يوم قوارب التنين في الصين
يوم قوارب التنّين هو أحد الاحتفالات الشعبية في الصين والذي يقام تحديداً في شهر يونيو. وهو يوم لإحياء ذكرى وفاة الشاعر الصيني «تشيو يوان»، الذي ألقى بنفسه في النهر قبل ألفَي عام، ولايزال الصينيون يحيون ذكراه بكل حماس وتحدٍّ.
في ذلك الوقت، كانت الصين تتعرّض إلى الكثير من الاضطرابات الداخلية، وكان «تشيو يوان» شاعراً، ويعمل وزيراً عند الملك، وناشطاً سياسياً، ومناضلاً، يدعو إلى العدل بين الناس، وتعيين الأكفاء في المناصب المناسبة لهم. إلا أنه واجه معارضة شديدة من خصومه، أدّت إلى عزله من منصبة، فعبّر عمّا يشعر به، بكتابة الكثير من القصائد الوطنية، بعدها ألقى بنفسه في النهر.
شعر الصينيون بالحزن فور سماعهم الخبر، وذهبوا لانتشاله من الغرق باستخدام قوارب التنّين، وألقوا لفائف الأرز المعروفة في الصين باسم «تسونغ تسي» في وسط النهر لمنع الاسماك الجائعة من أكله. وكانوا أثناء تجديفهم القوارب، يدقّون الطبول ويصدرون ضجيجاً ويغنون بصوت عال، لطرد الأرواح الشرّيرة من المكان.
ومع مرور الوقت أصبح هذا الحدث تقليداً سنوياً في الصين يحيُون فيه ذكرى رحيل شاعرهم المناضل، بتنظيم سباق كبير لقوارب التنين. وفي هذا اليوم تمتلئ السواحل بمئات القوارب البحرية التقليدية، وبحماس وقوة كبيرين يشجع المشاركون بعضهم البعض لتجديف القوارب وتحقيق الفوز في السباق. كما يحمل الصغار الأكياس المليئة بالزهور العطرية، وينظف الناس بيوتهم، ويعلّقون عود الوجّ وأوراق الشيح، وهما من النباتات الطبيّة والعطريّة التي تحتوي على روائح زكية، على عتبات أبوابهم، ظنّاً منهم أنها تساعد على استعادة النشاط وتقوية العظام، والقضاء على الحشرات والجراثيم. وتصنع النساء اللفائف المصنوعة من ورق الخيزران والمحشوّة بالأرز والبيض واللحم والفول الأحمر لتوزيعها على الحاضرين.
يوم قوارب التنين، يُعدّ مناسبة مهمّة لكل الصينيين، فهي لا تحيي فقط ذكرى روح الشاعر المناضل «تشيو يوان»، إنما تحيي أيضاً القيم النبيلة في وجدان هذا الشعب، وتؤكّد على معاني التعاون والعمل والتكاتف في المجتمع الصيني، وذلك ما يجعل لهذه المناسبة خصوصيّة تميّزها عن باقي المناسبات، بفضل معانيها الإنسانية.