مركز إشبيلية الثقافي في إسبانيا.. منصّة ثقافية قريبة من الطفل
المركز الثقافي الجديد في مدينة إشبيلية الإسبانية، المسمّى (كايكسا فوروم)، هو مكان مميّز ومخصّص للمعارض والورَش الفنّية والحفلات الموسيقية والحوارات الثقافية والمؤتمرات والمحاضرات العلمية، علاوة على الأنشطة الكثيرة المخصّصة لأصدقائنا الأطفال. افتُتح المركز في عام 2017، ويقع بالقرب من برج إشبيلية، أوّل ناطحة سحاب في إقليم الأندلس في إسبانيا، حيث يبلغ ارتفاع البرج 180م، ويوفّر إطلالة بديعة على تفاصيل المدينة بمبانيها القديمة وقنواتها المائية الفاتنة. وتبلغ مساحة المركز الثقافي 8100 متر مربّع، حيث يتكوّن من صالتَي عرض متقنتَين، وقاعة محاضرات، وغرفتَين متعدّدتَي الاستخدام، وغرفة مخصّصة لأنشطة الأطفال، كما يشتمل على متجر ومطعم.
ولعلّ من العجيب في هذا المركز أنه مُقام بكامله تحت الأرض، ولن يدلّك على مدخله في ساحة البرج سوى تلك المظلّة المصنوعة من الألمنيوم التي يخترق أرضها ثقب السلّم الكهربائي الهابط إلى مرافق المركز. إنه تصميم جميل من إبداعات المهندس المعماري الإسباني (جاليرمو فاسكيز كونسويلا)، ويتّسم بكثير من الميّزات المُبتكرَة، منها توظيفه المُتقَن للفضاء، والتوزيع المكاني للقاعات، فضلاً عن إتاحة دخول الضوء الطبيعي القادم من مناور زجاجية في السقف، والذي يشبه ضوء الشمس النافذ في المباني التاريخية الضخمة، ومن أهم ميّزات المبنى أنّ مَرافقه صديقة لأحبّائنا من ذوي الاحتياجات الخاصّة.
أما الغرض من تأسيسه، فهو المساهمة في نشر الفنون والعلوم الإنسانية، وتعزيز النقاش حول الأفكار والاتّجاهات والبحوث في عالَم اليوم، كما يهدف إلى تعزيز الحوار والتفكير النقدي، وتوفير بيئة تعليمية تحفيزية للطلّاب والطالبات تُكسبهم مهارات حلّ المشكلات واستراتيجيات التفكير في الفنون والعلوم. وتُعتبر الأنشطة التفاعلية للأطفال داخل قاعات المعرض من أحدث التقنيات المُبتكرة في المعارض، إذ يتمحور كلّ نشاط حول عمل معيّن أو مجموعة من الأعمال الفنّية في المعرض، كالرسم على الوجوه أو إنشاء شجرة العائلة الخاصّة بكلّ طفل باستخدام أوراق الشجر، وغيرها كثير.
إن مركز (كايكسا) الثقافي يستقبل على الدوام معارض مؤقّتة في صالتَي العرض الكبيرتين. ولقد صادف وقت زيارتنا أن كانت إحدى الصالتين مخصّصة لمعرض الفضاء، والأخرى مخصّصة لمعرض الفراعنة. أما المعرض الأوّل فكان عنوانه «تان تان والقمر»، ويحتفي بالذكرى الخمسين لوصول الإنسان إلى القمر. ويستذكر المعرض الشخصية الكرتونية الشهيرة (تان تان) ورحلته المتخيّلة إلى القمر، حيث جعل مُبتكِر الشخصية الكاتب البلجيكي جورج ريمي الشهير بـ (هيرجي) من (تان تان) أوّل من بدأ الطريق إلى القمر في عام 1950، في سلسلته القصصية المصوّرة التي أبدعها. وتكشف المعروضات حلم البشرية في السفر إلى سطح القمر، منذ أن لاحظه جاليليو لأوّل مرّة بواسطة تلسكوب صنعه في عام 1609. كما يستعرض كلّ ما نعرفه عن القمر الصناعي، ويبيّن كيف يتمّ تحضير رحلة فضائية في عصرنا الحالي، بل وقبل نصف قرن أيضًا. إنّ تلك المهمّة التاريخية لم تبلغ ذروتها إلا بالوصول إلى القمر مع (نيل آرمسترونج) رائد الفضاء الأمريكي الأوّل الذي مشى على سطح القمر في 20 يوليو 1969.
أما الصالة الثانية من المركز الثقافي فكانت تستضيف معرضًا تحت عنوان «فرعون... ملك مصر»، ويستكشف الزائر فيه مجموعة من مقتنيات المتحف البريطاني حول الفراعنة ورموزهم ونظام أفكارهم، وذلك عبر معروضات تتنوّع من الملابس، والمجوهرات، وتماثيل نصفية ضخمة، ونقوش عتيقة، ومقتنيات تشير إلى الطقوس الدينية والتنظيم الإداري لبلاد الفراعنة، وممارسات الحروب التوسّعية وصولاً إلى حياة القصور. وكلّها بمثابة صورة تقريبية للحياة الحقيقية في مصر القديمة. في المعرض مساحة تعليمية مخصّصة للأطفال تقدّم تجربة جميلة للعبة تركيب اللوحات الفرعونية، تلهم الأطفال عند اختيار الرموز والملابس التي يرتديها الفراعنة. هذه المساحة التعليمية مخصّصة لاستكشاف وتجربة رموز مصر القديمة والتعرّف عليها.
في المتجر، أخيرًا، يمكنكم أيها الأصدقاء اقتناء كتب الفنّ والتصميم الإبداعي والتصوير الفوتوغرافي والهندسة المعمارية. بالإضافة إلى حقائب وأوشحة جميلة مطرّزة بزخارف جذّابة، وهدايا السيراميك، والهدايا المصنوعة من الجلد الإسباني التقليدي، ولعَب الأطفال التعليمية.