أبنائي الأعزاء
الثالث من ديسمبر من كل عام هو يوم عالمي بامتياز لأحبائنا ذوي الإحتياجات الخاصة. وخيراً فعلت الأمم المتحدة حين قررت ذلك عام 1992 لنتذكر هؤلاء الأحباء الذين تأمرنا الأديان والشرائع والقيم الاخلاقية السامية أن لا ننساهم أبداً.
لأسباب لا مجال هنا لتعدادها, ازداد عدد أفراد هذه الشريحة الذين يعانون من أوضاع غير طبيعية وغير عادية, لكنهم في البداية والنهاية هم بشر يحبون ويفرحون ويتألمون, والمصابون منهم بداء التوحّد يتمتعون أحيانا بمواهب فنية استثنائية, وبمهارات يدوية لا تتحصل للأفراد العاديين, ومن هذا الجانب يجب علينا أن ننطلق لرعايتهم والإهتمام بهم .
لا نقول أن الرعاية والإهتمام تنبعان عندنا من العطف والشفقة. أبدا لا يجوز ذلك. إن العناية بذوي الإحتياجات الخاصة تنبع من حقوقهم الإنسانية الأساسية, فهم أولاً وأخيراً مثلنا, لهم ما لنا, وعليهم ما علينا, ومعاملتهم من هذا المنطلق يساعد على دمجهم بمجتمع البيت والمدرسة, ويقوي عزائمهم وروابطهم بالحياة.
إن ذوي الإحتياجات الخاصة, وكلنا على معرفة بهم, يختزنون في أعماقهم فيضاً من المشاعر الرقيقة, ولهم قلوب تحس بالجمال, وفي فطرتهم الكثير من نباهة السلوك, لذا علينا, وأقصد الأهل والأصدقاء والمحيط, أن نضع هذه الصفات أمام أعيننا, ونمد لهم جسور التعليم الذي يناسب قدراتهم, لأن تعليمهم يساهم في شفائهم, وأن لا نيأس من قهر صعوبة التعلم لديهم, لأن قابلية التعلم متوفرة عندهم كما تؤكد الوقائع والدراسات.
ولا شيء أكثر جدوى لذوي الإحتياجات الخاصة من فتح أبواب الفنون لهم, مثل الرسم والموسيقى. وفي كتاب رائع للأديبة عواطف الزين عنوانه «عزيزي النابض حباً» شرح واسع لأثر الموسيقى على نفسية ولدها الذي يعاني من متلازمة داون, وكيف كان الغناء يبعث في روح إبنها النشوة والتألق النفسي والميل إلى المرح والتواصل.
في شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام نجدد العهد بالحب والوفاء لهؤلاء الأفراد الساكنين في ذاكرتنا, ونقول لهم: يا ذوي الإحتياجات الخاصة, كم نحن بحاجة لكم, لتكتمل إنسانيتنا عبر حضورنا في حياتكم.