الـمـــرأة في الرحلة السفارية المغربية خلال القرنين 18و19

الـمـــرأة  في الرحلة السفارية المغربية  خلال القرنين 18و19

قدَّمت‭ ‬سلسلة‭ ‬‮«‬ارتياد‭ ‬الآفاق‮»‬‭ ‬للمكتبة‭ ‬العربية‭ ‬زادًا‭ ‬من‭ ‬أدب‭ ‬الرحلة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعوَّل‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬تاريخنا،‭ ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬تنوع‭ ‬الموضوعات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأدب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬بين‭ ‬أيدينا؛‭ ‬‮«‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬السفارية‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬18و19‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬فازت‭ ‬به‭ ‬باحثته‭ ‬مليكة‭ ‬نجيب‭ ‬بجائزة‭ ‬الأدب‭ ‬الجغرافي‭ ‬لابن‭ ‬بطوطة،‭ ‬في‭ ‬فرعه،‭ ‬للعام‭ ‬2013‭.‬

جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬أن‭ ‬المؤلَّف‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دراسة‭ ‬لمظاهر‭ ‬حضور‭ ‬المرأة،‭ ‬تمثيلا‭ ‬وتأريخًا،‭ ‬كما‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬كتابات‭ ‬الرحالة‭ ‬وفي‭ ‬متون‭ ‬الرحلات‭ ‬السفارية،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬أوربا‭ ‬بين‭ ‬القرنين‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬والتاسع‭ ‬عشر‭. ‬وقد‭ ‬ركزت‭ ‬الباحثة،‭ ‬أساسا،‭ ‬على‭ ‬ست‭ ‬منها،‭ ‬هي‭: ‬‮«‬نتيجة‭ ‬الاجتهاد،‭ ‬في‭ ‬المهادنة‭ ‬والجهاد،‭ ‬رحلة‭ ‬الغزال‭ ‬وسفراته‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1766م‭ ‬إلى‭ ‬ملك‭ ‬إسبانيا،‭ ‬‮«‬الإكسير‭ ‬في‭ ‬فكاك‭ ‬الأسير‮»‬،‭ ‬لمحمد‭ ‬بن‭ ‬عثمان‭ ‬المكناسي،‭ ‬سنة‭ ‬1779‭ ‬إلى‭ ‬1780،‭ ‬البدر‭ ‬السافر‭ ‬لهداية‭ ‬المسافر‭ ‬إلى‭ ‬فكاك‭ ‬الأسارى‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬العدو‭ ‬الكافر‮»‬‭ ‬لمحمد‭ ‬بن‭ ‬عثمان‭ ‬المكناسي،‭ ‬ت1213هـ،‭ ‬1799م،‭ ‬‮«‬صدفة‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬الجديد،‭ ‬رحلة‭ ‬السفار‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬1845‭ - ‬1846‮»‬،‭ ‬‮«‬تحفة‭ ‬الملك‭ ‬العزيز‭ ‬بمملكة‭ ‬باريز‮»‬،‭ ‬لإدريس‭ ‬بن‭ ‬الوزير‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬إدريس‭ ‬العمراوي،‭ ‬1960،‭ ‬لأبي‭ ‬الجمال‭ ‬محمد‭ ‬الطاهر‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬الفارسي‭. ‬واستأنست‭ ‬برحلات‭ ‬أخرى‭ ‬سابقة‭ ‬مثل‭ ‬رحلة‭ ‬أفورقاي‭ ‬‮«‬ناصرالدين‭ ‬على‭ ‬القوم‭ ‬الكافرين‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬لاحقة‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬الرحلة‭ ‬الأوربية‮»‬‭ ‬للحجوي‭ ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬فرنسا‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬وبينت‭ ‬اللجنة‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬التحليل‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الباحثة‭ ‬لمختلف‭ ‬التمثلات‭ ‬كشف‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬بنية‭ ‬ذهنية‭ ‬متحجرة‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬تجليات‭ ‬وتمظهرات‭ ‬متنوعة‭ ‬تلتقي‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬دونية‭ ‬المرأة‭ ‬ومحاصرتها‭ ‬بين‭ ‬دهاليز‭ ‬التبعية‭ ‬والدونية‭ ‬والتهميش‭. ‬وخلصت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اللقاء‭ ‬الإسلامي‭ ‬مع‭ ‬الحداثة،‭ ‬كما‭ ‬ينعكس‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬الرحالة‭ ‬الذين‭ ‬درستهم،‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬الانفصال‭ ‬والتقابل‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬التكامل،‭ ‬فهو‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬الفقه‭ ‬التقليدي‭ ‬والشريعة،‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التعارض،‭ ‬فالرحالة‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬ليتصوروا‭ ‬بالقيمة‭ ‬المضافة‭ ‬لإدماج‭ ‬النساء‭ ‬وإشراكهن‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬التحديث‭ ‬والتغيير،‭ ‬وعندما‭ ‬خالطوا‭ ‬نساء‭ ‬الآخر‭ ‬المغاير،‭ ‬عبَّر‭ ‬الرحالة‭ ‬عن‭ ‬دهشتهم‭ ‬للاختلاط‭ ‬والتواصل‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬وعابوا‭ ‬غلبة‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬الرجال،‭ ‬وانبهروا‭ ‬بجمال‭ ‬النساء‭ ‬وسفورهن‭ ‬ونبوغهن‭ ‬في‭ ‬الفنون‭ ‬والتجارة‭ ‬والتفاوض‭ ‬والوجود‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وحمدوا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نساءهم‭ ‬مختلفات،‭ ‬محجبات‭ ‬داخل‭ ‬البيوت‭.‬

واستنادا‭ ‬إلى‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المعطيات‭ ‬العلمية،‭ ‬رأت‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬أن‭ ‬دراستها‭ ‬تفوقت‭ ‬على‭ ‬الدراسات‭ ‬الأخرى‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المسابقة‭ ‬وتستحق‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬جائزة‭ ‬ابن‭ ‬بطوطة‭ ‬للدراسات‭ ‬حول‭ ‬أدب‭ ‬الرحلة‭ ‬للعام‭ ‬2013‭ - ‬2014‭.‬

تناولت‭ ‬الكاتبة‭ ‬متنا‭ ‬رحليًا‭ ‬سفاريا‭ ‬لرحالة‭ ‬مغاربة،‭ ‬فقهاء‭ ‬رحلوا‭ ‬إلى‭ ‬أوربا‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬18و19،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دبلوماسية‭ ‬محكومة‭ ‬بعوامل‭ ‬ميزت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬دار‭ ‬الأنا‭/‬دار‭ ‬الإسلام‭ ‬ودار‭ ‬الآخر‭/‬دار‭ ‬الكُفر‭. ‬وقد‭ ‬انطلقت‭ ‬أول‭ ‬رحلة‭ ‬وفق‭ ‬مبادرة‭ ‬فرنسية‭ ‬خلال‭ ‬مفاوضات‭ ‬معاهدة‭ ‬للامغنية،‭ ‬بعد‭ ‬الهزائم‭ ‬التي‭ ‬تعرَّض‭ ‬لها‭ ‬المغرب‭,‬‭ ‬وفضحت‭ ‬ضعفه‭ ‬وتمكُّن‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬نظامه‭ ‬وتخلخل‭ ‬بنيانه،‭ ‬مما‭ ‬اضطره‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬تقوقعه‭ ‬والانصياع‭ ‬للآخر‭ ‬الذي‭ ‬أبان‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬وقوة‭ ‬وتمكن‭.‬

وتذكر‭ ‬الباحثة‭ ‬أن‭ ‬جريدة‭ ‬المدرب‭ ‬الفرنسية‭ ‬كتبت‭ ‬بمناسبة‭ ‬إرسال‭ ‬السفير‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تبق‭ ‬الخلافات‭ ‬الدينية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬تقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬التقارب‭ ‬بينها،‭ ‬وإن‭ ‬نفس‭ ‬أولئك‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يقبلون‭ ‬من‭ ‬الكفار‭ ‬إلا‭ ‬الخضوع‭ ‬أو‭ ‬السيف،‭ ‬صرنا‭ ‬لا‭ ‬نسمع‭ ‬منهم‭ ‬اليوم‭ ‬إلا‭ ‬ألفاظ‭ ‬الصداقة‭ ‬والتفاهم‭ ‬والانسجام،‭ ‬وباختصار‭ ‬فإن‭ ‬إمبراطور‭ ‬المغرب‭ ‬يكتب‭ ‬أنه‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬لفظة‭ ‬الاسترقاق‭ ‬البغيضة‭ ‬تزول‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬البشر‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬ساند‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬المخزنيين‭ ‬مسألة‭ ‬إحداث‭ ‬‮«‬السفارة‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬بوسلهام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬أزطوط،‭ ‬نائب‭ ‬السلطان‭ ‬وممثله‭ ‬أمام‭ ‬الهيئة‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬الذي‭ ‬عبَّر‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬شيء‭ ‬مناسب‭ ‬لنا،‭ ‬وهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬ليست‭ ‬مقبولة‭ ‬بعد‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الإمبراطور‭.. ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬خلده،‭ ‬وسأعمل‭ ‬على‭ ‬رعايتها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أملكه‭ ‬من‭ ‬وسائل‮»‬‭.‬

 

السبب‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬الرحلة

تمت‭ ‬رحلتا‭ ‬الغزال‭ ‬والمكناسي‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬18،‭ ‬وفرنسا‭ ‬تعيش‭ ‬مخاضًا‭ ‬سيسفر‭ ‬عن‭ ‬ثورتها‭ ‬سنة‭ ‬1789،‭ ‬وكان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬الرحلتين‭ ‬هو‭ ‬إبرام‭ ‬معاهدات‭ ‬الصلح‭ ‬وافتكاك‭ ‬الأسرى،‭ ‬والعناوين‭ ‬كعتبة‭ ‬للنصوص‭ ‬دالة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

وكما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فبعض‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية‭ ‬تروي‭ ‬أن‭ ‬السلطان‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬سلك‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬تعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬للعلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬والتجارية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والبلاد‭ ‬الأوربية‭ ‬ومع‭ ‬الخلافة‭ ‬العثمانية،‭ ‬وقد‭ ‬اهتم‭ ‬السلطان‭ ‬بتقوية‭ ‬أسطول‭ ‬بحري،‭ ‬فاختط‭ ‬لذلك‭ ‬مدينة‭ ‬الصويرة‭ ‬حتى‭ ‬يتوسع‭ ‬النشاط‭ ‬البحري‭ ‬وكذلك‭ ‬مدينة‭ ‬العرائش،‭ ‬ويذكر‭ ‬السلاوي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الاستقصاء‮»‬‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تزل‭ ‬قراصنة‭ ‬السلطان‭ ‬عبدالله‭ ‬تغزو‭ ‬الشواطئ‭ ‬الأوربية‭ ‬وتعيث‭ ‬فسادًا‭ ‬فيها‭ ‬فتسبي‭ ‬وتأسر‭ ‬وتغنم‭ ‬حتى‭ ‬ضاقت‭ ‬الدول‭ ‬الأوربية‭ ‬ذرعًا‭ ‬بهذا‭ ‬النشاط‮»‬،‭ ‬وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬لجأت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مضطرة‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬معاهدات‭ ‬ود‭ ‬وصلح‭ ‬وتبادل‭ ‬الخيرات،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الدنمارك‭ ‬سنة‭ ‬1757‭ ‬والسويد‭ ‬سنة‭ ‬1763‭ ‬وإنجلترا‭ ‬سنة‭ ‬1765‭.‬

وتكتب‭ ‬مليكة‭ ‬نجيب‭ ‬استهلالا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ (‬1757‭ - ‬1790‭) ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬المغرب‭ ‬وحل‭ ‬مشكلاته‭ ‬إزاء‭ ‬الأزمات‭ ‬والأخطار‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬أوربا‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬نُظمت‭ ‬البعثات‭ ‬والرحلات‭ ‬السفارية‭ ‬مثل‭ ‬رحلة‭ ‬الصفار‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬ورحلة‭ ‬أبي‭ ‬الجمال‭ ‬الطاهر‭ ‬الفاسي‭ ‬وابن‭ ‬إدريس‭ ‬والغسال‭ ‬إلى‭ ‬إنجلترا‭.. ‬إلخ‭.‬

وقد‭ ‬نسجت‭ ‬تلك‭ ‬الرحلات‭ ‬نسقا‭ ‬من‭ ‬التمثلات‭ ‬والتصورات‭ ‬الفكرية‭ ‬لواقع‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬وللواقع‭ ‬الأوربي،‭ ‬ولما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عليه‭ ‬المغرب‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬تجاوز‭ ‬وضعيته‭.‬

كما‭ ‬تضمنت‭ ‬نصوص‭ ‬الرحلات‭ ‬آراء‭ ‬ومواقف‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكل‭ ‬تجليات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬من‭ ‬سفور،‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتكاف‭ ‬داخل‭ ‬الشأن‭ ‬الخاص‭ ‬وعلاقتها‭ ‬واختلاطها‭ ‬بالرجل‭ ‬ومقاسمتها‭ ‬إياه‭ ‬بالتمتع‭ ‬بالفضاءات‭ ‬العامة‭ ‬ومزاولتها‭ ‬للتجارة‭ ‬وممارستها‭ ‬للفنون‭ ‬ومشاركتها‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭.‬

وتتعدد‭ ‬تساؤلات‭ ‬المؤلفة‭: ‬هل‭ ‬مكنت‭ ‬الرحلة‭ ‬والسفر‭ ‬عند‭ ‬الآخر،‭ ‬سواء‭ ‬الغربي‭ ‬أو‭ ‬المسلم،‭ ‬الرحالة‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬التأثر‭ ‬وتكوين‭ ‬قناعة‭ ‬عن‭ ‬تمثلاته‭ ‬وتصوراته‭ ‬عن‭ ‬المرأة،‭ ‬وتبني‭ ‬دعوة‭ ‬للتغيير‭ ‬ترسم‭ ‬أفقا‭ ‬مغايرا‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬كائن؟

هل‭ ‬امتلك‭ ‬الرحالة‭ ‬تصورا‭ ‬أو‭ ‬دعوة‭ ‬لتناول‭ ‬وضعية‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬ضمن‭ ‬القضايا‭ ‬الراهنة‭ ‬لإسراتيتجية‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتحديث؟

ثم‭ ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬تأثر‭ ‬الرحالة‭ ‬بمظاهر‭ ‬تقدم‭ ‬المرأة‭ ‬الأوربية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمرأة‭ ‬المغربية؟

 

ممارسات‭ ‬نسائية‭ ‬لدى‭ ‬الآخر

تتنقل‭ ‬سطور‭ ‬المقتبسات‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬لتوثق‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬لدى‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الرحالة‭: ‬‮«‬من‭ ‬أعجب‭ ‬ما‭ ‬رأيت‭ ‬عندهم‭ ‬بنية‭ ‬ما‭ ‬ظننت‭ ‬في‭ ‬عمرها‭ ‬تسعة‭ ‬أعوام،‭ ‬وقد‭ ‬أحيت‭ ‬الليل‭ ‬كله‭ ‬بالغناء‭ ‬بين‭ ‬أهل‭ ‬الموسيقى،‭ ‬ثم‭ ‬أخذت‭ ‬في‭ ‬الرقص‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬معهودة‭ ‬عندهم،‭ ‬ثم‭ ‬باشرت‭ ‬عود‭ ‬المطرب‭ ‬بيدها،‭ ‬ولما‭ ‬قضت‭ ‬منه‭ ‬الغرض،‭ ‬أسكتت‭ ‬المعلمين،‭ ‬ثم‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬قدميها‭ ‬خاطبة‭ ‬في‭ ‬القوم،‭ ‬والكل‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الإنصات‭ ‬لها،‭ ‬وجعلت‭ ‬تارة‭ ‬تدمع‭ ‬عينها،‭ ‬وتارة‭ ‬تضرب‭ ‬بيدها‭ ‬على‭ ‬صدرها،‭ ‬وتارة‭ ‬تنقبض‭ ‬وتارة‭ ‬تنبسط،‭ ‬ومما‭ ‬يستغرب‭ ‬منه‭ ‬أيضا‭ ‬أنها‭ ‬تسرد‭ ‬ما‭ ‬تمليه‭ ‬على‭ ‬القوم‭ ‬بسرعة،‭ ‬ولم‭ ‬يصحبها‭ ‬توقف‭ ‬ولا‭ ‬تلجلج‭. ‬واستمرت‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ساعة‭. ‬فكشف‭ ‬الغيب‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تحدث‭ ‬به،‭ ‬هو‭ ‬محفوظ‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬عندهم‭ ‬كالعنترية‭ ‬وهم‭ ‬يسمونه‭ ‬بالكوميديا‭ ....‬‮»‬‭.‬

ويتضح‭ ‬للباحثة‭ ‬أن‭ ‬الرحالة‭ ‬انطلقوا‭ ‬من‭ ‬مرجعية‭ ‬دينية‭ ‬تحرِّم‭ ‬سفور‭ ‬النساء‭ ‬وتبرجهن‭ ‬والخلوة‭ ‬والاختلاط‭ ‬بالرجال‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وللإشارة‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬اختلاط‭ ‬مضبوط،‭ ‬فقد‭ ‬نقل‭ ‬لنا‭ ‬الرحالة‭ ‬نفسه‭ ‬صاحب‭ ‬ذلك‭ ‬النص‭ ‬حرص‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬بالاختلاط‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬الصغر‭ ‬‮«‬ويعزل‭ ‬الذكور‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬والإناث‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬وكلهم‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬سنين،‭ ‬فإذا‭ ‬بلغوا‭ ‬ست‭ ‬سنين‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬للإناث‭ ‬اجتماع‭ ‬الذكور‮»‬‭.‬

وانتبه‭ ‬الرحالة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬النساء‭ ‬للتجارة‭ ‬والمهن،‭ ‬فهم‭ ‬تركوا‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬محجبات،‭ ‬مستقرات‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخاص،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بيوت‭ ‬ضيقة‭ ‬نوافذها‭ ‬غير‭ ‬مشرعة‭ ‬على‭ ‬الشوارع،‭ ‬وغرف‭ ‬الإناث‭ ‬مقصية‭ ‬عن‭ ‬غرف‭ ‬الضيوف،‭ ‬والنساء‭ ‬مطالبات‭ ‬بطاعة‭ ‬الآباء‭ ‬والأزواج‭ ‬والإخوة،‭ ‬ومحرومات‭ ‬من‭ ‬التردد‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬واعتبر‭ ‬الرحالة‭ ‬أن‭ ‬الآخر‭ ‬ضعيف‭ ‬أمام‭ ‬النساء‭ ‬مغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره،‭ ‬‮«‬ومبالغتهم‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬مرادهن‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تذكر‮»‬‭.‬

وأهم‭ ‬آلية‭ ‬يستخدمها‭ ‬الرحالة‭ ‬هي‭ ‬الوصف،‭ ‬فعبر‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬يهدف‭ ‬السارد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سرده‭ ‬الرحلي‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬المتلقي‭ ‬يشاهد‭ ‬ويعرف،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتقاد‭ ‬السارد‭ ‬أنه‭ ‬يقوم‭ ‬بنسخ‭ ‬العالم‭ ‬المرتحل‭ ‬إليه،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬همه‭ ‬الوحيد‭ ‬ومبتغاه،‭ ‬هو‭ ‬حضور‭ ‬أو‭ ‬غياب‭ ‬الآثار‭ ‬القوية،‭ ‬بل‭ ‬والوقع‭ ‬الحاسم‭ ‬للعرض‭ ‬وانتظام‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬أو‭ ‬الغياب‭ ‬حول‭ ‬‮«‬أنني‭ ‬شاهدت‮»‬‭.‬

يقول‭ ‬صاحب‭ ‬‮«‬نتيجة‭ ‬الاجتهاد‭ ‬في‭ ‬المهادنة‭ ‬والجهاد‮»‬‭: ‬‮«‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬مشاهد‭ ‬بالأبصار‮»‬‭.‬

المشاهدة‭ ‬بالأبصار‭ ‬تأكيد‭ ‬بدئي،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فأثر‭ ‬الغرابة‭ ‬الذي‭ ‬يحدثه‭ ‬العالم‭ ‬المرتحل‭ ‬إليه‭ ‬والذي‭ ‬ينتجه‭ ‬السرد،‭ ‬تختلف‭ ‬درجته‭ ‬على‭ ‬السامع‭ ‬وفق‭ ‬صيغة‭ ‬السرد،‭ ‬هل‭ ‬انبنى‭ ‬على‭ ‬السمع‭ ‬أم‭ ‬عبر‭ ‬العين؟

وهكذا‭ ‬تلاحظ‭ ‬الباحثة‭ ‬مليكة‭ ‬نجيب‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقوي‭ ‬الاعتقاد‭ ‬عند‭ ‬المتلقي‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬ينقل‭ ‬إليه‭ ‬حقيقة،‭ ‬ينبني‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬قطبين،‭ ‬بينهما‭ ‬يمتد‭ ‬الخطاب‭ ‬الرحلي،‭ ‬هما‭ ‬العين‭ ‬والأذن‭: ‬عين‭ ‬الرحالة‭ ‬وأذن‭ ‬القارئ،‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬أذن‭ ‬الرحالة‭ ‬وعين‭ ‬القارئ،‭ ‬حيث‭ ‬المقصد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬المشاهد‭ ‬بعين‭ ‬الرحالة‭ ‬إلى‭ ‬مرئي‭ ‬بعين‭ ‬القارئ،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الرحالة‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬عجائب‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬وغرائبه‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يصدقه‭ ‬عقل‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المكناسي‭: ‬‮«‬وهذا‭ ‬من‭ ‬العجب‭ ‬المبين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقبله‭ ‬العقل‭ ‬إلا‭ ‬بالمشاهدة‮»‬‭.‬

وتقول‭ ‬الباحثة‭ ‬إن‭ ‬الإحساس‭ ‬العميق‭ ‬لفرد‭ ‬ما‭ ‬بأنه‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآفاق‭ ‬والحدود‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬التي‭ ‬يدركها‭ ‬مثل‭: ‬أصوله،‭ ‬فروعه،‭ ‬عشيرته،‭ ‬قبيلته‭ ‬يسطر‭ ‬دائرة‭ ‬هويته،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خارجها‭ ‬يصبح‭ ‬هناك،‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬المغاير‭ ‬بطريقته‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬والتفكير‭ ‬والسلوك‭ ‬والإحساس‭ ‬وبمظاهره‭ ‬ومميزاته‭ ‬الجسدية،‭ ‬وبلغته،‭ ‬وبدينه،‭ ‬وبطقوس‭ ‬الفرح‭ ‬والحزن،‭ ‬فالآخر‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬أفق‭ ‬من‭ ‬الآفاق‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬الحاضرة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الفرد‭ ‬والجماعة‭. ‬والوعي‭ ‬بالذات‭ ‬لا‭ ‬يتأتى‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بالآخر،‭ ‬فالإنسان‭ ‬يكتشف‭ ‬نفسه‭ ‬وهويته‭ ‬عندما‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬شخص‭ ‬مختلف،‭ ‬ويجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬لا‭ ‬يقاسمه‭ ‬القيم‭ ‬الثقافية‭ ‬نفسها،‭ ‬فيصبح‭ ‬ذلك‭ ‬الوسط‭ ‬مرآة‭ ‬للشخص‭ ‬الطارئ،‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬صورته‭ ‬بملامح‭ ‬وألوان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعيرها‭ ‬اهتماما‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لذا‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬السفر‭ ‬‮«‬يكوّن‭ ‬الشخصية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالمعنى‭ ‬المربوط،‭ ‬عندما‭ ‬يكتسب‭ ‬المسافر‭ ‬تجارب‭ ‬جديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬بمعنى‭ ‬الوعي‭ ‬المتزايد‭ ‬بالذات‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬الآخر‮»‬‭.‬

ترى‭ ‬مليكة‭ ‬نجيب‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬وجدوا‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬اليوناني،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬التحديد‭ ‬اللغوي‭ ‬لضمير‭ ‬الغائب‭ ‬‮«‬هو‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الوجودي،‭ ‬أي‭ ‬القصد‭ ‬بأن‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬موجود،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬لغتهم‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬نشأتها،‭ ‬يعني‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬الغائب‭ ‬‮«‬هو‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المصطلح‭ ‬الوجودي‭ ‬‮«‬هو‭ ‬هو‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬مصطلح‭ ‬هوية‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يصغ‭ ‬عند‭ ‬القدماء‭ ‬إلا‭ ‬اضطرارا،‭ ‬وذلك‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نحن‮»‬،‭ ‬وسيعمل‭ ‬الفكر‭ ‬الغربي‭ ‬لاحقا‭ ‬على‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬مستويين‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬مكوناته‭: ‬إنتاج‭ ‬ذاته‭ ‬وعناصر‭ ‬هويته‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ونقد‭ ‬هذه‭ ‬الذات‭ ‬وتحولات‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭.‬

وتمثلت‭ ‬الإشكالية‭ ‬بين‭ ‬الأنا‭ ‬المنبهر‭ ‬أمام‭ ‬الآخر‭ ‬القوي،‭ ‬الأنا‭ ‬المرتكزة‭ ‬على‭ ‬ذاتها،‭ ‬والمعتقدة‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬الخير‭ ‬المطلق،‭ ‬والدين‭ ‬القويم،‭ ‬والسباقة‭ ‬لبناء‭ ‬أمجاد‭ ‬حضارية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وكون‭ ‬الآخر‭ ‬يفتقر‭ ‬لكل‭ ‬فضل‭ ‬لأنه‭ ‬حقق‭ ‬التطور‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتقني‭ ‬والتكنولوجي،‭ ‬وطوّرت‭ ‬الخدمات،‭ ‬ورفع‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬لشعوبه‭.‬

 

مظاهر‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المتن‭ ‬الرحلي

ويمكن‭ ‬حصر‭ ‬أهم‭ ‬التيمات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالنساء‭ ‬بوجه‭ ‬من‭ ‬الوجوه،‭ ‬والتي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬المتن‭ ‬المدروس‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

1-‭ ‬ظاهرة‭ ‬وجود‭ ‬النساء‭ ‬بالفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬والاختلاط‭ ‬مع‭ ‬الرجال‭.‬

‭... ‬‮«‬واجتمع‭ ‬من‭ ‬الخلق‭ ‬ما‭ ‬ضاقت‭ ‬عنهم‭ ‬الأرض،‭ ‬خاصة‭ ‬وعامة،‭ ‬مجتمعة‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬المدينة،‭ ‬قالص‭ ‬وغيرها‭: ‬نساء‭ ‬ورجالاً‭ ‬وصبيانًا،‭ ‬كأنهم‭ ‬الجراد‭ ‬المنتشر‮»‬‭.‬

‮«‬والموضع‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬يتردد‭ ‬إلينا‭ ‬النساء‭ ‬فيجلسن‭ ‬بين‭ ‬أيدينا،‭ ‬بنا‭ ‬هنيئات،‭ ‬ثم‭ ‬يذهبن‭ ‬ويأتي‭ ‬غيرهن،‭ ‬فتحصل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬استيعابنا‭ ‬بالنظر‭ ‬لنسوة‭ ‬المدينة‭ ‬وبناتهن،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يفت‭ ‬أحدًا‭ ‬منهن‭ ‬رؤيتنا‮»‬‭.. ‬‮«‬وما‭ ‬شعرنا‭ ‬إلا‭ ‬والنسوة‭ ‬يتزاحمن‭ ‬على‭ ‬المحل‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬به،‭ ‬والكل‭ ‬يطلب‭ ‬رؤيتنا‭.. ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تفاقم‭ ‬الحجاج‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينهن‭!‬‮»‬‭.‬

‮«‬ونساؤهم‭ ‬ملازمات‭ ‬للشراجيب‭ ‬يسلمن‭ ‬على‭ ‬الذاهب‭ ‬والآيب،‭ ‬ورجالهن‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأدب‭ ‬معهن‮»‬‭.‬

‮«‬وللنسوة‭ ‬رغبة‭ ‬وغبطة‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬والمنادمة‭ ‬مع‭ ‬غير‭ ‬أزواجهن‭ ‬في‭ ‬الجماعة‭ ‬والخلوة،‭ ‬ولا‭ ‬حجر‭ ‬عليهن‭ ‬في‭ ‬ذهابهن‭ ‬حيث‭ ‬شئن‭. ‬وقد‭ ‬يأتي‭ ‬نصراني‭ ‬داره‭ ‬فيجد‭ ‬امرأته‭ ‬أو‭ ‬ابنته‭ ‬أو‭ ‬أخته‭ ‬مع‭ ‬نصراني‭ ‬غيره‭ ‬أجنبي‭ ‬يشربون‭ ‬وبعضهم‭ ‬متكئ‭ ‬على‭ ‬بعض،‭ ‬فينشرح‭ ‬لذلك،‭ ‬ويرد‭ ‬الجميل‭ ‬للنصراني‭ ‬المنادم‭ ‬لزوجته‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬محارمه،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قيل‭. ‬والذي‭ ‬يؤيد‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬من‭ ‬أعيانهم‭ ‬حيث‭ ‬حللنا‭ ‬بلادهم‭ ‬من‭ ‬استئذانهم‭ ‬لدخول‭ ‬نسائهم‭ ‬علينا‭ ‬بقصد‭ ‬السلام‭. ‬فذلك‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬الأمر‭ ‬الأكيد‭ ‬المحتم،‭ ‬فلم‭ ‬يسعنا‭ ‬إلا‭ ‬الإيجاب،‭ ‬فدخل‭ ‬علينا‭ ‬عدة‭ ‬منهن،‭ ‬وجلسن‭ ‬على‭ ‬الشليات‮»‬‭.‬

‮«‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬عوائدهم‭ ‬وقوانينهم‭ ‬لما‭ ‬أقمنا‭ ‬بمدريد،‭ ‬ومنها‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬العصر‭ ‬يركب‭ ‬الأعيان‭ ‬كلهم‭ ‬في‭ ‬الأكداش‭ ‬نساء‭ ‬ورجالاً‭ ‬ويخرجون‭ ‬إلى‭ ‬الباصيار‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬متسع‭ ‬مستطيل‭ ‬مغروس‭ ‬في‭ ‬جانبه‭ ‬الأشجار‭ ‬مقصود‭ ‬منها‭ ‬الظل‮»‬‭.‬

‮«‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬لهؤلاء‭  ‬الأكابر‭ ‬دارا‭ ‬يجتمعون‭ ‬فيها‭ ‬نساء‭ ‬ورجالا‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬بقصد‭ ‬التآنس‭ ‬والمحادثة‮»‬‭.‬

‮«‬وأما‭ ‬العفيفات‭ ‬منهن،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬دخل‭ ‬بيت‭ ‬زوجها‭ ‬وهي‭ ‬هنالك،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الظرفاء‭ ‬والأدباء‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬بدأها‭ ‬بالتحية‭ ‬وخاطبها‭ ‬خطاب‭ ‬مباششة‭ ‬وملاطفة‭ ‬في‭ ‬عفة،‭ ‬وبذلك‭ ‬ينشط‭ ‬زوجها‭ ‬ويزداد‭ ‬عنده‭ ‬فاعل‭ ‬ذلك‭ ‬رفعة‭ ‬ومحبة‮»‬‭.‬

‮«‬وأما‭ ‬أشكال‭ ‬دورهم‭ ‬فإنها‭ ‬مخالفة‭ ‬لشكلنا،‭ ‬فإن‭ ‬دُورهم‭ ‬ليست‭ ‬بالساحة‭ ‬والفوقي‭ ‬والسفلي‭ ‬والبيوت‭ ‬والغرف‭ ‬كما‭ ‬عندنا،‭ ‬فإنهم‭ ‬يتركون‭ ‬ساحة‭ ‬الدار‭ ‬خارجة‭ ‬عنها‭ ‬مرفقا‭ ‬لها‭ ‬لوقوف‭ ‬نحو‭ ‬الكراريص‭ ‬والدواب‭.. ‬وتلك‭ ‬البيوت‭.. ‬وكلها‭ ‬لها‭ ‬طاقات‭ ‬كبارا‭ ‬جدا‭ ‬منها‭ ‬تضيء،‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬والشوارع‮»‬‭.‬

‮«‬جلسات‭ ‬مخضرة‭ ‬بالنباتات‭ ‬عليها‭ ‬كراسي‭ ‬لمن‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬إن‭ ‬تعب‭ ‬من‭ ‬المشي،‭ ‬وغالب‭ ‬من‭ ‬يجلس‭ ‬النساء‭ ‬أو‭ ‬الشيوخ‭  ‬الكبار،‭ ‬وبه‭ ‬أحواض‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬وبه‭ ‬أيضا‭ ‬قهاوي‮»‬‭.‬

‮«‬قيل‭ ‬إن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬حضر‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف،‭ ‬النساء‭ ‬منهن‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬ماية‭. ‬وكانت‭ ‬صيلان‭ ‬هذه‭ ‬الدار‭ ‬على‭ ‬كثرتها‭ ‬واتساعها‭ ‬مشحونة‭ ‬بالناس‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬التزاحم‭ ‬والتضام‮»‬‭.‬

‮«‬وللنساء‭ ‬موضع‭ ‬مخصوص‭ ‬عليه‭ ‬نساء‭ ‬عجائز‭ ‬يقمن‭ ‬بأمورهن‮»‬‭.‬

‮«‬وقد‭ ‬أرونا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬مخازن‭ ‬كثيرة‭ ‬مملوءة‭ ‬منه‭ ‬ويخرجون‭ ‬منه‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا‭ ‬إلى‭ ‬نساء‭ ‬عجائز‭ ‬يميزون‭ ‬منه‭ ‬الجيد‭ ‬والوسط‭ ‬والرديء‮»‬‭.‬

و«أهل‭ ‬مدينة‭ ‬شقوبية‭ ‬القديمة‮»‬‭ ‬أهل‭ ‬تقشف،‭ ‬والغالب‭ ‬عليهم‭ ‬أنهم‭ ‬أهل‭ ‬حرف‭ ‬ونساؤهم‭ ‬يستعملن‭ ‬الغزل‭ ‬كثيرا‮»‬‭.‬

‮«‬ولهن‭ ‬صنائع‭ ‬فائقات‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬والنسج،‭ ‬وصنعة‭ ‬النوار‭ ‬المستعمل‭ ‬من‭ ‬الكاغد‭ ‬والكتان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يشك‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬نوار،‭ ‬وأما‭ ‬صناعة‭ ‬الحلوي‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬الأنواع‭ ‬والألوان‭ ‬فشيء‭ ‬انفردن‭ ‬به،‭ ‬فقد‭ ‬بعثن‭ ‬إلينا‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬صنائعهن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الإهداء‭ ‬والإكرام‮»‬‭.‬

‮«‬وهذه‭ ‬الدار‭ ‬عينها‭ ‬الطاغية‭ ‬لليتامى‭ ‬والأرامل‭ ‬الذين‭ ‬ليس‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬يكفلهم،‭ ‬وعيَّن‭ ‬أقواما‭ ‬يبحثون‭ ‬عنهم‭ ‬في‭ ‬الأزقة‭ ‬ويأتون‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدار،‭ ‬وبها‭ ‬جميع‭ ‬الحرف‭ ‬والصنائع‮»‬‭.‬

‮«‬دار‭ ‬كبيرة‭ ‬معينة‭ ‬للصبيات‭ ‬اليتيمات‭ ‬المهملات،‭ ‬وتلقانا‭ ‬كبيرها‭ ‬وفرح‭ ‬بنا،‭ ‬ثم‭ ‬أتت‭ ‬امرأة‭ ‬مسنة‭ ‬مقدمة‭ ‬على‭ ‬البنات‭  ‬اللواتي‭ ‬بالدار‭ ‬المذكورة‭... ‬وأرتنا‭ ‬المعلمات‭ ‬اللواتي‭ ‬يعلمن‭ ‬الصبيات‭ ‬المذكورات‭ ‬الصنائع‭ ‬من‭ ‬الغزل‭ ‬والنسيج‭ ‬والرقم‭ ‬والطبخ‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حرف‭ ‬النساء،‭ ‬وقالت‭ ‬المقدمة‭ ‬إن‭ ‬الطاغية‭ ‬ينفق‭ ‬عليهن‭ ‬من‭ ‬عنده‭ ‬ويعطيهن‭ ‬الكسوة‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬ويعطي‭ ‬المعلمات‭ ‬أجرة‭ ‬تعليمهن،‭ ‬ويمكث‭ ‬البنات‭ ‬هنالك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتزوجن‭ ‬فلا‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬الدار‭ ‬المذكورة‭ ‬إلا‭ ‬وقد‭ ‬تعلمت‭ ‬صنعة‭ ‬من‭ ‬الصنائع‮»‬‭.‬

‮«‬في‭ ‬مرسيليا،‭ ‬وبها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬ديار‭ ‬الصنائع‭ ‬التي‭ ‬يسمونها‭ ‬الفبريكات،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬حيطانها‭ ‬سود‭ ‬من‭ ‬دخان‭ ‬ديار‭ ‬الصنائع،‭ ‬وغالب‭ ‬من‭ ‬يخدم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصنائع‭ ‬بهذه‭ ‬المدينة‭ ‬وغيرها‭ ‬النساء،‭ ‬فعليهن‭ ‬العمدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

‮«‬ولأهل‭ ‬باريز‭ ‬حرص‭ ‬تام‭ ‬على‭ ‬التكسب‭,‬‭ ‬رجالهم‭ ‬ونساؤهم‭ ‬لا‭ ‬يتقاعدون‭ ‬ولا‭ ‬يتكاسلون،‭ ‬والنساء‭ ‬مثل‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬أحدًا‭ ‬منهم‭ ‬خاليًا‭ ‬عن‭ ‬شغل،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬البطالات‭ ‬والفرجات‭ ‬العجب‭ ‬العجاب،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يلهيهم‭ ‬عن‭ ‬أشغالهم،‭ ‬فيعطون‭ ‬لكل‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‮»‬‭.‬

‮«‬وعلم‭ ‬التجارة‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬العلوم‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬وتدوّن،‭ ‬ولها‭ ‬مكاتب‭ ‬ومدارس‭. ‬وللنساء‭ ‬مهارة‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬كالرجال‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬غالب‭ ‬من‭ ‬يعمر‭ ‬الحوانيت‭ ‬النساء‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬خلاصات‭ ‬الباحثة‭ ‬نقاط‭ ‬توجز‭ ‬وتضيء‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬وعثرت‭ ‬عليه،‭ ‬فهي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬عجز‭ ‬النخبة‭ ‬المثقفة‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬18و19،‭ ‬وافتقارها‭ ‬لضبط‭ ‬سبل‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتمكن‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬التقدم‭. ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬إبرازًا‭ ‬لوهم‭ ‬إرادة‭ ‬‮«‬الحقيقة‮»‬‭ ‬عند‭ ‬الرحالة‭ ‬عبر‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬العين‭ ‬والأذن‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حيلولة‭ ‬السياق‭ ‬التاريخي‭ ‬للرحالة‭ ‬و‮«‬رأسمالهم‮»‬‭ ‬دون‭ ‬النفوذ‭ ‬إلى‭ ‬بنيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المرحول‭ ‬إليه‭. ‬وأرجعت‭ ‬الباحثة‭ ‬تغييب‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أحوال‭ ‬المرأة‭ ‬عند‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬الرحالة،‭ ‬حتى‭ ‬المتأخرة‭ ‬منها،‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التحصين‭ ‬النفسي‭ ‬لأهم‭ ‬معقل‭ ‬يبسط‭ ‬المسلم‭ ‬صولته‭ ‬عليه‭ ‬وهو‭ ‬الحريم‭. ‬ولاحظت،‭ ‬كذلك،‭ ‬انعدام‭ ‬حركات‭ ‬مطالبة‭ ‬بالإصلاح‭ ‬لدى‭ ‬بنيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬ولاسيما‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬النساء،‭ ‬فالمرأة‭ ‬خانعة‭ ‬وراضية،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الرحالة‭ ‬ليتزعم‭ ‬الدعوة‭ ‬لإصلاح‭ ‬وضعيتها‭. ‬وفي‭ ‬البحث‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬من‭ ‬عالمية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وخصوصيات‭ ‬الثقافة،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬تحجّر‭ ‬وتصلّب‭ ‬الأنوية‭ ‬المشكلة‭ ‬لتمثلات‭ ‬الرحالة‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭. ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬وتأكيد‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬تخلُّف‭ ‬الأنا،‭ ‬إيمانا‭ ‬بدور‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬برجاله‭ ‬ونسائه‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬عجلة‭ ‬كل‭ ‬تنمية‭ ‬وتحديث‭ ‬وإصلاح‭ ‬‭.