عالَمُ بياتركس شخصياتٌ في ذاكرةِ الطفولةِ
مَنْ منكم, أيُّها الأصدقاءُ, لم يسمع بِقصّة الأرنب بيتر? القصّة الشهيرة التي تحكي عن أرنب يحاول التسلّل إلى حديقة أحد المزارعين, إنّها إحدى قصص الأطفال الكلاسيكية الجميلة للكاتبة الشهيرة بياتركس بوتر. تُعتبر بياتركس مِن أهمّ كتّاب قصص الطفل حول العالَم, وشخصيّات قصصها لا تزال تعيش معنا إلى اليوم, كشخصيّة الأرنب بيتر, وبني بنجامين, والبطّة جيميما, وغيرها.
في أحد صباحات الشتاء الماطرة, سِرْنا في الطرقات الضيّقة لِقرية باونيس أون ويندرمير, الواقعة في الريف الشمالي الغربي من بريطانيا, لكي نزور لكم, أيّها الأصدقاء, مُتحف عالَم بياتركس بوتر. هذا المَعْلَم السياحي الرائع الذي يشرف على أكبر بحيرة طبيعية في إنجلترا, فتح أبوابه للزوّار, لأوّل مرّة, عام ١٩٩١.
وُلدت بياتركس عام ١٨٦٦ لِأسرة ثريّة في أحد أحياء مدينة لندن. منذ نعومة أظفارها, أحبّت بياتركس حياة البرّية, وعشقت رسم الحيوانات والنباتات, خصوصًا في العطلة السنوية التي كانت تقضيها في منطقة البحيرات فاتنة الجمال. وكانت تجلس دائمًا أمام البحيرة الكبيرة الشهيرة بِبحيرة وندرمير. ولقد حقّقت الكاتبة أُولى نجاحاتها عندما قامت بِبيع صوَر الأرانب التي كانت ترسمها إلى الكنيسة. غير أنّها, بعد ذلك, شاءت أنّ تتّجه لِكتابة قصص للأطفال محورها وشخصيّتها الرئيسية الأرنب بيتر. وحين نشرت الكاتبة هذه القصّة نالت نجاحًا كبيرًا, وبِيعت نُسخ كثيرة من القصّة. وبِعوائد بيع القصّة تمكّنت بياتركس من تحقيق حلمها وشراء حديقة في القرية المطلّة على البحيرة. وفي هذا المكان, أيّها الأحبّاء, كتبت بياتركس أجمل القصص والحكايات الهادفة والماتعة.
إنّ هذا المُتحف يتيح لِزائره تجربة العيش في العالَم القصصي لِلكاتبة بياتركس, وذلك من خلال التجوّل في مسار مُتتابع ينتقل فيه السائر من قصّة إلى أخرى, حيث يستعرض أهم أحداث القصص في مجسّمات رائعة, بِإضاءة مُتقنة المقادير.
يُنصح الزوّار, عادة, بِقضاء من ٤٥ دقيقة إلى ساعة من الزمن ليتمكّنوا من استكشاف محتويات المعلَم السياحي, ويتمتّعوا بِرحلتهم في اتّجاه سير محدّد للسائر, إذ ينتقل من ركن عرض إلى آخر, حيث يحكي كلّ ركن أهمّ حدث في قصّة مِن قصص بياتركس الثلاثة والعشرين, مرورًا بِحديقة رائعة. وربّما أمضى الزوّار وقتًا أكبر إذا ما جلسوا في حجرة الشاي لِاحتساء الشاي الإنجليزي عالي الجودة مع شرائح من الكعك اللذيذ.
بعد أن اِبتعنا التذاكر, دخلنا إلى حجرة صغيرة مظلمة, ينيرها وهج شاشة عملاقة على أحد جدران الغرفة المربّعة, ولِلغرفة بابان, الأول الذي دخلنا منه, والآخر على الجهة المقابلة. وبِمجرّد دخولنا من الباب الأول انْغلق الباب الآخر, إذ يُفتح الباب تلقائيًا بعد مرور خمس دقائق هي مدّة فيلم قصير يعرض لِحياة الكاتبة وقصصها ورسوماتها الشهيرة. وبعد نهاية الفيلم, وجدنا أنفسنا في الصالة الرئيسية لِلمعرض, وبها نجد قصص بياتركس حيّة في المعروضات والمجسّمات للشخصيات الكارتونية.
القسم الأول من المعرض يتضمّن غابة جيميما الخضراء, وبين مجسّمات الأشجار نعثر على سيّد تود في قصّة البطّة جيميما. هنا, في هذه الصالة ثلاثيّة الأبعاد, تنتقل إلى عالَم بياتركس بوتر عبر شكل الإضاءة والأصوات المصاحبة والموسيقى التصويرية, لتتجسّد حروف وكلمات القاصّة في حكاياتها البديعة مجسّمة ومرئية.
حديقة الأرنب بيتر هي ما سيصادفك بعد ذلك, حديقة صغيرة نتعرّف من خلالها على وجه آخر لِلكاتبة بياتركس, وهو وجه عالِمة الطبيعة المختصّة بِعلم الحيوان والنبات. أمّا القسم الذي يلي الحديقة, فقصّة السنجاب نوتكينز, وقصّة السيد جيرمي فيشر, أو الضفدع الصيّاد. ثم تدخل إلى صالة عرض تفاعلية تحتوي على شاشات يُمكن للزائر التعرّف عليها ولمسها ليرى جانبًا آخر من حياة الكاتبة بياتركس.
وبعد الصالة التفاعلية, ثمّة معرض لِقصّة الأرنب بيتر الشهيرة, وفيها كاميرا ذاتية الاستخدام لِيجلس أمامها الزوّار, ويلتقطوا صورًا تذكارية إلى جوار الأرنب بيتر, ويستطيعون عند خروجهم من صالة العرض ابتياعها إن أرادوا. وهكذا تنتهي الرحلة في عالَم بياتركس مع الوصول إلى محلّ بيع القطع التذكارية والألعاب والملابس المطبوع عليها مختلف الشخصيات القصصية التي ابتكرتها الكاتبة الشهيرة. إنّه, حقًا, عالَم جميل وآسر, هو عالَم بياتركس بوتر.