عزيزي القارئ

عَام جَديد.. وفكر متجدّد

  • عزيزي القارئ...

بهذا العدد نطوي سنة من الزمن وندخل سنة ميلادية جديدة. والسنة التي مضت شهدت أعاظم الأمور خاصة في منطقتنا العربية، فهي السنة التي حُررت فيها الكويت من استعباد نظام عربي طاغ صب كل ما في الإنسان من مساوئ على الإنسان العربي الكويتي المسالم، وهي سنة استقبلت الإعداد الجاد للدخول في سلام شامل ودائم في منطقتنا العربية المنكوبة، وهي أيضا سنة شهد نصفها الثاني حركة اقتصادية وسياسية كويتية منقطعة النظير في التعمير والبناء، فخلال أشهر عديدة أطفئت "النار الكبرى" التي أشعلها نظام بغداد عن طريق تفجير سبعمائة وثلاثين بئراً نفطياً على أرض الكويت، قلبت أدخنتها نهار الكويت ليلا، ودمرت البيئة المحيطة في بعض مناطقها إلى درجة لا يمكن إصلاحها لسنوات طويلة قادمة، وكانت بذلك جريمة العصر النكراء.

وبرغم هذا التدمير الهائل الذي لم يسبق له مثيل، فإنه خلال أشهر قليلة سيطرت الإرادة الكويتية على هذه الآبار في فترة قياسية، وبدأت تبني ما هدمه الحقد بيد وتمد يدها الأخرى للمساهمة في التنمية بأشكالها المختلفة في بلدان عديدة.

ولعل إصدار مجلة "العربي" وكذلك المجلات الثقافية الأخرى التي كانت تصدر من الكويت، هو خير شاهد على هذه الإرادة الصلبة.

طاف أمير الكويت جابر الأحمد الصباح بدول العالم من الصين إلى الولايات المتحدة مروراً بمراكز العالم الأخرى، متحدثاً لممثلي الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي مؤكداً إصرار الكويت على ترسيخ مبادئ آمنت بها في السابق وزادتها المحنة إيماناً على إيمان. هذه المبادئ هي: الحق والعدل والخير ونزع الحقد والأنانية والشر من النفوس، وبذلك تعظم الأمم وتكبر، وذاك دستورنا في السنوات القادمة لمجلة "العربي" ونعد بأن نبذل قصارى جهدنا لتظل "العربي" مجلة كل العرب، وكل من يؤمن ويطبق تلك المبادئ العظيمة.

وفي هذا العدد رسالة إلى من يهمه أمر هذه الأمة كتبها الدكتور سليمان الشطي.. وعن "الكويت.. وجمهورية أفلاطون" تستعرض الدكتورة سعاد الصباح إشارات لأحداث ذلك العام الذي مضى.. كما يتحدث أمين هويدي عن مفهوم استخدام القوة في العالم الجديد.

وفي مناسبة مرور سبعمائة عام على الحروب الصليبية تجد ملفا يسهم فيه الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور وحسين أحمد أمين مع لحظات من الزمن العربي يستعرضها محمد المنسي قنديل.

وفي مقال للكاتب الجزائري إبراهيم رماني يتحدث عن مدن تفقد لغتها، كما يتساءل الكاتب السعودي الدكتور صالح سليمان الوهيبي: هل احترق النحو العربي؟ ويكتب لك الشيخ محمد الغزالي عن حقائق لا ينبغي أن تغيب.

وتنتقل بك "العربي" في استطلاعاتها إلى غجر سوريا وتاريخهم الطويل وحياتهم الهامشية، ومع الاحتفالات الشعبية في أيبيريا حيث اللعبة المزدوجة بين الماء والنار.. وبعد لقاء "وجها لوجه" بين الدكتور أحمد شفيق والدكتور عبدالمعطي حسين تستعرض "العربي" معك مهرجانات السينما في العالم وهي شهادة على قيد الحياة.. كل ذلك عدا الأبواب التي عودتك عليها "العربي" تحمل كل جديد في مختلف ميادين الثقافة والفكر.. وهي الرسالة التي تضعها "العربي" نصب عينيها في هذا العدد وفي الأعداد القادمة.