من أمثال العرب
الحديث ذو شجون
كان لرجل ابن يدعى سعيد, وذات يوم هربت إبل الرجل في الصحراء, فتفرق الأب وابنه يبحثان عنها, فوجدها الأب فأعادها, وبينما سعيد يبحث عن الإبل لقيه قاطع طريق, وكان على سعيد ثوبان, فطلبهما الرجل من سعيد فرفض, فقتله قاطع الطريق وأخذ ثوبيه. وأخذ الأب يبحث عن ابنه فلم يعثر له على أثر, وظل يبحث عنه حتى وصل إلى قرية ولقي قاطع الطريق, وأخذ يتحدث معه عن هذه القرية وأهلها, فرأى عليه ثوبي ابنه فعرفهما, فقال له: ما هذان الثوبان اللذان عليك? فقال: لقيت غلاماً فقتلته وأخذت ثيابه. فعرف والد سعيد أنه قاتل ابنه, فضبط نفسه, ثم نظر اليه فرأى معه سيفه فقال له: سيفك هذا? قال: نعم. فقال: أعطنيه أنظر إليه فإنني أظنه صارماً, فأعطاه إياه. فأخذ منه السيف ثم ضرب به قاطع الطريق فقتله, وقال: «الحديث ذو شجون», أي إن حديثه معه تفرق وتشعب وجر بعضه بعضا فذكر له حادث قتل سعيد دون أن يعرف أن المقتول ابنه.
ولذلك يستخدم هذا المثل للتعبير عن أن الأحاديث لها طرق وفنون تتفرع ويثير بعضها بعضاً, وينتقل به الشخص من موضوع إلى آخر.
ما أهون الحرب على ناظريها !
«ما أهوَنَ الحرب على ناظريها!». إن الذين يشاهدون المعركة ولا يُزاوِلون القتال لا يشعرون بحقيقة ما يكابده المحارب، ولا يدركون هول الموقف وصعوبة المعركة، فالمقاتل وحده هو الذي يكتوي بنار الحرب ويشعر بقسوتها، ويقدّر ما يبذل فيها من جهد وما يلاقيه أصحابها من عناء.
لذلك يقال هذا المثل العربي في وصف من يحكم على الأمور من بعيد، دون أن يجربها أو يمارسها.
بين الغني والفقير
اشتهر أحد الأغنياء بالكرم الشديد خاصة مع الفقراء، ولكن كانت له عادة سيئة، وهي أنه يتفاخر على المساكين وهو يعطيهم الصدقات، فإذا طلب منه أحدهم درهماً كان يقول بصوت عالٍ أمام الناس: سوف أعطيك عشرة، وكان إذا مر على فقير كان قد أعطاه صدقة يقول له أمام الناس: ماذا فعلت يا رجل بمالي الذي أعطيتك إياه؟. فقرر أحد الأشخاص أن يلقنه درساً، فجلس هذا الشخص ذات يوم في الطريق الذي يمر به الغني، وارتدى ملابس قديمة ووضع أمامه كوباً صغيراً فارغاً وأخفى جزءاً منه في التراب.
وانتظر هذا الرجل حتى مر به الغني، وطلب منه درهماً واحداً، فضحك الغني وقال بصوت عال متفاخراً: درهماً واحداً؟ سوف أملأ الكوب بالدراهم.
فظل يضع الدراهم واحداً تلو الآخر دون فائدة حتى نفدت أمواله، فقال له الفقير: الكوب لم يمتلئ يا سيدي! فقال له الغني: وأنا أموالي نفدت. فقال الرجل: هل تعلم لماذا؟ ثم رفع الكوب فوجده مثقوباً من أسفله وقد حفر حفرة عميقة، ثم قال للرجل: لقد ابتلعت هذه الحفرة كل أموالك، كذلك التباهي والتفاخر لن ينفعانك وسوف يبتلعان أجرك وثوابك.
الصمت
جلس رجل في مجلس وكان يطيل الصمت، فقيل له: ألا تتكلم! فقال: إن الحظ للمرء في أذنه، وفي لسانه لغيره. وإنما جعل للمرء أذنان ولسان، ليكون استماعه ضعف كلامه.
الغريق
رأى رجل شخصاً يغرق في البحر، فذهب لينقذه، وبعدما أنقذه رماه مرة أخرى في البحر، فقال الغريق له: لماذا رميتني مرة أخرى؟ فقال له: أعمل الخير وأرميه في البحر !
حتى لا يختل التوازن
سأل رجل صديقه: إننا نرى الناس يذهبون إلى أنحاء شتى من الأرض ولا يذهبون إلى جهة واحدة، فما السر في ذلك؟ فقال له صديقه: لو أنهم ذهبوا إلى جهة واحدة لاختل توازن الأرض وانقلبت بهم!