مُتحف الحرف اليدوية

في‭ ‬أحياء‭ ‬مدينة‭ ‬ماتيرا‭ ‬الإيطالية‭ ‬الجميلة‭, ‬كنت‭ ‬أتجوّل‭ ‬مع‭ ‬أصدقائي‭, ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬ذلك‭ ‬شاهدنا‭ ‬مُتحف‭ ‬‮«‬الحِرَف‭ ‬اليدوية‭ ‬للفلّاحين‮»‬‭. ‬وإن‭ ‬كنتم‭ ‬مثلي‭ ‬تتحلّون‭ ‬بالفضول‭ ‬لن‭ ‬تفّوتوا‭ ‬الفرصة‭ ‬لِزيارته‭. ‬

مُتحف‭ ‬الحِرَف‭ ‬اليدوية‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المتاحف‭ ‬المهمّة‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬جيوفاني‭ ‬بهذه‭ ‬المدينة‭. ‬فيه‭ ‬يتعرّف‭ ‬الزائر‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬أهالي‭ ‬المدينة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬وحتى‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭, ‬ويشاهد‭ ‬أهمّ‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬والأنشطة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬الفلّاحون‭ ‬في‭ ‬الحقول‭ ‬وفي‭ ‬الأحياء‭ ‬القديمة‭, ‬كَحِرفة‭ ‬الدباغة‭ ‬والحدادة‭ ‬وصناعة‭ ‬الاحذية‭ ‬الجلدية‭ ‬وصناعة‭ ‬الأواني‭ ‬الفخارية‭ ‬والنجارة‭, ‬وأيضًا‭ ‬المهن‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬بها‭ ‬النساء‭, ‬مثل‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬والخياطة‭ ‬وطحن‭ ‬الحبوب‭ ‬وصناعة‭ ‬الجبنة‭ ‬الطازجة‭. ‬

المُتحف‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬منزل‭ ‬قديم‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬كهفًا‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬آلاف‭ ‬عام‭, ‬استغلّه‭ ‬أحد‭ ‬أهالي‭ ‬المدينة‭ ‬الأصليين‭ ‬للسكن‭, ‬والآن‭ ‬أصبح‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬المعالِم‭ ‬الأثرية‭, ‬وتمّ‭ ‬تخصيصة‭ ‬لِيكون‭ ‬مُتحفًا‭ ‬وطنيًا‭ ‬مفتوحًا‭ ‬للزوّار‭ ‬الذين‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬مكان‭ ‬بالعالم‭ ‬لمشاهدته‭. ‬المنزل‭ ‬يضمّ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القاعات‭, ‬كلّ‭ ‬قاعة‭ ‬تضمّ‭ ‬حِرْفة‭ ‬يدوية‭, ‬وتحتوي‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬المستخدمة‭ ‬والأساليب‭ ‬التقنية‭ ‬لممارسة‭ ‬الحِرْفة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬نادرة‭ ‬كان‭ ‬يستخدمها‭ ‬الحِرَفيّون‭. ‬

صناعة‭ ‬النسيج

القاعة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمُتحف‭ ‬تمّ‭ ‬تأثيثها‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الوضع‭ ‬قديمًا‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬الكهفية‭, ‬وخصّصت‭ ‬لِحِرْفة‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭. ‬وتُعدّ‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬الحِرَف‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬أهالي‭ ‬ماتيرا‭. ‬وقد‭ ‬كانوا‭ ‬يفضّلون‭ ‬نسج‭ ‬الصوف‭ ‬على‭ ‬الأنسجة‭ ‬الطبيعية‭ ‬الأخرى‭ ‬لِكونه‭ ‬يمنح‭ ‬الدفء‭ ‬ويقاوم‭ ‬الحريق‭ ‬بسبب‭ ‬احتوائه‭ ‬على‭ ‬مادة‭ ‬الكيراتين‭, ‬ويمتصّ‭ ‬الروائح‭ ‬والضوضاء‭, ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يتلف‭, ‬لذلك‭ ‬استخدمه‭ ‬الأهالي‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬الأدوات‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬جميعها‭ ‬من‭ ‬الخشب‭ ‬ومصنوعة‭ ‬باليد‭ ‬بطريقة‭ ‬بدائية‭, ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬بيت‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭. ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬مكانة‭ ‬المرأة‭ ‬وقيمتها‭ ‬لديهم‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تنتجه‭ ‬من‭ ‬منسوجات‭ ‬صوفية‭.‬

صناعة‭ ‬الأحذية

احتاج‭ ‬أهالي‭ ‬المدينة‭ ‬قديمًا‭ ‬شيئًا‭ ‬لحماية‭ ‬أقدامهم‭ ‬عند‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬الحقول‭ ‬وبين‭ ‬الصخور‭ ‬فاستطاعوا‭ ‬أن‭ ‬يصنعوا‭ ‬أحذية‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬الجلد‭. ‬واستخدموا‭ ‬الجلود‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬لأنها‭ ‬جميعها‭ ‬تصلح‭ ‬لصناعة‭ ‬الأحذية‭, ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬استخدامها‭ ‬كانت‭ ‬تعالَج‭ ‬بطريقة‭ ‬الدباغة‭, ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬يتمّ‭ ‬فيها‭ ‬تحويل‭ ‬جلد‭ ‬الحيوان‭ ‬إلى‭ ‬منتَج‭ ‬مفيد‭, ‬ولِحفظه‭ ‬من‭ ‬التعفّن‭, ‬ولكي‭ ‬يكون‭ ‬ناعمًا‭ ‬وطريًا‭, ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬تقطيعة‭ ‬وقصّه‭ ‬وخياطتة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬القدم‭ ‬ليصبح‭ ‬حذاءً‭ ‬مريحًا‭.‬

المصابيح‭ ‬الزيتية

قديما‭ ‬كانت‭ ‬الإنارة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قوّة‭ ‬إضاءة‭ ‬النار‭. ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬كانت‭ ‬تُستخدَم‭ ‬المصابيح‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الزيوت‭ ‬المعدنية‭ ‬أو‭ ‬النباتية‭ ‬أو‭ ‬الدهون‭ ‬الحيوانية‭ ‬للحرق‭ ‬لإضاءة‭ ‬المنازل‭. ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬المصابيح‭ ‬تُستخدَم‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭, ‬عندها‭ ‬أصبحت‭ ‬الكهرباء‭ ‬متوفّرة‭ ‬وتمّ‭ ‬تطوير‭ ‬الإنارة‭ ‬تدريجيًا‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭. 

مُتحف‭ ‬الحِرَف‭ ‬اليدوية‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬المتاحف‭ ‬التراثية‭ ‬والتاريخية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ماتيرا‭ ‬الإيطالية‭. ‬مكان‭ ‬يعود‭ ‬بك‭ ‬إلى‭ ‬الماضي‭ ‬بكلّ‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬بساطة‭. ‬هي‭ ‬تجربة‭ ‬فريدة‭ ‬للتعرّف‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬اليدوية‭ ‬التي‭ ‬أخذ‭ ‬بعضها‭ ‬بالتلاشي‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬وكانت‭ ‬سائدة‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭, ‬ولها‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الأهالي‭ ‬على‭ ‬مصاعب‭ ‬الحياة‭.‬