الشيخ عبدالله السالم الصباح (أمير الكويت من 1950 إلى 1965)
تولى الشيخ عبدالله السالم حكم دولة الكويت في يناير 1950, في أعقاب وفاة المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح. تلقى الشيخ عبدالله السالم, رحمه الله, تعليمه مثل أقرانه من الكويتيين, في الكتاتيب على يد «الملا», وهي أماكن كان يخصصها بعض أصحاب المنازل ليتعلم الأولاد فيها قراءة القرآن الكريم. وقد عُرف عنه حب الأدب, والشعر ونظمه, ومجالسة العلماء والأدباء. وكان متواضعاً, بسيطاً, يحرص على نصرة المظلوم.
تولى الشيخ عبدالله السالم رئاسة أول مجلس تشريعي منتخب في الفترة من يوليو إلى ديسمبر عام 1938, والمجلس التشريعي الثاني في المدة من ديسمبر 1938 إلى مارس 1939.
كان - رحمه الله - حليماً, مخلصاً لا يتأثر بالتملّق أو الثراء. وعندما تولى السلطة حرص على أن يشرك الشعب الكويتي في الحكم, وعلى إدخال عديد من الإصلاحات في الإدارة الحكومية. فأصدر في 19 يوليو عام 1954 مرسوماً أميرياً أعلن فيه عن تشكيل «اللجنة التنفيذية العليا», وكانت مهمتها تنظيم الإدارات الحكومية لكي تتناسب مع التطور العام الذي تشهده البلاد. وفي فبراير عام 1959 أنشأ مجلساً أعلى ضم رؤساء الدوائر الحكومية. وكانت هذه الإجراءات كلها من أجل تطوير الإدارة في البلاد.
وفي ذلك الوقت تمتعت الكويت بدخل كبير أدى إلى التوسع في الخدمات الاجتماعية, والتعليمية, والاقتصادية, والصحية. وسارت البلاد نحو تحقيق المزيد من التقدم والازدهار مع زيادة العوائد النفطية في أعقاب تغيير شروط اتفاقية النفط المعقودة في ديسمبر 1934, نتيجة لإصرار حاكم الكويت الشيخ عبدالله.
شهدت البلاد هجرة سكانية عربية وأجنبية للعمل في وزارات الدولة ومؤسساتها. وقد وجدت كل الجاليات الرعاية والعيش الكريم في دولة الكويت, التي حصلت على استقلالها في 19 يونيو 1961 بعد إلغاء اتفاقية الحماية المعقودة مع بريطانيا في 23 يناير عام 1899. وقد انضمّت الكويت إلى جامعة الدول العربية في عام 1961, وإلى هيئة الأمم المتحدة في عام 1963, وكان للكويت دورها الفعّال في المنظمات الإقليمية والدولية.
اهتم - رحمه الله - بمواصلة سياسة الكويت الخارجية في مساندة قضايا الوطن العربي والإسلامي والشعوب المحبّة للسلام. وفي عهده ازداد الوعي الوطني السياسي في البلاد, كما تعدّدت المجلات والنشرات التي كانت تصدر عن النوادي والجمعيات الثقافية والمهنية التي تأسست في الخمسينيات. ويعود ذلك لسياسة الشيخ عبدالله السالم الذي آمن بحرية الرأي والنقد الإيجابي.
واستطاع الشيخ عبدالله, بعون من الله سبحانه وتعالى, وبحكمته, والتفاف الشعب الكويتي حوله, حماية الكويت, واجتياز الأزمة التي تعرّضت لها في 19-25 يونيو 1961 حتى أكتوبر عام 1963, تلك الأزمة التي فجّرها عبدالكريم قاسم, حاكم العراق الأسبق, بأطماعه في الأراضي الكويتية.
وفي عهده تم انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي الذي كانت مهمته وضع مواد الدستور ومناقشتها, وتمت الموافقة عليه في 9 نوفمبر 1962, واعتمده الشيخ عبدالله السالم في 12 نوفمبر 1962. ويتألف الدستور من 118 مادة في خمسة أبواب.
ثم أجريت انتخابات عامة لانتخاب أعضاء مجلس الأمة في يناير 1963. وتحققت بالدستور وانتخابات أعضاء مجلس الأمة آمال الشعب الكويتي الذي سعى منذ عام 1921 إلى تحقيق هذا الهدف عندما تم تشكيل مجلس الشورى الأول.
لقد كان الشيخ عبدالله السالم يسعى من أجل رفعة شأن الكويت, ومن أجل المزيد من الحرية والعدالة الاجتماعية فيها.
وتوفي - رحمه الله - في 24 نوفمبر 1965.