أبنائي الأعزاء
لكل جديد بهجة وفرح. هكذا الإنسان منذ خلقه الله يحتفي بالجديد من أصدقاء أو مدرسة أو لباس أو مأكل ومشرب. خرج الإنسان القديم من المغارة ورأى الشمس مثل شيء جديد فوقف مذهولاً أمامها وأحبها وعبدها, وبعد أن ارتقى أطلق اسمها على المدن والأشخاص. بنو شمس قبيلة عربية قرشية, ويوم الأحد بالإنجليزية هو «سنداي», أي يوم الشمس, ومدينة هليوبوليس تعني مدينة الشمس. صحيح أن للإنسان عادات ثابتة, ولكن التكرار يبعث على الملل.
الجديد في شهر يناير هذا أنه بداية لسنة جديدة. إذ إنكم - يا أبنائي الأعزاء - قضيتم فصلاً دراسياً تعلمتم فيه وتعبتم في كل بلد عربي, وصار من حقكم أن تستريحوا قليلاً في إجازة منتصف العام. ستستقبلون بعد ذلك الفصل الدراسي الجديد, ولأنه جديد ستشعرون بالسعادة والبهجة, وتكونون قد تخلصتم - ولو لفترة قصيرة - من الروتين المدرسي اليومي.
وكل تغيير في الحياة يضع الجديد أمامنا مثل عتبة البيت, والجديد في يناير هو بدء موسم البرد في معظم البلدان, الغيوم, المطر, الألبسة الثقيلة والبحث عن الدفء وحرارة الشمس. وكلنا, وخصوصاً في الكويت, سنقول وداعاً للحر والشمس والعرق والعطش والبحث غير المجدي عن الظل. وهذا الانقلاب في المناخ سيبعث في حياتكم الكثير من الانتباه والنشاط والإقبال على الحياة.
ولأن التغيير ضروري للنفس البشرية, للصغير والكبير, للولد والبنت, فعليكم أن تبحثوا في إجازتكم الفصلية المدرسية هذه عن الجديد في الذي تقرأون, والجديد فيما تلعبون, وأيضاً تبديل ما تشاهدون على شاشة التلفزيون من برامج للأطفال واليافعين, ولا مانع من اكتشاف هواية داخلية في أنفسكم, أو رغبة في ممارسة رياضة جديدة, وأكثر من ذلك قد تجدون في أنفسكم رغبة للتعرف على صديق جديد أو صديقة جديدة, وربما التفكير في الكتابة والتقاط الصور إذا لم تكونوا قد فعلتم ذلك من قبل.
شهر جديد, وسنة ميلادية جديدة, وفصل دراسي جديد, وليس في مستودع أسرارنا ما نخفيه عنكم, ولذا نقول لكم إن الجديد يقودكم نحو المستقبل, وكسر العادات الرتيبة سيبعث في قلوبكم وأرواحكم الحبور, فأهلاً وسهلاً بكل جديد.