آندي وارهول في الكويت عام 1977 نجم الـ «بوب آرت» وأيقونته

آندي وارهول في الكويت عام 1977 نجم الـ «بوب آرت» وأيقونته

مما لا شك فيه أن آندي وارهول يُعدّ من أشهر فناني الولايات المتحدة للنصف الثاني من القرن العشرين، ورائد فن
الـ «بوب آرت»، وأحد أبرز الوجوه الثقافية الأمريكية، فهو الرسام والنحات والمؤلف الأكثر شهرة في فن البوب الأمريكي، والمخرج والكاتب المسرحي وصانع أفلام السينما والتلفزيون، وربما هو التالي في الشهرة بعد بيكاسو، والأكثر إثارة للجدل في القرن العشرين.

 

ولد وارهول في 6 أغسطس 1928، لأبوين مهاجرين من أصل تشيكي، في بيتسبرج بولاية بنسلفانيا في أمريكا، وكان أبوه مقاولًا توفي عام 1942، في حين كانت أمه تصنع زهورًا من الورق وتدور على البيوت لبيعها، وكان له أخوان.
كان آندي يحرص، منذ طفولته، على جمع صور نجوم «هوليوود»، وكان يحلم بأن يكون مشهورًا مثل السياسيين أو نجوم السينما، الذين كان يقرأ عنهم في الصحف والمجلات المعروفة. وبعد أن أكمل تعليمه الثانوي التحق بمعهد كارنيجي للتقنية الفنية عام 1949، وتخصص في الرسم والتصميم، وانتقل بعد تخرُّجه إلى نيويورك، وعُرف برسومه ذات السمة التجارية بالحبر الصيني ثمّ طباعته، ليصبح رسامًا في المجلات التجارية المتخصصة الشهيرة؛ مثل مجلة الأزياء فورموديل جلامور، كما صمّم وسائل الدعاية والإعلانات للأحذية والأزياء وبطاقات المعايدة والكتالوجات وواجهات متاجر الملابس الجاهزة واللافتات الكبيرة والخامات المطبوعة لمختلف أنواع الأقمشة وعلب التغليف، وقد حظيت أعماله الفنية في التصميم والجرافيك بشهرة واسعة، واشتهر كرسّام تجاري صاحب ذوق رفيع، وفي تلك الفترة المبكرة نال العديد من الجوائز من المعاهد الأمريكية وإذاعة إس بي آي وجائزة فارين ليزير، وفي عام 1952 أقام أول معرض لرسومه في جاليري هوجو كفنان تشكيلي محترف.
  تكررت معارضه الشخصية، عبر اختياره رسم موضوعات تنال إعجابه، يرصد من خلالها مظاهر الحياة الأمريكية المعاصرة، إضافة إلى مشاركته في معارض جماعية مع كبار فناني الولايات المتحدة، وخاض معارك فكرية وثقافية، مبديًا ذكاءً لافتًا في طرحه لنظريات وتوجُّهات لأساليب جديدة؛ مستفيدًا من المزاج الأمريكي المتحمّس للحرية، المحب للتغيير، ومن الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
 في تلك الفترة طبع ونشر عددًا محدودًا من الكتب عن الرسم وموضوعات أخرى متنوعة، ومع مطلع عام 1960 بدأ ينتج رسومًا على طريقة الأشرطة لأبطال سوبرمان وباباي، التي انتشرت في ستينيات القرن الماضي، إضافة إلى نشاطه في تصميم مشاهد مسرحية، وعُرف كمخرج سينمائي (فتيات شلسي).
انخرط وارهول بعد ذلك في إنتاج أول عمل له عام 1962 بتقنية الـ «سيراغرافي» كأداة تعبيرية وتقنية طباعية يدوية بواسطة الشاشة الحريرية، وقد استخدمها في تنفيذ لوحاته لنجوم «هوليوود» الأكثر شهرة، أمثال مارلين مونرو وإليزابيث تايلور وألفيس بريسلي، وساعده في ذلك فريق عمل تحت إشرافه، فأسس محترفه الذائع الصيت في الأوساط الفنية بنيويورك (المصنع) pop warhol’s factory، واستثمر هذه التقنية الفنية في تطبيق رؤيته الإبداعية وفكرته التشكيلية بتكرار صورة في صفوف متتالية على مساحات كبيرة تذكّر بالتصنيع الفخم كمنتج صناعي لخط إنتاج (على السَّير المتحرك في المصانع).
وقد رافقته تلك التقنية المدهشة المحققة لأحلامه ورغباته الفنية في رسم صور لذلك العدد الذي لا يحصى من السلع الاستهلاكية الأكثر شعبية في المجتمع الأمريكي من سيارات وثلاجة وأحذية وملابس وأزياء ومواد غذائية لعلب الفاصوليا والحساء والـ «كورن فليكس» وزجاجات الكوكاكولا وصناديق الصابون البريلو 1964، وأعاد تشكيلها عام 1970، ومن الشخصيات في شتى مجالات الحياة، كالممثلين والرياضيين والموسيقيين، والسياسيين أيضًا، وكان كثير منهم أصدقاء شخصيين له، فرسم عدة صور لزعيم الصين ماو تسي تونغ، وبعض رؤساء أمريكا، وكان يردد أنه «لم يلتق يومًا إنسانًا لم يرَ فيه جمالاً»، كما رسم لوحات بأحجام كبيرة للزهور، ولكلاب وحيوانات أخرى.
 وثّق وارهول في لوحاته، التي عُرضت في كبريات متاحف العالم، المواضيع التي شغلت الرأي العام الأمريكي في ذلك الوقت، فرسم وصوّر الحوادث والكوارث والمعارك والجنازات، وكرسي الإعدام الكهربائي، والجماجم والأحداث العنصرية، وهبوط رجال الفضاء على سطح القمر.
في عام 1965 كرّس نفسه للأفلام ولإدارة فرقة الروك «فيلفت أندر جراوند» (تحت الأرض)، المعروفة، وكانت أفلامه الأولى صامتة، أما اللاحقة فقد اكتسبت اهتمامًا واسعًا، وفي الوقت نفسه، لم يتخلّ أبدًا عن تخطيطات رسومه وألوانه المائية الرائعة. 

الـ «بوب آرت» (الفن الشعبي)
شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 مدلولات جديدة، امتدادًا للتوجهات الآتية من أوربا نحو تغيير وإعادة تقويم الأفكار المعروفة قبل الحرب، وولدت طرق جديدة للمواقف الاجتماعية، وظهرت بعض المدارس الفنية، وتيارات معاصرة بعنوان «فن ما بعد الحرب».
يُعد مسمّى الـ «بوب آرت» pop art اختصارًا لكلمة popular  (شعبي)، وقد استخدمه الناقد الإنجليزي لورانس اللوي بين عامَي 1945 و1957 للتعريف بأعمال جماعة المستقلين من شباب الفنانين المعارضين، والخروج باللوحة عن صورتها التقليدية النمطية المعروفة من قبل.
وخرج لنا إنتاج فني مميز بحالة معنيّة بالوجود، وقد دعمه ونظّر له بول سارتر، فذكر أن الوجود يسبق الماهية، وعلينا أن نبدأ من الذاتي، وذلك في محاضرته المشهورة بعنوان «الوجودية فلسفة إنسانية»، حيث كانت الوجودية أكثر الفلسفات شعبية في مرحلة ما بعد الحرب، وظهر ولعٌ خاص بالثقافة الشعبية وطرق جديدة من اتجاهات وأساليب التلصيق والتجميع التي تعود إلى ما قبل السريالية، ثم إلى الدادائية، فها هو أستاذ ورائد الدادائية، مارسيل دوشامب، عندما رأى الإنتاج الجديد للبوب (علبة الحساء لآندي عام 1962) علّق قائلًا إن في ذلك انتصارًا لما ابتدعه من «أشيائه الجاهزة» على نمط حاوية القناني عام 1914، و«المبولة» عام 1917، واعتبر أن الفن الشعبي والتجمع وما يُطلق عليه الواقعية الجديدة ليس سوى تحوُّر لـ «الدادا».
والـ «بوب آرت» الأمريكي تيار فني جديد ومدرسة وصناعة تشكيلية أمريكية بامتياز، ترفض الفن اللاشكلي والتجريدية التعبيرية، وتعبّر عن ارتباطها العاطفي بمظاهر الوقائع اليومية البارزة في الحياة العصرية الأمريكية الحديثة على أيدي تلك الجماعة من الفنانين الشباب، روي ليشنشتاين، وليتسفيلد، وجاسبر جونس، وروبرت روشينبرغ، وجيم دين، وأولد نبرغ، وهاملتون، وآندي وارهول، وكيف استطاع هؤلاء الفنانين الجدد تغيير الذوق العام، وقد وصفهم ريتشارد مورفي بأنهم «رائعون جدًا وواضحون جدًا، إنهم حقيقيون جدًا، أعمالهم رائعة، ويعجبني أنهم لديهم الكثير لقوله، وهذا في حد ذاته جيد جدًا، مشكّلين تيارًا فنيًا يتقبّل واقع مجتمعهم ودوافع الظروف الاجتماعية ومظاهر الحياة اليومية». وأضاف: «وقد نجحوا في لفت أنظار الجماهير وانفتاح أفق ذائقتهم، وأصبح بإمكان كل واحد من هؤلاء الفنانين الشباب أن يصير مبدعًا؛ كلًا بطريقته الخاصة، لكن آندي وارهول يأتي في صدارتهم بجدارة».
وقد اعتبره تاريخ الفن رائدًا لفن البوب وأيقونته، وانتشرت أعماله الفنية، التي استمدّ مفرداتها وعناصرها التشكيلية من وسائل الدعاية والإعلان والوثائق والصور الفوتوغرافية، والسلع الاستهلاكية المفضّلة لدى الجماهير الشعبية، وبورتريهات الشخصيات الأكثر شهرة اجتماعيًا وسياسيًا، ومن نجوم وأحداث وحوادث وحيوانات وزهور منفّذة بتقنيات تعدُّد النسخ وتكرارها على نحو رتيب للشكل الواحد وبكمية كبيرة.
غيّر آندي مفاهيم وصيغ للرؤية ومتغيراتها في الفن التشكيلي بشكل غير مسبوق، وجمع بين أكثر من فن وتقنية للإنتاج الفني بشكل جديد وصيغ غير تقليدية، فأضفى بذلك حيوية على الفن، وأتاح للمشاهد رؤية متجددة ومشاركة إيجابية تستوعب وعيه بتغيّرات الواقع وما يفرزه من طروحات وتحوّلات جديدة تعطي المعنى الإنساني للوجود الفني.
 لقد كان ظهور وارهول بمنزلة خطوة ثورية وانقلابية مهمّة على جماليات الفنون التقليدية، واستلهام مظاهر الحياة الحديثة ووسائل الثقافة الشعبية، لأنه هو الحقيقي والحي والمستمر.

الصورة عنوان الفن الـ «وارهولي»
توصّل العلم إلى تطور التصوير الفوتوغرافي في اكتشاف ما تعجز العين المجردة على رؤيته، ومن ذلك على سبيل المثال سرعة الإيقاع في الحركة، بعد زمن من إعلان العالم الفلكي أراجو، واختراع العالِم داجير آلة التصوير (الكاميرا) في القرن التاسع عشر، وما أحدثه ذلك من صدمة وموقف مأزوم اتخذه أصحاب الرأي من الأدباء والفنانين، وفي عام 1859 كتب الشاعر والناقد الفني الشهير بودلير، الذي شكّلت آراؤه ونظرياته في عالَم الجمال والحداثة مرجعًا لمعاصريه «إن هذه الأداة الجديدة هي العدو اللدود للفن»، ورأيه في ذلك مماثل لما عبّر عنه رائد الرومانسية الفنان الفرنسي الشهير ديلاكروا قائلًا «من اليوم مات الرسم».
وبالرغم من تغيّر الغرب في موقفه من التصوير بعد ذلك بسنوات، فقد ظل فنانو الحداثة العربية ومتذوّقوها على عداوتهم للتصوير واستخدام آلته في الفن التشكيلي، وكان منهم مَن يطعن في قدرات الفنان التعبيرية، ويتهمه بضَعف امتلاكه أدواته ومهاراته في الرسم والتلوين، وتغلق صالات العرض الفنية والقاعات في وجه معارض التصوير الفوتوغرافي، على الرغم من أنه، في الوقت نفسه، خُصصت في الغرب متاحف لفن التصوير الفوتوغرافي.
ويأتي وارهول ليخيّب ظن السابقين فنانين ونقادًا، ويُعلي شأن التصوير وآلته (الكاميرا)، التي لم تبارح يديه طوال حياته، وعظّم إمكانات عطائها، وبسببها سطر مجده الفني وشهرته العالمية.
لم يتوقف آندي عن التقاط صور لكل شيء تقع عليه عيناه من مشاهد وتفاصيل حتى الصغيرة منها، ويذكر مقتني أعماله، هاتفورد ديانغ، وبعض أصدقائه أن الكل رغب في التحدث مع آندي، لكنّه كان دومًا مشغولًا بالتقاط الصور. كان يتجول دائمًا حاملًا محبوبته (كاميرته البولارويد الفورية)، التي عشقها لأنها سريعة على عكس الكاميرات التقليدية التي تعتمد على الصور السالبة (النيجاتيف)، فكل صورة هي نسخة أصلية وحيدة، فضّلها آندي في سهراته بين النجوم والمشاهير الذين كان يحب مخالطتهم، ويفاجئهم ويلتقط لهم صورًا، وربما كانوا في وضع لا يحبونه، ويحتفظ هو فقط بهذه الصور، حتى أنه عندما دنت وفاته عام 1987 كان لديه من هذه اللقطات أكثر من 66 ألف صورة، طرحها بأساليب فنية مبتكرة بذكائه المعهود، فحقق منها أقصى استفادة لهذا الكمّ من الصور التي تفيض بمحتوى تشكيلي متنوع وحلول تثري، بشكل عميق، الفكر والتشكيل الفني.
 وعلى طريقة الفنانين الكبار بتاريخ الفن في رسم وجوههم الشخصية ليجدوا ما بداخلهم من مشاعر لتمثّل حالة فنية تعبيرية بامتياز رسمًا أو نحتًا، التقط وارهول صورًا لنفسه في أوقات وظروف مختلفة تمامًا، كما فعل ذلك بعض كبار الفنانين؛ أمثال رامبرانت وفان جوخ وبيكاسو وآخرين، ومن أبرز هذه الصور المعروضة بورتريه شخصي التقطه بالـ «بولارويد» عام 1979 في متحفه.
قدّم وارهول طرحًا تشكيليًا جديدًا للصورة، ليصبح لمحتواها الفني والمعرفي الدور المركزي لعناصره التشكيلية في إنتاجه، فلم تعد الفرشاة هي الأداة الرئيسة أو الوحيدة في التشكيل، فصارت الصورة هي الوسيط الأهم، ولها الحضور الطاغي في إنتاجه، وأصبحت تصوغ تجربةً جمالية مبتكرة لرؤى ومفاهيم مختلفة لثقافة بصرية أسست تيارًا فنيًا عالميًا.

أهم معارضه 
كان لفن وارهول تأثير واضح لاحقًا، واهتمام عالمي من كل الأجناس، وقد تسابقت دور العرض وقاعات الفن ومتاحف العالم للفوز بعرض بعض أعماله من لوحات ورسوم وتخطيطات، وفيما يلي بعض هذه العروض: 
● عام 1952 أقام آندي أول معرض شخصي لرسومه وتخطيطاته بجاليري هوجو في نيويورك، وشارك في تلك الفترة وما بعدها عددًا من كبار فناني الستينيات في المعارض الجماعية بجاليري لوفت في نيويورك.
● عام 1964 أقام معرضًا عامًا لأعماله في باريس، مما جعله مشهورًا في كل أوربا.
● عام 1968 عرض أعماله بـ «روان» في بريطانيا، وشمل العرض سلسلة أكثر الرجال المطلوبين، مع طبعات مارلين مونرو، وفي العام نفسه عرض متحف مودينا في استوكهولم  مجموعته، وقدّم عرضه التلفزيوني MTV.  
● في يونيو 1970 نظّم له معرضًا بمتحف باسادينا للفنون، وعرض بعد ذلك أعماله في متحف الفن المعاصر بشيكاغو في شهري يوليو وأغسطس 1970، وقبل أن ينتهي العام نظم متحف أنيدهو بهولندا معرضًا خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر.
● عام 1971 أكمل جولة معارضه بالمتاحف، وفي ديسمبر 1970 بمتحف الفن الحديث في باريس، وفي يناير 1971 في التيت بلندن، وفي معرض التيت كان العرض كبيرًا جدًا، بسبب كثرة الأعمال المضافة للعرض من قبل المقتنين لأعمال وارهول (علب الحساء، والكوارث، والزهور، وعلب صابون البريلو)، وكان العرض النهائي بمتحف ويتني في نيويورك.

● معرض الكويت عام  1977
على مدى طويل، كانت الكويت رائدة في الكثير من مجالات الثقافة والفنون بمنطقة الخليج العربي، ففي السنوات الأولى من إنشاء المجلس الوطني للثقافة وتدشينه في يناير 1974، ومع بدء مرحلة وطنية نهضوية برعاية الدولة ومسؤولياتها للتنمية الثقافية المستدامة، شكلت لجان فنية متخصصة تهتم بالتخطيط لمختلف مجالات الثقافة والفنون، ومنها بحث سبل النهوض بالحركة الفنية التشكيلية، والاهتمام بجعل الكويت مركزًا ثقافيًا وفنيًا مبدعًا. وقد استجابت إدارة المجلس لمقترح عضوة لجنة الفنون التشكيلية، نجاة السلطان، بدعوة الفنان الأمريكي البارز آندي وارهول، وتنظيم معرض لأعماله، عملًا بفكرة استضافة المعارض التشكيلية المتميزة، الأمر الذي يتيح للفنانين التشكيليين والجماهير المحبة للفن فرصة الاطلاع والاحتكاك بالتجارب والإبداعات الفنية المهمة.
واستُقبل معرض الفنان وارهول بحفاوة رسمية وشعبية كبيرة ومن الأسر والعائلات الكويتية، التي حرص بعضها على الاقتناء منها، حيث جاءت قائمة الأعمال المعروضة في 20 مجموعة شملت لوحات «كلب كبير»، ومجموعة لوحات كبيرة للقطط ولوحات قطعة صغيرة، ومجموعة رسومات بالقلم الرصاص، ومجموعة مارلين مونرو (إنتاج عام 1967)، ومجموعة الأزهار (1972) ومجموعة «كراسي الإعدام الكهربائية» (إنتاج عام 1971). وأغلب تلك الأعمال منفّذ بتقنية الشاشة الحريرية.
وقد أعدت العلاقات العامة بالمجلس الوطني للثقافة برنامجًا وجدولًا لزيارة الفنان منذ وصوله إلى مطار الكويت الدولي يوم السبت 15 يناير 1977 حتى مغادرته يوم الجمعة 21 يناير، بما في ذلك زياراته للجهات الرسمية ومراسم فناني الكويت ومنطقة الأحمدي، إلى جانب تلك الحفاوة والاستقبالات العائلية من بعض البيوت الكويتية المعروفة.
وخلال ضيافته في الكويت، زار «المرسم الحر»، حيث توجد مراسم فناني روّاد الكويت وتحدّث معهم، وخلال الزيارات الفنية لبعض الفنانين الكويتيين، ومنهم جاسم بو حمد، للولايات المتحدة، التقاهم آندي واحتفى بوجودهم هناك.
وقد كان لمعرض وارهول بالكويت، هذا الحدث الفني الكبير، صدى إعلامي كبير، وتناولته الصحافة المحلية والدولية، وظل في ذاكرة النقاد والفنانين، ومَن عاصروا الحدث مثار فخر واعتزاز حتى اليوم.
 فنجد أن صاحب الحضور التشكيلي العربي والعالمي، الفنان ضياء العزاوي، يحاول إثارة تلك الذاكرة، وحثّ الكويت على مواصلة حماسها لرعاية الفن التشكيلي، وذلك خلال مقابلة نشرت في باب وجهًا لوجه بمجلة العربي الغراء (العدد 578 - يناير 2007)، حيث ذكر نصًا عن تميُّز الكويت منذ الستينيات والسبعينيات باهتمامها بالفن، وأصبح لها اهتمام بتاريخ الحركة التشكيلية العربية «إنه لأمر مثير حقًا أن تجد مجتمعًا يتقبّل معرض آندي وارهول في السبعينيات، ولم يتمكن حتى الآن من مجاراة جيرانهم من بعض دول الخليج، حيث ظهرت هناك أكثر من صالة عرض، وأصبحت السوق الفنية للأعمال العربية لديهم من أكثر الأسواق تميزًا، إلى جانب أنشطتهم الثقافية والفنية التي تتميّز بالكثير من الجدية والتنوع».
● عام 1981 معرض الأكاديمية الملكية في لندن، وأقيم تحت عنوان «روح جديدة للفن».
● عام 1989  نظّم متحف الفن الحديث في نيويورك معرضًا ضخمًا، احتفالًا بآندي، بعد رحيله بعامين، وتوالت بعد ذلك معارض واستعادات لوارهول.
● عام 1991، وفي تظاهرة كبيرة استقبلت بحفاوة إبداعات البوب بعد مرور أكثر من 30 عامًا، في أكبر معارض لندن، وعُرضت في متحف رويال أكاديمي 205 أعمال، وبطبيعة الحال كان آندي نجم المعرض بلوحاته، علب الفاصوليا، والرئيس الصيني ماو، وصورة مارلين مونرو... إلخ.
● عام 1994 أقيم معرض كبير وشامل في متحفه الذي يحمل اسمه، في مسقط رأسه في بيتسبرج.
 ● عام 2003 نظّم له معرض استعادي شخصي لأعماله المهمة جدًا في لندن، وعرضت فيه مجموعة كبيرة من صور البولارويد الكبير بصالة باستين في لندن.
● عام 2017 أقامت له دولة الإمارات العربية المحطة الأخيرة، وضمن جولة عالمية لأعماله، معرضًا استعاديًا نظّم للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، واستمر عرضه شهرًا في متحف الشارقة للفنون.
● عام 2019 عرض متحف ويتني في نيويورك (المتخصص بالفن الأمريكي الحديث والمعاصر)، أعمال وارهول التي شغلت 3 طوابق من بناية المتحف، مثّلت مسيرة آندي بكاملها، منذ بداياته كرسّام إعلانات، حتى غوصه في عالَم التجريد، وانتقل بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو، ومنها إلى شيكاغو.

تقييم إنتاجه في سوق الفن 
أصبحت الولايات المتحدة لفترة طويلة سوقًا رائجًا للفن الأوربي، ومبكرًا كان هناك الكثير من كبار المقتنين الأمريكيين خلال فورة الفن في عقد الخمسينيات، وساهمت هذه الظاهرة الاقتصادية في ترسيخ التوجه الأسلوبي، وانبهر الأوربيون بهذه الحيوية الأمريكية وقوّتها الشرائية، مما أثر على مدن أوربا الكبرى، بداية من لندن، ثم بروكسل، وميلانو، وزيورخ، ووصل حد أن يصبح الفن والفنان الإنجليزي في أواخر الخمسينيات تابعًا لأمريكا، وأصبح ضروريًا أن يشد الفنان الإنجليزي، والبعض الآخر من دول أوربا، الرحال إلى نيويورك.
وكان الفنان الأمريكي شخصيًا من أكثر المستفيدين من هذا الإقبال على اقتناء الفن المعاصر، واعتمد معظم الفنانين في نجاحهم على ما يُسمى بـ «نظام الوسيط - الناقد»، لتصبح الوسيلة التي تقوم الشهرة بفضلها، خاصة في المراحل الأولى التي
لا تزال تقتصر في الغالب على إقامة معرض شخصي في صالة عرض خاصة، يصاحب تلك التغطيات وملاحظات الإطراء في الصحف والمجلات الفنية المتخصصة.
 وعندما دخلت أعمال الـ «بوب آرت» بقيادة رائدها النجم آندي وارهول في سوق الفن، وبدا هذا الإلحاح التجاري لعرضها، أصبح واضحًا أن عرضًا متكررًا ومتواصلًا له فوائده، ويتيح فرصًا أفضل على تسويقها، وأوجد ذلك حالة تشكيلية فارقة في التعرّف إلى قيم جمالية جديدة لم يعرفها الفن من قبل. ونالت هذه الأعمال الـ «آندي وارهوليه» نجاحًا وازدهارًا في سوق الفن، وتصاعدت قيمتها مع تطوّرها واتساع أفكارها وموضوعاتها، ونالت من الزيادات المثيرة في قيمة الأعمال وأسعارها، وتصاعدت بشكل لافت، وعمّت بيوت المزادات العالمية وصالاتها، مثل كريستي، وسوثبي، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
وكما جنى وارهول قدرًا هائلًا من المال من إنتاج صور بتكليف من الرعاة الأثرياء، فقد ترك ثروة هائلة ذهب أغلبها في إنشاء مؤسسته الخيرية للفنون، وظهرت مذكراته اليومية عام 1989 بعد وفاته بعامين، وفي عام 1994 افتُتح متحفه في مسقط رأسه بيتسبرج، ونال كثير من فناني حركة البوب حظهم في الثراء لمبيع أعمالهم بأثمان مليونية وهم على قيد الحياة.
عاش وارهول وتنفّس عالَم الشهرة والفن والمال على المستوى الشخصي والإبداعي، وأصبح تأثيره كبيرًا حتى أننا نجد «الوارهولية» أيقونة تحلّ في كل عصر، كما ذكر أحد رفاق آندي السابقين في مقابلته بمجلة كنفس canvas عدد مارس وأبريل 2019 «نعيش الآن في عصر وارهولي بامتياز»، وأن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق دونالد ترامب شخصية وارهولية، فهو مهتم بالشهرة أكثر من أي شيء آخر، ولا يرى الفارق بين الدعاية السيئة والجيدة.
توفي آندي في 22 فبراير 1987 بعد أن أصابه عارض صحي، واضطر بسببه لإزالة المرارة، لكنه تأثّر بهذه الجراحة، وأصيب بمضاعفات، وغادر الدنيا التي شهدت مولد فنان متعدد المواهب، لن ينساه التاريخ ■