مهن اليوم.. والغد

مهن اليوم.. والغد

يقول‭ ‬المطّلعون‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬مهنًا‭ ‬كثيرة‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬تحتضر‮»‬‭ ‬الآن،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ينصحون‭ ‬بإغلاق‭ ‬الأقسام‭ ‬الجامعية‭ ‬التي‭ ‬تُدرسها،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلتها،‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬الجامعيين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬ينصدموا‭ ‬بصعوبة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬محترمة‭ ‬لاحقًا‭.‬

ومن‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬الشواغر‭ ‬فيها‭ ‬محدودة،‭ ‬ورواتبها‭ ‬منخفضة،‭ ‬تخصص‭ ‬المحاسبة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فالأنظمة‭ ‬التقنية‭ ‬والبرامج‭ ‬الإلكترونية‭ ‬باتت‭ ‬متقدمة‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مُدخل‭ ‬بيانات‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خريج‭ ‬جامعي‮»‬‭ ‬أفنى‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬كيفية‭ ‬حساب‭ ‬إيرادات‭ ‬الشركات،‭ ‬وأرباحها‭ ‬وخسائرها‭ ‬ومصاريفها‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا،‭ ‬تخصص‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال‭ ‬بشكله‭ ‬التقليدي‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية،‭ ‬فالشركات‭ ‬اليوم‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬موظفين‭ ‬يمتلكون‭ ‬تخصصات‭ ‬إدارية‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬والتطوير‭ ‬الإداري،‭ ‬والتخطيط‭ ‬الإستراتيجي،‭ ‬وأنظمة‭ ‬الجودة‭.‬

وحتى‭ ‬المدارس،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تكتفي‭ ‬بتوظيف‭ ‬من‭ ‬يحملون‭ ‬‮«‬بكالريوس‭ ‬في‭ ‬التربية‮»‬‭ ‬مثلًا،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تربية‭ ‬الأطفال،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة،‭ ‬والإرشاد‭ ‬والصحة‭ ‬النفسية،‭ ‬والإدارة‭ ‬التربوية،‭ ‬والأنظمة‭ ‬التعليمية‭ ‬الإلكترونية‭. ‬وفي‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬هناك‭ ‬اهتمام‭ ‬اليوم‭ ‬بتعيين‭ ‬صحفيين‭ ‬وإعلاميين‭ ‬يمتلكون‭ ‬شهادات‭ ‬أكثر‭ ‬تخصصية،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬الحكومي،‭ ‬إو‭ ‬إدارة‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬أو‭ ‬التعليق‭ ‬الرياضي،‭ ‬أو‭ ‬إخراج‭ ‬الأفلام‭ ‬الوثائقية،‭ ‬أو‭ ‬تصوير‭ ‬الإعلانات،‭ ‬أو‭ ‬إعداد‭ ‬برامج‭ ‬أطفال‭.‬

وتروّج‭ ‬بعض‭ ‬الجامعات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬الغربية‭ ‬حاليًا‭ ‬لما‭ ‬يصطلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬مهن‭ ‬المستقبل‮»‬‭ ‬أي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يُتوقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬عليها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬ومن‭ ‬أبرزها‭: ‬برمجة‭ ‬تطبيقات‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية،‭ ‬والتسويق‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وأمن‭ ‬المعلومات،‭ ‬والهندسة‭ ‬اللوجيستية،‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وإدارة‭ ‬وتطوير‭ ‬موارد‭ ‬المياه،‭ ‬وتصميم‭ ‬الجرافيك‭ ‬والرسوم‭ ‬المتحركة،‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلّم‭ ‬وعلاج‭ ‬النطق،‭ ‬وتربية‭ ‬الموهوبين،‭ ‬والإرشاد‭ ‬النفسي،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المسنين،‭ ‬والتغذية‭ ‬والطب‭ ‬البديل،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الكوارث‭ ‬والأزمات،‭ ‬وتخصصات‭ ‬البيئة‭ ‬المختلفة‭.‬

هذا‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬المتاحة‭ ‬حاليًا‭ ‬ومستقبلًا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬يضع‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬أمام‭ ‬وزارات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وإدارات‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬إجراء‭ ‬مراجعة‭ ‬دورية‭ - ‬كل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬مثلًا‭ - ‬للتخصصات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها‭ ‬التعليمية،‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬العصر‭ ‬واحتياجات‭ ‬السوق‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬على‭ ‬الطلاب‭ ‬التفكير‭ ‬مليًا‭ ‬وطويلًا‭ ‬قبل‭ ‬اختيار‭ ‬مجال‭ ‬دراستهم‭ ‬الجامعية،‭ ‬وألا‭ ‬يفكروا‭ ‬في‭ ‬‮«‬الوجاهة‭ ‬الاجتماعية‮»‬‭ ‬لهذا‭ ‬التخصص‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وإنما‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬فائدته‭ ‬وخدمته‭ ‬للمجتمع‭ ‬وفرص‭ ‬نموه‭ ‬وتطوره‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وهكذا‭ ‬ستتقدم‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬خطوات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬‭.