أحمد الصافي النجفي شــاعــر السخرية والكبرياء

أحمد الصافي النجفي شــاعــر  السخرية  والكبرياء

لا أظن أن أحداً كتب في السخرية والكبرياء، أو ضاهى في كليهما شاعر الزهد والبساطة أحمد الصافي النجفي، قيثارة العراق وشبابة الرافدين، الذي حمل آلامه وأحلامه إلى خارج أُمِّ النخيل مِسكِيِّة شطِّ العرب، بعد أن ضاق به الأمر وهو الشاب الثائر تطارده عيون الإنجليز، فيمَّمَ وجهَه صوب إيران، وهناك لاقى من الترحيب ما لم يكن في الحسبان، فانكب على مطالعة اللغة الفارسية حتى أتقنها، ثم مال إلى الترجمة ونشر المقالات في الصحف الإيرانية، وأنجز نقل رباعيات الخيام إلى «العربية»، وتقديراً لكفاءاته عُين أستاذاً للأدب العربي وعضواً في دار الترجمة والنشر، وانتخب عضوا في نادي القلم في طهران، وما لبث أن عاد إلى العراق سنة 1927م وفي صدره كنوز من الشعر والأدب، ما أثلج قلوب كثيرين من الذين التقوه، فأعجبوا به واعتبروه نجما ساطعا في سماء الشعر والأدب، ومن هؤلاء: الزهاوي والشبيبي والرصافي والشيخ علي الشرقي ومحمد مهدي الجواهري وسواهم.

حاول الصافي بعد عودته إلى بغداد الحصول على وظيفة حكومية بغية الاستقرار في الوطن، إلا أن صعوبات حالت دون ذلك، علاوة على حالته الصحية التي ساءت كثيرا، فنصحه الأطباء بالانتقال إلى سورية، وهكذا ترك العراق سنة 1930م، قاصدا دمشق، ثم منتقلا بينها وبين بيروت، وفي كليهما نسج أروع علاقات الود والصداقة مع الأدباء والشعراء، وأصدر ديوان «الأمواج» سنة 1932م.
سبعة وثلاثون عاما أمضى الصافي معظمها في وطن الأرز لبنان، مطلقا خمسة عشر ديوانا منها خمسة دواوين لم تر النور، وهي: شباب السبعين, بلا اسم, كما جاء, تمرد المشيب, المطعم.
أما مجموعاته المطبوعة فهي على التوالي: الأمواج, أشعة ملونة, الأغوار, التيار, ألحان اللهيب, حصاد السجن, هواجس, شرر, اللفحات, الشلال.
إنه أحمد الصافي الذي أكسبه مسقط رأسه النجف لقبه المعروف به، وخلال إقامته في لبنان كان حديث المعجبين والشعراء والأدباء والسياسيين والصحافيين، يتحلقون حوله كما النحل على الزهر في مقاهي فاروق وأبي عفيف والحاج داود ببيروت، ونزل رومانوس في صيدا، ومقاهي هافانا وكمال الصيفي في دمشق.
أحمد الصافي النجفي حدث لا ينتهي، أبصرته النجف سنة 1897م ووارته في ترابها عملاقا من عمالقة الرافدين سنة 1977م، تاريخان ما بينهما جلبة المجد عندما تصل فوارسه ويبقى صهيلها مالئاً سمع الزمان.

الشعر والشاعر
يعتبر  النجفي أن الشاعر إما أن يكون ملكا وإما قاطع طريق، الملك لسلطته وقاطع  الطريق لتفلُّته من القيود، ويرى أن الشعر أساسه من الشعور، وهو إحساس إذا احتدم تَوَلّدتّ  عنه فكرة ما.
وحول القديم والجديد يرى أن الشاعر متى صار شاعرا، أي متى تأصلت فيه الملكة الشعرية، لم يعدْ بحاجة إلى هذا الانزلاق في تيار التقسيمات التي لا تخلو من تصنُّع، والشاعر الحق فيه القِدَمُ والجدة، بل هو متجدد على الدوام، دون أن يتنازل عن أصوله القديمة، يقول في معرض هذا الحديث:

تفلسف في اكتناه الشعر قومُ
فضاع الوقت وامتد الطريقُ
فدعْ عنك التفلسفَ واروِ شعراً
فلي عين ترى وفم يذوق

وإذا لم تكن للإنسان هذه الأصالة الشعرية، فعبثا يتكلم عن قديم وجديد، بل يكون هنالك تكلف وتصنع، وقد أجابه الشاعر رئيف خوري عن سؤاله: «ما رأيك في التهمة التي يوجهها دعاة الشعر الحُر إلى الشعر العمودي، من أن الوزن والقافية يمنعان الشاعر من الانطلاق في أداء معانيه؟، إذ قال له: العامل الرديء يتهم الآلة دوما».
وكان الصافي لا يستسيغ الرمز في الشعر، وكان معجباً بجبران، ولكن لا يستسيغ رمزيته، ولا يؤيد تقسيم الشعر إلى مدارس، وليس من مؤيدي أعمال النقاد، وعنده أن على الشاعر أن يعطي سجيته دون أي اعتبار مسبق أو مفروض، وإذا شاء مؤرخو الأدب والنقاد أن يصنفوا الشعر، فهذا شأنهم، ورغم كل ذلك حظي الشاعر الطريف الظريف بمديح القريب والبعيد، وخاصة من الأدباء والشعراء الذين عايشوه، ومنهم المفكر المعروف ميشال عفلق: إن الصافي أديب كبير لا يعرف شيئا عن أدب السيرياليم والسمبوليزم، أي السريالية والرمزية، ولقبه الأديب رئيف خوري بالشاعر العالمـــــي، وكـــــان يرى أنـــه لا يشـــبه أي شاعــــر عربي،  سواء من القدامى أو المحدثــــيـــــن ويماثله بجلال الدين الرومي صاحب كــــتاب «المثـــنوي»، كذلك لقَّبه نقيب الصحافة آنذاك كرم ملحم كرم بالشاعر العالمي، واعتبره الشاعر الزهاوي شاعرا كبيرا خليقا بالإكبار، وأنه كوكب وقَّاد في سماء الأدب، ولشدة إعجاب الجنرال ديجول بقصيدته التي مدحه فيها، أرسل إليه كتابا بخط يده، يثني فيه على شاعريته بعد أن ترجمت القصيدة إلى الفرنسية.
وقد أكد شاعريته الزعيم الإيراني محمد مصدق، خلال زيارته للنجفي أثناء لجوئه إلى إيران.
هذا غيض من فيض من آراء الأدباء والمفكرين في الصافي النجفي، وكان يطرب للإطراء الحسن، والمديح الجميل، وخاصة إذا صدر من أفواه بسطاء الناس، كما جرى له مع سائق سيارة أجرة، وصاحب كراج، مدحا شعره وأثنيا عليه، عندما التقى بهما خلال تنقله من منزله إلى مقاهي بيروت، أو كما جرى له مع فتيات رأينه في باب إدريس، وصرخن بلهفة: هذا هو أحمد الصافي النجفي، ثم مِلن إليه ودار بينهن وبينه حديث عن الشعر والجمال.
كان يفتخر بهذه الإطراءات الشعبية ربما أكثر مما كان يسمعه من كبار القوم، وهو على كل حال كان حديث الناس والمجتمعات خلال عقدين من الزمن، يُسأل عن إمارة الشعر، فيكشف عن موقفه من دون تردد قائلا: إيليا أبو ماضي أحق بها من شوقي، وله في ذلك بيتان:
سألتني الشعراء أين أميرهم
فأجبت إيليا بقول مطلق
قالوا: وأنت فقلت: ذاك أميركم
فأنا الأمير لأمة لم تخلق 
(هواجس: ص 350).
ومن سمات الصافي الأدبية أنه كان يحب الشعر الجاهلي، وهو يعلل ذلــك قـــــائلا: إنه جاء من النبع، وفيه مشاعر الروح الصادقة، وبساطة الصحراء وامتدادها وجمال البداوة، وكان يرفض الدعوة إلى العامية، أو إلى تغيير النحو، أو إبدال الحرف اللاتيني بالحرف العربي، مما كان يذكر على الساحة الأدبية، خوفا من أن تنقطع الصلة بين الأمة العربية وتراثها العظيم، وقد رد عليه المهندس ميشال نحاس قائلا: لا تخش على «العربية» مادام القرآن موجودا، فكل كلمة فيه تلمع مثل الألماس.
ومن مآثر الصافي أنه كان لا يحبذ مهرجانات الشعر، حتى أنه رفض فكرة مهرجان لتكريمه عرضها عليه الشاعران جورج شكور وفوزي سابا، ويقول في هذا:
يقام لي مهرجان الشعر مصطنعا
هيهات لست بهذا الزيف أنخدع
علما بأنه حضر مهرجان العرائس بالقرب من بكفيا في الستينيات.

الكبرياء وعزة النفس
هما أبرز ميزتين في خصائصه النفسية والشخصية، تربى منذ الصغر على القيم والمثل العليا، في بيئة دينية صهرته على توجيهاتها السديدة، وقد رافقته عزة النفس طيلة حياته، يمارسها فعلا وقولا، حتى أنه بعد تقدمه في السن، قبل بعد إلحاح وترجِّ راتبا شهريا مائة دينار، قدمته له الحكومة العراقية ممثلة بسفيرها في لبنان آنذاك ناصر الحاني، بعد أن رفض أن يكون الراتب مائة وخمسين دينارا، ومن آيات كبريائه قوله في ديوان «أشعة ملونة» (ص 74) أبياتا مشتهرة:
لا أرى أكـــــــــــــــــــــــــبـــــــــــر مــــــنـــــي
لا أرى أصـــــــــــــــغـــــــــر مـــنـــــــــي
إن أجد أكبر مني
واحدا فالله أكبر
 (أشعة: ص، 79).
وتلوح ظلال المتنبي هنا مع الفارق في الشخصيتين:
وتجتمع الكبرياء مع عزة النفس في ميمية بحرها الطويل، وعنوانها: «حياتي»، نشرها في ديوانه: «الأمواج» ص 16، وهي تصوير حاذق لنفسيته بكل مزاياها:
وكم عن طريق الذل أمكنني الغنى
فعفت الغنى والذل للعز والعدم
كأني مليك بالفخار متوج
وليس له جند سوى البأس والحلم
تراه ونور الحق شارة ملكه
وقانونه نشر المحبة والسلم
وأي مليك عاش حرا كعيشتي
وهل مجد أرباب العروش سوى وهم
فلا تبْنِ إلا مثل مجدي وسؤددي
فكل بناء غير ذاك إلى هدم
وإني إذا ما رام ضيمي معتد
عمدت لحدِّ السيف لا القذف والشتم
(الأمواج: ص 16).

إنها أنفاس أبي الطيب المشتعلة بالعزة والكبرياء، ولعل هذا التشابه هو الذي دفع بالشاعر الفارسي فروز أنفر إلى مخاطبته بعد أن أسمعه إياها الصافي في طهران سنة 1922م: «إنك متنبي عصرك». ولعل الفارق بين الشاعرين أن كبرياء الصافي ممزوجة بالقناعة والبساطة والعفوية، والبعد عن التزلف، بينما كبرياء المتنبي مختلفة عنه.
حتى أن الصافي في احتفائه بأشعاره وافتخاره بها على غيره من الشعراء شبيه بافتخار المتنبي، يقول الصافي:
قد قيل في الشعر حلَّق
فأنت في الشعر فحل
فقلت أعلو وأدنو
وأين شئت أحل
ولي بكل محل
من الوجود محل
والشاعر الحر نسر
يسف حينا ويعلو
(أشعة: ص 18).
وتقع المشابهة في همزية بحرها الطويل، من أبياته:
سموت بشعري فوق جيلي ولم يزل
يشك بشعري معشر البلهاء
فإن لم أكن من أمة الشعر واحداً
أكنْ أمة أعلى من الشعراء
هذا صحيح، إلا أن المتنبي كان يسعى للمجد الدنيوي، والصافي ينفر منه، وهو الذي رفض عباءة أهداها إياه رئيس جمهورية سورية آنذاك شكري القوتلي، وذلك خلال مائدة غداء دعاه إليها في منزله في الزبداني، بينما كان المتنبي متهالكا للحصول على إمارة من كافور، وسفح من أجلها وجه الشعر من دون أن يحقق مبتغاه:
وغير كثير أن يزورك راجل
فيرجع ملكا للعراقين واليا
وأين هذا من قول الصافي:
أعشق العيش بسيطاً هادئاً
أشتهي الأرض مهاداً وسريراً
إنها الكبرياء التي تعز النفس ولا توهنها وتهينها، وكبرياء المتنبي التي تنحني أمام المغريات، لعل كلا منهما أفرط في ما ذهب إليه.
ولا يفتأ الصافي يدافع عن شعره، ويجيد التباهي به، إنها كبرياء التواضع في آن معا، غامزاً من قناة أبي الطيب:
في الشعر قدما قد أتى متنبئ
وشعاع شعري للتنبؤ ماح
أنا ليس لي عقل النبي وفيَّ من
روح النبي محبة الإصلاح
(أشعة: ص41).
ويكفيه بذلك غنى، أنها كبرياء الإيمان لا كبرياء الإذعان، ويرد على منتقديه بشموخ موقف وكبرياء جريحة:

قالوا قريضك لفظه صدفُ 
لو كان يدرك كنهها الفكر
شعري كقصر منه لو رفعوا 
حجراً تهدم ذلك القصر
(أشعة: ص 21).

وخلال الصراع بين الجسد الواهن والضعيف والقلب الصلب والشجاع تنتصر الروح والقلب:
إن ضعفي يحطني لحضيض 
وفؤادي يطير بي للسماء
(الأمواج: ص122).
هذا غيض من فيض من خواطر الصافي الشامخة المتواضعة، تحار في أيهما أمامك المتواضع أم المتكبر، المبتسم أم العابس، الساخر أم الجاد? فلنفتح جعبته الساخرة ونعش معه لحظات فيها من الغرابة الكثير.

الفكاهة والسخرية
محطات جذابة ماتعة، اتسمت بها قصائد النجفي، حتى أنها فاقت ما سواها قرباً إلى النفس ومتعة للروح، وأنساً للقلب، وهي نسيج شخصيته المفطورة طباعها على السخرية النافذة، مواجها بها الشدائــد والصعاب، وقد أدمن عليها مذ ألهمه الله حرفـــة الشـــعر، تلك التي كانت آخر ما كـــان يحــــلم به، إذ كــان مشغـــولاً بالعمل السياسي، إلا أن الأزمات الصحية التي دهمته جعلته يعزف عـــــنه، وخاصــة بعد فشل ثورة رشيد علي الكيلاني ضد الإنجليز، التي كان يدعمها ويؤيدها، ولذلك يقول هو نفسه:
لقد جعلت مني الأمراض شاعرا
يُجيد نظم الشعر ولا يجيد خوض الحروب
في جعبته الشعرية عشرات القصائد الساخرة، سخرية تعبِّر عما يجيش في نفسه من ردات فعل تجاه ما يعانيه. 
لقد تجسدت فيه شخصيتا ابن الرومي وأبي الشمقمق، دون أن يذوب فيهما، أخذ من ابن الرومي بعض التشاؤم، ممزوجاً بالسخرية، ومن أبي الشمقمق الهزل الساخر، وهو على كل حال، شاعر لا يشق له غبار، في انتقاء ما ومن يثير مزاجه النفسي، يتشاءم ابن الرومي من صاحب اللحية الطويلة، هكذا خطر له، فراح يسمه بأقذع الألفاظ، ويسخر الصافي منها طرافة ومتعة في التسلي وإظهار التبرم والامتعاض، مستحضرا صديقه في رائيته المشهورة:
يا لحية أشبه شيء بالدجى
ضل صاحبها بها وما اهتدى
نُبئت أن القرد من آياتهِ
وأن ذا الشعر كان له ردا
تنتشر الأمراض من طياتها
إذ كل مكروب بها قد اختفى
وهي تصير في الشتاء غابةً
للقمل فيها مكمن ومختبى
وهي كبيت العنكبوت عنده
يصيد فيها للغداء ما يشا
إذا رآها العنز هب نحوها
مقبلا بها وفيها عفطا 
(الأمواج).
بهذه اللغة الواضحة العذبة الساخرة، ينهال الشاعر على أصحاب اللحى الطويلة. هكذا دون ذنب أو جرم. إنها النزعة الفنية التي لا يفسرها هوى في النفس وموقف من الشكل.
والصافي ينتقي أدواته من محيطه الذي يعيش فيه، ثم يمعن فيها تهشيما وتعرية في نصوص لا تنقصها المتعة والتماسك وخفة الظل.
وويل أعدائه من صواعقه النارية، كما نقرأ في يائية قاصمة:
صفعتهم حتى برى صفعهم يدي
ودستهم حتى غدا النعل باليا
وكلمتهم دهرا فأصبحت أعرجا
وألقمتهم نعلي فأصبحت حافيا
إنه الهجاء المر المذاب في إناء من السخرية الفجة، ترى أي أعداء هؤلاء؟!
والصافي صاحب نظر ثاقب، وعين لاقطة، وويل لمن تشظيه كلماته المختارة، ها هو مستشفى يقع بين يديه لم ير فيه إلا الموت لمن يدخلون طالبين النجاة:
ومستشفى متى يدخل إليه
مريض يسترح من ذي الحياة
كأن به لعزرائيل جندا
يميت الناس من قبل الوفاة
فللمكروب أكداس تعالت
على جدرانه والنافذات
مريد الانتحار إليه عجل
يُرحْكَ بدون ضرب مسدسات 
(الأمواج ص: 80).
وتلوح في طيفه روح الحطيئة، فينحو إلى نفسه ساخرا من وجهه بأبيات ميمية قل مثيلها بين هجائي أنفسهم:
وجهي دميم وقلبي
عَدُوُّ كل دميم
لو أستطيع حكمت
المرآة بالتحطيم
ولست أهوى وإني
الدميم غيرُ الوسيم
لو كان وجهي بكفي
ألقيته في الجحيم
لو أن ربي براني
طيرا براني كبوم
جفا المصورُ رسمي
إذ لاح بـــــيــن الـــرســوم 
(الأمواج: ص 39).
ومن أجمل ما قرأتُ في السخرية قوله في جارة له:
لي جارة متقاعدة
ليست لها من فائدة
زادت عناي فأصبحت
للجسم مثل الزائدة
هي مثل ساعتها
عقاربها دواما جامدة
كالميت جاور ميتا
منذ العصور البائدة
لم يوفر حتى نفسه في البيت الأخير، وما ضره لو كانت متقاعدة؟! لكن لا يسأل الشعر عما يغريه في المدح أو في الهجاء.
هذه بعض متع الصافي وما أكثرها، ففي دواوينه أطــــباق شـــتى مــــــن ألوان الشعر لا يتسع  الـــمقام لذكرها، يكـــــفي أن أودعـــه بآخر بيت قاله على سُلَّم الطائرة التي أقلته إلى العراق بعد إصابته في لبنان برصاصة طائشة من وطيس الحرب الأهلية، وكان قد فقد بصره، وعندما أطل أنشد والدموع تملأ وجهه:
يا عودة للدار ما أقساها
أسمع بغداد ولا أراها .