المرأة والحرية

المرأة والحرية

استمرت‭ ‬أفلام‭ ‬البدايات‭ ‬مرتكزة‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬مثل‭ ‬اسعاد‭ ‬الغجريةب،‭ ‬واالبحر‭ ‬بيضحكب،‭ ‬وافاجعة‭ ‬فوق‭ ‬الهرمب،‭ ‬وابنت‭ ‬النيلب،‭ ‬وحتى‭ ‬اغادة‭ ‬الصحراءب‭ (‬1929‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬الأطماع‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الصحراوية‭ ‬القديمة‭. ‬

  ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬أسماء‭ ‬الأفلام‭ ‬تمحورها‭ ‬حول‭ ‬المرأة‭ ‬وارتباطها‭ ‬بالمكان‭ ‬وبالواقع‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتناول‭ ‬فيلم‭ ‬ازينبب‭ (‬1930‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمد‭ ‬كريم‭ - ‬وأعاد‭ ‬إخراجه‭ ‬ناطقًا‭ ‬عام‭ ‬1952‭ - ‬زواج‭ ‬المرأة‭ ‬الريفية‭ ‬دون‭ ‬إرادتها‭. ‬ولا‭ ‬غرو‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬أول‭ ‬إنتاج‭ ‬سينمائي‭ ‬لاستوديو‭ ‬مصر‭ ‬لفيلم‭ ‬اودادب‭ (‬1936‭) ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭. ‬واهتمت‭ ‬جل‭ ‬أفلام‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬بالمرأة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭. ‬واستمر‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬الأربعينيات‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬مثل‭: ‬ابنات‭ ‬الريفب‭ (‬1945‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬يوسف‭ ‬وهبي،‭ ‬وتناول‭ ‬البعد‭ ‬الرومانسي‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬الريفية،‭ ‬وافاطمةب‭ (‬1947‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬أحمد‭ ‬بدرخان،‭ ‬وبطولة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬وتوقف‭ ‬عند‭ ‬معاناة‭ ‬المرأة‭ ‬الفقيرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. 

  ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭ ‬عادت‭ - ‬إلى‭ ‬حدٍ‭ ‬ما‭ - ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬فقد‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬وما‭ ‬يعترضها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬سعيها‭ ‬نحو‭ ‬التحقق‭ ‬والمشاركة‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬نهضة‭ ‬أسرتها‭ ‬أو‭ ‬محيطها‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ما‭ ‬أوْلته‭ ‬السينما‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭ ‬إلا‭ ‬نتيجة‭ ‬لركام‭ ‬التجارب‭ ‬والرؤى‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬صناع‭ ‬السينما‭ ‬من‭ ‬مؤلفين‭ ‬ومخرجين‭ ‬وفنانين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬المصرية،‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬المئة‭ ‬عام‭. ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الحقل‭ ‬الأكاديمي‭ ‬التفت‭ ‬إلى‭ ‬اهتمام‭ ‬السينما‭ ‬بالمرأة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬الجامعي،‭ ‬فظهرت‭ ‬دراسة‭ ‬أكاديمية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬عام‭ ‬1974،‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الباحثة‭ ‬منى‭ ‬الحديدي‭ ‬لنيل‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬بعنوان‭ ‬اصورة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬المصريةب،‭ ‬تناولت‭ ‬بالدراسة‭ ‬والتحليل‭ ‬410‭ ‬فيلمًا،‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ (‬1962ذ‭ ‬1972‭)‬،‭ ‬وجاءت‭ ‬دراسة‭ ‬أخرى‭ ‬لنيل‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب،‭ ‬بجامعة‭ ‬عين‭ ‬شمس‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬للباحثة‭ ‬إحسان‭ ‬سعيد،‭ ‬بعنوان‭ ‬اصورة‭ ‬المرأة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬التسعينياتب،‭ ‬وتناولت‭ ‬31‭ ‬فيلمًا‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الفترة‭ (‬1990‭ - ‬2001‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬الحقل‭ ‬الجامعي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬بتجليات‭ ‬صور‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬وكيف‭ ‬جاء‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬عبر‭ ‬رؤى‭ ‬فنية‭ ‬متنوعة‭.‬

 

قضايا‭ ‬المرأة‭ ‬والعوالم‭ ‬المتشابكة

  ‬تعاملت‭ ‬السينما‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المصداقية‭ ‬إزاء‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة‭ ‬وعالمها‭ ‬المتشابك،‭ ‬وتم‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭  ‬بتنوع‭ ‬وتباين‭ ‬لافتيْن،‭ ‬نظرًا‭ ‬لاختلاف‭ ‬القضايا‭ ‬والإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬تعترضها‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬وظروف‭ ‬اجتماعية‭ ‬معينة‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬وظروف‭ ‬أخرى،‭ ‬وكذلك‭ ‬تعدد‭ ‬الرؤى‭ ‬الإخراجية‭ ‬واختلاف‭ ‬منظور‭ ‬الرؤية‭ ‬الفنية‭ ‬لدى‭ ‬المخرجين‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬فإن‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى‭ ‬مهمة‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش‭ ‬واستطاعت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ - ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ - ‬مرآة‭ ‬عاكسة‭ ‬عما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬المجتمع؛‭ ‬لم‭ ‬تهمل‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الهواجس‭ ‬المؤرقة‭ ‬للمرأة،‭ ‬كإحدى‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭. ‬ونجحت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المعبّر‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬أحوال‭ ‬المرأة‭ ‬وصوتها‭ ‬المسموع‭ ‬وصورتها‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬معاناتها‭ ‬وإحباطاتها‭ ‬وآلامها،‭ ‬ساعدها‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬أهم‭ ‬الفنون‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور‭ ‬العام‭ ‬والأكثر‭ ‬تأثيرًا‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭. ‬اهتمت‭ ‬السينما‭ ‬بالآني‭ ‬والحاضر‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي،‭ ‬وانشغلت‭ ‬بالخيال‭ ‬والفانتازيا‭ ‬بصورة‭ ‬محدودة،‭ ‬فلم‭ ‬تنجرف‭ ‬خلف‭ ‬السينما‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬اهتمت‭ ‬بالصورة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬نماذجها؛‭ ‬حيث‭ ‬عالم‭ ‬الخيال‭ ‬والأساطير،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭ ‬وأثر‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الإنسان،‭ ‬معتمدة‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬التقني‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬ثورة‭ ‬العلم،‭ ‬والطفرة‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الجرافيك‭ ‬وتركيب‭ ‬الصورة‭. ‬أما‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬فقد‭ ‬نهلت‭ ‬من‭ ‬الآني‭ ‬والمعاش،‭ ‬وحفلت‭ ‬بالقضايا‭ ‬والهموم‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭ ‬المرأة،‭ ‬حتى‭ ‬تشكل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬اسينما‭ ‬المرأةب‭.‬

‭ ‬اختارت‭ ‬السينما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬الموازي‭ ‬المتفرد،‭ ‬الذي‭ ‬عني‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬أوضاع‭ ‬المرأة،‭ ‬راصدًا‭ ‬أحلامها‭ ‬وطموحاتها،‭ ‬وكان‭ ‬اسم‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬مصري‭ ‬حقيقي‭ ‬اليلىب‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمرأة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭.‬

‭ ‬

كينونة‭ ‬المرأة‭ ‬وأثر‭ ‬الثورات‭ ‬عليها‭.‬

  ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬خروج‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬1919،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ - ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬القليلة‭ - ‬لم‭ ‬تنشغل‭ ‬بكينونتها‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬بزوغ‭ ‬ثورة‭ ‬1952،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬رحلة‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ذاتها‭ ‬وعن‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬لوجودها‭ ‬غير‭ ‬الأسباب‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬أرادها‭ ‬لها‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري‭. ‬فلم‭ ‬تقم‭ ‬الثورة‭ ‬ضد‭ ‬التوجهات‭ ‬السياسية‭ ‬فحسب؛‭ ‬بل‭ ‬قامت‭ ‬ضد‭ ‬كافة‭ ‬الأفكار‭ ‬الرجعية،‭ ‬منادية‭ ‬بضرورة‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬ركب‭ ‬التطور‭ ‬والتحضر؛‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬فيلم‭ ‬اأنا‭ ‬حرةب‭ (‬1959‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬صلاح‭ ‬أبوسيف‭ ‬وقصة‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس،‭ ‬ويدور‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الأربعينيات؛‭ ‬يقترح‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬نِسوية‭ ‬ترفض‭ ‬الوصاية‭ ‬الذكورية،‭ ‬لكن‭ ‬بشكل‭ ‬خاطئ،‭ ‬حيث‭ ‬تبحث‭ ‬أمينة‭ (‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬للفيلم‭) ‬عن‭ ‬حريتها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعي‭ ‬معنى‭ ‬الحرية‭ ‬بالصورة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬فـتلهو‭ ‬وتسهر‭ ‬وتمرح،‭ ‬غير‭ ‬عابئة‭ ‬بنظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬لها،‭ ‬لكنها‭ ‬تفيق‭ ‬من‭ ‬غفلتها،‭ ‬فتعمل‭ ‬بالسياسة‭ ‬وتنضم‭ ‬إلى‭ ‬خلية‭ ‬سرية،‭ ‬وتناضل‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فيتم‭ ‬اعتقالها،‭ ‬ثم‭ ‬تنال‭ ‬حريتها‭ ‬مع‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬1952،‭ ‬ليكتمل‭ ‬في‭ ‬وعيها‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحرية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬تحذير‭ ‬واضح‭ ‬للمرأة‭ ‬من‭ ‬الاندفاع‭ ‬في‭ ‬مغبة‭ ‬التحرر‭ ‬الملتبس‭ ‬والوقوع‭ ‬في‭ ‬شرك‭ ‬الفهم‭ ‬الخاطئ‭ ‬للحرية‭ ‬كمعنى‭ ‬وقيمة‭.‬

  ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أفلام‭ ‬المرأة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬صدى‭ ‬مؤكد‭ ‬لأحداث‭ ‬الواقع،‭ ‬وتعبير‭ ‬صريح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يؤرق‭ ‬المرأة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬أدت‭ ‬دورًا‭ ‬جادًا‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وعيها‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الثورة،‭ ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬تحذيرها‭ ‬من‭ ‬الشطط‭ ‬في‭ ‬التفكير،‭ ‬واتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬سطحية‭ ‬إزاء‭ ‬الواقع،‭ ‬فحملت‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام‭ ‬أفكارًا‭ ‬تبين‭ ‬هواجس‭ ‬المرأة‭ ‬تجاه‭ ‬الرجل،‭ ‬وانحيازها‭ ‬لبني‭ ‬جنسها‭ ‬بطريقة‭ ‬تشكل‭ ‬استعداءً‭ ‬على‭ ‬الآخر‭/ ‬الرجل،‭ ‬واختيارها‭ ‬لتحديد‭ ‬مصيرها‭ ‬والحث‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬مضاد‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬موقف‭ ‬خاص‭ ‬يعبّر‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬كينونتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري،‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬وصايته‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬ابنات‭ ‬حواءب‭ (‬1954‭)‬،‭ ‬واأنا‭ ‬حرةب‭ (‬1959‭)‬،‭ ‬واالمراهقاتب‭ (‬1960‭)‬،‭ ‬واآه‭ ‬من‭ ‬حواءب‭ (‬1962‭)... ‬وغيرها‭.‬

  ‬اختارت‭ ‬السينما‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬ترصد‭ ‬مسيرة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬تنقل‭ ‬أوجاعها‭ ‬وتعبر‭ ‬عن‭ ‬همومها‭ ‬وأحلامها‭ ‬وتتناول‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬من‭ ‬فرح‭ ‬وحزن،‭ ‬حرب‭ ‬وسلم،‭ ‬فقر‭ ‬وثراء،‭ ‬قهر‭ ‬وحنو‭... ‬إلخ‭. ‬بحيث‭ ‬أصبحت‭ ‬هي‭ ‬مرآة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان،‭ ‬تعكس‭ ‬أفكارها‭ ‬وتعبر‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬والظروف‭ ‬الاجتماعية‭... ‬أصبحت‭ ‬السينما‭ - ‬ببساطة‭ - ‬لصيقة‭ ‬للحيوات‭ ‬النسائية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬ألوانها‭. ‬لذلك،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬أفلام‭ ‬الخمسينيات‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬القهر،‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬1952،‭ ‬معبّرة‭ ‬عن‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬الأسرة،‭ ‬فشهدت‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬بداية‭ ‬النضج‭ ‬الحقيقي‭ ‬لسينما‭ ‬المرأة،‭ ‬التي‭ ‬راحت‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬الهموم‭ ‬التي‭ ‬تشغلها‭ ‬إزاء‭ ‬الواقع،‭ ‬وشكلت‭ - ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ - ‬مرآة‭ ‬صادقة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬وتواكبه‭ ‬في‭ ‬تغيراته‭ ‬المتسارعة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬تبدل‭ ‬الهواجس‭ ‬المؤرقة‭ ‬لدى‭ ‬المرأة؛‭ ‬فقد‭ ‬تعقبتها‭ ‬السينما‭ ‬لتبرزها‭ ‬وتعبّر‭ ‬عنها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كافة‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬وعي‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬بالواقع‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فنقلت‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬وعيها‭ ‬إزاء‭ ‬ذاتها‭ ‬وازاء‭ ‬الآخر‭/ ‬الرجل‭.‬

 

  ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كلاسيكيات‭ ‬السينما

  ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬جاءت‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الخمسينيات‭ (‬مفعول‭ ‬بها‭)‬،‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬سوى‭ ‬الهروب‭ ‬أو‭ ‬الاختفاء،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬اوفاءب،‭ ‬واعائشةب‭ (‬1953‭)‬،‭ ‬واعاشت‭ ‬للحبب‭ (‬1959‭)‬،‭ ‬فأمينة‭ (‬مديحة‭ ‬يسري‭) ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اوفاءب‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عزالدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار،‭ ‬تمر‭ ‬بظروف‭ ‬معيشية‭ ‬صعبة‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬حبها‭ ‬الدكتور‭ ‬اكمالب،‭ ‬الطبيب‭ ‬الميسور‭ ‬الحال‭ ‬الذي‭ ‬يعالجها،‭ ‬لكن‭ ‬أحواله‭ ‬المادية‭ ‬تتغير‭ ‬بعد‭ ‬زواجه‭ ‬بها،‭ ‬فتخرج‭ ‬للعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدته،‭ ‬ويتهمها‭ ‬بالخيانة‭ ‬ويطردها‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬وتتضح‭ ‬الحقيقة‭ ‬فيقوم‭ ‬بالبحث‭ ‬عنها،‭ ‬لكنها‭ ‬تؤثر‭ ‬الاختفاء‭ ‬والهروب‭ ‬على‭ ‬الظهور‭ ‬والمواجهة‭.‬

  ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اعاشت‭ ‬للحبب‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬السيد‭ ‬بدير،‭ ‬ومقتبس‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬اشجرة‭ ‬اللبلابب‭ ‬لمحمد‭ ‬عبدالحليم‭ ‬عبدالله،‭ ‬كادت‭ ‬زينب‭ (‬زبيدة‭ ‬ثروت‭) ‬التي‭ ‬أحبت‭ ‬بصدق‭ ‬وأعطت‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬تنهي‭ ‬حياتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استسلمت‭ ‬لليأس‭ ‬ولجأت‭ ‬للانتحار،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والاستقواء‭ ‬بالأمل‭ ‬ومحاولة‭ ‬التجرؤ‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭.‬

  ‬عبرت‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬المتخاذلة‭ ‬للمرأة،‭ ‬والتي‭ ‬تتواطأ‭ ‬فيها‭ ‬ضد‭ ‬ذاتها،‭ ‬وضد‭  ‬مستقبل‭ ‬أسرتها،‭ ‬ولم‭ ‬تتخذ‭ ‬قرارًا‭ ‬يحقق‭ ‬مصيرًا‭ ‬أفضل‭ ‬لها،‭ ‬فكانت‭ ‬مسلوبة‭ ‬الإرادة،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬سوى‭ ‬الخنوع‭ ‬والرضا‭ ‬بمصير‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬قناعتها،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي،‭ ‬وظهر‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬اأين‭ ‬عمريب‭ (‬1956‭)‬،‭ ‬واحسن‭ ‬ونعيمةب‭ (‬1959‭)‬،‭ ‬واأم‭ ‬رتيبةب‭ (‬1959‭)‬،‭ ‬واالمراهقاتب‭ (‬1960‭)‬،‭ ‬وابداية‭ ‬ونهايةب‭ (‬1960‭)‬،‭ ‬وغيرها‭.‬

  ‬بينما‭ ‬اختلف‭ ‬الأمر‭- ‬نسبيًا‭ - ‬في‭ ‬فيلمي‭ ‬اردّ‭ ‬قلبيب‭ (‬1957‭)‬،‭ ‬وادعاء‭ ‬الكروانب‭ (‬1959‭)‬،‭ ‬ففي‭ ‬الأول‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الاختيار‭ ‬وأصرّت‭ ‬عليه‭ ‬حينما‭ ‬سنحت‭ ‬الفرصة،‭ ‬وفي‭ ‬الثاني‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬إيجابية‭ ‬وصاحبة‭ ‬قرار‭ ‬وموقف،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬موقفها‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الانتقام‭. ‬جاءت‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الستينيات‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬أفكار‭ ‬أكثر‭ ‬نضجًا‭ ‬وأكثر‭ ‬وعيًا‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وبدا‭ ‬ذلك‭ ‬جليًا‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬عديدة‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الوعي،‭ ‬وكشفت‭ ‬عن‭ ‬أسلوب‭ ‬ووعي‭ ‬لدى‭ ‬المرأة،‭ ‬تستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالهما‭ ‬مواجهة‭ ‬قوى‭ ‬القهر‭ ‬والبطش‭ ‬مهما‭ ‬كانت،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬مصيرها،‭ ‬ويلاحظ‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬مثل‭: ‬ايوم‭ ‬من‭ ‬عمريب‭ (‬1961‭)‬،‭ ‬واالزوجة‭ ‬13ب‭ (‬1962‭)‬،‭ ‬واالباب‭ ‬المفتوحب‭ (‬1963‭)‬،‭ ‬واالزوجة‭ ‬الثانيةب‭ (‬1967‭)‬،‭ ‬واشيء‭ ‬من‭ ‬الخوفب‭ (‬1969‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬بدت‭ ‬غير‭ ‬راضية‭ ‬بمصيرٍ‭ ‬خطَّهُ‭ ‬الرجل‭ ‬وفرضه‭ ‬عليها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الحبيب،‭ ‬أو‭ ‬الزوج،‭ ‬أو‭ ‬الأب،‭ ‬أو‭ ‬ممثل‭ ‬للسلطة‭.‬

  ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬ايوم‭ ‬من‭ ‬عمريب‭ ‬تختار‭ ‬نادية‭ ‬الهروب‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬للعريس‭ ‬المفروض‭ ‬عليها،‭ ‬وتختار‭ ‬مصيرها‭ ‬بنفسها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬بدأ‭ ‬بالهروب‭ (‬ربما‭ ‬تأثرًا‭ ‬بسينما‭ ‬الخمسينيات‭)‬،‭ ‬لكنه‭ ‬جاء‭ ‬تعبيرًا‭ ‬رمزيًا‭ ‬عن‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬آخر‭ ‬وحياة‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬تعيشها‭. ‬ورفضت‭ ‬اليلىب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬االباب‭ ‬المفتوحب‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬هنري‭ ‬بركات،‭ ‬ومقتبس‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬اخرجت‭ ‬للنورب‭ ‬للأديبة‭ ‬لطيفة‭ ‬الزيات،‭ ‬الانسياق‭ ‬وراء‭ ‬الأسرة،‭ ‬والزواج‭ ‬من‭ ‬افؤادب،‭ ‬فتتخلى‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬عليها،‭ ‬وترفض‭ ‬السفر‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تحبه‭ ‬وتختار‭ ‬طريقها‭ ‬بنفسها،‭ ‬فتتركه‭ ‬وتواجه‭ ‬الجميع‭ ‬برأيها،‭ ‬وتذهب‭ ‬مع‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬ابور‭ ‬سعيدب‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الفدائيين‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭. ‬

  ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬ذكرته‭ ‬اسيمون‭ ‬دي‭ ‬بوفوارب‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬االسبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬أمام‭ ‬المرأة‭ ‬للاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬جعلها‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬سلطة‭ ‬الرجل،‭ ‬فالمرأة‭ ‬التي‭ ‬تظل‭ ‬غير‭ ‬متزوجة‭ ‬تعتبر‭ (‬فضلة‭) ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬حققت‭ ‬فيه‭ ‬النسوية‭ ‬مكاسب‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومهنية‭ ‬كبيرة‭ ‬للمرأة،‭ ‬لايزال‭ ‬الزواج‭ ‬قائمًا‭ ‬بوصفه‭ ‬مؤسسة‭ ‬يعتد‭ ‬بها؛‭ ‬لأنه‭ ‬مؤسسة‭ ‬تدعمها‭ ‬أيديولوجية‭ ‬الحب‭ ‬الغرامي،‭ ‬التي‭ ‬تحتفي‭ ‬بالزواج‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬النهاية‭ ‬اللائقة‭ ‬بكل‭ ‬السرديات‭ ‬والروايات‭ ‬من‭ ‬الحكايات‭ ‬الخيالية،‭ ‬وحتى‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية،‭ ‬وكما‭ ‬تقول‭ ‬اإنجيلا‭ ‬كارترب‭ ‬بنبرة‭ ‬ساخرة‭ ‬في‭ ‬روايتها‭ ‬اليال‭ ‬في‭ ‬السيركب‭ (‬1984‭): ‬اإن‭ ‬لقاء‭ ‬المحبين‭ ‬المخلصين‭ ‬ينتهي‭ ‬دائمًا‭ ‬بالزواجب،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬فؤادة‭ ‬في‭ ‬اشيء‭ ‬من‭ ‬الخوفب‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬حسين‭ ‬كمال،‭ ‬ترفض‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬عتريس‭ ‬وتقاومه،‭ ‬وتقوم‭ ‬بفتح‭ ‬مصدر‭ ‬المياه‭ ‬لتروي‭ ‬الأرض‭ ‬العطشانة،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬رغبة‭ ‬عتريس،‭ ‬الرجل‭ ‬القوي‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬القرية‭. ‬لم‭ ‬ترضخ‭ ‬له‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬زوجته،‭ ‬لأن‭ ‬الزيجة‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬بشكل‭ ‬منطقي‭ ‬أو‭ ‬برضا‭ ‬منها‭.‬

  ‬ليس‭ ‬مفهوم‭ ‬الزواج‭ ‬على‭ ‬إطلاقه،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المرأة‭ ‬مستعدة‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬الرجل،‭ ‬فـ‭ ‬اعتريسب‭ ‬الذي‭ ‬أحبته‭ ‬كان‭ ‬رهيف‭ ‬القلب،‭ ‬يبغض‭ ‬العنف‭ ‬ويشعر‭ ‬بالألفة‭ ‬تجاه‭ ‬الناس،‭ ‬أما‭ ‬هذا‭ ‬الوحش‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬إليه‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تعرفه،‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬آخر،‭ ‬يحرق‭ ‬ويقتل‭ ‬ويدمر‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فترفضه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬زوجة‭ ‬له‭. ‬وجاءت‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬فيلمي‭ ‬االزوجة‭ ‬13ب،‭ ‬واالزوجة‭ ‬الثانيةب‭ ‬مختلفة،‭ ‬لأن‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الستينيات،‭ ‬رفضت‭ ‬الخنوع‭ ‬والإذعان‭ ‬لرغبات‭ ‬الفحولة‭ ‬ورفضت‭ ‬الوثوق‭ ‬في‭ ‬الآخر‭/ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬كشيء‭ ‬أو‭ ‬سلعة،‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬مصدر‭ ‬للمتعة،‭ ‬فلا‭ ‬يرى‭ ‬بها‭ ‬سوى‭ ‬جسد‭. ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الأول‭ ‬يحتال‭ ‬الرجل‭ ‬ويقنعها‭ ‬بحبه،‭ ‬ثم‭ ‬تكتشف‭ ‬بعد‭ ‬الزواج‭ ‬أنه‭ ‬أخفى‭ ‬زواجه‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬امرأة‭ ‬قبلها‭ ‬فترفض‭ ‬الخضوع،‭ ‬وفي‭ ‬االزوجة‭ ‬الثانيةب‭ ‬إخراج‭ ‬صلاح‭ ‬أبو‭ ‬سيف،‭ ‬وسيناريو‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬وهبة،‭ ‬ويعد‭ ‬أحد‭ ‬علامات‭ ‬السينما‭ ‬المصرية؛‭ ‬يستقوي‭ ‬العمدة‭ ‬ممثل‭ ‬السلطة‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬ويقوم‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬اأبي‭ ‬العلاب،‭ ‬حتى‭ ‬يطلِّق‭ ‬امرأته‭ ‬افاطمةب‭ ‬ليتزوجها‭ ‬هو‭ ‬ضاربًا‭ ‬بالأعراف‭ ‬والقوانين‭ ‬والشرائع‭ ‬السماوية‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬استجمعت‭ ‬فاطمة‭ ‬قواها‭ ‬ودهاءها‭ ‬واستحضرت‭ ‬خبرات‭ ‬أسلافها‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬اللائي‭ ‬تعرضن‭ ‬لبطش‭ ‬الرجل،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهن‭ ‬اشهر‭ ‬زادب‭ ‬التي‭ ‬لجأت‭ ‬للحكايات‭ ‬المثيرة‭ ‬لتحمي‭ ‬رأسها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬دهاءها‭ ‬فاق‭ ‬كل‭ ‬دهاء‭ ‬حينما‭ ‬انتقمت‭ ‬لنفسها‭ ‬ولزوجها‭ ‬ولكل‭ ‬فقراء‭ ‬القرية‭.‬

 

  ‬أثر‭ ‬الظروف‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬سينما‭ ‬المرأة

  ‬انبثقت‭ ‬الهواجس‭ ‬الملحّة‭ ‬للسينما‭ ‬من‭ ‬زخم‭ ‬فضاءات‭ ‬التعبير،‭ ‬وتنوع‭ ‬أحوال‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف‭ ‬الحياتية،‭ ‬فجاءت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬جادة،‭ ‬رصينة،‭ ‬وناقشت‭ ‬واقع‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الحقب‭ ‬والمراحل‭ ‬التاريخية،‭ ‬فعبّرت‭ ‬عن‭ ‬االحقبة‭ ‬الناصريةب‭ ‬بأفراحها‭ ‬وأتراحها‭ ‬وأثر‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬ابنة‭ ‬مجتمعها‭ ‬والمتفاعلة‭ ‬معه‭. ‬وجاءت‭ ‬أفلام‭ ‬أخرى‭ ‬بمنزلة‭ ‬الشاهد‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬التبدل‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬االمرحلة‭ ‬الساداتيةب،‭ ‬وبينت‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬المرأة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اانتبهوا‭ ‬أيها‭ ‬السادةب‭ (‬1978‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬رصد‭ ‬تبدّل‭ ‬المعايير،‭ ‬وطغيان‭ ‬المادة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والعلم،‭ ‬وفيلم‭ ‬اأهل‭ ‬القمةب‭ (‬1981‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬مرحلة‭ ‬الانفتاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وصعود‭ ‬طبقة‭ ‬من‭ ‬قاع‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬سطحه‭.‬

  ‬تناولت‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬االمرحلة‭ ‬الساداتيةب،‭ ‬بعض‭ ‬القيم،‭ ‬والعلاقات،‭ ‬لاسيما‭ ‬علاقة‭ ‬الدولة‭ ‬بالمواطن،‭ ‬فبدا‭ ‬قهر‭ ‬البسطاء‭ ‬ولفظهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة،‭ ‬واحتواء‭ ‬طبقة‭ (‬الكبار‭) ‬لا‭ ‬تحجيمها،‭ ‬وانتشار‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ورصدت‭ ‬انعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المرأة،‭ ‬وبدا‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬مثل‭ ‬ازوجة‭ ‬رجل‭ ‬مهمب‭ (‬1988‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمد‭ ‬خان،‭ ‬واالهروبب‭ (‬1991‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬عاطف‭ ‬الطيب،‭ ‬واحين‭ ‬ميسرةب‭ (‬2007‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬خالد‭ ‬يوسف،‭ ‬وادم‭ ‬الغزالب‭ (‬2005‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمد‭ ‬ياسين،‭ ‬واهي‭ ‬فوضىب‭ (‬2007‭)‬،‭  ‬وا678ب‭ (‬2010‭)‬،‭ ‬وابنتين‭ ‬من‭ ‬مصرب‭ (‬2010‭)‬،‭ ‬وجاء‭ ‬فيلم‭ ‬ابعد‭ ‬الموقعةب‭ (‬2012‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬يسري‭ ‬نصرالله،‭ ‬تعبيرًا‭ ‬صادقًا‭ ‬عن‭ ‬أحوال‭ ‬المرأة‭ ‬عقب‭ ‬أحداث‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬المرأة‭ ‬وأسرتها‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الرِّيح،‭ ‬بسبب‭ ‬الفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭.‬

  ‬من‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬مختلفة‭ ‬وشملت‭ ‬أفكارًا‭ ‬متباينة،‭ ‬وتميزت‭ ‬بجرأة‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬التناول،‭ ‬بما‭ ‬يجعلها‭ ‬تحمل‭ ‬داخلها‭ ‬إرهاصًا‭ ‬فنيًا‭ ‬لسينما‭ ‬المرأة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الفكرة‭ ‬العامة،‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬فيها،‭ ‬بينما‭ ‬تنتمي‭ ‬فنيًا‭ ‬إلى‭ ‬سينما‭ ‬أكثر‭ ‬تقدمًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أسلوب‭ ‬الطرح‭ ‬والتناول‭ ‬والرؤية‭ ‬الفنية‭ ‬للمخرجين،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام،‭ ‬ادعاء‭ ‬الكروانب‭ (‬1959‭) ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬زمنيًا‭ ‬إلى‭ ‬حقبة‭ ‬الخمسينيات،‭ ‬ويناقش‭ ‬حال‭ ‬أسرة‭ ‬فقيرة‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬نائية‭ ‬وتفقد‭ ‬عائلها‭ ‬وتعاني‭ ‬شظف‭ ‬العيش،‭ ‬فتخرج‭ ‬الابنتان‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ (‬الحضر‭) ‬وتواجهان‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬المصاعب،‭ ‬فينتمي‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أسلوب‭ ‬الطرح‭ ‬والتناول‭ ‬والاتكاء‭ ‬على‭ ‬الجسد،‭ ‬والعلاقة‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭/ ‬الرجل،‭ ‬أو‭ ‬الآخر‭/ ‬المرأة،‭ ‬إلى‭ ‬السينما‭ ‬الأجد‭ ‬في‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭. ‬كذلك‭ ‬فيلم‭ ‬اشفيقة‭ ‬ومتوليب‭ (‬1978‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬علي‭ ‬بدرخان‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬زمنيًا‭ ‬لمرحلة‭ ‬السبعينيات‭ ‬وتدور‭ ‬أحداثه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حفر‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ (‬1859-‭ ‬1869‭)‬،‭ ‬ويتناول‭ ‬وقائع‭ ‬ترتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بأحوال‭ ‬المجتمع‭ ‬وأثر‭ ‬غياب‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬ذهبوا‭ ‬لحفر‭ ‬القناة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬ذويهم،‭ ‬فينتمي‭ ‬الفيلم‭ ‬كرؤية‭ ‬إخراجية‭ ‬ولغة‭ ‬سينمائية‭ ‬إلى‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة؛‭ ‬إذ‭ ‬تميز‭ ‬بأسلوب‭ ‬فني‭ ‬متقدم‭ ‬على‭ ‬سينما‭ ‬السبعينيات،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬تعاطيه‭ ‬مع‭ ‬الجسد‭ ‬وطرحه‭ ‬بجرأة‭ ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬المسألة‭ ‬باعتبارها‭ ‬قهرًا،‭ ‬بل‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد،‭ ‬باعتبار‭ ‬الجسد‭ ‬مجرد‭ ‬سلعة‭ ‬يتم‭ ‬استثمارها‭ ‬والمساومة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬مادية‭. ‬كذلك‭ ‬فيلم‭ ‬اشيء‭ ‬من‭ ‬الخوفب‭ ‬الذي‭ ‬تنبأ‭ ‬للمرأة‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬الجادة‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الأحداث،‭ ‬فما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬افؤادةب‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬هويس‭ ‬المياه‭ ‬لسقي‭ ‬الأرض‭ ‬العطشانة‭ ‬يعدّ‭ ‬تحديًا‭ ‬سافرًا‭ ‬لرغبة‭ (‬رجل‭) ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬القرية،‭ ‬كذلك‭ ‬فيلم‭ ‬اأفواه‭ ‬وأرانبب‭ (‬1976‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬هنري‭ ‬بركات،‭ ‬الذي‭ ‬دافعت‭ ‬فيه‭ ‬المرأة‭ ‬عن‭ ‬مصيرها‭ ‬ورفضت‭ ‬الزوج‭ ‬المفروض‭ ‬عليها‭ ‬بالتزوير‭ ‬ولجأت‭ ‬للشرطة‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬أو‭ ‬رهبة‭ ‬ودون‭ ‬تردد‭.‬

 

مرحلة‭ ‬السبعينيات‭ ‬ووعي‭ ‬المرأة

  ‬كشفت‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬السبعينيات،‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬المواجهة،‭ ‬وأكثر‭ ‬معرفة‭ ‬لحقوقها،‭ ‬نظرًا‭ ‬لتطور‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬وتطور‭ ‬وعيها،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اخلي‭ ‬بالك‭ ‬من‭ ‬زوزوب‭ (‬1972‭) ‬تحدت‭ ‬سلبيات‭ ‬المجتمع‭ ‬ونوايا‭ ‬بعض‭ ‬أفراده،‭ ‬ولم‭ ‬تعبأ‭ ‬بأولئك‭ ‬الذين‭ ‬ينصبون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أوصياء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويتدخلون‭ ‬في‭ ‬شؤونهم،‭ ‬فالمرأة‭ ‬تضطرها‭ ‬الظروف‭ ‬للعمل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حساسية‭ ‬ونوع‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬لكنها‭ ‬دافعت‭ ‬عن‭ ‬حقوقها‭ ‬وواجهت‭ ‬سخرية‭ ‬مجموعة‭ ‬طفيلية‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬برغم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تواجه‭ ‬حبيبها،‭ ‬أو‭ ‬زملاء‭ ‬الجامعة‭ ‬بموقفها،‭ ‬بل‭ ‬كادت‭ ‬تسقط‭ ‬لولا‭ ‬يقظة‭ ‬الأم‭. ‬وناقشت‭ ‬أفلام‭ ‬السبعينيات‭ - ‬أيضًا‭ - ‬الديمقراطية‭ ‬وفكرة‭ ‬االانتخاباتب‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬اإمبراطورية‭ ‬مب‭ (‬1972‭) ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬حسين‭ ‬كمال،‭ ‬للترويج‭ ‬لأهمية‭ ‬المجتمع‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬والتعريف‭ ‬بمعنى‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬فتم‭ ‬توظيف‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬كرمز‭ ‬لشرائح‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولم‭ ‬تُغفل‭ ‬طبقة‭ ‬العمال،‭ ‬فتم‭ ‬استقطابهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬طبقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مؤثرة‭ ‬وأفرادها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬لهم‭ ‬نفس‭ ‬الحقوق‭ ‬وعليهم‭ ‬نفس‭ ‬الواجبات،‭ ‬وإن‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬بصبغة‭ ‬كاريكاتيرية‭ ‬تنأى‭ ‬عن‭ ‬الواقعية‭ ‬والمباشرة‭.‬

  ‬اشتبكت‭ ‬سينما‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نماذج‭ ‬فيلمية‭ ‬فريدة‭ ‬مع‭ ‬مشكلات‭ ‬المرأة‭ ‬والقانون،‭ ‬وبحثت‭ ‬عن‭ ‬حقوقها‭ ‬داخل‭ ‬المحاكم،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬النماذج،‭ ‬ثلاثة‭ ‬أفلام‭ ‬لسيدة‭ ‬الشاشة‭ ‬العربية‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة،‭ ‬هي‭ ‬اأريد‭ ‬حلاًب‭ (‬1975‭)‬،‭ ‬واأفواه‭ ‬وأرانبب‭ (‬1976‭)‬،‭ ‬والا‭ ‬عزاء‭ ‬للسيداتب‭ (‬1979‭)‬،‭ ‬جاءت‭ ‬جميعها‭ ‬مؤثرة‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬أصعدة،‭ ‬ومعبرة‭ ‬عن‭ ‬مرحلة‭ ‬جديرة‭ ‬بالتأمل‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬المرأة،‭ ‬لاسيما‭ ‬ما‭ ‬أحدثه‭ ‬فيلم‭ ‬اأريد‭ ‬حلاًب‭ ‬للمخرج‭ ‬سعيد‭ ‬مرزوق‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬المشرِّع‭ ‬نفسه‭ ‬بإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬بعض‭ ‬البنود‭ ‬الخاصة‭ ‬بقانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالزواج‭ ‬والطلاق‭. ‬ومع‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬أخذت‭ ‬السينما‭ ‬شكلًا‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة،‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬تنحو‭ ‬باتجاه‭ ‬القضايا‭ ‬الشائكة‭ ‬والغوص‭ ‬في‭ ‬المسكوت‭ ‬عنه،‭ ‬عبْر‭ ‬تناولها‭ ‬لقضايا‭ ‬أكثر‭ ‬حساسية‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تناولها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ .