أدباء الغد - أصدقاء مِن الفضاء

‭ ‬بِقلم‭ ‬التلميذة‭: ‬كنزة‭ ‬شكورة (‬13‭ ‬ سنة‭(‬

السنة‭ ‬الثالثة‭ ‬متوسّط‭ ‬بسكرة‭ - ‬الجزائر

 

أنهيتُ‭ ‬غسل‭ ‬الأطباق‭ ‬بِسرعة،‭ ‬وتسمّرتُ‭ ‬أمام‭ ‬شاشة‭ ‬التلفاز‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬كارتوني‭ ‬المفضّل‭ ‬‮«‬دورايمون‮»‬‭. ‬أحبّ‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬العجيب‭ ‬لِذكائه‭ ‬الخارق،‭ ‬وأدواته‭ ‬السحرية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬كلّ‭ ‬أمنيات‭ ‬صديقه‭ ‬‮«‬نوبي‮»‬‭ ‬تتحقّق‭.‬

  ‬بدأت‭ ‬الحلقة،‭ ‬كان‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬رحلة‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬ذهب‭ ‬فيها‭ ‬دورايمون‭ ‬نوبي‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬استكشافية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬جعلته‭ ‬يطير‭ ‬فرحًا‭ ‬بعد‭ ‬عودته‭ ‬منه‭.‬

  ‬حلّ‭ ‬الليل‭ ‬فوضعت‭ ‬رأسي‭ ‬على‭ ‬الوسادة،‭ ‬وتذكّرت‭ ‬سعادة‭ ‬نوبي‭ ‬بِزيارته‭ ‬تلك،‭ ‬وتمنّيت‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬معه‭. ‬غصتُ‭ ‬في‭ ‬نوم‭ ‬عميق‭ ‬فإذا‭ ‬بِأمنيتي‭ ‬تتحقّق‭!‬‭ ‬وجدتُ‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬دورايمون‭ ‬الذي‭ ‬تفاجأ‭ ‬بِرؤيتي،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭: ‬لقد‭ ‬جئتكَ‭ ‬مِن‭ ‬بعيد،‭ ‬أرجوك‭... ‬اِفتح‭ ‬لي‭ ‬‮«‬باب‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‮»‬،‭ ‬أريد‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭. ‬استغرب‭ ‬كلامي،‭ ‬وقال‭: ‬مَن‭ ‬أخبرك‭ ‬عنه؟‭ ‬قلت‭: ‬لا‭ ‬يهمّ‭! ‬أرجوك‭ ‬خذني‭ ‬فقط‭!. ‬ولكنّه‭ ‬أخبرني‭ ‬بأنّ‭ ‬الرّحلة‭ ‬طويلة،‭ ‬وهي‭ ‬تحتاج‭ ‬مخزونًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الأكسجين،‭ ‬وقد‭ ‬بقي‭ ‬لديه‭ ‬شيء‭ ‬قليل‭ ‬منه‭. ‬رجوته‭ ‬كثيرًا‭ ‬حتّى‭ ‬وافق،‭ ‬فأعطاني‭ ‬بذلة‭ ‬بيضاء‭ ‬لِألبسها،‭ ‬ومكبّر‭ ‬صوت‭ ‬لِنتحادث‭ ‬به،‭ ‬وقال‭: ‬هيّا‭ ‬سنزور‭ ‬الكوكب‭ ‬الأقرب‭ ‬‮«‬المريخ‮»‬‭... ‬اِتبعيني‭.‬

‭ ‬فتح‭ ‬دورايمون‭ ‬الباب‭ ‬السّحري‭ ‬ودخل،‭ ‬أسرعتُ‭ ‬بِاللحاق‭ ‬به،‭ ‬فرأيت‭ ‬نفسي‭ ‬أرتفع‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬فجأة،‭ ‬خفتُ‭ ‬أن‭ ‬أقع،‭ ‬فأمسك‭ ‬بِيَدي‭ ‬وطمأنني‭ ‬قائلاً‭:‬‭ ‬لا‭ ‬تخافي،‭ ‬هذا‭ ‬أمرٌ‭ ‬طبيعي،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬جاذبيّة‭ ‬هنا‭. ‬ثم‭ ‬أخرج‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬علبة‭ ‬سحرية‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬زرٍ‭ ‬فيها‭ ‬فتحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬مركبة،‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬ركوبها‭. ‬سارت‭ ‬المركبة‭ ‬بِصعوبة‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المتعرّجة‭ ‬المليئة‭ ‬بِالحفر،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭: ‬ألا‭ ‬توجد‭ ‬حياة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب؟‭ ‬فابتسم‭ ‬وواصل‭ ‬القيادة‭. ‬

وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬جرفٍ‭ ‬صخريٍ‭ ‬فنزلنا‭ ‬من‭ ‬المركبة‭ ‬لِنطلّ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وراءه‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬يطلّ‭ ‬على‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬من‭ ‬الصّخور‭ ‬والوديان‭ ‬العميقة،‭ ‬وبعد‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الملاحظة‭ ‬بدا‭ ‬لي‭ ‬بناءٌ‭ ‬غريب‭ ‬يشبه‭ ‬الأبراج‭ ‬الأرضية‭ ‬أو‭ ‬المنارات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬ارتفاعه،‭ ‬فسألت‭ ‬دورايمون‭ ‬عنه،‭ ‬فأجابني‭ ‬بأنّه‭ ‬لم‭ ‬يرَه‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬رجوته‭ ‬أن‭ ‬نقترب‭ ‬منه،‭ ‬فأخرج‭ ‬عصاه‭ ‬وأشار‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬المركبة‭ ‬وتمتم‭ ‬بِبعض‭ ‬الكلمات،‭ ‬فانطلقت‭ ‬أشعّة‭ ‬منها‭ ‬حوّلتها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الطائرة‭ ‬الصغيرة‭. ‬صحتُ‭: ‬يا‭ ‬لَلروعة‭! ‬ولكنّه‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬التعجيل‭ ‬بالرّكوب‭.‬

طارت‭ ‬بنا‭ ‬المركبة‭ ‬لِتحطّ‭ ‬أمامه،‭ ‬كان‭ ‬البرج‭ ‬طويلاً‭ ‬بِواجهة‭ ‬زجاجية،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬نزلنا‭ ‬حتّى‭ ‬استقبلنا‭ ‬أشخاص‭ ‬ذوو‭ ‬بشرة‭ ‬خضراء‭ ‬ورؤوس‭ ‬مدوّرة‭ ‬كبيرة،‭ ‬أحاطوا‭ ‬بنا،‭ ‬فخفتُ‭ ‬واختبأت‭ ‬خلف‭ ‬دورايمون،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬يرتعد‭ ‬فزعًا،‭ ‬لقد‭ ‬فكّرنا‭ ‬بأنّهم‭ ‬سيؤذوننا،‭ ‬ولكنّ‭ ‬أحد‭ ‬هؤلاء‭ ‬تقدّم‭ ‬وراح‭ ‬يتحدّث‭ ‬معنا‭ ‬بِكلام‭ ‬لم‭ ‬نفهمه‭.‬

‭ ‬أسرع‭ ‬دورايمون‭ ‬بإخراج‭ ‬آلة‭ ‬تشبه‭ ‬الجهاز‭ ‬اللوحي،‭ ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬جهازًا‭ ‬للترجمة،‭ ‬ثم‭ ‬صاح‭ ‬بي‭: ‬إنّه‭ ‬يرحّب‭ ‬بِنا‭ ‬ويدعونا‭ ‬للدخول‭. ‬وبعد‭ ‬مدّة‭ ‬قلب‭ ‬دورايمون‭ ‬الآلة‭ ‬نحوهم،‭ ‬وراح‭ ‬يعبّر‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬شكره‭ ‬وامتنانه‭ ‬لِاستقبالهم‭ ‬الجميل‭ ‬لنا‭. ‬

دخلنا‭ ‬البرج‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مستعمرة‭ ‬صغيرة‭ ‬ذات‭ ‬طوابق‭ ‬كثيرة،‭ ‬بِواجهة‭ ‬زجاجية‭ ‬شفّافة‭ ‬جميلة،‭ ‬جعلوا‭ ‬طوابقه‭ ‬السفلى‭ ‬غُرَفًا‭ ‬للنوم‭. ‬كانت‭ ‬مستديرة‭ ‬الشكل‭ ‬فيها‭ ‬سرير‭ ‬غريب،‭ ‬وله‭ ‬رفوف‭ ‬فوقه،‭ ‬أما‭ ‬الطوابق‭ ‬الوسطى‭ ‬فقد‭ ‬خصّصوها‭ ‬لِتكون‭ ‬ورشات‭ ‬صناعية‭ ‬لِلحدادة،‭ ‬وصناعة‭ ‬الإلكترونيات،‭ ‬ومخابر‭ ‬عجيبة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لي‭ ‬رؤيتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬في‭ ‬طوابقه‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬خصّصوها‭ ‬لِزراعة‭ ‬النباتات‭ ‬المثيرة‭ ‬في‭ ‬أشكالها‭ ‬وألوانها‭.‬

كان‭ ‬الفضائيّون‭ ‬ودودين‭ ‬معنا،‭ ‬فقد‭ ‬زوّدونا‭ ‬بالأكسجين‭ ‬والطعام،‭ ‬وقدّموا‭ ‬لنا‭ ‬بعض‭ ‬التذكارات‭ ‬الجميلة‭ ‬عن‭ ‬المريخ‭. ‬بعدها‭ ‬ودّعناهم‭ ‬ووعدناهم‭ ‬بالعودة‭ ‬لِزيارتهم‭ ‬قريبًا‭. ‬استفقتُ‭ ‬من‭ ‬حلمي‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬أمّي‭ ‬تنبّهني‭ ‬لِصلاة‭ ‬الصبح،‭ ‬فصلّيته‭ ‬ودعوتُ‭ ‬ربّي‭ ‬أن‭ ‬أصير‭ ‬رائدة‭ ‬فضاء‭ ‬لِأعود‭ ‬لزيارة‭ ‬أصدقائي‭ ‬الفضائيّين،‭ ‬ولعلّي‭ ‬أصطحب‭ ‬معي‭ ‬بعض‭ ‬الهدايا‭ ‬الأرضية‭ ‬لهم‭ ‬هذه‭ ‬المرّة‭!‬