عزيزي القارئ المحرر

عزيزي القارئ

حدائق الكمبيوتر

  • عزيزي القارئ..

منذ نصف قرن على وجه التقريب، عرض العلماء الروس مشاريع الكمبيوتر - الذي كان في بداياته - على ستالين، فأشاح عنها واصفا إياها بأنها "ألعاب إمبريالية". وكانت هذه اللمحة من ضيق الأفق المستقبلي إيذانا ببدء الانهيار الكبير لإمبراطورية شيدت بناء هائلا، لكن أعمدته كانت مليئة بالفجوات، مما أهل لتداعيها فيما بعد، ونجم عن هذا التداعي انهيار كبير للبنيان الكبير. ومن بين الفجوات كانت فجوة اللحاق بلغة العصر، ولغة المستقبل: الحاسوب، الذي ظل نقطة الضعف في التكنولوجيا السوفييتية رغم تفوقها في مجالات عديدة.

هذه الحكاية عن لغة العصر والمستقبل - عزيزي القارئ - تلح على الخاطر أمام هذا العدد الماثل بين يديك. فهذا العدد هو باكورة الحصاد لاستخدام تقنية الكمبيوتر في إصدار عروس مجلات الوطن العربي. ولا بد أنك تحس بالفارق بين هذا العدد وما سبقه من أعداد، فلقد صدقت دار الوطن - التي تخرج من مطابعها مجلتنا - وعدها الذي قطعته على نفسها منذ عودة "العربي" إلى الكويت، بأن تولي هذه المطبوعة العريقة عناية فنية خاصة. وقد كان، فاليوم بين يديك عصارة فكر وخبرة فنية وتكنولوجية تتحدث بلغة العصر، من بينها أحدث جهاز كمبيوتر لفرز الألوان وماكينة طباعة عملاقة تنجز 50 ألف عدد في الساعة الواحدة ! وهذا قليل من كثير يقدمه الجهاز الفني في دار الوطن، مما ساعد على اختصار الزمن وأزاح عن كاهل العاملين مشاق التصوير التقليدي ورائحة الكيماويات والأحماض وجعل المونتاج يتم على شاشة الكمبيوتر فتخرج الصفحة بألوانها الأربعة إلى لوح الطباعة دون لمسة يد. وهكذا تبدو المطابع العملاقة في منطقة صبحان، بلوحات التحكم الإلكترونية، وجريان الأحبار الآلي، والدوران الخاطف لمراحل الطباعة تبدو كقطار سريع تصعب ملاحقته بالعين العادية. ولسوف نصحبك عزيزي القارئ في رحلة مصورة بأحد أعدادنا القادمة لنختطف بعضا من ملامح هذا القطار السريع في دنيا الطباعة.

تلك عزيزي القارئ لمحة عن بعض حصاد الكمبيوتر في طباعة هذا العدد، وثمة إشارة أخرى لهذا الجهاز العجيب. فمن هوليود يوالينا الزميل الناقد السينمائي محمد رضا بآخر نبضات السينما في عاصمتها العالمية. وهو هذه المرة يكتب عن شريط سينمائي يفعل فعل العاصفة في دور العرض بالعالم، يحطم الأرقام القياسية للإيرادات، ويبعث القشعريرة في الأبدان، ويثير نقاشات لا تنقطع خارج دور العرض بين العلماء والفنانين والكتاب عن مستقبل البشرية في مواجهة تقنيات تصل إلى حد الخرافة في مجال الهندسة الوراثية. ذلك الشريط السينمائي هو فيلم "حديقة الديناصورات" ، وهو نفسه إحدى ثمار الكمبيوتر، فالديناصورات العملاقة التي تتحرك مثيرة الرعب داخل أحداث الفيلم وفي دور العرض هي كائنات صناعية تتحرك بالكمبيوتر.

إنها ليست حديقة الديناصورات وحسب، فهي حديقة للكمبيوتر أيضا، ذلك الجهاز الذي يقفز بنا نحو المستقبل قفزات واسعة. حدائق زاهرة إن أحسنا التعامل مع ثمارها لخير الإنسانية والإنسان. والكمبيوتر في عددنا هذا، وأعدادنا القادمة - عزيزي القارئ- ثمرة من حدائق الكمبيوتر، أردناها طيبة.. ونأمل أن تروق لك.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات