بحر ومبرة ومبادرة تغطية لأنشطة المبرّة التطوعيّة البيئيّة

اعتدت‭ ‬وأصدقائي‭ ‬أن‭ ‬نقضي‭ ‬يوماً‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬العطلة‭ ‬الأسبوعية‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬شواطئ‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬نلعب‭ ‬بالرمل‭ ‬الرطب،‭ ‬نجمع‭ ‬القواقع‭ ‬والأصداف،‭ ‬ونأكل‭ ‬ونُطعم‭ ‬الأسماك‭ ‬أيضاً‭. ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬تفاجأنا‭ ‬بأن‭ ‬مكاننا‭ ‬المعتاد،‭ ‬استولت‭ ‬عليه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الفتيان‭ ‬والفتيات،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬لنا‭ ‬حيّزاً‭ ‬فيه،‭ ‬فهم‭ ‬انتشروا‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الساحل،‭ ‬معهم‭ ‬أكياس‭ ‬صفراء‭ ‬فاقعة‭ ‬اللون،‭ ‬ويوجّههم‭ ‬رجل‭ ‬وامرأة‭ ‬يبدوان‭ ‬كمعلّمَين،‭ ‬فكّرنا‭ ‬أنا‭ ‬وأصدقائي‭ ‬أن‭ ‬نقترب‭ ‬منهما‭ ‬ونخبرهما‭ ‬عن‭ ‬رغبتنا‭ ‬بالتمتع‭ ‬في‭ ‬الشاطئ،‭ ‬ولكنّنا‭ ‬تفاجأنا‭ ‬بتلويح‭ ‬السيدة‭ ‬لنا،‭ ‬وقولها‭: ‬تعالوا،‭ ‬هل‭ ‬ترغبون‭ ‬بالانضمام‭ ‬لنا؟‭ ‬

تبادلنا‭ ‬النظرات‭ ‬واقترحت‭ ‬على‭ ‬أصدقائي،‭ ‬أن‭ ‬نذهب‭ ‬ونرى‭ ‬ماذا‭ ‬عندها‭. ‬

أهلاً‭ ‬وسهلاً‭ ‬بكم‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬أنشطة‭ ‬المبرّة‭ ‬التطوعيّة‭ ‬البيئية،‭ ‬أنا‭ ‬معصومة‭ ‬مذكوري،‭ ‬مسئولة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامّة‭ ‬في‭ ‬المبرّة‭. ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬ننظّف‭ ‬أحد‭ ‬أجمل‭ ‬شواطئ‭ ‬الكويت‭ (‬شاطئ‭ ‬شرق‭)‬،‭ ‬هل‭ ‬تودّون‭ ‬مساعدتنا؟‭ ‬

لا‭.. ‬لا،‭ ‬نودّ‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬نستمتع‭ ‬بوقتنا‭ ‬في‭ ‬بحرنا،‭ ‬أجبتها‭ ‬بسرعة‭ ‬متداركاً‭ ‬أجوبة‭ ‬أصدقائي‭. ‬

قالت‭ ‬الأستاذة‭ ‬معصومة‭ ‬مندهشة‭: ‬إنه‭ ‬بحرنا‭ ‬أيضاً،‭ ‬فنحن‭ ‬وأنتم‭ ‬نمتلك‭ ‬هذا‭ ‬البحر‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬حبَانا‭ ‬الله‭ ‬به،‭ ‬ولكنّنا‭ ‬في‭ ‬المبرّة‭ ‬التطوعيّة‭ ‬البيئيّة،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬فريق‭ ‬الغوص‭ ‬الكويتي‭ ‬أطلقنا‭ ‬مبادرة‭ (‬بحرنا‭)‬،‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحريّة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬وعليها‭ ‬من‭ ‬كائنات‭ ‬وشواطئ‭ ‬وجزر‭ ‬وشعاب‭ ‬مرجانية،‭ ‬بمشاركة‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬وطالبة،‭ ‬لتنظيف‭ ‬60‭ ‬موقعاً‭ ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬الكويت‭. ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬بحركم‭ ‬لننظّف‭ ‬بحرنا‭.‬

سألها‭ ‬صديقي‭ ‬ناصر‭: ‬ما‭ ‬المقصود‭ ‬بالمبرّة؟‭ ‬وهل‭ ‬هدفكم‭ ‬تنظيف‭ ‬الشواطئ‭ ‬فقط؟‭ ‬

ابتسمت‭ ‬أستاذة‭ ‬معصومة،‭ ‬وقالت‭: ‬أحبّائي‭ ‬المبرّة‭ ‬هي‭ ‬مؤسّسة‭ ‬خيريّة‭ ‬تقدّم‭ ‬أعمال‭ ‬الخير‭ ‬والبِّر‭ (‬بكسر‭ ‬الباء‭) ‬للمجتمع،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬تطوعيّة،‭ ‬أي‭ ‬بِلا‭ ‬مقابل‭ ‬ماديّ‭. ‬أما‭ ‬عن‭ ‬هدفنا،‭ ‬فنحن‭ ‬نسعى‭ ‬لتوعية‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬بأهميّة‭ ‬البيئة‭ ‬البحريّة،‭ ‬وكذلك‭ ‬نشجّعهم‭ ‬على‭ ‬التطوّع،‭ ‬لنعمل‭ ‬معاً‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬جمال‭ ‬مياه‭ ‬خليجنا‭ ‬العربيّ‭ ‬وشواطئه‭. ‬

سارع‭ ‬صديقي‭ ‬خالد،‭ ‬وقال‭: ‬لقد‭ ‬تذكّرت،‭ ‬أنّني‭ ‬رأيت‭ ‬لكم‭ ‬ركناً‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬السابق،‭ ‬وقد‭ ‬أهديتموني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المطبوعات‭ ‬الإرشاديّة‭ ‬والتوعوية،‭ ‬وكذلك‭ ‬عن‭ ‬أنشطتكم‭ ‬السابقة،‭ ‬ولا‭ ‬زلت‭ ‬أحتفظ‭ ‬بها،‭ ‬وخاصة‭ ‬المطبوعة‭ ‬التي‭ ‬تحدّد‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬لتحلّل‭ ‬المواد‭ ‬في‭ ‬البحر‭.‬

أستاذة‭ ‬معصومة‭: ‬بالفعل‭ ‬لدينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاركات‭ ‬الخارجية‭ ‬لتوعية‭ ‬كلّ‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬وخاصة‭ ‬طلبة‭ ‬المدارس،‭ ‬وشهدنا‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬إقبالاً‭ ‬كبيراً،‭ ‬وكنا‭ ‬نستقبل‭ ‬يوميّاً‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬الى‭ ‬1000‭ ‬طالب‭ ‬وطالبة،‭ ‬ولقيَت‭ ‬تلك‭ ‬المطبوعة‭ ‬إعجاب‭ ‬زوّارنا،‭ ‬لأنّها‭ ‬توضّح‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬التلوّث‭ ‬البيئيّ‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المخلّفات‭. ‬

قلت‭ ‬لها‭ ‬متسائلاً،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬يمكننا‭ ‬المشاركة‭ ‬بها؟‭ ‬

أجابتنا‭: ‬سأطلعكم‭ ‬أولاً‭ ‬على‭ ‬قيَمِنا‭ ‬التي‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تأكيدها‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬أنشطتنا،‭ ‬أولاً‭: ‬روح‭ ‬الفريق،‭ ‬فنحن‭ ‬نتحرّك‭ ‬وِفقاً‭ ‬للعمل‭ ‬الجماعيّ‭ ‬وليس‭ ‬الفرديّ‭. ‬ثانياً‭: ‬الجديّة،‭ ‬فلا‭ ‬وقت‭ ‬لدينا‭ ‬للّامبالاة‭ ‬والهزل،‭ ‬لدينا‭ ‬هدف‭ ‬واضح‭ ‬وعازمين‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭. ‬ثالثاً‭: ‬الوطنيّة،‭ ‬فالوطن‭ ‬يجمعنا‭ ‬ونحن‭ ‬ملزمون‭ ‬بالحفاظ‭ ‬عليه‭. ‬وأخيراً‭ ‬العمل‭ ‬التطوعيّ‭: ‬لأنّ‭ ‬العمل‭ ‬التطوعيّ‭ ‬لا‭ ‬يقلّ‭ ‬أهميّة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬نظير‭ ‬المال‭. ‬فهل‭ ‬يمكنكم‭ ‬مشاركتنا‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭. ‬

قلنا‭ ‬جميعاً‭ ‬وبصوت‭ ‬واحد‭: ‬طبعاً،‭ ‬نحن‭ ‬أصدقاء،‭ ‬جدّيون،‭ ‬نحب‭ ‬وطننا،‭ ‬ونحب‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭. ‬

وأكمل‭ ‬حمد‭ ‬قائلاً‭: ‬ونودّ‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أنشطتكم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تذكريها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬

قالت‭ ‬الأستاذة‭ ‬معصومة‭: ‬إنها‭ ‬كثيرة‭ ‬جداً‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬وجميعها‭ ‬تتفرّع‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الثلاث‭ ‬الأساسيّة‭ ‬للمبرّة‭. ‬فمثلاً‭ ‬حملات‭ ‬تنظيف‭ ‬الشواطئ‭ ‬ورفع‭ ‬الشبكات‭ ‬والمخلّفات‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬هدف‭ ‬تأهيل‭ ‬وحماية‭ ‬البيئة‭ ‬البحريّة‭. ‬ومشاركاتنا‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬الدوليّة،‭ ‬وإلقاء‭ ‬المحاضرات‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬ومؤسّسات‭ ‬الدولة‭ ‬الأخرى،‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬هدفنا‭ ‬في‭ ‬تشجيع‭ ‬العمل‭ ‬التطوعيّ‭ ‬لخدمة‭ ‬البيئة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬الورش‭ ‬والدورات‭ ‬التدريبيّة،‭ ‬استجابة‭ ‬لهدف‭ ‬المبرّة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬كوادر‭ ‬وطنية‭ ‬ومتخصّصة‭ ‬بالعمليّات‭ ‬والمشاريع‭ ‬التدريبيّة‭. ‬ويمكنكم‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره‭.‬

أثناء‭ ‬الحديث،‭ ‬التقطتُ‭ ‬وصديقي‭ ‬ناصر‭ ‬الكيس‭ ‬الأصفر،‭ ‬ولحِقَنا‭ ‬حمد‭ ‬وخالد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصغيا‭ ‬لحديث‭ ‬الأستاذة‭ ‬معصومة،‭ ‬التي‭ ‬رافقتنا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مشاركة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬المبرّة‭. ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬فقد‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬احتفال‭ ‬العالَم‭ ‬باليوم‭ ‬العالميّ‭ ‬للمياه،‭ ‬الموافق‭ ‬22‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭. ‬