كيف تكون الزراعة «ذكية مناخيًا»؟

كيف تكون الزراعة «ذكية مناخيًا»؟
        

          خلال العقود الستّة الماضية، زادت كفاءة الزراعة العالمية بدرجات كبيرة, وأدت التحسينات في أنظمةِ الإنتاجِ وبرامجِ تربيةَ الماشية واستنبات المحاصيل إلى مضاعفة إنتاجِ الأغذية، بينما لم تَزد كميةَ الأرضِ الزراعيةِ بأكثر من 10 في المائة فقط.

          وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تعداد سكانِ العالم سيقفز مِنْ 6.7 بليون نسمة حاليًا إلى نحو 9 بلايين نسمة بحلول العام 2050، وسيحدث الجانب الأكبر من هذه الزيادةِ في جنوبي آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وإذا أخذنا في الاعتبار التغييرات في تركيبِ ومستوى الاستهلاك المرتبطة بزيادة دخل الأسرة، فإن تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) تؤكد أن إطعام سكان العالم سيتطلب زيادة قدرها 70 في المائة في إجمالي الناتج الزراعي العالمي.

          وفي الوقت نفسه، يهدد تغير المناخ استقرار الإنتاجِ الزراعي ومعدلات الإنتاجية. وفي الكثيرِ من مناطق العالم، حيث الإنتاجية الزراعية منخفضة بالفعل ووسائل مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ محدودة للغاية، يتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى مزيد من تخفيض الإنتاجية بل وسيقود إلى تراجع الإنتاج الزراعي ذاته.

          ومن المتوقع للتغيرات الطويلة الأمد في نماذج درجات الحرارة وهطول الأمطار، وهي جانب من تغير المناخ، أن تحدث تحولات في مواسم الزراعة، ونماذج الأوبئة والآفات الزراعية، ومردود المحاصيل الزراعية، الأمر الذي سيؤثر بالتالي على الإنتاج، والأسعار، والدخول، وفي نهاية المطاف على أرزاق الناس وحياتهم ذاتها. وتشير تقديرات اللجنة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيُّر المناخ «IPCC» إلى أن الزراعة مسئولة عن إطلاق نحو 14 في المائة من جميع الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، أي ما يعادل 6.8 جيجاطن من مُكافئ الكربون. وفي الوقت ذاته، يملك القطاع إمكانياتٍ كبرى لتقليص كميات عوادم الغازات الكربونية وعزل كمّياتٍ متزايدة من الكربون بامتصاصه من الأجواء.

          وتقدِّر اللجنة أنّ مُصادرة الكربون في التربة من خلال الممارسات الزراعية المحسنة والإدارة الأفضل للأراضي الصالحة للرعي وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة إنما تملك أكثر الإمكانيات الواعدة من قطاع الزراعة ككل للتخفيف من شِدة تغيُّر المناخ.

          وبالتالي يتعيّن أن تصبح الزراعة لدى الدول النامية «ذكيّة مُناخيًا» كيما تواجِه التحدّي المزدوج لتلبية الاحتياجات الغذائية لعالمٍ ذي أعدادٍ سكانية مُتزايدة ومناخٍ تغلُب عليه ظاهرة الاحترار، حسبما أكدت «الفاو» مؤخرًا في تقريرٍ جديد لها.

          وتؤكد «الفاو» أن تطبيق السياسات والممارسات والمشروعات الرامية إلى خفض إطلاق الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري في الزراعة يمكن أن يتم بتكاليف منخفضة أو حتى بلا تكاليف بالنسبة لمُزارعي العالم النامي. بل وفي بعض الحالات يمكن أن ترفع هذه الممارسات من مُعدل إنتاجيتهم، بينما تجعلهم أقل عُرضة بالتأكيد للآثار ذات العلاقة بتغيُّر المناخ، وبذلك فإنها تشكِّل سَنَدًا موثوقًا للأمن الغذائي العالمي.

          ويقول تقرير «الفاو» المعنون «الزراعة الذكية مُناخيًا: سياسات وممارسات وتمويل لأجل الأمن الغذائي والتواؤم والتخفيف» Climate-Smart Agriculture Policies, Practices and Financing for Food Security, Adaptation and Mitigation «إن تغيُّر المناخ من المتوقّع أن يقلِّص معدلات الإنتاجية الزراعية ومستويات الدخل المتأتي منها واستقرارها لدى العديد من المناطق التي تواجه بالفعل مستويات عليا من انعدام الأمن الغذائي، وفي وقت يتطلّب فيه الإنتاج الزراعي العالمي زيادةً بحدود 70 في المائة على مدى العقود الأربعة المقبلة لكي تُلبّي متطلبات الغذاء لسكان العالم المُتزايدين عددًا».

          وذكر الخبير ألكساندر مولير، المدير العام المساعد لقطاع الزراعة لدى «الفاو» أن: «زيادة الإنتاج الزراعي، وخفض الخسائر اللاحقة للحصاد، وتحسين قنوات توزيع الغذاء على امتداد العالم النامي لطالما شكَّلت تحديات كبرى. ومع تغيُّر المناخ فإن خطورة هذه التحديات تتفاقم بقوة بحيث يضحى إحداث تحوّل رئيسي في الزراعة حاجةً ملحة».

          ونبّه مسئول «الفاو» إلى: «أننا ينبغي ألا ننسى مع ذلك أنّ العديد من الممارسات والأساليب 'الذكية مناخيًا' تُتاح في المتناول ويمكن تطبيقها على نطاقٍ واسع لدى البُلدان النامية، طبقًا لتقرير المنظمة الصادر في هذا الشأن».

تحوُّل على جبهاتٍ متعدّدة

          يدرج تقرير «الزراعة الذكية مناخيًا» عددًا من المجالات التي تتطلب فيها الزراعة إدخال التغييرات.

          فلابد للزراعة أن تنتِج مزيدًا من الغذاء، وتُقلِّص مستويات الهَدر، وأن تُيسِّر للمُزارعين إمكانية توصيل منتجاتهم إلى المُستهلكين.

          ويتعيّن أن تدعّم الزراعة مرونتها في وجه المُستجِدات المدمِّرة مثل الفيضانات والجفاف، وذلك أولًا وأخيرًا من خلال النهوض بمستويات إدارة واستخدام الموارد الطبيعية في القطاع الزراعي من مياه وأراضٍ وغابات، ومن تحسين استخدام مغذّيات التربة والموارد الوراثية الحيوية الرئيسية، كما ينبغي الحدّ من انكشاف المجتمعات المحلية المُزارعة لآثار الكوارث ذات العلاقة بتغيُّر المناخ، وثمة حاجة إلى إرساء مزيدٍ من نُظم التحذير والحماية والضمان لمساعدتهم على مجاراة الأخطار المرتبطة بتغيُّر المناخ وعواقبه.

          وأخيرًا وليس آخرًا، على الزراعة أن تبتكر السُبل الكفيلة بالحد من آثارها البيئية الذاتية، بما في ذلك خفض إطلاق عوادم الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، بلا تحجيمٍ لاعتبارات الأمن الغذائي والتنمية الريفية.

          ويتضمن تقرير الفاو جملةً من الأنشطة والممارسات حول العالم للتدليل على أن المُزارعين يتحرّكون فعليًا لمواجهة هذه التحديات في الوقت الراهن.

فجوةٌ تمويلية هائلة

          يشير تقرير «الفاو» إلى أن ثمة حاجة ملحة لاستثمارٍ ضخم في سدّ ثغرات البيانات والمعارف، وإجراء البحوث وتطوير التقنيات الملائمة، وتهيئة الحوافز لضمان تبني الممارسات المناخية الذكيّة في الزراعة.

          غير أن التمويل مطلوبٌ أيضًا من أجل إعادة بناء خدمات الإرشاد الزراعي الوطنية، التي أدرجت طي الإهمال مِرارًا وتكرارًا، والمُقدَّر أن لها دورًا رئيسيًّا في دعم المُزارعين خلال الفترة الانتقالية إلى مرحلة «الزراعة الذكية مناخيًا».

          وفي هذا الصدد تحذِّر «الفاو» من أنّ الموارد غير كافية البتة حاليًا لتمويل جهود مساعدة الزراعة والمُزارعين في التأهُّب لتغيّر المناخ، لاسيما لدى العالم النامي. ويشرح التقرير أن «تغيّر المناخ سيزيد احتياجات الاستثمار الكليّة اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي، بينما لا يكفي تمويل الموارد المتاح حاليًا البتة»، ويضيف أن «تمويلات موازَنة تغيّر المناخ قيد النقاش حاليًا لا تضع في اعتبارها عَلنًا مُتطلبات الزراعة لدى البلدان النامية، وأن من المُستبعد أنّ تكفي الموارد العامّة أو الخاصّة وحدها بل لابد للسبُل الإبداعية التي تمزج هذه الموارد معًا أن تتحدّى آليات التمويل القائمة».

          ويستشهد التقرير بتقديرات البنك الدولي للتكاليف السنوية المطلوبة بغية مُجابهة تغيُّر المناخ والتكيُّف معه في غمار جهود تطوير الزراعة على الصعيد العالمي، بما يتراوح بين 2.5- 2.6 مليار دولار أمريكي سنويًا خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2050، بالإضافة إلى تقديراتٍ موازية للاستثمار الإضافيّ والتدفّق المالي الذي تحتاجه البُلدان النامية للتخفيف من آثار الظاهرة على القطاع الزراعي، وتبلغ نحو 14 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.

سياساتٌ أفضل ومؤسساتٌ أقوى

          وما يؤكده تقرير «الفاو» أيضًا هو الحاجة العاجلة إلى تنسيق  أفضل على صعيد تخطيط السياسات فيما بين متطلَّبات الزراعة والأمن الغذائي وظاهرة تغيُّر المناخ. ويشرح التقرير أن: «السياسات في كلٍّ من تلك المجالات الثلاثة تؤثّر على نُظم الإنتاج في حالة صِغار المُزارعين.. ومن هنا فإن ضَعف التماسك يمكن أن يمنعهم من الارتباط بتدابير التآزر، أي فيما يؤكّد الحاجة مجددًا إلى ضرورة إرساء آليّاتٍ تسمح بالحوار فيما بين صُنّاع السياسات المختصين بتلك المجالات».

          كذلك فإن تحسين آليّات وصول البيانات والمعلومات والمعارف العلمية إلى المُزارعين يبرُز ضمن العوامل المُساعِدة على تكيُّفهم، وذلك مجالٌ آخر بحاجة إلى الانتباه.

          وما حذَّر منه التقرير أن نُظم الإرشاد الزراعي مثّلت في الماضي قناةً رئيسيّة لنشر المعلومات والمعارف في صفوف المزارعين، لكن تلك النُّظم تدهورت لدى العديد من البُلدان النامية منذ فترةٍ طويلة، لذا تتيح آلية المدرسة الحقلية التي ابتكرتها منظمة «الفاو» قناةً إضافيّة لترويج نقل المعرفة والمساعدة على تبني أساليب «الزراعة الذكية مناخيّا» من قِبل المُزارعين وتدريبهم عليها.

          وعلاوة على هذا وذاك، يلاحظ التقرير أن إرساء نظمٍ جديدة فعّالة لتيسير الوصول إلى حقوق الحيازة واستخدامها إلى جانب حقوق الملكية، من شأنه أن تدفع بالمُزارعين إلى تجاوز التأثيرات السلبية لتغيُّر المناخ، كذلك ثمة مجالٌ لاستقصاء نماذجٍ جديدة من التأمين والضمان لمساعدة المُزارعين على تحمُّل آثار تغيُّر المناخ.

مجالات العمل

          يورد تقرير «الفاو» جملةَ أساليب، وممارساتٍ، ومشروعات قَيد التطبيق فعليًا من قِبل مُنتجي الغذاء والمُزارعين بهدف خَفض الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراريّ، والتكيُّف  مع تغيُّر المناخ، والحدّ من ضَعف المجتمعات المحلية الزراعية في مواجهة الآثار الخطيرة للظاهرة، وهي كالتالي:

          تربةٌ أفضل وإدارة المُغذّيات: من الأهمية بمكان تطبيق أساليب تُزيد استخدام أو إعادة استخدام المغذّيات العضوية في التربة، إذ تحدّ من الحاجة إلى المغذيات التخليقية المُكلِّفة وغير المتوافرة في أغلب الأحيان لصِغار المُزارعين. ويُضيف إنتاج ونقل الأسمدة التخليقيّة عمومًا إلى كميات العوادم الغازيّة المسبِّبة للاحتباس الحراري.

          تحسين استخدام المياه: لابد من تحسين استِجماع المياه وصَونها ورفع كفاءة الاستخدام في نُظم الريّ كشرطٍ حاسم لزيادة الإنتاج ومواجهة عدم الانتظام في أنماط الاستهطال. وفي حين يُمارَس الريّ في 20 بالمائة من الأراضي الزراعية لدى البُلدان النامية، بالإمكان تحقيق زياداتٍ محصولية بمقدار 130 بالمائة في حالة الري مقارنةً بالزراعة البَعلية.

          تعزيز مُكافحة الأمراض والآفات: يؤدي تغيُّر المناخ إلى تعديل انتشار الأمراض الحيوانية والآفات والأمراض النباتية ونطاقه وحِدته، وينطَبِق ذلك على الأنواع الغازية أيضًا. ويأتي الظهور الأخير في العديد من المناطق لسلالاتٍ عدوانية من مَرض صدأ القمح الأصفر كإشارةٍ واضحة على الأخطار المُرتبطة بتكيُّف الكائنات المُمرِضة مع ارتفاع درجات الحرارة بفعل تغيُّر المناخ.

          الترويج للنُظم السليمة بيئيًّا: من شأن تحقيق إدارةٍ جيّدة للموارد البيئية أن يحقِّق نُظم إنتاجٍ غذائي أعلى متانةً ومرونة. وتتضمّن النُظم البيئية المفيدة للزراعة السيطرة على الآفات والأمراض، وتحلُّل النفايات، وتنظيم دورات المغذّيات، واحتباس الماء، وصَون موارد التربة، والتلقيح المحصوليّ.

          الإدارة الجيّدة للموارد الوراثية: لا شك في أن صَون الموارد الوراثية للمحاصيل والأنسال الحيوانية و«أقربائها» من الأنواع البرية يُشكِّل أساسًا لتطوير المرونة في مواجهة الصَدمات، ويحسِّن كفاءة استخدام الموارد، ويُقصِّر دورات الإنتاج، ويغلّ كمياتٍ محصولية أعلى، ويزيد محتوى المغذّيات لكل وحدة من الأراضي. ويُعدّ استنباط أصنافٍ وسلالات ملائمة خصيصًا للنُظم البيئية واحتياجات الُمزارعين ضرورةً قائمة.

          خفض عوادم الميثان في زراعة الأرزّ: بوسع إدخال تعديلاتٍ طفيفة في تقنيات زراعة الأرز أن يخفِّض عوادم الميثان المُنطلقة في الأجواء، باعتبارها إحدى أكثر غازات الاحتباس الحراري ضررًا.

          تحسين كفاءة الإنتاج الحيواني: بفضل تحقيق تحسيناتٍ في نماذج العَلف والتغذية، والإكثار والموارد الوراثية، والرعي، واستخدام الأراضي، من الممكن زيادة إنتاج الثروة الحيوانية وفي الوقت ذاته خَفض عوادم القطاع من غازات الاحتباس الحراري. ومن خلال وقف تدهور أراضي الرعي العُشبية عبر الإدارة المحسَّنة يمكن بلوغ معادلة زيادة ناتج الثروة الحيوانية وعَزل كمياتٍ كبرى من الكربون في الأجواء بامتصاص التربة لها.

          تحسين سلاسِل الإمداد: تتزايَد سلاسل الإمداد تعقيدًا وتمتد مسافاتها طولًا، لذا فإن رفع الكفاءة التشغيلية للمعالجة، والتغليف، والخَزن، والنقل لضمان حياةٍ تخزينية أطول أجلًا للمُنتجات مع الحدّ من «البصمة الكربونيّة» للعمليات يَضحىَ ضرورةً لا مهرب منها.

نماذج من «الزراعة الذكيّة مُناخيًا»

          كشف تقرير «الزراعة الذكيّة مُناخيًا» أن المُزارعين حول العالم يتبنّون أساليب مُستَجَدة في إنتاج الغذاء للمُساعدة على تحمُّل آثار تغيُّر المناخ وخفض الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري من الإنتاج الزراعي.

          ففي مقاطعة «ياتينغا» ببوركينا فاسو في إفريقيا تُستَرَدُّ خصوبة الأراضي من خلال استعمال نموذجٍ محسّن من «الزرع التقليدي بالحَفر» (المعروف باسم زاي)، بحيث أضحت المناطق التي لم تكَد تُنتج شيئًا، تغلُّ اليوم محاصيل أكثر من ذي قَبل بمقدار خمس مراتٍ على الأقل.

          وفي شمال الكاميرون، تُعاني الأصناف المحليّة من الدَّخن والذرة الصفراء والرفيعة بسبب ضَعف مقاومتها لنُدرة المياه وسط انخفاض الأمطار والجفاف. وبدءًا من العام 2006، طوَّر معهد بحوث الزراعة الوطني بالكاميرون أنواعًا محسّنة من هذه المحاصيل، وبدعمٍ من المنظمة «فاو» أُسِّست مشروعاتٌ بمشاركة المُزارعين لإنتاج البذور من أجل إعادة توزيعها عليهم لتُنتج اليوم محاصيل جيّدة رغم الأوضاع غير المواتية.

          وفي موزمبيق، يحصل صِغار المُزارعين على مدفوعاتٍ مقابل عَزل الكربون بفضل تبنّي مختلف ممارسات الزراعة المختلَطة بالغابات، وأساليب خفض مُعدلات إزالة الغطاء الحَرَجي ومقاوَمة تدهور حالة الغابات.

          وفي فيتنام، يُشجَّع المزارعون على استعمال «الهاضمات» لتحويل نِفايات المزارع إلى غازٍ حيويّ يُستخدَم لأغراض الطهي والإضاءة اليومية وإنتاج سمادٍ خاص من الوحل النباتي لتغذية تُربة الحقول.

          وفي جزيرة بوهول بالفلبين، ساعد تحسين البُنى التحتية على رفع كفاءة إدارة المياه واستقرار الإنتاجية من محصول الأرز الرئيسيّ، بينما طُبِّقت في الحقول أساليب أقل استهلاكًا للمياه وأكثر تقليصًا لغازات الاحتباس الحراري.

العقدة المستعصية

          من المُتعيّن زيادة إنتاج الغذاء تلبيةً لاحتياجات سكان العالم المُتزايدين عددًا، لكن الإنتاج الزراعي يُطلِق كمياتٍ كبيرة من الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، أي أن توسُّع الإنتاج يعادل زيادة بثّ غازات الاحتباس الحراري «GHG» في الأجواء.

          واليوم، فإن نُظم الزراعة التجارية أصبحت تنظُر بعين الاعتبار إلى رفع مستويات الكفاءة، والحدّ من إطلاق العوادم الغازية وغير ذلك من الآثار البيئية السلبية، بصفتها عوامل لا سبيل إلى الانتقاص من أهميتها.

          أمَّا في بُلدان الاقتصادات الزراعية، حيث يُشكِّل القطاع أهميةً حرجة للتنمية الاقتصادية، فَمِن الأهمية بمكان أن تتحوَّل النُظم الزراعية، ليس فقط تحقيقًا لأمن الغذاء بل بهدف خَفض مستويات الفقر أيضًا. غير أن رفع مُعدلات الإنتاجية يحظى بالأولويّة في تلك الاقتصادات، فيما يُعتَقَد أنه سيشكل سببًا كامِنًا وراء زياداتٍ كبيرة متوقَّعة في حجم غازات الاحتباس الحراري التي يمكِن أن تنطلق بعد في الأجواء.

 

أحمد خضر الشربيني    




 





يمكن تحقيق زياداتٍ محصولية بمقدار 130 بالمائة في حالة تطوير أنظمة الري





تحسين البنى التحتية يرفع كفاءة إدارة المياه واستقرار الإنتاجية الزراعية





غلاف تقرير «الفاو»





لابد من تعزيز مقاومة المجتمعات الزراعية الضعيفة في وجه تغير المناخ





خلال العقود الستّة الماضية أدت زيادة كفاءة الزراعة العالمية إلى مضاعفة إنتاج الأغذية بينما لم تَزد كمية الأرض الزراعية بأكثر من 10 في المائة فقط