيها‭ ‬نحو‭ ‬السقف‭: ‬ربّي‭ ‬تبلّغني‭ ‬بعيال‭ ‬منسي‭! ‬التبليغ‭ ‬يعني‭ ‬زواجاً‭ ‬مسبقاً،‭ ‬يعني‭ ‬صنف‭ ‬تمنٍ‭ ‬عالٍيًا،‭ ‬والتمني‭ ‬لدى‭ ‬البدون‭ ‬أمثالنا‭ ‬سقف‭ ‬منخفض‭ ‬جداً‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬أعطاها‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬والغول‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬ترفع‭ ‬يديها‭ ‬خلفه؟‭ ‬حتّى‭ ‬في‭ ‬الموت‭ ‬يرفض‭ ‬مساواته‭ ‬بغيره‭ ‬من‭ ‬البشر‭! ‬

‮«‬باقتراب‭ ‬عام‭ ‬88‭ ‬من‭ ‬نهايته‭ ‬خلتني‭ ‬أشيخ‭ ‬فجأة،‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬متفرّد‭ ‬لشيخوخة‭ ‬تصيب‭ ‬البدون‭ ‬دون‭ ‬غيرهم،‭ ‬تتسرّب‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غفلة،‭ ‬تتشرّب‭ ‬دواخلهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬حضورها‭ ‬ممثلة‭ ‬بخطوط‭ ‬الفم‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الجبهة‮»‬‭. ‬في‭ ‬المنام‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬المنسي‭ ‬إلا‭ ‬كوابيس‭ ‬ترهق‭ ‬روحه‭.. ‬‮«‬الأحلام‭ ‬نوعان‭ ‬منام‭ ‬ويقظة،‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬شاكلتنا‭ ‬نحن‭ ‬البدون‭ ‬لا‭ ‬يحلمون‭ ‬يقظة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتواتر‭ ‬نومهم‭ ‬بالكوابيس‮»‬‭. ‬بعد‭ ‬تسجيل‭ ‬دقيق‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬المنسي‭ ‬لكلّ‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬يحاربه‭ ‬الغول‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬بدأ‭ ‬بتسجيل‭ ‬صراعه‭ ‬الشخصي‭ ‬مع‭ ‬الغول‭. ‬كانت‭ ‬الضربة‭ ‬القاضية‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬ظهور‭ ‬الغول‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬الغدر‭ ‬مجسداً‭ ‬في‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬له‭ ‬سنداً‭ ‬بحكم‭ ‬القرابة‭ ‬المفترضة‭! ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬سعود‭ ‬شقيق‭ ‬عهود‭ ‬زوجة‭ ‬المنسي،‭ ‬رجع‭ ‬من‭ ‬سفره‭ ‬وجن‭ ‬جنونه‭ ‬حين‭ ‬علم‭ ‬بزواجها،‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يجبر‭ ‬المنسي‭ ‬على‭ ‬طلاق‭ ‬أخته‭. ‬‮«‬سعود‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يمهل‭ ‬نفسه‭ ‬فرصة‭ ‬معرفتي‭ ‬شخصياً،‭ ‬بدأ‭ ‬حربه‭ ‬عليّ،‭ ‬عزّز‭ ‬مجيئه‭ ‬باصطحابه‭ ‬محاميه،‭ ‬أمامي‭ ‬خياران‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬أفكّ‭ ‬فوراً،‭ ‬وإلا‭ ‬ساحة‭ ‬القضاء‮»‬‭. ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬أجّل‭ ‬القاضي‭ ‬الدعوى‭ ‬لحضور‭ ‬عهود،‭ ‬فتملّك‭ ‬المنسي‭ ‬شعور‭ ‬بالارتياح‭ ‬رغم‭ ‬نظرات‭ ‬التشفي‭ ‬المشوبة‭ ‬بالاحتقار‭ ‬التي‭ ‬وجّهها‭ ‬سعود‭ ‬إليه‭. ‬

ما‭ ‬لبث‭ ‬احتلال‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬أن‭ ‬أظهره‭ ‬بحدة‭. ‬‮«‬أين‭ ‬أمك؟‭ ‬كنت‭ ‬أشبه‭ ‬بمن‭ ‬تنبه‭ ‬فجأة‭ ‬لشيء‭ ‬فاته،‭ ‬هي‭ ‬لم‭ ‬تقل‭ ‬أين‭ ‬خالتي،‭ ‬بما‭ ‬يحيلني‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مرير،‭ ‬عهود‭ ‬عزلت‭ ‬نفسها‭ ‬عنّا‭ ‬عفوا‭ ‬أو‭ ‬قصداً‭!‬‮»‬‭ ‬عهود‭ ‬أيقنت‭ ‬أنّ‭ ‬البدون‭ ‬يشمتون‭ ‬بالكويتيين‭.. ‬والفلسطينيون‭ ‬يكرهونهم،‭ ‬وأنّها‭ ‬أصبحت‭ ‬داخل‭ ‬دائرة‭ ‬ملغومة‭ ‬بالكراهية،‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تصرفاتها‭ ‬تجاه‭ ‬المنسي‭.‬‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الثالث‭ ‬للاحتلال،‭ ‬صارت‭ ‬تشعر‭ ‬أنّها‭ ‬فقدت‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يخسر‭ ‬شيئاً‭! ‬صار‭ ‬عدواً‭ ‬حتّى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحقّق‭ ‬حلمها‭ ‬بالحمل‭..‬‭ ‬سلّمه‭ ‬سعود‭ ‬لسلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بدعوى‭ ‬قيامه‭ ‬بنشاط‭ ‬مريب‭!  ‬تساءل‭: ‬‮«‬من‭ ‬الرابح‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬قوامها‭ ‬الغدر؟‮»‬‭ ‬ما‭ ‬حز‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وزاد‭ ‬ألمه،‭ ‬أنّه‭ ‬لم‭ ‬يودع‭ ‬أمّه‭ ‬بكلمة‭! ‬أمّه‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬أبوتها‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬ضابطا‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬برتبة‭ ‬ملازم‭ ‬ثانٍ‭! ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مفاجأة‭ ‬مؤلمة‭ ‬دفعته‭ ‬للانهيار‭ ‬والبكاء‭ ‬فقط‭.. ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬قاصمة‭ ‬الظهر،‭ ‬فقد‭ ‬أكمل‭ ‬الغول‭ ‬مهمة‭ ‬تهشيم‭ ‬عظامه‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭!‬

لم‭ ‬تنته‭ ‬مأساة‭ ‬المنسي‭ ‬هنا،‭ ‬إذ‭ ‬بقي‭ ‬الغول‭ ‬يلاحق‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬منه‭ ‬حتّى‭ ‬اعتقله‭ ‬الأمن‭ ‬الكويتي‭ ‬بعد‭ ‬التحرير‭ ‬بتهمة‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي،‭ ‬وحكم‭ ‬بخمس‭ ‬سنوات‭ ‬سجنا‭.. ‬أخرجه‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الورطة‭ ‬‮«‬الخل‭ ‬الوفي‮»‬‭ ‬متمثلاً‭ ‬بصديقيه‭ ‬سليمان‭ ‬الياسين‭ ‬ومبارك‭ ‬السويد‭ ‬والقاضي‭ ‬صلاح‭ ‬الفهد‭. ‬وحتّى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المحاكمة‭ ‬التي‭ ‬حبك‭ ‬الشَرك‭ ‬فيها‭ ‬جيداً‭ ‬لسعود،‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬سعود‭ ‬عن‭ ‬نظرته‭ ‬الفوقية‭ ‬للمنسي‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬المحكمة‭ ‬وكأنّه‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬أنت‭ ‬نكرة‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬حكم‭ ‬البراءة‭ ‬جعل‭ ‬سعود‭ ‬يلحق‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬إقامته‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬مسرح‭ ‬الخليج‭ ‬ليعتذر‭ ‬منه،‭ ‬محمّلاً‭ ‬أخته‭ ‬عهود‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬سبق‭! ‬عهود‭ ‬لم‭ ‬تنتظر‭ ‬طويلاً‭ ‬جاءت‭ ‬لتساومه‭ ‬على‭ ‬الطلاق‭ ‬بحجة‭ ‬مصلحة‭ ‬زينب‭ ‬كي‭ ‬تستطيع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭! ‬

الهزيمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬للمنسي‭ ‬كانت‭ ‬منعه‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬ابنته‭. ‬عهود‭ ‬وسعود‭ ‬تلاعبا‭ ‬به‭.. ‬الفراق‭ ‬واقع‭ ‬مر‭.‬

عهود‭ ‬أخذت‭ ‬ابنتها‭ ‬وسافرت‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬المنسي‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬القمقم‭ ‬الذي‭ ‬حشره‭ ‬الغول‭ ‬فيه‭. ‬حتّى‭ ‬بارقة‭ ‬الأمل‭ ‬الوحيدة،‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬زواج‭ ‬سفر‭ ‬بمعية‭ ‬واسطة‭ ‬‮«‬الخل‭ ‬الوفي‭ ‬سليمان‭ ‬الياسين‮»‬‭ ‬تلاشت،‭ ‬لأنّ‭ ‬عليه‭ ‬قيد‭ ‬أمني‭!‬

وكما‭ ‬استهلّ‭ ‬إسماعيل‭ ‬فهد‭ ‬روايته‭ ‬بحلم‭ ‬بنى‭ ‬عليه‭ ‬عمارته‭ ‬الروائية،‭ ‬ختمها‭ ‬بأحجية‭ ‬صغيرة‭. ‬على‭ ‬غير‭ ‬العادة‭ ‬عمد‭ ‬الروائي‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬روايته‭ ‬في‭ ‬فصلين‭.. ‬استغرق‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬377‭ ‬صفحة،‭ ‬والفصل‭ ‬الأخير‭ ‬22‭ ‬كلمة‭! ‬ملخصه‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬قول‭ ‬له‮»‬‭. ‬لقد‭ ‬وصل‭ ‬المنسي‭ ‬حافة‭ ‬السرد‭ ‬الروائي،‭ ‬وحافة‭ ‬الهاوية‭ ‬معاً‭. ‬فعبارته‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬ولا‭ ‬بعيد‭ ‬عبارة‭ ‬شهرزاد‭ ‬‮«‬وأدرك‭ ‬شهرزاد‭ ‬الصباح‮»‬‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الصباح‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬البدون‭.. ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أدرك‭ ‬السرد‭ ‬النهاية‭ ‬‭.