هل يمكن التغريد على «تويتر» من المريخ؟ الإنترنت في الفضاء الخارجي

هل يمكن التغريد على «تويتر» من المريخ؟ الإنترنت في الفضاء الخارجي

حين‭ ‬وصلت‭ ‬الأمريكية‭ - ‬الإيرانية‭ ‬الأصل‭ - ‬آنوشي‭ ‬أنصاري‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬رحلتها‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006،‭ ‬اعتبرت‭ ‬بذلك‭ ‬أول‭ ‬سائحة‭ ‬تقوم‭ ‬بجولة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬والمثير‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬أنصاري‭ ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬بكتابة‭ ‬يومياتها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬وتبث‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬إلكترونية‭ ‬سجلت‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الخاصة،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬فياضة‭ ‬ومتاعب‭ ‬بدنية‭ ‬وجسدية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬رحلة‭ ‬التأهيل‭ ‬للخروج‭ ‬للفضاء‭ ‬اقتضت‭ ‬منها‭ ‬شهورا‭ ‬عدة‭. ‬فهل‭ ‬كانت‭ ‬تدون‭ ‬هذه‭ ‬اليوميات‭ ‬في‭ ‬المركبة‭ ‬الفضائية‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت؟‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬فكيف‭ ‬تعمل،‭ ‬وهل‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الموجودة‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬الأرض؟

في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬أي‭ ‬خلال‭ ‬جولة‭ ‬أنصاري‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬غالبا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬بالاتصال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬مباشرة‭ ‬بشبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬بإمكانهم‭ ‬فقط‭ ‬الاتصال‭ ‬بالمحطة‭ ‬الأرضية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬بريد‭ ‬إلكتروني،‭ ‬فحتى‭ ‬العام‭ ‬2010،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ممكنا‭ ‬لرواد‭ ‬الفضاء،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بالتغريد‭ ‬على‭ ‬وسيلة‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬الاتصال‭ ‬بالمحطة‭ ‬الأرضية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬ومنه‭ ‬يتم‭ ‬بث‭ ‬التغريدات‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طاقم‭ ‬الاتصال‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬

تعرف‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬المركبة‭ ‬الفضائية‭ ‬Onboard‭ ‬Internet‭ ‬Access‭ ‬،‭ ‬المخصصة‭ ‬لاستخدام‭ ‬طاقم‭ ‬المركبة‭ ‬بـ‭ ‬Crew‭ ‬Support‭ ‬LAN،‭ ‬وهي‭ ‬تسمح‭ ‬للشبكة‭ ‬بالاتصال‭ ‬بأحد‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الأرضية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬جهاز‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المحمول‭ ‬في‭ ‬المركبة‭. ‬

وفي‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬بدأ‭ ‬بث‭ ‬أول‭ ‬تغريدة‭ ‬من‭ ‬رائد‭ ‬فضاء‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬‭ ‬من‭ ‬الحساب‭ ‬الخاص‭ ‬برائد‭ ‬الفضاء‭ ‬Astro‭_‬TJ@‭:‬  ‬وقال‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬مرحبا‭ ‬بكون‭ ‬تويتر،‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬نغرد‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجية‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬

 

الإنترنت‭ ‬الكوكبية

لكن‭ ‬العلماء‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬تصميم‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬تصل‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬وبين‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية،‭ ‬بل‭ ‬وبين‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الشبكات‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬أو‭ ‬The‭ ‬Interplanetary‭ ‬Internet،‭ ‬وهي‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬مصممة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العقد‭ ‬الشبكية‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تتصل‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭. ‬

لكن‭ ‬بسبب‭ ‬المسافات‭ ‬الشاسعة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬سرعة‭ ‬الاتصال‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬الإنترنت‭ ‬الأرضية،‭ ‬بل‭ ‬تتأخر‭ ‬كثيرا،‭ ‬لذلك‭ ‬تحتاج‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬إلى‭ ‬بروتوكولات‭ (‬لغة‭ ‬تخاطب‭ ‬بين‭ ‬الحواسيب‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭) ‬وتقنيات‭ ‬خاصة‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬نسب‭ ‬الخطأ،‭ ‬والتأخير‭ ‬بشكل‭ ‬مرن‭. 

وللمزيد‭ ‬من‭ ‬التوضيح‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬شبكة‭ ‬الحاسوب‭ ‬هي‭ ‬نظام‭ ‬لربط‭ ‬جهازين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬باستخدام‭ ‬إحدى‭ ‬تقنيات‭ ‬نظم‭ ‬الاتصالات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والموارد‭ ‬والبيانات‭ ‬بينها‭ ‬المتاحة‭ ‬للشبكة،‭ ‬مثل‭ ‬الآلة‭ ‬الطابعة‭ ‬أو‭ ‬البرامج‭ ‬التطبيقية‭ ‬أياً‭ ‬كان‭ ‬نوعها،‭ ‬وكذلك‭ ‬تسمح‭ ‬بالتواصل‭ ‬المباشر‭ ‬بين‭ ‬المستخدمين‭. ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسوب‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬قريبة‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬بعضها،‭ ‬وذلك‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬واحدة‭ ‬وتسمى‭ ‬الشبكة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬شبكة‭ ‬محلية‭ ‬LAN‭. ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الشبكة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬أجهزة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬بعيدة‭ ‬مثل‭ ‬الشبكات‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬الدول‭ ‬وحتى‭ ‬القارات،‭ ‬ويتم‭ ‬وصل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬بالإنترنت‭ ‬أو‭ ‬بالسواتل‭ (‬Satellite‭) ‬وتسمى‭ ‬الشبكة‭ ‬عندها‭ ‬شبكة‭ ‬عريضة‭ ‬WAN،‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك‭ ‬الشبكة‭ ‬الشخصية‭ ‬PAN‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬مجموعة‭ ‬أجهزة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬المستخدم‭. ‬وأشهر‭ ‬شبكة‭ ‬كمبيوتر‭ ‬أو‭ ‬حاسوب‭ ‬هي‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭.‬

وبينما‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الأرضية‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬معروفة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شبكة‭ ‬اتصال‭ ‬تتضمن‭ ‬شبكات‭ ‬كثيفة‭ ‬مزدحمة،‭ ‬تتصل‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭ ‬بكفاءة‭ ‬ووفق‭ ‬نسبة‭ ‬لاتكاد‭ ‬تذكر‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬أو‭ ‬التأخير،‭ ‬فإن‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬أو‭ ‬الفضائية‭ ‬هي‭ ‬مخزن‭ ‬وشبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬غير‭ ‬متصلة‭ ‬عادة،‭ ‬تعمل‭ ‬بالاتصال‭ ‬اللاسلكي‭ ‬wireless،‭ ‬وهذه‭ ‬الشبكة‭ ‬مشحونة‭ ‬بروابط‭ ‬أو‭ ‬وصلات‭ ‬عرضة‭ ‬للخطأ‭ ‬وللتأخير‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬يتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬الدقائق‭ ‬وبضع‭ ‬ساعات‭ ‬حتى،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الشبكة‭ ‬متصلة‭.‬

 

سباق‭ ‬المسافات‭ ‬الطويلة

فهنا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تعمل‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬بشكل‭ ‬بسيط،‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسوب،‭ ‬تود‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بالاتصال‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭ ‬وتكون‭ ‬شبكة‭ ‬اتصال‭. ‬جهاز‭ ‬الحاسوب‭ ‬يقوم‭ ‬بإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬حاسوب‭ ‬آخر،‭ ‬وهذا‭ ‬الأخير‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬إنه‭ ‬تلقى‭ ‬الرسالة،‭ ‬وهذه‭ ‬العملية،‭ ‬أي‭ ‬الإرسال‭ ‬والاستقبال‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬عادة‭ ‬زمن‭ ‬ثانية‭ ‬واحدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتم‭ ‬الأمر‭ ‬بشكل‭ ‬رائع،‭ ‬لكنك‭ ‬لو‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬ترسل‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬جهاز‭ ‬كمبيوتر‭ ‬أو‭ ‬حاسوب‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ،‭ ‬فإن‭ ‬الرسالة‭ ‬سوف‭ ‬تستغرق‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجهاز،‭ ‬وسوف‭ ‬تستغرق‭ ‬الإشارة‭ ‬أو‭ ‬الرسالة‭ ‬الواردة‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬أخرى،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نجري‭ ‬تغييرا‭ ‬تاما‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬أو‭ ‬تتواصل‭ ‬بها‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسوب‭ ‬بين‭ ‬الكواكب‭ ‬المختلفة‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعمل‭ ‬عليه‭ ‬المختصون‭ ‬الآن‭. ‬

مرت‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬الاتصالات‭ ‬الفضائية‭ ‬بمراحل‭ ‬بدأت‭ ‬بتقنيات‭ ‬باهظة‭ ‬التكاليف،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الاتصال‭ ‬بين‭ ‬نقطتي‭ ‬اتصال‭ ‬وحيدتين،‭ ‬ثم‭ ‬بمرحلة‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬ناجحة،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬تأسيس‭ ‬بروتوكولات‭ ‬جديدة‭ ‬خاصة‭ ‬بالاتصالات‭ ‬الفضائية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬‮١٩٨٢‬،‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬الهيئة‭ ‬الاستشارية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نظم‭ ‬المعلومات‭ ‬الفضائية‭ (‬CCDS‭) ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬من‭ ‬عضوية‭ ‬‮١١‬‭ ‬وكالة‭ ‬فضاء‭ ‬من‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم،‭ ‬و‮٢٢‬‭ ‬محطة‭ ‬مراقبة‭ ‬فضائية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مائة‭ ‬مؤسسة‭ ‬صناعية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاتصالات‭. ‬

وسارت‭ ‬تقريبا‭ ‬عملية‭ ‬تطور‭ ‬تقنيات‭ ‬نظم‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭ ‬الفضائية‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬تقنيات‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وبنوع‭ ‬من‭ ‬التلاقح‭ ‬في‭ ‬المفاهيم‭ ‬بين‭ ‬المجالين‭ ‬الذي‭ ‬أثمر‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬مجال‭ ‬الإنترنت‭ ‬الفضائي‭ ‬يعد‭ ‬حقلا‭ ‬منفصلا‭ ‬نسبيا‭ ‬في‭ ‬تطوره‭.‬

 

اختلاف‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬

وبينما‭ ‬تناسب‭ ‬بروتوكولات‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وتلائم‭ ‬المسافات‭ ‬المحدودة‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬بين‭ ‬المحطة‭ ‬الأرضية‭ ‬والمسبار‭ ‬مثلا،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬مركبة‭ ‬الهبوط‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬والمسبار،‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قفزات‭ ‬صغيرة‭ ‬نسبيا‭. ‬فإن‭ ‬نظام‭ ‬شبكات‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬أو‭ ‬الشبكات‭ ‬الكوكبية،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تلقي‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الشمسي‭. ‬وبالتالي‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬منطقة‮»‬‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬مساحة‭ ‬ما‭ ‬تتماثل‭ ‬فيها‭ ‬ظروف‭ ‬الاتصال‭. ‬

وتشمل‭ ‬خصائص‭ ‬‮«‬منطقة‮»‬‭ ‬معينة‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الاتصالات،‭ ‬والأمن،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموارد،‭ ‬وربما‭ ‬الملكية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العوامل‭. ‬وبصوغ‭ ‬آخر‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬هي‭ ‬شبكة‭ ‬تضم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬شبكات‭ ‬‮«‬المناطق‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬أمثلة‭ ‬‮«‬المناطق‮»‬‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬منطقة‭ ‬اتصال‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر‭ ‬مثلا،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ،‭ ‬وتكون‭ ‬المنطقة‭ ‬الأخرى‭ ‬هي‭ ‬المسبار‭ ‬أو‭ ‬المركبة‭ ‬الفضائية‭. ‬لذلك‭ ‬فمع‭ ‬ضغطة‭ ‬الزر‭ ‬Send‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬رائد‭ ‬الفضاء‭ ‬تيموثي‭ ‬ج،‭ ‬لكي‭ ‬يرسل‭ ‬أول‭ ‬تغريدة‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬من‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬إطلاق‭ ‬تغريدة‭ ‬من‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬وإثبات‭ - ‬بالدليل‭ ‬الدامغ‭ - ‬على‭ ‬الخطوة‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬خطاها‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬شاقة‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬والاختبارات‭. ‬

وهذه‭ ‬التجارب‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأهداف،‭ ‬أهمها‭ ‬تسهيل‭ ‬استخدام‭ ‬مركبات‭ ‬يتم‭ ‬التحكم‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬في‭ ‬الكواكب‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬العربة‭ ‬‮«‬كيروسيتي‮»‬‭ ‬على‭ ‬المريخ،‭ ‬وضمان‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬لرواد‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬الرحلات‭ ‬الطويلة،‭ ‬وتقليل‭ ‬تكلفة‭ ‬الرحلات‭ ‬بسبب‭ ‬سرعة‭ ‬الاتصال‭ ‬بين‭ ‬المركبة‭ ‬الفضائية،‭ ‬وكذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مثلاً‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬سئلوا‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬التطوع‭ ‬بين‭ ‬المتطوعين‭ ‬لرحلة‭ ‬المريخ‭ ‬رفضوا‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬لكن‭ ‬البعض‭ ‬أعلن‭ ‬استعداده‭ ‬لتلك‭ ‬المغامرة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الرحلة‭ ‬تضمن‭ ‬وجود‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭.‬

 

رحلة‭ ‬المريخ

ورحلة‭ ‬المريخ‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الرحلة‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬عنها‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬مارس‭ ‬وان‮»‬‭ ‬الهولندية‭ ‬لإطلاق‭ ‬مركبة‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2018،‭ ‬لتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لرواد‭ ‬فضاء‭ ‬متطوعين‭ ‬باختبار‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬التي‭ ‬سيحتاجون‭ ‬إليها‭ ‬إذا‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬سالمين،‭ ‬لإقامة‭ ‬أول‭ ‬مستوطنة‭ ‬بشرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬

ووفقا‭ ‬لما‭ ‬نشرته‭ ‬تقارير‭ ‬صحفية‭ ‬عدة‭ ‬عربية‭ ‬وعالمية،‭ ‬أبدت‭ ‬شركة‭ ‬لوكهيد‭ ‬مارتن‭ ‬للصناعات‭ ‬الجوية‭ ‬الفضائية‭ -‬‭ ‬التي‭ ‬تعاونت‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذ‭ (‬ناسا‭) ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ - ‬استعدادها‭ ‬لإطلاق‭ ‬مركبة‭ ‬مماثلة‭ ‬للمسبار‭ ‬‮«‬فينكس‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬وهبط‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2008‭. ‬وستُطلق‭ ‬المركبة‭ ‬مع‭ ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬للاتصالات‭ ‬يوضع‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬حول‭ ‬المريخ،‭ ‬حيث‭ ‬سيوفر‭ ‬وسيلة‭ ‬لإرسال‭ ‬أفلام‭ ‬فيديو‭ ‬ومعلومات‭ ‬من‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭. ‬

كما‭ ‬وقَّعت‭ ‬الشركة‭ ‬الهولندية‭ ‬عقدًا‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬سري‭ ‬ساتيلايتس‭ ‬البريطانية‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬قمر‭ ‬الاتصالات‭. ‬

وإذا‭ ‬نُفذت‭ ‬الخطة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مرسوم‭ ‬لها،‭ ‬فإنها‭ ‬ستكون‭ ‬أول‭ ‬رحلة‭ ‬ممولة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لاستكشاف‭ ‬كوكب‭ ‬آخر‭. ‬وقال‭ ‬إيد‭ ‬سيديفي،‭ ‬كبير‭ ‬مهندسي‭ ‬‮«‬لوكهيد‭ ‬مارتن‮»‬‭ ‬ومدير‭ ‬رحلة‭ ‬المسبار‭ ‬فينكس‭ ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭: ‬‮«‬المشروع‭ ‬يمثل‭ ‬فجر‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‮»‬‭. ‬

وأعلن‭ ‬باس‭ ‬لانسدورب،‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬مارس‭ ‬وان‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬أن‭ ‬المركبة‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬التي‭ ‬ستُطلق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬هي‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬الشركة‭ ‬لإقامة‭ ‬مستوطنة‭ ‬دائمة‭ ‬على‭ ‬المريخ‭.‬

إذا‭ ‬كللت‭ ‬الرحلة‭ ‬المأهولة‭ ‬الأولى‭ ‬بالنجاح،‭ ‬تخطط‭ ‬الشركة‭ ‬الهولندية‭ ‬لإرسال‭ ‬أطقم‭ ‬أخرى،‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬عامين‭. ‬ولا‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬هذه‭ ‬الأطقم‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬بل‭ ‬سيبقون‭ ‬على‭ ‬المريخ‭ ‬بوصفهم‭ ‬سكان‭ ‬أول‭ ‬مستوطنة‭ ‬فضائية‭. ‬وقال‭ ‬لانسدورب‭ ‬إن‭ ‬شركته‭ ‬تلقت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬متطوعين‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أول‭ ‬المحلقين‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭. ‬ويكلف‭ ‬الطلب‭ ‬الواحد‭ ‬75‭ ‬دولارًا،‭ ‬ومن‭ ‬يتقدمون‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬التقييم‭ ‬سيُبلغون‭ ‬بالخطوة‭ ‬التالية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭. ‬

‭ ‬وستختبر‭ ‬المركبة‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬كاميرات‭ ‬الفيديو‭ ‬وتصور‭ ‬أفلامًا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة،‭ ‬فيما‭ ‬ستُجرى‭ ‬تجربة‭ ‬على‭ ‬متنها‭ ‬لإنتاج‭ ‬الماء‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المريخ‭. ‬وتختبر‭ ‬تجربة‭ ‬أخرى‭ ‬لعمل‭ ‬الألواح‭ ‬الخفيفة‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭. ‬

ستكون‭ ‬الرحلة‭ ‬المأهولة‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة‭ ‬بينها‭ ‬مستويات‭ ‬الإشعاع‭ ‬المرتفعة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الكوكب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وضعف‭ ‬مجال‭ ‬الجاذبية‭ ‬على‭ ‬المريخ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيتطلب‭ ‬عملية‭ ‬تكيف‭ ‬جذرية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التأثير‭ ‬النفسي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عميقًا‭. ‬فحتى‭ ‬رواد‭ ‬فضاء‭ ‬متمرسون‭ ‬واجهوا‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬صحتهم‭ ‬العقلية‭ ‬وعدم‭ ‬النوم‭ ‬والتوتر‭ ‬النفسي‭ ‬بعد‭ ‬بقائهم‭ ‬معزولين‭ ‬خلال‭ ‬تجارب‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬لاختبار‭ ‬قدراتهم‭ ‬على‭ ‬التحمل‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬المتطوعين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬قدرات‭ ‬شبكات‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‭ ‬وكفاءتها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬لكي‭ ‬تواكب‭ ‬هذا‭ ‬الحدث،‭ ‬ولكي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬عمليات‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية‭ ‬وبين‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وهذا‭ ‬الحدث‭ ‬الخاص‭ ‬برحلة‭ ‬المريخ‭ ‬ليس‭ ‬الحدث‭ ‬الوحيد‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬سيسهم‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬نسب‭ ‬نجاحه،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬حدث‭ ‬بين‭ ‬أحداث‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتجارب‭ ‬الفضائية‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬وكالات‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬والروسية‭ ‬والأوربية،‭ ‬إضافة‭ ‬لتجارب‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬تزمع‭ ‬الوصول‭ ‬للقمر‭ ‬لإجراء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاختبارات‭ ‬على‭ ‬سطحه‭ ‬قريبا‭.  ‬وبشكل‭ ‬عام‭ ‬فإن‭ ‬المدار‭ ‬الخاص‭ ‬بالأرض‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إنترنت‭ ‬كوكبية‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬يخضع‭ ‬لبروتوكولات‭ ‬الإنترنت‭ ‬الأرضية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهناك‭ ‬بعض‭ ‬التجارب‭ ‬التابعة‭ ‬لوكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأوربية‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬كوكبية‭ ‬بشكل‭ ‬تجريبي‭ ‬على‭ ‬عربة‭ ‬استكشاف‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬كوكب‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أغراض‭ ‬تعليمية‭ ‬لبرنامج‭ ‬تابع‭ ‬لأحد‭ ‬معاهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اختبار‭ ‬فكرة‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

 

أبوالإنترنت‭ ‬

أخيرا‭ ‬تبقى‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأبحاث‭ ‬الخاصة‭ ‬بتطوير‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬قد‭ ‬تمت‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأسماء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وهو‭ ‬فينت‭ ‬سيرف‭ ‬‭(‬Vint‭ ‬Cerf‭)‬‭ ‬وهو‭ ‬عالم‭ ‬كمبيوتر‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬علوم‭ ‬الإنترنت‭ ‬ونائب‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬جوجل،‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬أبوالإنترنت‮»‬‭ ‬لإسهاماته‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬قد‭ ‬تناولت‭ ‬سيرته‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬سابق‭ ‬قبل‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭.‬

‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬كان‭ ‬سيرف‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬مشاريع‭ ‬أبحاث‭ ‬الدفاع‭ ‬المتقدمة‭ (‬داربا‭) ‬ومول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬لتطوير‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬حزمة‭ ‬بروتوكولات‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وعندما‭ ‬بدأت‭ ‬‮«‬الإنترنت‮»‬‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينيات‭ ‬انتقل‭ ‬سيرف‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إم‭ ‬سي‭ ‬أي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬النظام‭ ‬البريدي‭ ‬الإلكتروني‭ ‬التجاري‭ ‬الأول‭ (‬بريد‭ ‬إم‭ ‬سي‭ ‬أي‭) ‬المتصل‭ ‬بشبكة‭ ‬الإنترنت‭.‬

‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬كشف‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬عن‭ ‬التطوير‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الإنترنت‭ ‬الكوكبية،‭ ‬أو‭ ‬إنترنت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الكواكب،‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المحاضرات‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بمصر‭. ‬

حيث‭ ‬أوضح‭ ‬آنذاك‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬منذ‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬باكتشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬ويهدف‭ ‬لتدعيم‭ ‬أجهزة‭ ‬الروبوت‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الفضاء،‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬آمالا‭ ‬بتغييرات‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الفكرة‭ ‬بدأت‭ ‬حينما‭ ‬توقفت‭ ‬الإشارات‭ ‬اللاسلكية‭ ‬التي‭ ‬ترسلها‭ ‬سفينة‭ ‬فضاء‭ ‬على‭ ‬المريخ‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2008،‭ ‬وجلسنا‭ ‬مترقبين‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لها،‭ ‬وفكرنا‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬شبكة‭ ‬إنترنت‭ ‬لعلماء‭ ‬الفضاء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البروتوكولات‭ ‬القديمة‭ ‬للإنترنت،‭ ‬ووجدنا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يفلح،‭ ‬لأنه‭ ‬سيأخذ‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬دقيقة‭ ‬لوصول‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬بسبب‭ ‬المسافات‭ ‬البعيدة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬الكواكب‭ ‬وعدم‭ ‬ثباتها،‭ ‬فـ«الإنترنت‮»‬‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬ثابتة،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬ناجحة‭ ‬داخل‭ ‬السفينة‭ ‬أو‭ ‬المعمل،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كذلك‭ ‬بين‭ ‬الكواكب،‭ ‬وقد‭ ‬عثرنا‭ ‬على‭ ‬بروتوكول‭ ‬جديد‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬TDRSS،‭ ‬وسنحدد‭ ‬معايير‭ ‬الاتصال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬IPN‭ ‬أو‭ ‬Inter‭ ‬PlaNet‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬سيسمح‭ ‬بالاتصال‭ ‬بين‭ ‬المريخ‭ ‬والأرض‭ ‬وكذلك‭ ‬الكواكب‭ ‬الأخرى،‭ ‬وعبر‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السفينة‭ ‬EPOXY،‭ ‬بعد‭ ‬موافقة‭ ‬‮«‬ناسا‮»‬‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬ذلك‭ ‬البروتوكول‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬محطات‭ ‬فضاء،‭ ‬وبنهاية‭ ‬2009‭ ‬سيتم‭ ‬عرض‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬على‭ ‬الهيئة‭ ‬الاستشارية‭ ‬للفضاء‭ ‬لتعميمه‮»‬‭. ‬واليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬الأحلام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬‭.