"الكويت في الوثائق البريطانية"

تعقيب حول كتاب

قرأت ما ورد في عرض الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى لكتابي الموسوم "الكويت في الوثائق البريطانية 1752 - 1960" إذ لا أتفق مع ما أورده سيادته من ملاحظات لبست ثوب الانتقاد الحاد. وفيما يلي أرد على ما أورده بصدد الكتاب:

1 - الكتاب يعالج الفترة من 1752 وليس من عام 1722 كما ورد في عنوان الكتاب في المجلة وكان من الجدير ملاحظة ذلك.

2 - يريد مني د. مصطفى أن أقطع برأيي في الموضوعات الخلافية لأحسم القضية على ضوء المادة المتاحة، وكأن الموضوع قابل للنقاش والجدل، إذ إن موضوع استقلالية الكويت وعدم ارتباطها إداريا أو سياسيا أو جغرافيا بالعراق أمر واضح لا يحتاج إلى برهان أو حجة في ضوء التاريخ السياسي لهذه الإمارة، ونسي سيادته أن عنوان الكتاب هو الإشارة الواضحة على ماهيته ومضامينه، إذ تركت للقارئ أن يتوصل بنفسه إلى الاستنتاجات بعد وقوفه على تفاصيل الدولة والبراهين التي أوردتها نصوص هذه الوثائق لتدلل على الموضوع، ولا حاجة بي إلى إقحام نفسي فيما تعنيه الوثيقة لأحافظ على روح الحياد وأترك للقارئ الحكم النهائي، خاصة أن المؤلف عراقي.

3 - لم يرق للدكتور مصطفى أن أسمي كتابي هذا بدراسة، ويقول إن الكتاب لا يشكل دراسة بل هو عرض لبعض الوثائق وبأنه يتحفظ على هذه التسمية. وأقول إنها دراسة بكل معنى الكلمة؛ لأنها تعكس دراسة لوجهة نظر لم يقف عليها القارئ من قبل سواء كانت وجهة النظر هذه بريطانية أو عراقية أو تركية، وخاصة ما ورد في نصوص الوثائق البريطانية التي رفعت عنها قيود السرية في بداية هذا العام حول الخطط البريطانية في عام 1960 في حالة مهاجمة العراق للكويت. وهل يقلل من شأن الكتاب أنه جاء بنصوص الوثائق كما هي دون تغيير وبالنص كما وردت؟ كما يقول إنها عرض لبعض الوثائق مع العلم بأن الكتاب تضمن كل الوثائق المتعلقة بالكويت والعراق ومسألة الحدود والخلفية التاريخية والسياسية للموضوع منذ منتصف القرن الثامن عشر.

4 - يقول د. مصطفى إن الوثائق لم تتضمن وثائق عثمانية أو عراقية أصيلة، والصحيح أن المراسلات الدبلوماسية المتبادلة بين المسئولين خلال الفترة موضوع البحث نقلت نصوص هذه الوثائق (العثمانية أو العراقية) على لسان المسئولين الأتراك أو العراقيين وردود الفعل البريطانية منها، ويكفي أنها تشير إلى تلك الوثائق: والمثال على ذلك، تصريحات الصدر الأعظم العثماني حقي بك في عام 1911 في صحيفة "التنين" التركية التي نشرتها صحيفة التايمز البريطانية في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام حول الكويت. كما يبدو أن د. مصطفى لم يطلع على نصوص الوثائق الأصلية العراقية المتبادلة بين رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد وحاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر عام 1932 والواردة في الصفحات 124 و 125 و 126 و 127 بشأن مزارع النخيل العائدة للشيخ في البصرة وشط العرب. كما يبدو أيضا أنه قد قرأ الكتاب على عجل ولم يطلع على نص رسالة نوري السعيد المؤرخة في يوليو/ تموز 1932 الموجهة إلى حاكم الكويت بواسطة المندوب السامي البريطاني في العراق المتضمنة وصف الحدود العراقية - الكويتية من وجهة النظر العراقية والذي ورد بالنص في ص 132 من الكتاب. كما أشير إلى الوثيقة العراقية الأصلية الصادرة عن السفارة العراقية في لندن في 13 يونيو/ حزيران 1953 والموجهة إلى وزارة الخارجية البريطانية حول موضوع الحدود العراقية - الكويتية والواردة في ص 246 - 248 من الكتاب، ناهيك عن الوثائق العراقية الأخرى.

5 - ذكر د. مصطفى أنه سبق نشر هذه الوثائق عام 1988 في مجلدين، ولا أدري ما هي دار النشر التي قامت بنشر هذه الوثائق؟ وما هو عنوان المجلدين، ولابد أنها تكون ناقصة لأنها لم تتضمن بالتأكيد وثائق الأعوام 1958 و 1959 و 1960 حول الموضوعات التي تضمنها كتابي والتي رفعت عنها قيود السرية أخيرا في الأعوام 1988 و 1989 و 1990.

6 - ذكر د. مصطفى في ص 202 من عرضه ونقده للكتاب أن "بريطانيا اعترفت في عام 1921 بالحدود التي تقررت بين الكويت ومملكة العراق التي ظهرت إلى حيز الوجود". والصحيح أن بريطانيا اعترفت بهذه الحدود عام 1923 استنادا إلى مبادرة الشيخ أحمد الجابر الذي طلب ترسيم الحدود استنادا إلى الوصف الذي أورده في رسالته الموجهة إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت والمؤرخة في 4 أبريل/ نيسان سنة 1923، والتي طلب فيها تثبيت هذه الحدود، والتي وافق بدوره عليها المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي آنذاك والمندوب السامي البريطاني في العراق السير ميرسي كوكس في تلك السنة.

7 - لا شك أن الأخطاء التي أوردها د. مصطفى في مجال نقده للكتاب قد حصلت فعلا ولكنها لا تخل بالمعنى ولا تحرفه عن سياقه العام، إلا أنني لا أتفق مع الترجمة التي أوردها د. مصطفى لكلمة Factories بأنها "وكالات" بل إنها "مصانع" بالتأكيد. إذ يمكن الرجوع إلى نص الوثيقة الإنجليزية المشار إليها في الكتاب، الفقرة (1) التي تتضمن قيام البعثة البريطانية المتجهة إلى بلاد فارس ببناء مصنع في بندر عباس وبأن المصالح البريطانية في البداية كانت تجارية محضة "Purely Commercial" وهذا يكفي للاستدلال على أن معنى كلمة "Factory" هو مصنع وليس وكالة سياسية.