عِنْدَما حَمَلَني «الْكافُ» إلى تُرْكِيا!

ذاتَ‭ ‬لَيْلَة‭, ‬فَتَحْتُ‭ ‬كِتابي‭, ‬فَاصْطَفَّتْ‭ ‬حُروفُهُ‭ ‬بِنِظام‭, ‬ثُمَّ‭ ‬طَأْطَأَتْ‭ ‬رُؤوسَها‭ (‬حَنَتْها‭) ‬احْتِراماً‭ ‬لي‭, ‬ماعَدا‭ ‬حَرْفَ‭ ‬‭(‬الْكافِ‭) ‬الَّذي‭ ‬هَزَّ‭ ‬رَأْسَهُ‭ ‬إلى‭ ‬أعْلى‭, ‬فَسَأَلْتُهُ‭ ‬مُتَعَجِّباً‭:‬

‭- ‬لِماذا‭ ‬لا‭ ‬تَتَواضَعُ‭ ‬كَبقية‭ ‬الْحُروفِ‭, ‬فَتَسْتَقْبِلني‭ ‬بِالاِبْتِسامِ‭ ‬والاِحْتِرامِ‭ ؟... ‬أَلَسْتُ‭ ‬صَديقَكَ‭ ‬الْوَفِيَّ‭, ‬الَّذي‭ ‬يَقْرَأُكَ‭ ‬في‭ ‬الْقِصَصِ‭   ‬والأَشْعارِ‭...؟

‭ ‬اِبْتَسَمَ‭ ‬الْكافُ‭ ‬قائلاً‭: ‬لا‭ ‬تَنْسَ‭ ‬أَنَّني‭ ‬مِنْ‭ ‬أَفْضَلِ‭ ‬الْحُروفِ‭, ‬إذْ‭ ‬يُمْكِنُكَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تَقْرَأَني‭ ‬وتَكْتُبَني‭ ‬في‭ ‬كَلِمات‭, ‬وفي‭ ‬الْوَقْتِ‭ ‬نَفْسِهِ‭, ‬تُحَوِّلُني‭ ‬إلى‭ ‬قارِب‭ ‬وتستقلني‭. ‬وإذا‭ ‬أرَدْتَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تَتَأَكَّدَ‭ ‬مِنْ‭ ‬كَلامي‭, ‬فَارْسُمْ‭ ‬أرْبَعَةَ‭ ‬بُحور‭ ‬زَرْقاءَ‭!‬

  ‬لَمْ‭ ‬أُصَدِّقْهُ‭, ‬لَكِنَّني‭ ‬تَناوَلْتُ‭ ‬وَرَقَةً‭ ‬وقَلَماً‭ ‬أَزْرَقَ‭, ‬ورَسَمْتُ‭ ‬بُحوراً‭ ‬أَرْبَعَةً‭, ‬فَأَلْقى‭ ‬الْكافُ‭ ‬بِنَفْسِهِ‭ ‬في‭ ‬الْماءِ‭, ‬ثُمَّ‭ ‬نادى‭ ‬عَلَيَّ‭ ‬أنْ‭ ‬استقله‭, ‬فَقَفَزْتُ‭ ‬إِلَيْهِ‭, ‬وأَنا‭ ‬في‭ ‬دَهْشَة‭  ‬مِنْهُ‭. ‬وفي‭ ‬الْحينِ‭, ‬انْطَلَقَ‭ ‬بي‭, ‬يَشُقُّ‭ ‬الْماءَ‭: ‬إذا‭ ‬نَظَرْتَ‭ ‬بَعيداً‭, ‬يا‭ ‬صَديقي‭, ‬سَتَرى‭ ‬بَلَداً‭ ‬كَبيراً‭, ‬يُطِلُّ‭ ‬على‭: ‬الْبَحْرِ‭ ‬الأَسْوَدِ‭, ‬بَحْرِ‭ ‬إي