الزكام و«كورونا» تنافس على الأبواب

الزكام و«كورونا»  تنافس على الأبواب

ونحن نودّع أيام جائحة وباء كورونا، نستقبل ضيفًا ألفناه، وذلك مع قدوم الإنفلونزا الموسمية، مع العلم بأن فيروس كورونا سيبقى معنا إلى وقت غير معلوم، لكن تزامنهما معًا في فترة واحدة يجعل الأمر في غاية الإرباك، بسبب تشابه الأعراض الأوّلية بين الفيروسين.  كانت منظمة الصحة العالمية قد منحت اسمًا رسميًا لفيروس كورونا الجديد، هو سارس - كوف -2 (SARS  CoV-2)، في حين أطلقت اسم كوفيد - 19 (COVID - 19) على المرض الذي يسببه ذلك الفيروس.

 

ها قد بدأت الدراسة، وبدأت الحياة الاجتماعية في العودة التدريجية إلى التقارب الطبيعي، وعاد الامتلاء للصفوف الدراسية بزهوة ومرح طلابها، لكنّ الحذر يبقى لصيقًا وملازمًا لهم، فالتعليمات مكثفة بالإبقاء على التباعد بين الطلبة، والحرص على عدم استخدام أدوات الآخرين، أو المشاركة في الطعام والتلامس خلال الأنشطة الحركية.
وقد ساهمت التوعية التي قامت بها وزارات الصحة حول العالم في بثّ التحذيرات للطلبة وأولياء الأمور فيما يخصّ الحضور المباشر والانخراط في الحياة الدراسية العملية من جديد، وانتشرت الدعايات الترويجية وحملات التوعية في التلفزيونات الحكومية والخاصة، استعدادًا لما قد يكون في حال الاختلاط المباشر بين الطلبة والطالبات في فترة تسودها الإنفلونزا الموسمية.
فكيف كانت الاحترازات الصحية في غالبية المدارس؟ 
لكل إدارة مدرسية طريقتها في بثّ روح الأمان الصحي لأولياء الأمور وأبنائهم الطلبة والطالبات فيما يحقق لهم الراحة النفسية والطمأنينة، بابتعادهم عن أي مصدر لمرض كورونا المستجد.
فبعض المدارس ذهبت لاعتبار الدوام الرسمي على 3 أيام أسبوعيًا، يتم تقسيم الفصول الدراسية فيها إلى قسمين؛ يحضر القسم الأول في أيام محددة، والقسم الثاني يأتي في الأيام الأخرى، وذلك لإبقاء عدد الطلاب فيها أقل في كل فصل. بينما في مدارس أخرى كان الدوام خلال أسبوع كامل، يليه أسبوع يبقى الطلاب في منازلهم، لتكون الحصص عبر الدراسة عن بُعد.
وتم فرض ارتداء الكمامات على جميع العاملين في المدرسة بمن فيهم الإداريون والمدرسون والطلاب طوال الدوام المدرسي، مع التنبيه على ضرورة التباعد المكاني بين الطلاب في المدارس، حيث تم صف المكاتب الدراسية ومقاعدها بمسافة تصل إلى مترين بين كل نموذج وآخر، كما أن التعامل بينهم يكون بلا تلامس ولا تقارب، وكذلك بلا تبادل للأدوات الدراسية ولا حتى الأطعمة فيما بين الطلاب، وإغلاق المقصف المدرسي وإلزام الجميع بإحضار الوجبات الغذائية الصحية معهم من المنزل.

أعراض الإنفلونزا الشائعة
تتضمن العلامات والأعراض الشائعة للإنفلونزا زيادة حرارة الجسم على 38 درجة مئوية، يرافقها عطاس وانسداد الأنف وسيلانه (زكام) وفقدان الشهية، والإحساس بالإعياء، فضلًا عن وهن عام في الجسم، إضافة إلى الشعور بآلام في العضلات والعظام، يرافق ذلك صداع شديد، وسعال مصحوب بالبلغم، مما يتسبب في التهاب الحلق وصعوبة في البلع وآلام في اللوزتين. وكل ما تحتاج إليه عادةً في هذه الحالة هو الحصول على قسط وافر من الراحة والإكثار من السوائل، مثل الماء والشاي والحساء والعصائر الطبيعية من دون سكر مضاف.
وتزداد حدة الأعراض لتشمل آلامًا في المعدة والبطن، وأحيانًا تصل إلى حد التقيؤ، مما يتطلب رعاية صحية خاصة، وإذا كانت العدوى شديدة قد يصف الطبيب مضادًّا للفيروسات لعلاج الإنفلونزا.
لكنّ الخبر السارّ هو أن معظم الأعراض تزول بعد أسبوع إلى أسبوعين من ظهورها، بينما يستمر السعال والتعب لمدة أطول قد تصل إلى أسابيع، أي إن الشفاء من الإنفلونزا يستغرق نحو أسبوعين حتى تختفي الأعراض تمامًا، ولذا تجب استشارة الطبيب إذا استمرت الأعراض أكثر من أسبوعين أو اختفت ثم عادت إلى الظهور أسوأ من ذي قبل.

أعراض «كورونا» الحالية
على الرغم من اختلاف بدايات الظهور لهذا الفيروس واختلاف قدرة الجسم على مقاومته، فإنها تشترك في تدرُّج هذه الأعراض التي تبدأ بارتفاع الحرارة، والتهاب الحلق، وكحّة جافة وشديدة، يتطور سريعًا إلى التهاب رئوي حاد، وصعوبة شديدة في التنفس تحتاج بعض الحالات الكبيرة في السنّ وذات التاريخ المرضى المزمن إلى عناية طبية خاصة ومستمرة، وأحيانًا تصل إلى المكوث في غرف العناية المركزة لأيام وأسابيع وأشهر، قد يخرج منها سليمًا ومصحوبًا ببعض التلفيات الداخلية تظهر عليه لاحقًا، وأحيانًا لا يخرج منها إلا إلى مثواه الأخير.

المشترك بين الحالتين
كلنا نعلم أنه من النادر ألّا يصاب أحد بالإنفلونزا خلال حياته، بينما يعمل فيروس كورونا بخبث وهدوء، وأعراضه تكون صامتة إلى مرحلة معيّنة، وقد تظهر مباشرة عن طريق ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالوهن، وهي أعراض مشابهة للإنفلونزا الموسمية التي تكون كالحمّى والسعال وألم في العضلات والإرهاق الذي يكون عاملًا مشتركًا بين المريضين، إلا أنه أقل في حالة الإنفلونزا. فالحال عند «كورونا» تكون أشد في آلام الصدر والشعور بالثقل في تلك المنطقة، والسعال الجاف الحاد من دون بلغم أقوى، مع ندرة في العطس والتهاب بالحلق.
وعند إصابة شخص بأي من المرضين، يعاني المريض الحمّى أو الحرارة، وتكون نادرة في الإنفلونزا العادية، لكنّها أساسية وقوية عند مريض «كورونا» الجديد، مع الشعور بالقشعريرة، وقد تترافق بالتقيؤ والإسهال، فالمصاب بفيروس كورونا الجديد لا يعاني انسداد الأنف أو الرشح، في حين أن مريض الإنفلونزا يعانيهما، ويتلاشى هذا العارض في غضون أسبوع.
وتعدّ آلام الصدر من الأمور المشتركة بين المرضين، لكنها تكون خفيفة إلى متوسطة لدى مريض الإنفلونزا، في حين تكون حادة وقوية لدى مريض «كوفيد - 19»، وتتطور الأعراض المفاجئة واللاحقة ببطء مع الوقت لدى مريض الإنفلونزا العادية، بينما تتطور بشكل مفاجئ وسريع لدى المريض المصاب بفيروس كورونا الجديد.

السيطرة على انتشار العدوى
اللقاحات للحالتين تكون مأمونة نوعًا ما، لكنها ليست بفعالية تصل إلى 100 بالمئة، لذلك يُنصح باتباع بعض الإجراءات لتقليل انتشار العدوى، مثل غسل اليدين وتعقيمهما باستمرار وتجنّب لمس الوجه والفم، وكذلك الابتعاد عن الأماكن المكتظة بالبشر، وتغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس، مع الإكثار من الأطعمة والمشروبات الغنية بفيتامين C ، وارتداء ملابس ثقيلة مع تغيُّر الطقس.
في هذا التنافس المحموم بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية أعراض أشد قوة للإنفلونزا الموسمية في هذا العام، وهي قيد الدراسة حاليًا، لكن العلماء يرجعون السبب في انتشار حالات أكثر مقاومة للقاحات المستخدمة إلى فترة الإغلاقات التي شهدتها أغلب مدن وعواصم بلدان العالم، حين أصبح الناس فيها أقل عُرضة للهواء الطبيعي المحمّل بالفيروسات الطبيعية والبكتيريا بشكل عام. ومازال سبب ضعف اللقاحات والانتشار الأقوى للإنفلونزا العادية مثار بحث وتفصيل، وإلى ذلك الوقت لا مجال للحياة الصحية السليمة إلّا باتباع الإجراءات الوقائية ومتابعة الجديد منها ■