إلى ماما أنيسة ... مع التحية

كانت‭ ‬من‭ ‬أوليات‭ ‬المذيعات‭ ‬الكويتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬ظهرن‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬تلفزيون‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭, ‬وأصبحت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬قدم‭ ‬برنامجاً‭ ‬خاصاً‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭, ‬واستمر‭ ‬عطاؤها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭, ‬وهي‭ ‬تقدم‭ ‬مواهب‭ ‬الصغار‭ ‬وتشاركهم‭ ‬اهتماماتهم‭ ‬المدرسية‭, ‬بحب‭ ‬وتفان‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬حتى‭ ‬ارتبطت‭ ‬صورتها‭ ‬في‭ ‬مخيلة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬الذين‭ ‬اقترنت‭ ‬طفولتهم‭ ‬ببرنامجها‭ ‬الشهير‭.‬

هي‭ ‬أنيسة‭ ‬محمد‭ ‬جعفر‭, ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1935‭, ‬اشتهرت‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬بلقب‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬أنيسة‮»‬‭, ‬تعلمت‭ ‬اللغة‭ ‬والقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬عند‭ ‬المطوعة‭ ‬سبيكة‭ ‬العنجري‭, ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بالتعليم‭ ‬الإلزامي‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬القبلية‭, ‬أحبت‭ ‬القراءة‭ ‬وعملت‭ ‬مدرسة‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭, ‬ولشدة‭ ‬إتقانها‭ ‬للغة‭ ‬كانت‭ ‬تتكلم‭ ‬بها‭ ‬خارج‭ ‬أسوار‭ ‬المدرسة‭.‬

توقفت‭ ‬عن‭ ‬التدريس‭ ‬وذهبت‭ ‬في‭ ‬بعثة‭ ‬دراسية‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭, ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1961‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬حلقة‭ ‬بمناسبة‭ ‬استقلال‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭. ‬وعرض‭ ‬عليها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭, ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬برنامجاً‭ ‬للأطفال‭ ‬مدته‭ ‬ساعة‭ ‬واحدة‭, ‬تتنقل‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬بين‭ ‬مدارس‭ ‬الكويت‭ ‬وتلتقي‭ ‬بأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭, ‬تحاورهم‭, ‬وتعرض‭ ‬مواهبهم‭ ‬وأنشطتهم‭ ‬الفنية‭. ‬كانت‭ ‬تقابل‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار‭ ‬بابتسامة‭ ‬وأريحية‭, ‬فاتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬أنيسة‮»‬‭ ‬اللقب‭ ‬الذي‭ ‬ارتبط‭ ‬ببرامج‭ ‬عدة‭ ‬قدمتها‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭, ‬ومنها‭ ‬‮«‬جنة‭ ‬الأطفال‭, ‬‮«‬الأطفال‭ ‬والصيف‮»‬‭, ‬‮«‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬والأطفال‮»‬‭, ‬‮«‬عيال‭ ‬الديرة‮»‬‭. ‬كما‭ ‬قدمت‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬في‭ ‬الإذاعة‭ ‬الكويتية‭ ‬برامج‭ ‬عدة‭ ‬للأطفال‭, ‬وتميزت‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬تتحاور‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭, ‬مثل‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬والشباب‮»‬‭ ‬و«للحديث‭ ‬معاً‭, ‬مع‭ ‬الشباب‮»‬‭.‬

أحبّت‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬عملها‭ ‬فالتحقت‭ ‬بدورات‭ ‬تدريبية‭ ‬عدة‭ ‬خارج‭ ‬الكويت‭ ‬للتعلم‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الأطفال‭, ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تقلد‭ ‬أحداً‭, ‬بل‭ ‬علَّمت‭ ‬الكثير‭ ‬ممن‭ ‬جاءوا‭ ‬بعدها‭ ‬لتقديم‭ ‬برامج‭ ‬الأطفال‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬الحوار‭ ‬معهم‭. ‬

حين‭ ‬أطلت‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬إطلالتها‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التلفاز‭, ‬أحبّها‭ ‬الصغار‭ ‬مثلما‭ ‬أعجب‭ ‬بها‭ ‬الكبار‭, ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أهالي‭ ‬الأطفال‭ ‬كانوا‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬ظهور‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭, ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬عرضت‭ ‬مواهب‭ ‬وهوايات‭ ‬لتلاميذ‭ ‬أصبحوا‭ ‬اليوم‭ ‬أسماء‭ ‬لامعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭, ‬مثل‭ ‬الرسام‭ ‬عبدالسلام‭ ‬مقبول‭, ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يفتخرون‭ ‬بأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬ضيوف‭ ‬برامج‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭, ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬تفخر‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ ‬بالأسماء‭ ‬اللامعة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬برامجها‭, ‬وتتذكرهم‭ ‬في‭ ‬لقاءاتها‭. ‬ومن‭ ‬ضيوفها‭ ‬الصغار‭ ‬سابقاً‭, ‬أبرار‭ ‬أحمد‭ ‬ملك‭, ‬التي‭ ‬ألفت‭ ‬عنها‭ ‬كتاباً‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬الإنسانة‮»‬‭.‬

تجاوز‭ ‬اسم‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭, ‬فعرفها‭ ‬أبناء‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭, ‬وبعض‭ ‬المقيمين‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬جاليات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭, ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬البث‭ ‬الفضائي‭. ‬وتكريماً‭ ‬لعطاء‭ ‬ماما‭ ‬أنيسة‭ ‬لقّبها‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭, ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬.