العربي الصغير في مُتحَف الأطفال الأردني

على‭ ‬تلّة‭ ‬خضراء‭ ‬جميلة‭, ‬وفي‭ ‬أكبر‭ ‬حدائق‭ ‬العاصمة‭ ‬الأردنية‭ ‬عمّان‭, ‬شاهدنا‭ ‬الأطفال‭ ‬يتسابقون‭ ‬لِدخول‭ ‬مبنى‭ ‬جميل‭ ‬عليه‭ ‬لافتة‭: (‬مُتْحَف‭ ‬الأطفال‭), ‬فاقتربنا‭ ‬وصديقتي‭ ‬المصوّرة‭ ‬راما‭; ‬لِنكتشف‭ ‬معكم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجذب‭ ‬الأطفال‭ ‬إليه‭. ‬اقتربنا‭ ‬من‭ ‬مبنى‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬الطبيعي‭, ‬صُمّم‭ ‬بِطراز‭ ‬حديث‭ ‬تداخل‭ ‬فيه‭ ‬الحجر‭ ‬والواجهات‭ ‬الزجاجية‭ ‬الواسعة‭, ‬فاجتزناها‭ ‬نحو‭ ‬الداخل‭, ‬ووجدنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬عالَم‭ ‬مليء‭ ‬بالدهشة‭ ‬والمتعة‭ ‬والمعرفة‭, ‬يضمّ‭ ‬180‭ ‬فكرة‭ ‬تفاعلية‭ ‬وعلمية‭ ‬داخل‭ ‬المبنى‭ ‬ومحيطه‭, ‬وهي‭ ‬أجنحة‭ ‬صُمّمت‭ ‬بإتقان‭, ‬وزُيّنت‭ ‬بِألوان‭ ‬الفرح‭; ‬لِتليق‭ ‬بِذائقة‭ ‬الأطفال‭, ‬وتحظى‭ ‬بِاهتمامهم‭. ‬

‭(‬مكتبة‭ ‬الأطفال‭) ‬أوّل‭ ‬ما‭ ‬يستقبلهم‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬جولتهم‭, ‬وهي‭ ‬مكان‭ ‬مريح‭ ‬فيه‭ ‬القصص‭ ‬والمجلّات‭ ‬الجميلة‭, ‬وجدنا‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مجلّتنا‭ ‬‮«‬العربي‭ ‬الصغير‮»‬‭. ‬وبعدها‭ ‬مررنا‭ ‬بِركن‭ (‬استوديو‭ ‬الفن‭), ‬وفيه‭ ‬يتعلّم‭ ‬الأطفال‭ ‬مهارات‭ ‬الرسم‭ ‬والألوان‭, ‬ويعبّرون‭ ‬عن‭ ‬إبداعاتهم‭ ‬ويرسمون‭ ‬لوحاتهم‭. ‬

في‭ ‬ركن‭ ‬عبّر‭ ‬عن‭ ‬نفسك, ‬يلعب‭ ‬الأطفال‭ ‬لعبة‭ ‬مسرح‭ ‬الدُّمى‭ ‬وخيال‭ ‬الظلّ‭, ‬ويعزفون‭ ‬الموسيقى‭, ‬ويتّجه‭ ‬الصغار‭ ‬جدّا‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬ركن‭ ‬كان‭ ‬يا‭ ‬مكان‭, ‬ وهي‭ ‬منطقة‭ ‬مغلقة‭ ‬تنمّي‭ ‬مهاراتهم‭ ‬الحركية‭ ‬والبصرية‭ ‬والمعرفية‭. ‬ويستهوي‭ ‬ركن‭ ‬اللياقة‭ ‬البدنية‭ ‬أطفالا‭ ‬يرغبون‭ ‬باختبار‭ ‬قوّتهم‭ ‬الجسدية‭ ‬في‭ ‬مسابقات‭ ‬حركية‭, ‬وتحدّيات‭ ‬مختلفة‭, ‬ويراقبون‭ ‬نموذج‭ ‬هيكل‭ ‬عظمي‭ ‬يتحرّك‭ ‬وفق‭ ‬حركتهم‭, ‬فيقودون‭ ‬نموذج‭ ‬آلة‭, ‬ويراقبون‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬الهيكل‭ ‬العظمي‭ ‬المتحرّك‭. ‬

   ‬الآلات‭ ‬في‭ ‬المُتْحَف‭ ‬لها‭ ‬ركن‭ ‬خاص‭, ‬فيتعرّف‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬منها‭, ‬ويكتشف‭ ‬آليّة‭ ‬حركة‭ ‬بعضها‭, ‬مثل‭ ‬البندول‭, ‬لِينتقل‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬أكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للأطفال‭ ‬في ‭ ‬ملعب‭ ‬الخيال‭, ‬ شاهدناهم‭ ‬وفي‭ ‬أيديهم‭ ‬مجسّمات‭ ‬لِقِطَع‭ ‬بناء‭ ‬اسفنجيّة‭ ‬سميكة‭ ‬مختلفة‭ ‬الأشكال‭, ‬قابلة‭ ‬للفكّ‭ ‬والتركيب‭, ‬يتحرّكون‭ ‬بها‭ ‬حركة‭ ‬نشِطَة‭, ‬وكلٌّ‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬قطعة‭ ‬تركب‭ ‬مع‭ ‬قطعته‭, ‬لِبناء‭ ‬شكل‭ ‬ما‭.‬

وفي‭ ‬ركن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تعلّمنا‭ ‬عمل‭ ‬الهاتف‭ ‬النقّال‭, ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة‭. ‬وفي‭ ‬ركن‭ ‬الضوء‭ ‬والعدسات‭ ‬وقوس‭ ‬قزح‭ , ‬تعلّمنا‭ ‬درسًا‭ ‬ممتعًا‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭, ‬ففيه‭ ‬المرايا‭ ‬بأنواعها‭, ‬وفيه‭ ‬الألياف‭ ‬البصرية‭ ‬والمنظار‭. ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يعرفون‭ ‬فيثاغورس‭ ‬يلتقونه‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬الرياضيات‭), ‬ليتدرّبوا‭ ‬على‭ ‬نظريته‭ ‬–‭ ‬نظرية‭ ‬فيثاغورس‭ - ‬ويتباروا‭ ‬لحلّ‭ ‬الألغاز‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالنظرية‭.‬

وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬ركن‭ ‬الجوّ‭ ‬والطيران‭, ‬وشاركنا‭ ‬الأطفال‭ ‬فرحتهم‭ ‬بدخول‭ ‬مجسّم‭ ‬لِمقدمة‭ ‬طائرة‭ ‬‮«‬الملكية‭ ‬الأردنية‮»‬‭, ‬يتخيّلون‭ ‬فيه‭ ‬مبادىء‭ ‬الطيران‭, ‬ويعيشون‭ ‬متعة‭ ‬التحليق‭ ‬في‭ ‬السماء‭, ‬ليهبطوا‭ ‬بعده‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬أنا‭ ‬التغيير‭ ‬المجاور‭, ‬وفيه‭ ‬يتعرّفون‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭, ‬وأهمية‭ ‬الترشيد‭ ‬في‭ ‬استهلاكها‭. ‬ومن‭ ‬البيئة‭ ‬إلى‭ ‬الجيولوجيا‭,‬حيث‭ ‬يدخل‭ ‬الزوّار‭ ‬إلى‭ ‬ركن‭ ‬العصور‭ ‬القديمة, ‬ويشاهدون‭ ‬الصخور‭ ‬والأحافير‭ ‬والقطع‭ ‬الأثرية‭, ‬ويحاولون‭ ‬البحث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬هناك‭, ‬ومنها‭ ‬يتأمّلون‭ ‬المجموعات‭ ‬النجمية‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬النجوم‭ ‬والفضاء‭, ‬ويتعرّفون‭ ‬على‭ ‬أوجه‭ ‬القمر‭, ‬وفصول‭ ‬السنة‭ ‬الأربعة‭, ‬وتعاقب‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭. ‬ولِلعلوم‭ ‬والصحّة‭ ‬حضور‭ ‬لافت‭ ‬في‭ ‬مُتْحَف‭ ‬الأطفال‭, ‬فيجد‭ ‬الطفل‭ ‬مجسّمات‭ ‬كبيرة‭ ‬تشرح‭ ‬عمل‭ ‬الأذن‭, ‬والجهاز‭ ‬الهضمي‭, ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬ركن‭ ‬البناء‭ , ‬يمارس‭ ‬الأطفال‭ ‬تجربة‭ ‬تحاكي‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭, ‬لِتنمية‭ ‬مهاراتهم‭ ‬الحياتية‭, ‬ويكتمل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬مخطّط‭ ‬المدينة‭ - ‬وسط‭ ‬المدينة‭, ‬حيث‭ ‬المهن‭ ‬والمهارات‭ ‬المتنوّعة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬المتسوّقون‭, ‬فهنا‭ ‬مكان‭ ‬بيع‭ ‬الخضار‭ ‬واللحوم‭, ‬يدخله‭ ‬الطفل‭ ‬ويتناول‭ ‬السلّة‭ ‬أو‭ ‬العربة‭, ‬ويختار‭ ‬اللحوم‭ ‬والخضار‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مجسّمات‭ ‬بلاستيكية‭ ‬واسفنجية‭, ‬ويختار‭ ‬التوابل‭ ‬والحبوب‭, ‬ويدفع‭ ‬الثمن‭ ‬بِعملة‭ ‬افتراضية‭, ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الكبار‭ ‬في‭ ‬الواقع‭, ‬وهناك‭ ‬نجد‭ ‬المصرف‭ ‬وهنا‭ ‬مركز‭ ‬شرطة‭, ‬  وفيه‭ ‬مختبر‭ ‬الأدلّة‭, ‬حيث‭ ‬تكتشف‭ ‬أدلّة‭ ‬الجريمة‭, ‬ويحتجز‭ ‬مرتكبوها‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام‭.‬

‭ ‬ولاتّساع‭ ‬المُتْحف‭ ‬وكثرة‭ ‬أركانه‭ ‬ومعروضاته‭, ‬ستجدون‭ ‬أماكن‭ ‬استراحة‭, ‬تتناولون‭ ‬فيها‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭, ‬وتستريحون‭ ‬لِاستئناف‭ ‬جولتكم‭. 

في‭ ‬العام‭ ‬2007‭, ‬تأسّس‭ ‬المُتْحَف‭ ‬كمؤسّسة‭ ‬تعليمية‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬20‭ ‬دونمًا‭, ‬وزاره‭ ‬ملايين‭ ‬الأطفال‭ ‬الأردنيين‭ ‬والعرب‭ ‬والأجانب‭, ‬ولِتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬لِأطفال‭ ‬المحافظات‭ ‬والمدن‭ ‬الأخرى‭, ‬فقد‭ ‬تأسّس‭ ‬مُتْحَف‭ ‬الأطفال‭ ‬المتنقّل‭ ‬عام‭ ‬2012‭, ‬ويتجوّل‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬زيارات‭; ‬لِإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬الظروف‭ ‬بِزيارة‭ ‬المُتْحَف‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭.‬

أصدقائي‭ ‬قرّاء‭ ‬العربي‭ ‬الصغير‭, ‬لن‭ ‬نستطيع‭ ‬بِزيارة‭ ‬واحدة‭ ‬إطلاعكم‭ ‬على‭ ‬محتويات‭ ‬المُتْحَف‭ ‬الرائع‭, ‬فإذا‭ ‬أُتيحت‭ ‬لكم‭ ‬زيارة‭ ‬الأردن‭, ‬زُوروا‭ ‬مُتْحَفكم‭, ‬مُتْحَف‭ ‬الأطفال‭, ‬واكتبوا‭ ‬انطباعاتكم‭ ‬عنه‭. ‬