متحف الساعات في روسيا الإبداع الروسي بلغة عقارب الساعة

من المزارات الرائعة التي يمكن للزائر أن يزورها في روسيا متحف الساعات، المتواجد بمدينة أنجارسك (Angaresk).
المتحف جميل وجذاب، وقد أسّسه عالم الميكانيكا الروسي (بافيل باسيليفيتش كورديكوف Pavel Paslevic Cordicov)، هذا العالم الذي استهوته الهندسة الميكانيكية خلال القرن العشرين، فأُعجب كثيرًا بمحرّكات الساعات وطريقة عملها، فحوّل كل ركن من أركان بيته إلى فضاء يضع فيه الساعات الجميلة والجذّابة التي يصلّحها، أو تلك التي يصنعها بنفسه، بل إن بافيل غدا من أشهر مُصَلِّحي الساعات بروسيا، فتحوّل منزله الذي يقطنه بأنجارسك سنة 1950 إلى متحف يستهوي الناس بالزيارة لمعاينة ساعات جميلة جدًا في بيت بافيل.
في سنة 1968 أسّست بلدية أنجارسك متحف المدينة للساعات، وقام بافيل بإهداء أكثر من مائة ساعة نادرة للمتحف، في المقابل عيّنت بلدية أنجارسك (بافيل) وزوجته (أوليانا ياكوفليفنا Oliana Yacovlivna) مديرَين للمتحف، فشرعا يبحثان في روسيا وخارج روسيا عن معروضات جديدة من الساعات، ليتحوّل المتحف إلى سجلّ تاريخي روسي بِلُغة عقارب الساعة، وفي سنة 1993 افتتحت زوجة بافيل المقرّ الجديد للمتحف عبر قصّها للشريط الأحمر، وكان من ضمن محتويات المتحف ما صنعته يدا زوجها من ساعات في قمّة الجمال، وساعات تاريخية أهداها كبار رؤساء وملوك الدول لروسيا، ولوحة عملاقة رسمها رسّام روسي لها ولزوجها، وهما بمنزلهما يرمّمان إحدى الساعات، وينصتان لدقّات محرّكها. 
المتحف اليوم مرّ عليه أكثر من خمسين سنة، ووصل للعالمية، وذلك لما يضمّه من ساعات فخمة جدًا تزيد عن خمسة عشر ألف ساعة، فهناك الساعات الذهبية والفضية والنحاسية والماسية، بمختلف الأشكال الإبداعية. 
من الساعات الجميلة التي تزيّن رفوف الطابق الأول من المتحف، نجد ساعات (سان برنارد) المصنوعة من النحاس المذهّب، والتي تمّ اقتناؤها من الورشة الباريسية الشهيرة (لينوار رافريو)، كما يعرض المتحف لزوّاره مجموعةً جميلةً من ساعات الحائط والمائدة، أغربها الساعة الحائطية التي اخترعها بافيل ، والمصنوعة من مفاتيح محركات الساعات.
غير أن الزوّار يتجمهرون حول الساعة البخارية، والتي كانت توضع في قمرة القطارات البخارية لضبط وقت إقلاع ووصول القطارات، وهي ساعة برونزية على شكل قطار، مزوّدة ببارومتر يحدّد مستوى البخار في الساعة، وأغلب الزوار يأخذون صورًا تذكاريةً بجانبها لغرابتها وجماليتها.
 أما متحف الساعات هذا فلا تكتمل زيارته، إلا إذا وقف الزائر بضع دقائق يعاين ساعة فضاء حقيقية، كانت على متن محطة الفضاء ساليوت، والتي ارتبط وجودها برائد الفضاء الروسي الشهير (جورجي جريتشكو).
تستمر متعة زيارة متحف الساعات بمشاهدة الساعات الفاخرة الفرنسية والإنجليزية التي تعود للقرن الخامس عشر، كساعة الجدّ (لدينتون)، والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، هذا إلى جانب الإبداع التشيكي الحاضر بقوّة مع ساعة الرفّ الجميلة لعالِمَيْ ميكانيكا الساعات: (هولماير وويفارت). ولن يستطيع الزائر مغادرة المتحف دون أن يمتّع عينَيه بجمالية الساعات اليابانية والصينية، والمصنوعة من الخشب وألواح النخيل وأزهار الأشجار، كما ينبهر الزائر بالساعات الموسيقية التي تزيد المتحف رونقًا وبهاء.
أخيرًا، فإن المتحف الروسي لم ينسَ تاريخه الذي عاشه خلال فترة الحرب العالمية الثانية، مع القائد العسكري القويّ (جوزيف ستالين)، حيث يعرض المتحف الساعات الأمريكية (هاميلتون ووتش) التي أهداها (جوزيف ستالين) للعساكر الذين دافعوا بشجاعة عن بلدهم.