شارل برولت.. بين الحكايات الخرافيّة وجوز الهند

سندريلا‭, ‬ليلى‭ ‬والذئب‭, ‬عقلة‭ ‬الأصبع‭, ‬الأمير‭ ‬الهارب‭... ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الخرافيّة‭ ‬التي‭ ‬جذبتنا‭ ‬بأحداثها‭ ‬وشخصيّاتها‭, ‬هي‭ ‬لكاتب‭ ‬واحد‭ ‬يدعى‭ ‬شارل‭ ‬برولت‭... ‬تعالوا‭ ‬لنتعرّف‭ ‬عليه‭ ‬معًا‭.‬

 

في‭ ‬مدينة‭ ‬باريس‭ ‬وُلد‭ ‬شارل‭ ‬برولت‭ ‬Charles Perrault‭ ‬بتاريخ‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬1628‭, ‬ومعه‭ ‬توأمه‭ ‬الذي‭ ‬توفّي‭ ‬في‭ ‬المهد‭. ‬عاش‭ ‬كاتبنا‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬أسرة‭ ‬ميسورة‭ ‬الحال‭ ‬مكوّنة‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬إخوان‭ ‬وأخت‭ ‬واحدة‭, ‬توفّيت‭ ‬صغيرة‭ ‬أيضًا‭. ‬

 

في‭ ‬صغره‭ ‬كان‭ ‬محبّاً‭ ‬للكتابة‭ ‬والقراءة‭, ‬ومقبلاً‭ ‬على‭ ‬العلم‭ ‬والتعلّم‭, ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬خلافًا‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أحد‭ ‬أساتذته‭, ‬دفعه‭ ‬لِترك‭ ‬المدرسة‭, ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬التعلّم‭. ‬اتّجه‭ ‬شارل‭ ‬لقراءة‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬وخاصّة‭ ‬تاريخ‭ ‬بلاده‭ ‬فرنسا‭, ‬والكتاب‭ ‬المقدّس‭. ‬وأثمرت‭ ‬قراءاته‭ ‬المتعدّدة‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬كتبه‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬ومنها‭, ‬الكتاب‭ ‬السادس‭, ‬وكتاب‭ ‬أسوار‭ ‬طروادة‭. ‬

كما‭ ‬أحبّ‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬الفلسفية‭, ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬للقصص‭ ‬الخرافية‭ ‬والأساطير‭, ‬فتضمّن‭ ‬كتابه‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬حكايات‭ ‬الإوزّة‭ ‬الأمّ‮»‬‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القصص‭ ‬ومنها‭, ‬ذو‭ ‬اللحية‭ ‬الزرقاء‭, ‬القطّة‭ ‬ذات‭ ‬الحذاء‭, ‬والحسناء‭ ‬النائمة‭. ‬ويذكر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬حمل‭ ‬اسم‭ ‬ابنه‭ ‬الأصغر‭ ‬بيرو‭ ‬دارمنكور‭. ‬

 

وكاتبنا‭ ‬الشهير‭ ‬لم‭ ‬يهمل‭ ‬دراسته‭, ‬فقد‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬كليّة‭ ‬الحقوق‭, ‬وامتهن‭ ‬المحاماة‭, ‬وعمل‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬الملك‭ ‬لويس‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭, ‬وأدار‭ ‬مع‭ ‬أحدهم‭ ‬قسم‭ ‬الدعاية‭ ‬الملكية‭ ‬وفيه‭ ‬يتم‭ ‬تعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬الاعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭. ‬وهو‭ ‬ذاته‭ ‬كتب‭ ‬قصيدة‭ ‬عنوانها‭ ‬‮«‬عصر‭ ‬لويس‭ ‬العظيم‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1689‭. ‬

 

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬عمله‭ ‬هذا‭, ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬قصصه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشيد‭ ‬بالموروث‭ ‬الشعبي‭ ‬الأوربي‭, ‬حتى‭ ‬إنّ‭ ‬أبطالها‭ ‬هم‭ ‬أبطال‭ ‬الأساطير‭ ‬الشعبية‭ ‬لكن‭ ‬بصورة‭ ‬حديثة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬زمن‭ ‬كاتبنا‭ ‬شارل‭ ‬برولت‭. ‬واجتاحت‭ ‬قصصه‭ ‬أوربا‭ ‬كلها‭ ‬ولقيت‭ ‬نجاحًا‭ ‬واسعًا‭ ‬بفضل‭ ‬نهاياتها‭ ‬السعيدة‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬قارئها‭ ‬التفاؤل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬

 

ولذلك‭ ‬حظيت‭ ‬بإعجاب‭ ‬من‭ ‬الكبار‭ ‬والصغار‭. ‬فاستمرّ‭ ‬شارل‭ ‬حتى‭ ‬أواخر‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬قصص‭ ‬الأطفال‭, ‬والقصص‭ ‬الشعبية‭ ‬أيضًا‭, ‬التي‭ ‬تجذب‭ ‬القرّاء‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الجنّ‭ ‬والأساطير‭ ‬الخرافية‭, ‬وتجذب‭ ‬العجائز‭ ‬والأطفال‭. ‬

 

إنّ‭ ‬معظم‭ ‬قصص‭ ‬شارل‭ ‬برولت‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الخير‭ ‬والشرّ‭, ‬وانتصار‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬النهاية‭, ‬فكانت‭ ‬تساعد‭ ‬المربّيات‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬لأنها‭ ‬تعزّز‭ ‬قيم‭ ‬وأهداف‭ ‬المجتمع‭ ‬الأوربي‭, ‬ولأنّ‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬والأهداف‭ ‬عالمية‭ ‬فهي‭ ‬تناسب‭ ‬كلّ‭ ‬المجتمعات‭, ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬إذ‭ ‬أحبّها‭ ‬ملايين‭ ‬القرّاء‭ ‬بمختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭!!‬

 

ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭, ‬فقد‭ ‬نتج‭ ‬من‭ ‬قصصه‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬الأوبرا‭ ‬والباليه‭, ‬ومنها‭ ‬العمل‭ ‬رقم‭ ‬66‭ ‬للموسيقار‭ ‬الروسي‭ ‬بيتر‭ ‬إليتش‭ ‬تشايكوفسكي‭ ‬‮«‬الجمال‭ ‬النائم‮»‬‭, ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أعماله‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬عروض‭ ‬مسرحية‭, ‬أفلام‭ ‬سينمائية‭, ‬والأجمل‭ ‬لنا‭ ‬كانت‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحرّكة‭.  

 

بقي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نخبركم‭ ‬بأن‭ ‬شارل‭ ‬برولت‭ ‬هو‭ ‬أوّل‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬ثمرة‭ ‬جوز‭ ‬الهند‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬الفرنسيين‭ ‬عام‭ ‬1674‭, ‬توفّي‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو‭ ‬1703‭, ‬وأصبح‭ ‬يُعرف‭ ‬بالكاتب‭ ‬والشاعر‭ ‬الفرنسي‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬للحكايات‭ ‬الخرافية‭ ‬للطفل‭.‬