خروف مرمر

  غدًا عيد الأضحى المبارك، سأذهب إلى السوق الآن وأشتري خروفًا. قال أبي.
صفّقتُ وفرحتُ جدًا، وطلبت من أبي أن أذهب معه لاختيار الخروف، فتعجّب أبي قائلاً: ولكن ماذا تعرفين يا مرمر عن الأغنام حتى تختاري من بينها؟
رددت بثقة: سوف أختار أجمل خروف في السوق كله.
ضحك أبي وقال: ولكننا نريد شراء أفضل خروف، وليس الأجمل.
وفي السوق وجدت أغنامًا كثيرة، ولم أستطع الاختيار من بينها، فهذا أبيض لونه زاهٍ، وهذا أسود لامع، وهذا بُنّي، وهذا كبير، والآخر صغير، وهذا صوفه طويل، وآخر بلا صوف. وقفت محتارة لا أستطيع الاختيار، حتى أشار أبي لخروف كبير جميل صوفه أبيض، وعيونه سوداء، وله قرنان ملفوفان، اشترينا الخروف ورجعنا مسرورين.
وفي طريق العودة، حكى لي أبي عن الصفات المطلوبة في خروف الأضحية، ومنها أن يكون الخروف سمينًا، وحسنًا، وخاليًا من العيوب الجسمانية، وأن يزيد عمره عن ستّة أشهر، وأن رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم، قد ضحّى بكبشين أملحين أقرنين.  
وفي البيت قلت لأمي: لابدّ أن أحمّمه.
فأخذته إلى الحمّام، ووضعت عليه الشامبو، وبدأت في صبّ الماء على صوفه الذي أصبح أبيضَ ناصعًا، وكان الخروف يتعجّب من الفقاقيع التي يصنعها الشامبو، ويقول كلّما صبَبْت عليه الماء: ماء... ماء. 
قالت لي أمي بأن صوت الخروف يُسمّى ثُغَاء، فضحكت وقلت له: ماء... ماء. 
فردّ عليّ: ماء... ماء.
أتت أمي ببعض الحشائش، ثم وضعتها أمامه كي يأكل، وطلبت منّي وضع الماء في إناء واسع كي يشرب. 
أخرجت ثوبي الجديد كي يتفرّج عليه، وكذلك حذائي الجديد، وشرائطي الحمراء اللامعة، وفي كل مرّة يقول خروفي: 
ماء... ماء. 
ثم حكيت له حكاية، وقبل أن تنتهي بقليل راح في النوم العميق، فتركته وذهبت إلى حجرتي، وصعدت إلى سريري، وأخذت أعدّد الألعاب التي أخطّط لشرائها في هذا العيد حتى راحت عيناي في النوم. 
صحوت في العاشرة صباحًا، فلم أجد خروفي، فبحثت عنه في كل مكان ولكنني لم أجده.
صحت بصوت عالٍ: خروفي... أين أنت يا خروفي؟ 
وعندما اقتربت من المطبخ شممت الرائحة الجميلة، عندها ابتسمت وقلت: يبدو أن خروفي طعمه لذيذ!  
قبّلت يد أبي وأنا أقول له: كل عام وأنت بخير يا أبي.
احتضنني أبي، وقبّلني، وأعطاني العيدية، فأخرجت ورقة طويلة كتبت بها الألعاب والفُسح التي أريدها، وأعطيتها له، فضحك أبي وقال: عيد سعيد يا مرمر.
جرَيت لأمي في المطبخ، وقبّلت يدها، وهنّأتها بالعيد، فدعت لي كثيرًا، وقبلتني، ثم ارتديت الثوب الجديد، وجلست أنتظر أولاد أعمامي وأخوالي حتى نبدأ برنامج الاحتفال بالعيد.